السياسة الشرعية بين فقه الاستضعاف وفقه التمكين
مقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آلهِ وصحبه وسلم.أما بعد:فإن الله بعث النبي صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام للناس كافة، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾ [الأعراف: 158].وقال صلى الله عليه وسلم: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة»[1]، ولهذا كان من خصائص هذا الدين أنه دين عالمي في الزمان والمكان؛ فعالمية الزمان تعني أنه صالح إلى قيام الساعة، وعالمية المكان تعني أنه صالح على أي جزء من أجزاء المعمورة، والأوامر الربانية والتشريعات الإلهية التي نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم طبقها وصحابته الأخيار أتم تطبيق، وكانت شاملة كافية لهم فيما يحتاجون إليه؛ لأنها من لدن الحكيم الخبير سبحانه، وهو أعلم بخلقه.ولما انتشر الإسلام في أماكن متفرقة من العالم بعد النبي صلى الله عليه وسلم وجد الناس أن هذه الشريعة محققة لهم ما يحتاجون إليه، مفضية بهم إلى سعادة الدارين، مع تجدد الحوادث واختلاف الزمان؛ وذلك لأن الله تعالى قيض لهذا الدين رجالاً أكفاء، فقهوا الكتاب والسنة، وأمضوا نفيس أوقاتهم وجُل َّأعمارهم في التأصيل والتفريع خدمة لهذا الدين، ومواجهة لما يحدث من قضايا ونوازل تتعلق بالمسلمين، وذلك بسياسة شرعية سديدة، وفقه راشد بصير.
وقد قسمت الحديث في هذا الموضوع على المحاور التالية:
المحور الأول: معنى السياسة الشرعية وموضوعاتها.
المحور الثاني: العقائد والأحكام الشرعية لا تتغير ولا تتبدل.
المحور الثالث: صلاحية الشريعة وتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
المحور الرابع: فقه التغير في ضوء ما سبق مع مراعاة قاعدة «المصالح، وسنة التدرج»
------------------------
[1] أخرجه: البخاري (335)، ومسلم (521) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.
المصدر/موقع الألوكة
تعليق