إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا




    تعرَّف على ربِّــــك




    فلا سعادة للقلب ولا سرور له إلا بمعرفة مولاه وخالقه وإلهه



    اخوتي الافاضل ... اخواتي العزيزات
    من خلال هذا الموضوع سنحاول وضع بعد اسماء الله الحسنة والتعرف عليها
    لعلها تكون سبيل لنا للتقرب من الله

    المقالات كلها من موقع الشيخ هاني حلمي
    ان شاء الله نأخذ منها الفائدة



    فهرس للمواضيع (المقالات)


    حظ المؤمن من اسم الله تعالى الودود


    الودود سبحانه وتعالى




    الملك المالك المليــك جلَّ جلاله



    التوَّاب جلَّ جلاله وكيفيـة التوبـة النصـوح



    العَفوُّ جَلَّ جلالُه





    الربُّ جلَّ جلاله




    تابعونا ...
    وان شاء الله يكون هذا الموضوع صدقة جارية لي
    وفي ميزان حسناتي وحسناتكم

    التعديل الأخير تم بواسطة سهير(بنت فلسطين); الساعة 03-08-2013, 03:17 PM.
    عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

  • #2
    رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

    حظ المؤمن من اسم الله تعالى الودود
    إذا أردت أن يكون لك حظ عظيم من اسم الله تعالى "الودود"، فتودد إليه بالأعمال الصالحة .. وإن وصلت إلى تلك المنزلة، ستنال محبة الله عزَّ وجلَّ وملائكته وسيُبسَط لك القبول في الأرض ..

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ. ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ" [صحيح البخاري]
    ولوْ لمْ يَكُنْ في مَحَبَّةِ اللَّهِ إلاَّ أنَّهَا تُنْجِي مُحِبَّهُ منْ عذابِهِ لكانَ يَنْبَغِي للعبدِ أنْ لا يَتَعَوَّضَ عنها بشيءٍ أبداً، فَأَبْشِرْ فَإِنَّ الْلَّهَ تَعَالَىْ لَا يُعَذِّبُ حَبِيْبَهُ،،

    كيف نُحبَّ الله جلَّ في علاه؟

    أولاً: معرفة الله تعالى ..
    فالله سبحانه يحب أن تتعرف عليه، كما يقول النبي " تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة" [صحيح الجامع (2961)] ..
    وقال "إن الله ليعجب من العبد إذا قال: لا إله إلا أنت إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: عبدي عَرِفَ أن له ربًّا يغفر ويعاقب" [صحيح الجامع (1821)]
    عن الحسن بن أبي جعفر، قال: سمعت عتبة الغلام يقول: من عرف الله أحبه، ومن أحب الله أطاعه ومن أطاع الله أكرمه، ومن أكرمه أسكنه في جواره، ومن أسكنه في جواره فطوباه، وطوباه، وطوباه، وطوباه فلم يزل يقول وطوباه حتى خرَّ ساقطًا مغشيًا عليه. [حلية الأولياء (3:69)]
    ومن أعظم الأسباب التي تُعين على معرفة الله تعالى:
    · التفكُّر في خلق السماوات والأرض .. كان ذو النون المصري يقول: "تنال المعرفة بثلاث: بالنظر في الأمور كيف دبرها، وفي المقادير كيف قدرها، وفي الخلائق كيف خلقها" [حلية الأولياء (4:214)]
    · ومطالعة أسماء الله تعالى وصفاته .. لا سيما بتدبُّر آيات القرآن والنظر في هذه الأسماء ومواضعها، وكذلك تلمُّس آثار هذه الأسماء في الكون من حولك .. يقول ابن القيم "واللَّهُ سبحانَهُ تَعَرَّفَ إلى عبادِهِ منْ أسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ بما يُوجِبُ مَحَبَّتَهُم لهُ؛ فإنَّ القلوبَ مَفْطُورَةٌ على مَحَبَّةِ الكمالِ وَمَنْ قامَ بهِ، واللَّهُ سبحانَهُ وتَعَالَى لهُ الكمالُ المُطْلَقُ منْ كلِّ وَجْهٍ، الذي لا نَقْصَ فيهِ بِوَجْهٍ ما" [روضة المحبين (420)]
    · استشعار نعم الله على العبد .. فإن القلوب جُبِلَت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، ولا أحد أعظم إحسانًا من الله سبحانه، فإن إحسانه على عبده في كل نفس ولحظة، وهو يتقلَّبُ في إحسانه في جميع أحواله. [طريق الهجرتين (23:258)] .. وكان عمر بن عبد العزيز يقول " .. الفكرة في نعم الله أفضل العبادة" [حلية الأولياء (2:411)]


