أما بعد أحبتي في الله ....
ليس من عجب أن يقرأ الناس في الجزء السادس عشر :{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا }[مريم: 65]
نعم إنَّه أفضل معين على الصبر على الطاعة ، بل على الاصطبار الذي يعني مزيد تعب وكلفة في تحمل مشقة الطاعات .
إنها الكلمة المحركة للقلوب القاسية{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]
هل هناك من هو أكبر من الله في قلبك ؟
هل هناك أعز عليك منه ؟
هل هناك من هو أحن وأرحم عليك منه ؟
هل له مثيل في صفاته ؟ هل هناك من أكرمك مثله ؟
فلماذا لا تصطبر على عبادته ؟؟
لماذا لا تجاهد نفسك وتجاهد الفتور وتجاهد الكسل لأجل لذة القرب منه
وهل لحياتك قيمة إذا فقدته ؟!!!
إنه حبيب قلبك .. وقرة عينك ... وأكرم من سألت ... وأجود من أعطاك .. إنه صاحبك في الشدة ومؤنسك في الوحدة ..
إنه ربك وإلهك وسيدك ..
دعونا في هذه الرسالة ندعوه ونثني عليه فنتحبب إليه ، نعم والله يا رب أحبك ...
فيا أرحم الراحمين، يا حافظي في نعمتي، يا ولييّ في نفسي، يا كاشف كربتي، يا
مستمعَ دعوتي، يا راحمَ عبرتي، يا مقيلَ عثرتي، يا إلهي بالتحقيق، يا ركني الوثيق... يا مولاي الشفيق، يا رب البيت العتيق... يا فارج الهم، وكاشفَ الغم، ويا منزل القطر، ويا مجيبَ دعوة المضطرين، يا رحمـن الدنيـا والآخـرة ورحيمهما... يا كاشفَ كلِّ ضرٍ وبلية، ويا عالم كُلِّ خَفِيّة .
ما أشوقني إلى لقائك، وأعظم رجائي لجزائك، وأنت الكريم الذي لا يخيب لديك أمل الآملين، ولا يبطل عندك شوق المشتاقين...
إلهي:
إن غفرت فمن أولى منك بذلك، وإن عذبت فمن أعدل منك هنالك.
أحبتي ...
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: " ثلاثة يحبهم الله، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم.." ومن ضحك الله إليه فلا حساب عليه، ثم ذكر من الثلاثة: "..والَّذي لهُ امرأةٌ حسَنةٌ و فراشٌ ليِّنٌ حسنٌ ، فيقومُ من اللَّيلِ ، فيقولُ : يَذرُ شهوتَه و يذكُرُني ، و لَو شاءَ رقدَ"
الراوي: أبو الدرداء المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 629
خلاصة حكم المحدث: حسن
هذا هو التملق ، أن تثني على الله ، تتحبب إلى الله ، وتتودد إليه
{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}؟؟
فإذا كان لا سمي له في قلبك فأريه من الجهاد في العبادة ما يدلل على صدقك في طلب رضاه وحبه ... أحبك ربي .
فادعو ربك دعاء المضطر ::قال تعالى :
{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }النمل62...
واعلنها على كل معوق أمامك ::وبدأ التحدي
**القرآن الكريم يشير إلى نعمة وجود التحدي الضد والمعوق ووجود المصارع والمنافس والعدو حين قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]
ولذلك فالوصفة العملية للتحدي الآن
(1) علينا بالنظر في أسباب عدم خشوع قلوبنا ، ونلح على الله تعالى : اللهم اسلل سخائم صدورنا ، واغسل حوبتنا ، ونعوذ بك من قلوب لا تخشع .
(2) علينا بالنظر في سبب ضعف اليقين والإيمان عندنا ، ونسأل الله تعالى إيمانا يباشر قلوبنا ، ومن اليقين ما يهون به علينا مصائب الدنيا .
علينا أن نتذكر فقه مقاومة الفتن{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 110] نحتاج لهجر للمعاصي ومجاهدة وثبات وصبر .
(3) علينا أن نراجع خطتنا في رمضان ، فهل نحن حددنا مجال التغيير الذي نريد ، يعني سنتغير في طريقة إدارة وقتنا ، عدد ساعات نومنا ، بعض العبادات التي لا نستقيم عليها عادة بعد رمضان مثل القيام وجلسة الشروق ووورد القرآن والصيام وهكذا .
(4) هل عرفنا من أين نؤتى ؟؟؟ يعني ما هي عوائق الطريق بالنسبة لنا وكيف سوف نعالجها ؟ هذا هو التحدي الأكبر ، فالجهاد الأكبر جهاد النفس بحق .
قال إبراهيم الخواص: "أول الذنب الخطرة، فإن تداركها صاحبها بالكراهية وإلا صارت معارضة، فإن تداركها صاحبها بالرد وإلا صارت وسوسة، فإن تداركها صاحبها بالمجاهدة وإلا هاج منها الشهوة مع طلب الهوى فغـطّى العلم والعقل والبيان" مداواة النفوس، ص 19.
فتعالوا نبدأ التحدي والمجاهدة الحقيقية ، ليعلم الله من يخافه بالغيب .
تجميع من الرسائل الرمضانية للشيخ / هاني حلمي
منقول
تعليق