الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله تعالى به من الضلالة وبصَّر به من الجهالة وكثَّر به بعد القلة وأغنى به بعد العيْلة
ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما ذكره الذاكرون الأبرار و ما تعاقب الليل والنهار ونسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من صالحي أمته وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته
..أما بعد
أيها الإخوة الكرام ..
قضى الله تعالى وقدّر أن تكون الأزمان الفاضلة تتنوع وتنقسم خلال العام فلقد كنا قبل أيام نتكلم عن استقبال شهر رمضان المبارك فكان كما وصف الله تعالى حاله لما قال جل في علاه
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ } فكانت هي أياما معدودات مرت علينا بأنوارها و بصلاتها وصياميها وقيامها مرت بصدقاتها وتلاوتها كم ترددت الأصوات في الحناجر
وكم سُكبت الدموع من المحاجر في تلك الليالي الفاضلات تقبّل الله تعالى من تقبل من عباده – و رُدّ من رُدّ ونسأل الله تعالى أن نكون فيها من المقبولين و أن نكون من عتقاء النار أجمعين - أيها الإخوة الكرام -
ولئن انتهى عنا شهر رمضان المبارك بما فيه من فضائل فإننا نترقب خلال هذه الأيام مكملا من مكملات هذا الشهر الكريم و هو ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام لما قال [ من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه ]
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي- الصفحة أو الرقم:2203 خلاصة حكم المحدث: صحيح
ثم قال عليه الصلاة والسلام [ من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر ]
الراوي:أ بو أيوب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم:1403 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح ] فيُشرع للمسلم أن يبادر دائما إلى الفضيلة فإذا مدح النبي عليه الصلاة والسلام عملا من الأعمال
فيُشرع لأهل الإيمان أن يُقبِلوا عليه فيصوم الإنسان
الست من شوال قربة إلى رب العالمين لأجل أن يكون شهر رمضان الحسنة بعشر أمثالها فهو بعشرة أشهر وتكون هذه الست بستين يوما فتُكمّل شهرين ليُكمل الإنسان كأنما صام هذا الدهر كله ثم نترقب بعدها أن يدخل علينا عشر ذو الحجة
التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام [ ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ]
لراوي:عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم:1414
خلاصة حكم المحدث: صحيح ]
فنحمد الله تعالى على أن يسر لنا مثل ذلك – أيها الإخوة المسلمون – إن من علامات قبول العمل الصالح أن يزداد المرء عملا صالحا بعده و أن يكون حالك بعد العمل الصالح خيرا من حالك قبله – أن يكون حالك بعد رمضان في حرصك
على الصلاة و حرصك على الصيام وكف أذاك عن الناس وحفظك للسانك وحرصك على الصدقة أن يكون حالك بعد رمضان خيرا من حالك قبل رمضان و ينبغي أن يشعر الإنسان بنفسه و أن يشعر غيره أنه تغير فعلا بعد رمضان لذلك لما تكلم أهل العلم
عن معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام [ الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ]
لراوي:عبدالله بن عباس و جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:3170
خلاصة حكم المحدث: حسن .
قالوا الحج المبرور هو الذي يكون حاله بعد الحج خيرا من حاله قبل الحج - يعني في صلاته وعبادته ولسانه وسلوكه وهذا من علامات قبول الحج ,
كذلك من علامات قبول الصيام أن يؤثر رمضان فيك لأن كنت خلال رمضان امتنعت عن مشاهدة أشياء محرمة فينبغي أن تستمر على ذلك بعد رمضان و إن كنت خلال رمضان كنت تشهد صلاة الفجر في المسجد فاستمر على هذا العمل الصالح
بعد رمضان إن كنت خلال رمضان عطفت على الفقراء والمساكين ثم شعرت بحزنهم وبحاجتهم واشفقت عليهم فلتستمر على هذا السلوك وعلى هذه الرحمة بعد رمضان في اشفاقك ورحمتك لأن كنت في رمضان لا يمر بك يوما إلا وقد تلوت من
كتاب الله تعالى ما تنتفع به وتُرفع فينبغي أن تحرص على ذلك أيضا بعد رمضان وأن لا يكون حالك مع القران كحالك مع الصيام الواجب الذي لا يجب إلا في رمضان في كل سنة مرة كلا بل أن يكون القران ملازما لك على كل حال
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ } وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام [ أن القران يشفع لأهله ] يوم القيامة أهله الذين يعتنون به ، أهله الذين يجالسونه ، أهله الذين لا يهملونه ،
أهله الذين لا يهجرونه { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } مهجورا لا يتلون آياته ، مهجورا لا يتفكرون في عبراته ، مهجورا لا يكاد أحدهم يمسكه إلا ربما إذا بكّر إلى يوم الجمعة لا ينبغي أن يفعل الإنسان ذلك بل ينبغي أن
يكون رمضان محطة لزيادة الحماس لزيادة الارتباط الحقيقي بالقران لزيادة التدبر الصادق للآيات بحيث أنك في رمضان وأنت تقرأ تقول في نفسك أين كنت عنك أيها القران ؟ أين كان قلبي عنك ؟!