    ثانيًا: حب النبي واتبـــاع سُنَّته ..
    فمن اتبع رسوله فيما جاء به، وصدق في اتباعه، فذلك الذي أحب الله وأحبه الله .. قال تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31]
    ثالثًا: كثرة ذكر الله تعالى ..
    قال ذو النون "وَمَنْ شُغِلَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ بِالذِّكْرِ، قَذَفَ اللهُ فِي قَلْبِهِ نُورَ الِاشْتِيَاقِ إِلَيْهِ" [شعب الإيمان (2:267)]
    رابعًا: حب القرآن وتلاوته بتدبُّر وتفكُّر ..
    عن عائشة: أن النبي بعث رجلاً على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص:1] .. فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ، فقال "سلوه لأي شيءٍ يصنع ذلك". فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي "أخبروه أن الله يحبه" [متفق عليه] .. أحبَّ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }، فأحبَّهُ الرحمن.
    قال ابن القيم "فتبارك الذي جعل كلامه حياة للقلوب وشفاء لما في الصدور وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبُّر والتفكُّر؛ فإنه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكُّل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله" [مفتاح دار السعادة (1:187)]
    خامسًا: الانكسار والذلَّ بين يدي العزيز الجبــار جلّ في علاه ..
    فإن منن الرحمن تفيض على أهل الانكسار .. قال تعالى { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ..} [آل عمران: 123]
    ويقول جلَّ وعلا {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص: 5]
    وأقرب ما يكون العبد من الربِّ حال انكساره بين يديه .. كما ورد في بعض الإسرائيليات أن موسى عليه السلام قال: يا رب أين أبغيك، قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم. [حلية الأولياء (1:376)]
    فالله تعالى يبتليك ليسمع تضرعك وأنينك؛ لأن فيه انكسار وافتقار بين يديه سبحانه،،
    سادسًا: التقرُّب إليه بالفرض وكثرة النوافل، لاسيما الصلاة ..
    كما ورد في الحديث القدسي " .. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ .." [صحيح البخاري]
    سابعًا: الخلوة لمناجاة الله ..
    لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار ورفعوا قصص الاعتذار مضمونها: { .. يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ..} [يوسف: 88] .. لبرز لهم التوقيع عليها: { .. لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]. [لطائف المعارف (1:228)]
    ومناجاتك سبب نجاتك، وبها يغرس الله تعالى حبَّهُ في قلبك،،
    ثامنًا: معاملة الله بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى ..
    فإن كنت تريد أن يحبك الله تعالى، ينبغي أن تترك شيئًا تحبه ابتغاء مرضاته .. ومن ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه.
    فلتجربي أيتها الفتاة .. أن تتركي التبرُّج والملابس الضيقة؛ ابتغاء مرضاة الله وحده .. وانظري كم فيوضات الرحمة التي سيفيض بها الكريم عليكِ .. ويكفيكي أن يُحبك ويرزقكِ حبه، إن وجدكِ صادقة مخلصة.
    ولتجرب أيها الشاب .. أن تترك مصاحبة الفتيات والتدخين، وسائر المُنكرات التي يقع فيها شباب هذا الزمان؛ ولسان حالك يقول {.. وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] .. وحينها ستُبلَّغ حُب ربِّك سبحانه.


    تاسعًا: تذكُّر نعيم أهل الجنة، ورؤيتهم لربِّهم ..
    فاستحضار هذه اللحظة يُسكِب في القلب معاني المحبة.
    عاشرًا: محبة أولياء الله ومجالسة الصالحين المحبين ..
    فإذا أحببت أولياءه أحبك وإذا عاديت أولياءه أذلَّك .. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ .." [صحيح البخاري]
    وعن النبي "أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكًا قال: أين تريد ؟. قال: أريد أخًا لي في هذه القرية . قال: هل لك عليه من نعمة تربها ؟، قال: لا، غير أني أحببته في الله . قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" [رواه مسلم]
    وقال بعض السلف "أحِب أهل الجنة تكن معهم يوم القيامة، وابغض أهل المعاصي يحبك الله" [حلية الأولياء (3:188)]
    ومجالسة الصالحين المحبين ترقق القلب .. وتلتقط من أفواههم أطايب الكلام كما تنتقى أطايب الثمار ..هؤلاء قوم أحبوا الله فتتفطر القلوب القاسية لكلامهم، وتدمع العيون الجافية عند سماع أصواتهم .. قوم عرفوا الله، فذاقوا طعم السعادة ونالوا لذة الإيمان، فلو عرف الملوك وأبناء الملوك مانحن فيه من السرور والنعيم لجالدونا عليه بالسيوف.
    حادي عشر: حب الصحابة، لاسيما الأنصار ..
    عن البراء قال: سمعت رسول الله يقول "الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله" [متفق عليه]
    ثاني عشر: الزهد في الدنيـــا ..

    قال رسول الله "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك" [رواه ابن ماجه]
    ثالث عشر: أداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار ..
    قال رسول الله "إن أحببتم أن يحبكم الله تعالى ورسوله، فأدوا إذا ائتمنتم واصدقوا إذا حدثتم وأحسنوا جوار من جاوركم" [رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1409)]
    رابع عشر: أن تبتعد عن كل سبب يحول بينك وبين الله تعالى ..
    فابتعد عن كل ذنبٍ تعلم أنه يقطع بينك وبين ربِّك؛ حتى يخلص قلبك له وحده سبحانه.
    خامس عشر: المبادرة إلى طلب القرب بالطاعات ..
    قال النبي "قال الله تعالى: يا ابن آدم، قم إليَّ أمش إليك، وامش إليَّ أهرول إليك" [رواه أحمد وصححه الألباني]
    سادس عشر: محبة لقاء الله ..
    والاستعداد له بالزيادة في الأعمال الصالحة، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" [متفق عليه]


    الدعاء باسم الله الودود

    لم يرد الدعاء بالاسم أو الوصف في القرآن أو السُّنَّة، ويمكن الدعاء بمعنى الاسم؛ فالودود هو المحبوب الذي يستحق أن يحب، وأن يكون أحب إلى العبد من سمعه وبصره وجميع محبوباته، ومما ورد في ذلك حديث معاذ رضي الله عنه: أن رسول الله قال: "اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ"، قَالَ رَسُولُ اللهِ "إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلمُوهَا" [رواه الترمذي وصححه الألباني]


    يقول ابن القيم: ومنْ أفضلِ ما سُئِلَ اللَّهُ تعالى حُبُّهُ، وَحُبُّ مَنْ يُحِبُّهُ، وَحُبُّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إلى حُبِّهِ. ومِنْ أَجْمَعِ ذلكَ أنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فرَاغاً لي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ، اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إِلَيْكَ وَإِلَى مَلائِكَتِكَ وَأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ مَلائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالحِينَ، اللَّهُمَّ أَحْيِ قَلْبِي بِحُبِّكَ وَاجْعَلْنِي لَكَ كَمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أُحِبُّكَ بِقَلْبِي كُلِّهِ، وَأُرْضِيكَ بِجُهْدِي كُلِّهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبِّي كُلَّهُ لَكَ، وَسَعْيِي كُلَّهُ في مَرْضَاتِكَ" [روضة المحبين (417,418)]



    المصادر:
    • سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.

