العمل المستقبح إذا أبصر ضرره صاحبه ، يتحول إلى عملٍ يُفتَخرُ به .
ـ وفي الحديث المتفق عليه ... الثلاثة الذين سد عليهم الغار ( ... وَقال الآخرُ : اللهمَّ كانتْ لي ابنةُ عمٍّ ، كانتْ أحبَّ الناسِ إليَّ ، فأردتُها على نفسِها ، فامْتَنعتْ منِّي ، حتى ألَمَّتْ بها سنةٌ من السنينِ فجاءتني ، فأعطيتُها عشرينَ ومائةَ دينارٍ ؛ على أن تُخَلِّي بيني وبين نفسِها ، ففعلتْ حتى إذا قدَرْتُ عليها قالتْ : لا أُحِلُّ لك أن تفضَّ الخاتمَ إلا بحقِّه ، فتحرَّجتُ من الوقوعِ عليها ، فانصرفتُ عنها ، وهي أحبُّ الناسِ إليَّ ، وتركتُ الذهبَ الذي أعطيتُها ، اللهمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجْهكَ ، فأَفْرجْ عنَّا ما نحن فيه ، فانفرجتِ الصخرةُ غيرَ أنَّهم لا يستطعيونَ الخروجَ منها . وقال الثالثُ : اللهم اسْتأجرتُ أجراءَ ، فأعطيتُهم أجرَهم ، غيرَ رجلٍ واحدٍ ترك الذي له وذهب ، فَثَمَّرْتُ أجرَه حتى كثُرتْ منه الأموالُ ، فجاءني بعد حينٍ فقال : يا عبدَ اللهِ أدِّني أجري ، فقلتُ له : كل ما ترى من أجرِك من الإبلِ والبقرِ والغنمِ والرقيقِ ، فقال : يا عبدَ اللهِ لا تستهزئُ بي ، فقلتُ : إني لا أستهزئُ بك ، فأخذَه كلَّه فاستاقَه فلم يتركْ منه شيئًا ، اللهمَّ فإن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجْهِك فأفْرِجْ عنَّا ما نحن فيه ، فانفرَجتِ الصخرةُ ، فخرجوا يمشونَ" ).
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 1504 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
إن الشرع الحنيف يعرض مشهد المعصية ليثني على من قام وتركه ، بل ويجعل هذا المشهد عملا صالحا يتقرب به إلى الله في الشدائد ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ رَحْمَتِكَ ، وَمَخَافَةَ عَذَابكَ ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ )...
ـ فهل سيترك المغني الغناء والتكسب به وهو في نفس الوقت يشتهر ويرمز له في المجتمع بالفن والإبداع !!
ـ وهل سترك المرأة المغنية والممثلة عملها الغير لائق بها وبمن تتزوجه من تعرضها لنزع حجابها وحيائها .. وهي مشتهرة به !!
ـ وهل سيترك المدخن وبجيبه علبة السجائر ، فيقلع عنها .. ويدرك الضرر الحاصل له ولمن حوله !!
ـ وهل سيترك المتعاطي للمخدرات وهي تسري في جسده ، في الوقت الذي تعود عليها .. فيندم على تعاطيها !!
ـ وهل سيترك المرتشي الرشوة وقت اعتيادها وسهولة أخذها من الناس ، ويتوقف عن ذلك ، ويرضى بالحلال المبارك فيه !!
ـ وهل سيترك المتعامل بالربا ويخرج ماله من البنوك الربوية ، وهو يتعاطى الفوائد والأموال الكثيرة بدون أدنى تعب ولا عناء !!
ـ وهل سيترك الناظر للمحرمات هذه المناظر المخزية ويقلع عنها ويتوقف عن اعتياد مشاهدتها !!
إن الذي يتوقف عن إكمال المعصية الواقع فيها .. يرجع إليه عقله ، ويتحكم في هواه ، ويبصر بعد أن عمي ، وينتبه بعد أن غفل ، ويحمد فعله الشارع الحنيف .. بل ويجعل عمله هذا عملا يستحق به أن يفرج الله عنه همه وقت الشدة ( فَانْفَرَجَتْ عَنْهُمُ الصَّخْرَةُ انْفِرَاجًا ) ... وهذه من صفات المتقين ..
__________________
تعليق