لأستمرنّ في قراءتك حتى بعد رمضان فلا تنقض هذا العهد كم من إنسان منا لما كان يصلي التراويح كان يقول في نفسه لأستمرنّ على صلاة الوتر بعد رمضان ولن لأقطعها لأبدا انتبه لا تنقض هذا العهد ,كم من إنسان منا لما شعر بحلاوة الدعاء
مع الإمام أو مع نفسه قال في نفسه أين كنت قبل رمضان عن هذه الحلاوة ؟ أين كان قلبي عن هذه المتعة ؟ عن هذا الإيمان ؟ لأستمرنّ على ذلك بعد رمضان ثم ضيّع بعد رمضان فلا تنقضوا العهد .
كم منا لما كان سمحا في صدقته أثناء رمضان فيتصدق
بالريال و الريالين ثم يقول في نفسه ما ضرني أن أتصدق بهذا المال اليسير و أتقرب إلى الله تعالى فاعلم أنك ينبغي أن لا تنقض العهد و أن تستمر على ذلك حتى بعد رمضان لذلك لما ذكر الله جل وعلا في كتابة ذكر عددا من الأعمال الصالحات
واستمرار الناس عليها قال سبحانه وتعالى موجها لنا جميعا { وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا } امرأة كانت تغزل فإذا اشتد غزْلُها وحَسُن ثم أخذ الناس يترقبون منها أن تغزل غيره لحسن صنعتها ولاتقانها فإذا بها ليس فقط لا تغزل غيره
لا ، وإنما تأتي إلى هذا الغزل الذي تعبت فيه وصرفت قوة وجهدا ثم تإمر بأن يُنقض مرة أخرى فما الفائدة من ذلك ما الفائدة من الصيام إن لم تستمر على طاعةٍ بعده ؟؟ ما الفائدة من القيام ما الفائدة من الدعاء ما الفائدة من دعائنا في رمضان
لما كنا نقول اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك فإذا من الدين قيام الليل ومن الدين تلاوة القران ومن الدين الصدق و الأخلاق الحسنة ثم أنت تنقض ذلك بعد رمضان فتعود إلى نومك عن صلاة الفجر وربما عدت إلى تضييعك
لصلاة الجماعة وهجرك للقران فينبغي أن يحرص المرء صادقا أيها الإخوة الكرام – أن يكون صادقا مع نفسه في أن لا يتبع هواه و لا يتبع زلل الشيطان – أيها الإخوة المسلمون هذا من الأعمال الصالحات وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام
لما تكلم عن فضل الصلوات قال صلى الله عليه وسلم موضحا ما يتعلق بصلاة الليل قال [ لا يحافظ على الوتر إلا مؤمن ] فجعل من علامات الإيمان الحفاظ على صلاة الوتر وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح [ إن الله قد زادكم صلاة
فصلوها ما بين صلاة العشاء إلى الفجر ] يعني صلاة الوتر و قال صلى الله عليه وسلم [ لا يحافظ على الوتر إلا مؤمن ]
[ عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، و قربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم و تكفير للسيئات ، ومطردة للداء عن الجسد ]
الراوي:بلال و أبو أمامة و أبو الدرداء و سلمان و جابر بن عبدالله المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:4079
خلاصة حكم المحدث: صحيح ] قُمنا في ليالي رمضان
وكنا نقوم أحدى عشرة ركعة والمساجد تمتلئ بالناس وربما أطال الإمام الصلاة واستمر الناس معه مخبتين منكسرين وهذا دأب المؤمنين الصالحين من أمثالكم لكن ينبغي أن تحرص على أن تواصل قيام الليل حتى بعد رمضان
ولو صلى الإنسان كل ليلة أيها الأفاضل و لو ركعة واحدة - الوتر أقله ركعة - لو صلى بعد العشاء ركعة واحدة لا تستغرق منه إلا نصف دقيقة لكُتب عند الله تعالى تلك الليلة ممن قاموا الليل يُعتبر ممن صلوا الليل وإن صلى ركعة فكيف