    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-06-2014, 07:37 PM. سبب آخر: توضيح الخط ليسهل قراءته ، بوركتم
    عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

    تعليق


    • #3
      رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

      الودود سبحانه وتعالى
      لوْ لمْ يَكُنْ مِنْ تَحَبُّبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إلى عبادِهِ وإحسانِهِ إليهم وَبِرِّهِ بهم إلاَّ أنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَ لهم ما في السَّمَاواتِ والأرضِ وما في الدنيا والآخرةِ، ثُمَّ أَهَّلَهُم وَكَرَّمَهم، وَأَرْسَلَ إليهمْ رُسُلَهُ وأَنْزَلَ عليهمْ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ لهم شَرَائِعَهُ، وَأَذِنَ لهم في مُنَاجَاتِهِ كلَّ وقتٍ أَرَادُوا، وَكَتَبَ لهم بكُلِّ حسنةٍ يَعْمَلُونَهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، وكَتَبَ لهم بالسيِّئَةِ واحدةً، فإنْ تَابُوا منها مَحَاهَا وأَثْبَتَ مكانَهَا حسنةً ..
      وإذا بَلَغَتْ ذُنُوبُ أحدِهِم عَنانَ السماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَهُ غَفَرَ لهُ، ولوْ لَقِيَهُ بِقُرَابِ الأرضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيَهُ بالتوحيدِ لا يُشْرِكُ بهِ شيئاً لأَتَاهُ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً، وَشَرَعَ لهم التوبةَ الهادمةَ للذنوبِ؛ فَوَفَّقَهُم لِفِعْلِهَا ثُمَّ قَبِلَهَا مِنْهُم .. فَإنَّما الفضلُ كُلُّهُ والنعمةُ كُلُّهَا والإحسانُ كلُّهُ منهُ أَوَّلاً وآخِراً .. أَعْطَى عَبْدَهُ مالَهُ، وقالَ: تَقَرَّبْ بهذا إِلَيَّ أَقْبَلْهُ منكَ ..
      فالعبدُ لهُ، والمالُ لهُ، والثوابُ منهُ ..
      فهوَ المُعْطِي أوَّلاً وآخِراً، فكيفَ لا يُحَبُّ مَنْ هذا شأنُهُ؟!!
      وكيفَ لا يَسْتَحِي العبدُ أنْ يَصْرِفَ شَيْئاً منْ مَحَبَّتِهِ إلى غَيْرِهِ؟!!
      ومَنْ أَوْلَى بالحمدِ والثناءِ والمَحَبَّةِ منهُ سبحانَهُ؟!! ومَنْ أَوْلَى بالكَرَمِ والجُودِ والإحسانِ منهُ؟!!
      [طريق الهجرتين (23:261,262)]
      وروده في القرآن الكريم
      ورد اسم الله تعالى الودود مرتين في القرآن الكريم:
      في قوله تعالى {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90]
      وقوله جلَّ وعلا {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (*) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: 13,14]


      المعنى اللغوي
      الوُدُّ مصدر المودَّة .. والودُّ هو الحبُّ يكون في جميع مداخل الخير.
      وَوَدِدْتُ الشيء أوَدُّ، وهو من الأمنية وشدة التعلُّق بحدوث الشيء .. كما في قوله تعالى {.. يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ..} [البقرة: 96]، أي: يتمنى أن يعيش ألف سنة .. وكقوله تعالى { .. يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} [البروج: 11]
      قال ابن العربي "اتفق أهل اللغة على أن المودَّة هي المحبة" .. قال تعالى {.. وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ..} [الروم: 21].
      ويأتي أيضًا بمعنى الملازمة مع التعلُّق .. فالودد معناه الوتد؛ لثبوته ولشدة ملازمته وتعلقه بالشيء.
      ويأتي على معنى المعية والمرافقة والمصاحبة كلازم من لوازم المحبة ..

      كما ورد عَنْ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ "إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ" [صحيح مسلم]
      أما الحبُّ .. فهو نوعٌ من الصفاء والنقاء والطهُّر والخضوع .. والحُبُّ من القِرط، الذي من شأنه أنه دائم التقلقل ..
      كما قال الجنيد "الصادق يتقلَّبُ في اليوم أربعين مرة، والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة" [مدارج السالكين (2:274)] .. فالمُحبُّ يتقلَّب قلبه بين الخوف والرجاء، والسكينة والقلق، والسرور والحزن .. أما من مات قلبه، تسكن أحواله .. وهذا من علامات النفاق والعياذ بالله تعالى،،
      والفرق بين الحُبُّ والودُّ .. أن الحب ما استقر في القلب، والودُّ ما ظهر على السلوك .. فكل ودود مُحب، وليس كل مُحب ودود .. وكل ودود أساسه مشاعر الحب في قلبه.
      معنى الاسم في حق الله تعالى
      قال ابن عباس "الودود هو الرحيم"، وقال البخاري "الودود هو الحبيب"
      وقال الزجاج: الودود: فعول بمعنى فاعل، كقولك: غفورٌ بمعنى غافر، وشكور بمعنى شاكر .. فيكون الودود في صفات الله عز وجل بمعنى: الذي يودُّ عباده الصالحين ويحبهم.
      والمعنى الثاني: أنه سبحانه وتعالى مودود بمعنى مفعول، أي: الذي يوده عباده ويحبونه.
      قال الخطابي "وقد يكون معناه أن يُوَدِّدَهم إلى خلقه، كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]"
      يقول السعدي: "الودود: الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم، ويحبونه، فهو أحب إليهم من كل شيء، قد امتلأت قلوبهم من محبته، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه، وانجذبت أفئدتهم إليه ودًا وإخلاصًا وإنابةً من جميع الوجوه" [تيسير الكريم الرحمن (1:947)]

