من شروط الصيام
الحمد لله الأعلى عالم الجهر وما يخفى, الذي خلق فسوى, والذي قدر فهدى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واهتدى, أما بعد:
أيها المسلمون:
تقبل الله صيامكم وقيامكم وأعانكم على طاعة ربكم ومولاكم.
أيها الصائمون تحدثنا في الدرس السابق عن مقاصد الصيام وأسراره, وعرضنا لبعض فوائده والتي منها ضبط النفس وشهواتها وحبسها عن ملذاتها فترة من الزمن, وكذلك تربيتها على الخلق القويم, والسلوك المستقيم, وتعويدها على الصبر والتحمل, وإحساسها بجزء ليس بالقليل من الناس ممن يعاني الجوع والعطش وقبل هذا كله تقوى الله عز وجل فهي من أعظم أسرار الصيام ومقاصده, كيف لا والله جل وعلا ختم آية الصيام بقوله :
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة.
أيها الصائمون والصائمات: وفي هذه الدرس نستعرض شروط الصيام والذي لا يصح الصوم بدونها, وهي كما يلي:
أولاً/ النية:
الصوم لا بد له من نيّة مسبقة شأنه في ذلك شأن أي عبادة لله عز وجل, يقول جل وعلا:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ) البينة,
وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)
والنية يجب أن تبيت في صوم الفرض من الليل أي قبل طلوع الفجر وذلك لما روى بن عمر رضي الله عنه أن حفصة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)رواه أبو داود.
وهذه النية لكل يوم لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة عن اليوم الآخر وينبغي أن يعلم أنه لا يشترط التلفظ بالنية, فلا يقول: اللهم إني نويت أن أصوم غداً أول يوم من رمضان مثلاً, فكل عمل يدل على تأهبه للصيام يكفي لذلك, فإذا قام من نومه للسحور مثلاً أو أعد السحور فلا شك أنه عمل هذا العمل لأجل الصيام, وهكذا.
ومن معاني النية الإخلاص قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..) البينة.
فعلى المسلم أن يكون صيامه لله عز وجل, والعبادة لا تكون مقبولة عند الله عز وجل إلا إذا توفر فيها أمران أساسيان هما: إخلاصها لله وحده لا شريك له فلا يخالطها رياء ولا سمعة, ولا غير ذلك من الشوائب والثاني: أن يكون على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء به من عند الله عز وجل.
أيها الأخوة المسلمون:
لا يجب الصوم على الصغير الذي لم يبلغ لكنه يصح منه إذا كان قادراً عليه لما روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح منكم صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح منكم مفطراً فليتم بقية يومه, فكنا بعد ذلك نصومه, ونصوم صبياننا الصغار منهم, ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعب من العهن – أي الصوف – فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم .
وبناءً على ذلك فقد استحب كثير من السلف تعويد الأطفال من الأبناء والبنات على الصيام وتمرينهم عليه إذا لم يكن شاقاً عليهم, ففي ذلك تربية لهم, وتعويد لهم على التحمل والصبر, ولأوليائهم في ذلك الأجر والمثوبة إن شاء الله.
وكذلك لا يجب الصيام على فاقد العقل, ويدخل في ذلك المغمى عليه, ولكنه إن أفاق في النهار من إغمائه فعليه أن يمسك بقية يومه والأمر الرابع بالنسبة للصائم أن يكون قادراً على الصوم, فلا يجب على من لا يطيقه حساً أو شرعاً لكبر أو مرض لا يرجي برؤه, ولا على حائض أو نفساء, ولا على مريض أو مسافر.
ومما يتنبه له في هذا: أن من كان صائماً ومرض أثناء الصوم, أو كان مقيماً فسافر أثناء الصوم وما أشبه ذلك فإنه يجوز له الفطر حينئذ لعموم قوله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (184البقرة).
ومما يشترط للصيام: الإمساك عن جميع المفطرات من الأكل والشرب والنكاح من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لقوله جلا وعلا:
( حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ*) البقرة, عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي, فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي, فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له ذلك فقال: (إنما سواد الليل وبياض النهار)
الراوي:عدي بن حاتم الطائي المحدث: مسلم
- المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1090
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
أيها المسلمون:
الله الله في الحرص على صون صومكم من كل ما يشينه أو يؤثر فيه أو يحدث خللاً ينقص من أجره, فالجزاء من جنس العمل فأخلصوا صومكم لله عز وجل, وقوموا به حق القيام, فالله جل وعلا لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم.
وكما يجب الإمساك عن المفطرات الحسية, يتأكد الوجوب عن اقتراف المفطرات المعنوية من الكذب والغيبة والنميمة والغش في البيع والشراء, والخيانة والمخادعة, وهذا ما سنفصله في الدروس القادمة إن شاء الله تعالى, رزقنا الله وإياكم حسن الصيام والقيام, وصلاح النية والمقصد, والله المستعان, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله الأعلى عالم الجهر وما يخفى, الذي خلق فسوى, والذي قدر فهدى وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم واهتدى, أما بعد:
أيها المسلمون:
تقبل الله صيامكم وقيامكم وأعانكم على طاعة ربكم ومولاكم.