به لو صلى ثلاث ركعات أو صلى خمسة ركعات أو صلى سبعا بلا شك أنه يكون أقرب وأفضل وأعلى عند ربنا جل وعلا فاحرص على أن لا تنقطع عنها أبدا وإن كنت إن صليتها في بيتك تكاسلت عنها فصلها في المسجد إذا صليت العشاء
إن شئت صلي ركعتين سنة العشاء و إن شئت أن لا تصلي فهي نافلة لكن احرص على أن تصلي الوتر فإن أفضل الصلوات بعد الصلوات الخمس المفروضات أفضل الصلوات هي صلاة الوتر ثم يأتي بعد ذلك سنة الفجر في الفضل ثم يأتي بعد ذلك النوافل
بقية النوافل لكن أفضل النوافل وأفضل الصلوات بعد المفروضات هي صلاة الوتر و لو أن تصليها ركعة واحدة حتى إن بعض أهل العلم استدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام " إن الله قد زادكم صلاة فصلوها"
يعني صلاة الوتر استدل بعض أهل العلم على وجوبها
وقالوا ما دام أنه عليه الصلاة والسلام قال [ إن الله قد زادكم صلاة ] معناه أن الصلوات خمس وأصبحت ستا وذلك من تحريص النبي عليه الصلاة والسلام عليها حتى إنه كان إذا فاتته صلاة الوتر بالليل قضاها عليه الصلاة والسلام في النهار
كما جاء في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها- أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يواصلون على الأعمال الصالحات و أسأل الله أن يجعل حالنا بعد شهر رمضان خيرا من حالنا قبله
أقول ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب
فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه
واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد -
أيها الإخوة الكرام- لقد جرت عادة المسلمين منذ أن فرض الله تعالى الصوم في السنة الثانية للهجرة جرت عادة وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسنة أصحابه الكرام من الخلفاء الراشدين
وسنة المسلمين من بعدهم على أن يعتمدوا في دخول رمضان و في خروجه على الرؤية الشرعية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام [ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ] الراوي: رجال من الصحابة المحدث: محمد جار الله الصعدي - المصدر:النوافح العطرة- الصفحة أو الرقم:183
خلاصة حكم المحدث: صحيح
صوموا لرؤيته –يعني رؤيه القمر ، وأفطروا لرؤيته – وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم
أن الشهر ربما يكون ثلاثين وربما يكون تسعا وعشرين و لا يجوز أن نحدد نحن طول الشهر بالثلاثين أو قِصره بتسعة وعشرين إلا بالنظر إلى آية من آيات الله تعالى جعلها ظاهرة كما قال جل وعلا
{ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً } فصّل الله تعالى لنا متى تدخل الأشهر ومتى تخرج وكيف نصوم وكيف نصلي وكيف
نعبد الله تعالى وجرت سنة المسلمين منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أن ينظروا النظرة الرؤية الشرعية ثم يصوموا أو يفطروا ثم نُفاجئ خلال السنين الماضية السنين القريبة ربما بدأت تظهر خلال الخمس سنوات
القريبة وابتُلينا بها خلال هذا الشهر أكثر مما ابتُلينا به فيما مضى من حُساّب فلكيين يُخطِّئون الرؤية الشرعية – أنا لا أعترض على أن يوجد حساب فلكي فهذا من القديم ومن قرأ في كتب الأولين وجد أنهم كانوا ينظرون في الفلك ويحسبون الأشهر