      ويقول ابن القيم في النونية:
      وهوَ الودودُ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّهُ ... أحبابُهُ والفضلُ لِلْمَنَّانِ
      وهوَ الذي جَعَلَ المَحَبَّةَ في قُلُو ... بِهِمُ وَجَازَاهُم بِحُبٍّ ثَانِ
      هذا هوَ الإحسانُ حَقًّا لا مُعَا ... وَضَةً ولا لِتَوَقُّعِ الشُّكْرَانِ
      لكنْ يُحِبُّ شُكُورَهُم وَشَكُورَهُم ... لا لاحْتِيَاجٍ منهُ للشُّكْرَانِ
      [القصيدة النونية (245)]
      عجـــائب ودُّ الله عز وجل
      يقول ابن القيم "ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه، إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه.
      كفى بك عزًّا أنك له عبد * * * وكفى بك فخراً أنه لك رب" [الفوائد (1:38)]
      من أنت أيها العبد الفقير حتى يتقرَّب إليك أغنى الأغنياء؟! .. وماذا تساوي أنت أيها الذليل حتى يتودد إليك العزيز جلَّ في علاه؟!

      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ .. هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ .. هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ .. حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ" [صحيح مسلم]
      ألا تشكو من قسوة القلب؟! .. ألا تعاني هجر القرآن؟! .. ألا يسوؤك حالك مع الله تعالى؟!
      ألا يواجههك ضيق العيش؟! .. ألا تبتلى؟! ..
      إذًا، هلم ارفع شكواك وقَدِم نجواك في الثلث الأخير من الليل، فاتحة الأحزان وفاتحة الرضوان، وجنات النعيم والكرم الإلهي ..
      عجبًا لك أيها العبد! ترفع حوائجك إلى من أغلق دونك بابه وجعل دونها الحراس والحُجَّاب، وتنسى من بابهُ مفتوحٌ إلى يوم القيامة !!
      ومن عجائب ودَّهُ: أن تسبق محبته للعباد محبتهم له ..
      فالله سبحانه هو الذي يبتديء عباده بالمحبة .. قال تعالى { .. فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ..} [المائدة: 54]
      يقول ابن الجوزي "سبحان من سبقت محبته لأحبابه؛ فمدحهم على ما وهب لهم، واشترى منهم ما أعطاهم، وقدم المتأخر من أوصافهم لموضع إيثارهم، فباهى بهم في صومهم، وأحب خلوف أفواههم. يا لها من حالةٍ مصونةٍ! لا يقدر عليها كل طالب، ولا يبلغ كنه وصفها كل خاطب" [صيد الخاطر (1:28)]
      ومن عجائب ودَّهُ: أنه يتودد بنعمه لأهل المعاصي، ويقيم بها عليهم الحجة ..
      ومن لطائف ودَّهُ: أنه لا يرفعه عن المذنبين، وإن تكررت ذنوبهم، فإذا تابوا منها وعادوا إليه شملهم بمحبته أعظم مما كانوا عليه .. أليس الله يحب التوابين؟
      يقول ابن القيم "وهذا بخلاف ما يظنه من نقصت معرفته بربِّه من أنه سبحانه إذا غفر لعبده ذنبه فإنه لا يعود الودُّ الذي كان له منه قبل الجناية، واحتجوا فى ذلك بأثرٍ إسرائيليٍ مكذوب أن الله قال لداود عليه السلام : يا داود، أما الذنب فقد غفرناه، وأما الودُّ فلا يعود.
      وهذا كذبٌ قطعاً، فإن الودُّ يعود بعد التوبة النصوح أعظمُ مما كان، فإنه سبحانه يحب التوابين، ولو لم يعد الودُّ لما حصلت له محبته، وأيضًا فإنه يفرح بتوبة التائب، ومحال أن يفرح بها أعظم فرح وأكمله وهو لا يحبه.
      وتأمل سر اقتران هذين الاسمين فى قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِيءُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْودُود} [البروج: 13,14] .. تجد فيه من الرد والإنكار على من قال: لا يعود الودُّ والمحبة منه لعبده أبدًا، ما هو من كنوز القرآن ولطائف فهمه، وفى ذلك ما يُهَيِّج القلب السليم ويأْخذ بمجامعه ويجعله عاكفًا على ربِّه الذي لا إله إلا هو ولا ربُّ له سواه .. عكوف المحب الصادق على محبوبه الذي لا غنى له عنه، ولا بد له منه ولا تندفع ضرورته بغيره أبدًا." [طريق الهجرتين (23:98)]
      فالله تعالى هو الذي يبدأ بالمغفرة ويُعيدها مرةً أخرى ..
      تذنب ثم تتوب إليه بصدق، فيغفر ويصفح .. ليس هذا فحسب بل تزداد محبته لك، أفضل وأعظم مما كانت لك قبل ذلك ..
      فكيف لا تحب ربًّا هذه صفته بكل ذرة فيك؟!
      تابعوا المقالة القادمة لتعرِّف كيف تتقرَّب إلى الله تعالى باسمه الودود،،


      المصادر:
      • سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.
      • كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي.
      • كتاب (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) د/محمود عبد الرازق الرضواني.

