رمضان والذكر
الذكر من العبادات والأعمال الفاضلة في كل زمان ومكان، ويتأكد فضل هذه العبادة في شهر رمضان المبارك.
ثواب وأجر من يذكر الله:
أعدَّ الله سبحانه وتعالى للذاكرين الله والذاكرات مغفرةً, وأجراً عظيماً؛ قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [الأحزاب:35].
الذكر خير الأعمال, وأزكاها, ومنجي من عذاب الله:
عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم, وأزكاها عند مليككم, وأرفعها في درجاتكم, وخير لكم من إنفاق الذهب والورق, وخير لكم من أن تلقوا عدوكم, فتضربوا أعناقهم, ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى؛ قال: ذكر الله تعالى. فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله))(1).
قال أبو بكر ابن العربي: (ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه، فمن لم يذكر الله بقلبه عند صدقته, أو صيامه مثلاً فليس عمله كاملاً، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية)(2).
الذكر فيه حياة للعبد:
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يذكر ربه, والذي لا يذكر مثل الحي والميت))(3).
عاقبة الذكر دخول الجنة:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة))(4).
وفي الذكر جلاء القلوب:
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (إن لكل شيء جلاء, وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل)(5).
ومن هنا فعلى العبد وهو يتقرب إلى ربه في هذا الشهر المبارك أن يرتبط بذكر الله تعالى, فيحفظ الأذكار المأثورة من أذكار الصباح والمساء, وأذكار النوم, وأذكار الخروج من المنزل, والدخول إليه, وفي سائر الأحوال كلِّها, بهذا نحفظ أنفسنا ومجتمعنا من كلِّ سوء وشر.
والبعد في هذا الشهر المبارك عن مجالس القيل والقال, والغيبة, والنميمة, والمزاح الكثير.
فشهر رمضان فرصة عظيمة لتدراك ما مضى من التقصير في سالف العمر.
فهلَّا وقفة مع النفس لمحاسبتها على ما ضيعت من أوقات, وما اشتغلت به عن ذكر الله؟
(1) رواه الترمذي (3377)، وابن ماجه (3072)، وأحمد (5/195) (21750)، والحاكم (1/673).
وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (3/66)، وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (2/326)، والدمياطي في ((المتجر الرابح)) (203)، وقال ابن رجب الحنبلي في ((جامع العلوم والحكم)) (2/67): موقوفاً على أبي الدرداء، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/265): مختلف في رفعه ووقفه وفي إرساله ووصله[و] الصحيح الوقف، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2886)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3377)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1042).
(2) ينظر ((فتح الباري)) لابن حجر (11/210).
(3) رواه البخاري (6407)، ومسلم (779)
(4) رواه أبو داود (3116)، وأحمد (5/247) (22180)، والبزار (7/77) (2626)، والطبراني (20/112) (221)، والحاكم (1/503). قال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/369): ثابت صحيح من طرق كثيرة، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (5/110)، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (8965) والصعدي في ((النوافح العطرة)) (400)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3116).
(5) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (1/396) (523)
تعليق