وعندهم حسابات فلكية وأنظمة يسيرون عليها منذ أكثر من 400سنة و500سنة و700سنة وهذا موجود فلم يكتشف قريبا إنما هو من القديم يوجد حسابات فلكية كان يعرفها الأولون من خلال نظرهم في النجوم نظرهم متى يطلع القمر ومتى يغيب
لا أعترض على وجود هذه الحسابات الفلكية لكن الاعتراض على أن تكون هذه الحسابات الفلكية مُشككة في الرؤية الشرعية وبدأ عدد من الفلكيين خلال هذا الشهر الكريم الذي يتعبد فيه الناس لربهم ويتقربون إليه ما بين صلاة وصيام وتلاوة
وصدقة أشغلوا الناس خلال العشر الأواخر بتحديد متى يكون العيد فقائل هو الثلاثاء وقائل هو الاربعاء ونقاشات بينهم و جَزَمَ عدد كبير منهم جزما قاطعا على أنه لا يمكن أبدا ويستحيل مطلقا أن يكون العيد هو يوم الثلاثاء وقالوا يستحيل فلكيا
في الكون يستحيل أن يُرى هلال شوال في ليل الاثنين الذي هو ليلة الثلاثاء ويستحيل تبعا لذلك أن يكون يوم الثلاثاء هو يوم عيد الفطر المبارك حتى إن بعض الجمعيات جعلت جائزة لمن يستطيع اثبات أن يوم الثلاثاء هو يوم العيد من شدة جزمه
أن الثلاثاء من رمضان وقطعه بذلك وأنه يستحيل أبدا أن يُرى هلال شوال في يوم الاثنين ليلا الذي هو ليلة الثلاثاء إنما لا يمكن أن يُرى إلا يوم الثلاثاء ليلا وبالتالي يوم الاربعاء هو العيد –فلما كُونت اللجان ليس فقط في المملكة العربية السعودية
بل في عدد من دول العالم كُونت اللجان الشرعية التي جرت عادتها أن تنظر وتترقب دخول الشهر سواء دخول شهر رمضان أو دخول شهر شوال أو دخول شهر ذو الحجة أو دخول شهر محرم وهذه الأشهر الأربعة يحرصون جدا على تحديدها
لما فيها من أيام لها ميزة وهم أيضا يحددون بقية الشهور لكن هذه الأشهر يهتم بها الناس أكثر من غيرها دخول رمضان دخول شوال دخول العشر من ذو الحجة لتحديد يوم عرفة ويوم العيد دخول شهر محرم لتحديد يوم عاشوراء وصيامه وجرت
العادة أن المحكمة عندهم في ذلك نظام ويتعاملون به في ذلك ولهم ضوابط في القياس على هؤلاء الشهود والنظر في دقتهم وفي معلوماتهم وفي قدراتهم وأنه ليس أي شاهد يُقبل منه وليس أي واحد يدخل المحكمة ويقول رأيت الهلال ويُقبل منه كلا بل هناك ضوابط
وهناك أنظمة وقوانين تحكم ذلك وشهد في المحكمة العليا في المملكة ستة من الشهود المتقنين الذين لهم خبرة طويلة في مشاهدة الهلال خبرة تصل إلى ثلاثين سنة في ترقب الهلال وفي مشاهدته أقبلوا وشهدوا في المحكمة شهادة لا تقبل الشك بأنهم
رأوا الهلال وهؤلاء الشهود الستة أقبلوا من عدة مناطق ليسوا من منطقة واحدة – وفي مصر أخرج الأزهر إحدى عشر لجنة بعضهم دكاترة في الفلك لأجل أن يترقبوا الهلال في عدة مدن وأقبلت لجنتان منهم وشهدت أنهم رأوا أيضا الهلال
لشوال وأن العيد يوم الثلاثاء وفي السعودية أيضا رأوا الهلال صريحا وأن العيد يوم الثلاثاء فأُسقط في يد عدد من الفلكيين وبعضهم بروفسورات في الفلك و دكاترة في الجامعة وبعضهم هواة فبدأوا لم يشككوا في أنفسهم وفي علمهم كلا بل بدأوا
يُشككون في أمانة وقدرة وصدق أولئك الذين رأوا الهلال حتى أني قرأت لبعضهم يقول ينبغي اخضاع الستة الذين شهدوا برؤية الهلال اخضاعهم لاختبارات نفسية واختبارات واقعيه يمكن عنده مرض نفسي عنده ذهان عنده انفصام عنده أنواع من