      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-06-2014, 07:24 PM. سبب آخر: تعديل بعض الكلمات
      عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

      تعليق


      • #4
        رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا


        الملك المالك المليــك جلَّ جلاله
        المَلِكُ من أسماء الله سبحانه وتعالى، ومَعْنَى المُلْكِ الحَقِيقِيِّ ثَابِتٌ لهُ سبحانَهُ بكلِّ وَجْهٍ؛ فهوَ الآمِرُ الناهِي المُعِزُّ المُذِلُّ، الذي يُصَرِّفُ أُمُورَ عبادِهِ كما يُحِبُّ وَيُقَلِّبُهُم كما يَشَاءُ.
        {.. كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]
        يَغْفِرُ ذَنْباً وَيُفَرِّجُ كَرْباً وَيَكْشِفُ غَمًّا وَيَنْصُرُ مَظْلُوماً وَيَأْخُذُ ظَالِماً، وَيَفُكُّ عَانِياً، وَيُغْنِي فَقِيراً، ويَجْبُرُ كَسِيراً، وَيَشْفِي مَرِيضاً، وَيُقِيلُ عَثْرَةً، وَيَسْتُرُ عَوْرَةً، وَيُعِزُّ ذَلِيلاً، وَيُذِلُّ عَزِيزاً، وَيُعْطِي سَائِلاً، وَيَذْهَبُ بِدَوْلَةٍ وَيَأْتِي بِأُخْرَى، وَيُدَاوِلُ الأيامَ بينَ الناسِ، وَيَرْفَعُ أَقْوَاماً وَيَضَعُ آخَرِينَ ..
        فهوَ المُتَصَرِّفُ في المَمَالِكِ كُلِّهَا وَحْدَهُ تَصَرُّفَ مَلِكٍ قَادِرٍ قَاهِرٍ عَادِلٍ رَحِيمٍ، تَامِّ المُلْكِ، لا يُنَازِعُهُ في مُلْكِهِ مُنَازِعٌ، أوْ يُعَارِضُهُ فيهِ مُعَارِضٌ، فتَصَرُّفُهُ في المملكةِ دَائِرٌ بينَ العدلِ والإحسانِ والحكمةِ والمصلحةِ والرحمةِ، فلا يَخْرُجُ تَصَرُّفُهُ عنْ ذلكَ.
        أما المخلوقَ فليسَ عندَهُ للعبدِ نَفْعٌ ولا ضرٌّ .. ولا عَطَاءٌ ولا منْعٌ، ولا هُدًى ولا ضَلالٌ، ولا نَصْرٌ ولا خِذْلانٌ، ولا خَفْضٌ ولا رَفْعٌ، ولا عِزٌّ ولا ذلٌّ، بل اللَّهُ وَحْدَهُ هوَ المَلِكُ، الذي لَهُ مُلْكُ ذَلِكَ كُلِّهِ.
        ورود الاسم في القرآن الكريــم
        ورد اسم الله تعالى الملك في القرآن خمس مرات .. منها قوله تعالى: {هُوَ اللهُ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُون} [الحشر:23]، وقوله: {فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيم ِ} [المؤمنون:116].
        وورد المالك مرتين .. في قوله تعالى {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]، وقوله {قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلكِ} [آل عمران:26] .
        وأما المليــك فلم يرد إلا مرة واحدة .. في قوله تعالى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (*) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54,55]
        المعنى اللغوي للاسم
        أصل الملك في اللغة الربط والشد، والمَلِك والمالك والمَليك: ذو المُلك.
        المعنى في حق الله تعالى
        والمَلِك هو النافذ الأمر في ملكه، إذ ليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه ..
        والملك الحقيقي هو الله وحده لا شريك له .. ولا يمنع ذلك وصف غيره بالملك كما قال: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُل سَفِينَةٍ غَصْباً} [الكهف:79]، فهذا ملكٌ مخلوق ومُلكه مقيد محدود، أما الملك الحق فهو الذي أنشأ الملك وأقامه بغير معونة من الخلق، وصرف أموره بالحكمة والعدل والحق، وله الغلبة وعلو القهر على من نازعه في شيء من الملك .
        فالملك سبحانه هو الذي له الأمر والنهي في مملكته، وهو الذي يتصرف في خلقه بأمره وفعله، وليس لأحد عليه فضل في قيام ملكه أو رعايته .. قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ } [سبأ:22,23].
        والله عزَّ وجلَّ مالك الأشياء كلها ومصرفها على إرادته لا يمتنع عليه منها شيء .. لأن المالك للشيء في كلام العرب هو المتصرف فيه والقادر عليه.
        والمليك هو المالك العظيم الملك .. ويكون بمعنى المَلك، وهو اسم يدل على العلو المطلق للمَلك في مُلكه ومِلكيته، فله علو الشأن والقهر في وصف الملكية، وله علو الشأن والفوقية في وصف الملك والاستواء على العرش، قال أمية بن أبي الصلت:
        لك الحمد والنعماء والفضل ربنا .. ولا شيء أعلى منك جدا وأمجد
        مليك على عرش السماء مهيمن .. لعزته تعنو الوجوه وتسجد
        والفرق بين المالك والملك والمليك
        أن المالك في اللغة صاحب المِلْك أو من له ملكية الشيء، ولا يلزم أن يكون المُلك له .. فقد يؤثر الملك على المالك وملكيته فيحجر على ملكيته أو ينازعه فيها أو يسلبها منه.
        أما الملك فهو أعم من المالك .. لأنه غالب قاهر فوق كل مالك، فالملك مهيمن على المُلك وإن لم تكن له الملكية إلا بضرب من القهر ومنع الغير من التصرف فيما يملكون.
        قال ابن القيم: "الفرق بين الملك والمالك: أن المالك هو المتصرف بفعله، والملك هو المتصرف بفعله وأمره، والرب تعالى مالك الملك فهو المتصرف بفعله وأمره.
        فمن ظن أنه خلق خلقه عبثًا لم يأمرهم ولم ينههم، فقد طعن في ملكه ولم يقدره حق قدره، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ..} [الأنعام: 91]. فمن جحد شرع الله وأمره ونهيه، وجعل الخلق بمنزلة الأنعام المهملة؛ فقد طعن في ملك الله ولم يقدره حق قدره" [بدائع الفوائد]، ويقصد أن مالك الشيء لا يلزم أن يكون ملكًا لوجود من يرأسه ويمنع تصرفه في ملكه، أما الملك الذي له الملكية والملك فله مطلق التدبير والأمر.
        والمليك صيغة مبالغة في إثبات كمال الملكية والملك معا مع دوامها أزلاً وأبدًا .. فالمليك أكثر مبالغة من الملك، والملك أكثر مبالغة من المالك، فاسم الله المليك يشمل الأمرين معا الملكية والمُلك.
        ما هو أثر الإيمان بأسماء الله تعالى الملك والمالك والمليك؟
        تابعوا الإجابة في المقال القادم بإذن الله،،
        المصادر:
        • (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) للشيخ محمد الحمود النجدي.
        • (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) للدكتور محمود عبد الرازق الرضواني.
        • شرح أسماء الله الحسنى من مؤلفات ابن القيم.

        عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

        تعليق


        • #5
          رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

          مشكلتي انني مش شاطر بكتابة الردود
          الموضوع ممتاز وتمام
          وما أحوجنا هذه الأيام للتعرف إلى ربنا وصفاته
          جزاكم الله خيرا


          قال الحسن البصري - رحمه الله :
          استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
          [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


          تعليق


          • #6
            رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

            جزيتى الجنة اخيتى
            بارك الله فيك

            تعليق


            • #7
              رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              شكرا لمروكم الكريم ,وبارك الله فيكم , واسعدكم الله في الدارين الدنيا والاخرة
              عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

              تعليق


              • #8
                رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا


                التوَّاب جلَّ جلاله وكيفيـة التوبـة النصـوح

                التوَّاب سبحانه هو الذي يقبل التوبة عن عباده حالاً بعد حال .. فما من عبدِ عصاه وبلغ عصيانه مداه ثم رَغِب في التوبة إليه إلا فتح له أبواب رحمته، وفرح بعودته وتوبته ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها ..
                ونحن في حاجة ماسة لفهم مقتضيات هذا الاسم العظيـم ومعانيه؛ لأنه يتحدث عن وظيفة العمر وأعظم مقامات الإيمان وأجلَّها، ألا وهو مقـام التــــوبة ..
                ورود الاسم في القرآن الكريم

                ورد الاسم في القرآن إحدى عشرة مرة، منها تسع مرات أقترن باسم الله تعالى الرحيم، منها:
                قول الله جلَّ وعلا {فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] .. وقوله تعالى {.. وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]
                وورد مقترنًا باسمه تعالى الحكيم، في قول الله عزَّ وجلَّ {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 10]
                وورد مفردًا في قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]


                المعنى اللغوي للاسم


                التواب في اللغة من صيغ المبالغة، فعله تاب يتوب توبًا وتوبة، والتوبة الرجوع عن الشيء إلى غيره، وترك الذنب على أجمل الوجوه.


                معنى الاسم في حق الله تعالى


                التوَّاب .. الذي لم يزل يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المنيبين، فكل من تاب إلى الله توبة نصوحًا، تاب الله عليه، فهو التائب على التائبين أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه، وهو التائب عليهم بعد توبتهم قبولاً لها، وعفوًا عن خطاياهم. [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1:946)]
                عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِالليْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ الليْلِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا" [صحيح مسلم]، وعنه صلى الله عليه وسلم قال "إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" [رواه الترمذي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1903)]
                ويذكر ابن القيم أن توبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها وتوبة منه بعدها .. فتوبته بين توبتين من الله، سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً إذنًا وتوفيقًا وإلهامًا فتاب العبد، فتاب الله عليه ثانيًا قبولاً وإثابة، قال تعالى: {وَعَلَى الثلاثَةِ الذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [التوبة:118]، فأخبر عزَّ وجلَّ أن توبته عليهم سبقت توبتهم، وأنها هي التي جعلتهم تائبين، فكانت سببًا ومقتضيًا لتوبتهم فدلَّ على أنهم ما تابوا حتى تاب الله عليهم، والحكم ينتف لانتفاء علته ..
                فالعبدُ تَوَّابٌ، واللَّهُ تَوَّابٌ ..