أيها الصائمون تحدثنا في الدرس السابق عن مقاصد الصيام وأسراره, وعرضنا لبعض فوائده والتي منها ضبط النفس وشهواتها وحبسها عن ملذاتها فترة من الزمن, وكذلك تربيتها على الخلق القويم, والسلوك المستقيم, وتعويدها على الصبر والتحمل, وإحساسها بجزء ليس بالقليل من الناس ممن يعاني الجوع والعطش وقبل هذا كله تقوى الله عز وجل فهي من أعظم أسرار الصيام ومقاصده, كيف لا والله جل وعلا ختم آية الصيام بقوله :
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة.
أيها الصائمون والصائمات: وفي هذه الدرس نستعرض شروط الصيام والذي لا يصح الصوم بدونها, وهي كما يلي:
أولاً/ النية:
الصوم لا بد له من نيّة مسبقة شأنه في ذلك شأن أي عبادة لله عز وجل, يقول جل وعلا:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ) البينة,
وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)
والنية يجب أن تبيت في صوم الفرض من الليل أي قبل طلوع الفجر وذلك لما روى بن عمر رضي الله عنه أن حفصة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)رواه أبو داود.
وهذه النية لكل يوم لأن صوم كل يوم عبادة مستقلة عن اليوم الآخر وينبغي أن يعلم أنه لا يشترط التلفظ بالنية, فلا يقول: اللهم إني نويت أن أصوم غداً أول يوم من رمضان مثلاً, فكل عمل يدل على تأهبه للصيام يكفي لذلك, فإذا قام من نومه للسحور مثلاً أو أعد السحور فلا شك أنه عمل هذا العمل لأجل الصيام, وهكذا.
ومن معاني النية الإخلاص قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..) البينة.
فعلى المسلم أن يكون صيامه لله عز وجل, والعبادة لا تكون مقبولة عند الله عز وجل إلا إذا توفر فيها أمران أساسيان هما: إخلاصها لله وحده لا شريك له فلا يخالطها رياء ولا سمعة, ولا غير ذلك من الشوائب والثاني: أن يكون على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء به من عند الله عز وجل.
أيها الأخوة المسلمون:
لا يجب الصوم على الصغير الذي لم يبلغ لكنه يصح منه إذا كان قادراً عليه لما روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح منكم صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح منكم مفطراً فليتم بقية يومه, فكنا بعد ذلك نصومه, ونصوم صبياننا الصغار منهم, ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعب من العهن – أي الصوف – فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم .
وبناءً على ذلك فقد استحب كثير من السلف تعويد الأطفال من الأبناء والبنات على الصيام وتمرينهم عليه إذا لم يكن شاقاً عليهم, ففي ذلك تربية لهم, وتعويد لهم على التحمل والصبر, ولأوليائهم في ذلك الأجر والمثوبة إن شاء الله.
وكذلك لا يجب الصيام على فاقد العقل, ويدخل في ذلك المغمى عليه, ولكنه إن أفاق في النهار من إغمائه فعليه أن يمسك بقية يومه والأمر الرابع بالنسبة للصائم أن يكون قادراً على الصوم, فلا يجب على من لا يطيقه حساً أو شرعاً لكبر أو مرض لا يرجي برؤه, ولا على حائض أو نفساء, ولا على مريض أو مسافر.
ومما يتنبه له في هذا: أن من كان صائماً ومرض أثناء الصوم, أو كان مقيماً فسافر أثناء الصوم وما أشبه ذلك فإنه يجوز له الفطر حينئذ لعموم قوله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (184البقرة).
ومما يشترط للصيام: الإمساك عن جميع المفطرات من الأكل والشرب والنكاح من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لقوله جلا وعلا:
( حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ*) البقرة, عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي, فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي, فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له ذلك فقال: (إنما سواد الليل وبياض النهار)
الراوي:عدي بن حاتم الطائي المحدث: مسلم
- المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1090
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
أيها المسلمون:
الله الله في الحرص على صون صومكم من كل ما يشينه أو يؤثر فيه أو يحدث خللاً ينقص من أجره, فالجزاء من جنس العمل فأخلصوا صومكم لله عز وجل, وقوموا به حق القيام, فالله جل وعلا لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم.
وكما يجب الإمساك عن المفطرات الحسية, يتأكد الوجوب عن اقتراف المفطرات المعنوية من الكذب والغيبة والنميمة والغش في البيع والشراء, والخيانة والمخادعة, وهذا ما سنفصله في الدروس القادمة إن شاء الله تعالى, رزقنا الله وإياكم حسن الصيام والقيام, وصلاح النية والمقصد, والله المستعان, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تعليق