التخيلات عنده مس من الجن فرأى جنيّا في السماء ظن أنه الهلال أوقبل بعضهم ليُضحك عجائز نيسابور ويقول إن الذي رؤي هو كوكب زحل وليس الهلال و إذا برئيس قسم الفلك في إحدى الجامعات يُكِّذب ذلك رئيس قسم الفلك ويقول
لا يمكن أبدا أن يشتبه كوكب زحل بالقمر وذلك لاختلاف الشكل أصلا والذي يقول أنه يمكن أن يشتبه كوكب زحل وأن يُظن هو القمر أوالعكس فهذا جاهل بالفلك أصلا و اقرأ إلى هذه الأيام كلاما في الصحافة يُشكك في مثل ذلك - بل إننا كنا
في عيد الفطر المبارك ونحن في فرحة العيد و ابتهاجنا به مع الأسف تصل الرسائل من القنوات الإخبارية والمواقع الإخبارية والجرائد تصل الرسائل على جوالاتنا يقولون أنه سيلزمكم الصوم وقضاء هذا اليوم وأنتم اليوم رمضان ولستم
في شهر شوال ويُشككون في ذلك مما دعاني في يوم العيد نفسه في الليل أن أخرج بنفسي لأنظر إلى الهلال وكنت في إحدى القرى قريبا من الرياض وكان الجو صحوا فخرجت بنفسي لأنظر إلى الهلال والهلال في أول ليلة يخرج عادة
لا يكون واضح وضوحا شديدا أما إذا كانت الليلة الثانية له يعني عمره ليلتان أو عمره ثلاث ليالي يبدأ يتضح أكثر فينظر إليه الجميع المتدرب على ذلك وصاحب الخبرة وغيره وكنت أقول في نفسي سأخرج انظر في الهلال ونحن في العيد ليلا
الذين يقولون هذه أول ليلة من ليالي العيد يعني في نظرهم يوم الاربعاء في قولهم وإذا بالهلال واضح جدا ومرتفع وكل رائي له يجزم أن عمر الهلال الآن ليلتين أو ثلاث رآه كل من خرج لينظر إليه – وهؤلاء يقولون لا يمكن أن يكون الناس
اليوم عيد ويلزمكم القضاء وإن كانوا هم يعتقدون ذلك من كان يعتقد جازما من غير شك أن الناس قد أخطئوا وأنه في يوم العيد أنه من أيام رمضان فيجب عليه أن يقضي فنقول لهؤلاء الفلكيين يجب عليكم أن تقضوا يوما واحدا مادام أنكم تجزمون
أن الناس أخطئوا وأفطرتم معهم فيجب عليكم أن تقضوا قال الله تعالى { وإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ } هذا وصف لفريق كانوا يحبون البلبلة والاضطراب في عهد النبي عليه الصلاة والسلام – مجموعة من الناس إذا جاءهم
أمر من الأمن أو الخوف أي موضوع أذاعوا به , خرجوا إلى الطريق وقالوا حصل كذا وكذا ثم وجه الله تعالى الأمة فقال { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ } حسنا يوجد رسول تعالوا بلغوه يا رسول الله فيه كذا وكذا كيف نتصرف
{ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } فلفلكيون لو أنهم لما شككوا كتبوا إلى المحكمة العليا جاءوا و زاروا سماحة المفتي زاروا رئيس مجلس القضاء الأعلى جاءوا وردوه إلى أهل العلم راسلوا الديوان الملكي
نحن رأينا كذا وجهة نظرنا كذا { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ} يعني إذا كان موجودا فلما توفي النبي عليه الصلاة والسلام إلى أولي الأمر أولي العلم أولي الاختصاص يوجد محكمة عليا هي مسؤولة عن ذلك تعالوا وخاطبوها بدل أن تبدأ تنشر ذلك في
الجرائد وتقول نخضعهم لاختبارات نفسية – يا جماعة بعض هؤلاء الذين يتكلمون في بعض هذه الجمعيات الفلكية هم هواة لما تكلموا بمثل ذلك هم يذمون علم أشخاص خبرتهم تفوق الثلاثين سنة لما كان هؤلاء الهواة أطفال ما يدرون ما الكتاب