                فتوبة العبد: رجوعه إلى سيده بعد الإباق،

                وتوبة الله نوعان: 1) إذن وتوفيق .. 2) وقبول وإمداد. [مدارج السالكين (1/319-320)]


                قال ابن جرير الطبري "إن الله جلَّ ثناؤه هو التوَّاب على من تاب إليه من عباده المذنبين من ذنوبه، التارك مجازاته بإنابته إلى طاعته بعد معصيته بما سَلَف من ذنبه ..
                فمعنى التوبة من العبد إلى ربّه، إنابتُه إلى طاعته، وأوبته إلى ما يرضيه بتركه ما يَسْخَطه من الأمور التي كان عليها مقيمًا مما يكرهه ربه. وكذلك توبة الله على عبده، هو أن يرزقه ذلك، ويؤوب له من غضبه عليه إلى الرضا عنه، ومن العقوبة إلى العفو والصفح عنه" [تفسير الطبري (بتصرف يسير)]

                يقول ابن القيم في قصيدته النونية:
                وكذلكَ التوَّابُ منْ أوصافِهِ ... والتَّوْبُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ

                إِذْنٌ بتوبةِ عبدِهِ وَقَبُولُهَا ... بعدَ المَتَابِ بِمِنَّةِ المنَّانِ



                لنبدأ مدارسة فقه التوبة بمعرفة معاني التوبة النصـــوح والفرق بينها وبين مُطلق التوبــة؛ حتى نتوب إلى الله تعالى توبةً نصوحًا كما يُحب ويرضى ..



                كيفيــة التوبـة النصــوح

                قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ..} [التحريم: 8]


                اختلفت عبارة العلماء وأرباب القلوب في التوبة النصوح على ثلاثة وعشرين قولاً، كما ذكر الإمام القرطبي في تفسيره:
                1) التي لا يعود بعدها إلى الذنب أبدًا .. فبهذه التوبة يُفارق العبد هذا الذنب طيلة عمره، ولا يقتضي ذلك توبته من جميع الذنوب؛ لأنه لا يوجد إنسان معصوم من الوقوع في الزلل، بل المقصود عدم العودة لجنس الذنب الذي قد تاب منه.
                وعن حذيفة قال: "بحسب الرجل من الشر أن يتوب من الذنب ثم يعود فيه".

                2) النصوح: الصادقة الناصحة .. أي: التي تنصح صاحبها كلما هجمت عليه المعصية، يتذكر توبته منها فيمتنع عن الوقوع فيها مرة أخرى.
                أما من لا تنهاه توبته عن الوقوع في المعاصي، كمن يحج ويظن أن جميع سيئاته قد مُحيت ثم يعود للوقوع في نفس المعاصي مرةً أخرى .. فهذا توبته مكذوبة وليست توبة نصوحًا.
                3) الخالصة .. من نصح، أي: أخلص له القول.
                وعلامة التوبة الخالصة .. كما قال الحسن "النصوح أن يُبْغِض الذنب الذي أحبه، ويستغفر منه إذا ذكره"
                4) التي لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها .. فهو لا يغتر بعلامات الصلاح التي قد يلحظها الناس عليه بعد توبته، بل دائمًا يخشى ألا تُقبَل توبته ويسأل الله القبــول .. وهذا الخوف يدفعه للإحسان في العمل، وليس الوقوع في اليأس.
                5) التي لا يحتاج معها إلى توبة .. فبعض الناس قد يتوب من بعض المعاصي الظاهرة ولا يتوب من معاصي خفية أخطر منها؛ كالريـاء والكِبر والنفاق .. فتكون توبته بحاجة إلى توبة .. أما التوبة النصوح فهي التي تغسل القلب وتُطهره من الذنوب الظاهرة والباطنة، فلا يحتاج بعدها إلى توبة.

                6) الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع عن الذنب، والاطمئنان على أنه لا يعود ..
                كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم "الندم توبة" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]، فلا تُقبَل التوبة بدون الندم على ما فات من الذنب .. وهو ندم يبعثك على العمل؛ حتى لا تقع في الذنب مرةً أخرى.
                والتائب الحق لا يُفارق الاستغفار لسانه، كما إنه يُقلِع عن جميع الأسباب التي تؤدي إلى وقوعه في الذنب؛ حتى يطمئن لعدم عودته إليه مرةً أخرى.
                7) توبة تنصحون بها أنفسكم .. فهي التي تنصحك بفعل الطاعات والابتعاد عن المُلهيات، وتدعوك لأن تعيش حياتك ربَّانيًا.
                8) ومهاجرة سيئ الخلان .. فالتوبة النصوح لا تستقيم مع مرافقتك لأصدقاء السوء؛ لأن الصاحب سـاحب ..
                قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة" [متفق عليه]
                9) علامتها أربعة .. قال سفيان الثوري: "علامة التوبة النصوح أربعة: القلة والعلة والذلة والغربة" .. فالتائب توبةً نصـوح يتقلل من الدنيـا، وهو دائم الحزن والبكــاء من خشية الله مما يجعله أشبه بالمريض العليل، ولا يتكبر على الناس وهو ذليـــل بين يدي المولى عزَّ وجلَّ، تجده في الدنيـــا غريـب كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" [صحيح البخاري]
                10) ينشغل بذنبه عن ذنوب الناس .. قال الفضيل بن عياض: "هو أن يكون الذنب بين عينيه، فلا يزال كأنه ينظر إليه".
                فكلما رأى أحد الناس يقع في ذنبٍ من الذنوب، تذكَّر ذنوبه الماضية وانشغل بعيبه عن عيوب الناس.