وما الإيمان عندما كان عمره 7سنوات أو 8سنوات وهذا الخبير الفلكي الذي قد شهد برؤية هلال شوال هو بأجهزته ومراصده يراقب الهلال وأنت بعمر سبع سنوات ثمان سنوات ربما لا تزال بحفاظتك ثم الآن تبدأ تُشكك وتقول ينبغي أن يُختبر نفسيا
ويُنظر إلى عقله وإلى قدرته الواقعية – لا ينبغي أن يُذاع بمثل ذلك و لا على أن يفسد على الناس بمثل ذلك وقد أعجبني اخراجهم بعد ذلك لبيان وفقهم الله الجمعية التي شككت في البداية أخرجوا بعد ذلك بيانا قالوا إننا إذا صار عندنا وجهة نظر في السنوات
القادمة سوف نخاطب الجهات المسؤولة ولن نعلن ذلك للناس فأقول بارك الله فيكم وتوبتكم أسأل الله أن يقبلها فإنكم قد أحدثتم بلبلة واضطرابا عند الناس وأصبح الناس في العيد بدل أن يقول أحدهم للآخر من العايدين وتقبل الله منا ومنكم بدأ
أحدهم يقول للآخر عسى ما أفطرت لأن اليوم رمضان وأفسدوا على الناس فرحتهم – أسأل الله تعالى أن يهدي الجميع أسأل الله تعالى أن يهدي الجميع وأن يدلنا على الحق وأن يجمع كلمة المسلمين على الخير والهدى يا رب العالمين
والله كنا نتألم سابقا لما يختلف المسلمون فيصوم المغرب قبل السعودية أو تصوم مصر قبل السودان أو تصوم اليمن قبل العراق كنا نتألم ألما شديدا ونقول يا جماعة صوموا في يوم واحد وأفطروا في يوم واحد فإذا بأهل البلد الواحد يُشكك
في وجود العيد أو عدم وجوده هذا والله من كبائر المسائل التي ينبغي أن يُوقف أمامها وقفه جادة وأن يؤدب أن يؤدب ولي الأمر كل من يُشكك في هذه الأمور يُشكك في مصداقية الشهود العدول وفي حكمة القضاة في حكمة ولي الأمر يعني
خادم الحرمين مشوها عليه هؤلاء وجعلوه يصدر البيان بأن غدا العيد مشت عليه كذبة الشهود وجهلهم وعدم معرفتهم هذا بلا شك أنه تشكيك وينبغي أن يؤدب أمثال هؤلاء إلا أن يُقروا بخطئهم وأن يؤخذ عليهم اقرار بعدم البلبلة مرة أخرى .
أسأل
الله تعالى أن يكتب للجميع الهداية أسأل الله تعالى أن يكتب للجميع الهداية وأن يردنا إليه ردا جميلا و أن يجمع كلمة المسلمين على الخير والهدى يارب العالمين و أسأل الله تعالى أن يجعل حالنا بعد رمضان خيرا من حالنا قبل رمضان في ديننا
ودنيانا يا ذا الجلال والإكرام اللهم إنا نسألك أن تصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم انصر إخواننا في سوريا اللهم انصرهم في سوريا اللهم احقن دمائهم اللهم اشفي مرضاهم اللهم تقبل شهداءهم اللهم عليك بمن طغى وبغى عليهم اللهم
إن بشار وزمرته قد طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد اللهم صب عليهم سوط عذاب وكن لهم بالمرصاد وأرنا فيهم عجائب قدرتك يا قوي يا عزيز اللهم واجمع كلمة المسلمين في كل مكان اللهم اجمع كلمتهم في اليمن واجمع كلمتهم في مصر
وفي ليبيا وفي تونس وفي كل أرض من أرضك يا رب العالمين اللهم وأصلح أحوال إخواننا في العراق وفي الصومال وفي السودان وفي فلسطين وفي كل أرض من أرضك يا ذا الجلال والإكرام اللهم سد جوعتهم في الصومال اللهم يسر وصول
المساعدات إليهم اللهم اشف مرضاهم اللهم اشف مرضاهم اللهم اشف مرضاهم يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وسائر ولاة أمور
المسلمين اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
تعليق