                11) شدة الحيـاء من الله بسبب ذنوبه .. يقول ابن السماك في معنى التوبة النصوح: "أن تنصب الذنب الذي أقللت فيه الحياء من الله أمام عينك وتستعد لمنتظرك".
                12) اليقين بأن لا ملجأ من الله إلا إليه .. فعندما تستشعر قهر الذنب في قلبك، تتيقن أنه لا أحد سُينجيك منه إلا الله جلَّ وعلا .. قال أبو بكر الوراق: "هو أن تضيق عليك الأرض بما رحبت، وتضيق عليك نفسك، كالثلاثة الذين خلفوا".
                13) توبة لا لفقد عوض .. قال أبو بكر الواسطي "هي توبة لا لفقد عوض؛ لأن من أذنب في الدنيا لرفاهية نفسه ثم تاب طلبًا لرفاهيتها في الآخرة، فتوبته على حفظ نفسه لا لله".
                14) رد المظالم، واستحلال الخصوم، وإدمان الطاعات .. فإن كنت وقعت في ذنوب التبعات؛ كأكل المال الحرام والمظالم والسُحت وغيرها .. عليك أن ترُد لمن ظلمتهم جميع حقوقهم، وإلا إن لم تستطع رد المظالم لأهلها فعليك بفعل تلك الأمور؛ حتى تخرج من تبعات تلك المظالم:
                أ) الصدقـة بنية الاستبراء من هذا الذنب ..
                ب) أن تُكثر الرحمة لأهل المعصية .. لأن الله يغفر التبعات بما فى القلوب من الرحمات .. ارحم تُرحَم، واعفُ يُعفَ عنك.
                ج) الحـــج .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " .. إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات" [صحيح الترغيب والترهيب (1151)]
                وإن كنت قد أغتبت أحدًا أو وقعت في عرضه، فينبغي أن تطلب من خصمك أن يسامحك ويعفُ عن خطأك في حقه؛ حتى تُقبَل توبتك وتكون توبةً نصوحًا.
                والتائب يُدمِن الطاعات، ويطرق كل باب من أبوابها حتى يثبت عليها،،


                15) ألا تلتفت وتولي وجهك تلقاء الله سبحانه وتعالى .. قال رويم "هو أن تكون لله وجهًا بلا قفا، كما كنت له عند المعصية قفا بلا وجه".
                16) الابتعاد عن مفسدات القلوب .. قال ذو النون: "علامة التوبة النصوح ثلاث: قلة الكلام، وقلة الطعام، وقلة المنام".. وهي من ضمن مفسدات القلب الخمسة:
                1) كثرة الخلطة .. 2) وركوب بحر التمني .. 3) والتعلق بغير الله .. 4) والشبع .. 5) والمنام.

                17) اللوم للنفس والندم .. قال شقيق: "هو أن يكثر صاحبها لنفسه الملامة، ولا ينفك من الندامة؛ لينجو من آفاتها بالسلامة".
                18) نصيحة النفس والمؤمنين .. قال سري السقطي: "لا تصلح التوبة النصوح إلا بنصيحة النفس والمؤمنين؛ لأن من صحب توبته أحب أن يكون الناس مثله".

                19) المحبة لله تعالى .. قال الجنيد: "التوبة النصوح هو أن ينسى الذنب فلا يذكره أبدًا؛ لأن من صحت توبته صار محبًا لله، ومن أحب الله نسي ما دون الله" .. وإذا غُرِسَت في قلبك محبة الله عزَّ وجلَّ، أُغْلِقَت أمامك جميع أبواب المعاصي.
                20) كثرة البكـاء من خشية الله، والنُفرة من المعاصي وأهلها .. قال ذو الأذنين: "هو أن يكون لصاحبها دمعٌ مسفوح، وقلبٌ عن المعاصي جموح".
                21) مخالفة الهوى .. وقال فتح الموصلي: "علامتها ثلاث: مخالفة الهوى، وكثرة البكاء، ومكابدة الجوع والظمأ".
                22) اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم .. قال سهل بن عبد الله التستري: "هي التوبة لأهل السنة والجماعة؛ لأن المبتدع لا توبة له، بدليل قوله "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته" [صحيح الترغيب والترهيب (54)]"
                23) تحقيق شروط قبــول التـوبــة .. قال سعيد بن جبير: "هي التوبة المقبولة، ولا تقبل ما لم يكن فيها ثلاثة شروط: خوف ألا تقبل، ورجاء أن تقبل، وإدمان الطاعات".


                نستكمل أسس التوبة في المقالات القادمة إن شاء الله؛ لنعرف كيف نتعبَّد الله عزَّ وجلَّ باسمه التوَّاب ..

                نسأل الله جلَّ وعلا أن يتوب علينــا أجمعين، وأن يرزقنـا التوبة النصوح التي تُرضيه عنا،،



                الخطوات العملية للتوبة النصـوح

                المصادر:
                • شرح اسم الله "التوَّاب" 1 من سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.
                • كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي.
                • كتاب (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) د/محمود عبد الرازق الرضواني.
                • تفسير القرطبي.

                التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-06-2014, 08:19 PM. سبب آخر: حذف روابط لا تعمل
                عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                تعليق


                • #9
                  رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                  و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                  جزاكم الله خيرا و رفع قدركم
                  وجعله فى موازين حسناتكم
                  وبلغنا وإيَّاكم ليلة القدر
                  =================
                  من فوائد ابن القيم * علمت كلبك فهو يترك شهوته في تناول ما صاده احتراما لنعمتك وخوفا من سطوتك وكم علمك معلم الشرع وانت لا تقبل.
                  [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#FF0000][SIZE=36px][FONT=times new roman]مشروع تحفيظ القرآن الكريم للشباب بشبكة الطريق إلى الله[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]
                  [CENTER][B][URL="https://forums.way2allah.com/forum/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85/%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8/4455003-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A"][COLOR=#0000CD][SIZE=36px][FONT=times new roman](القرآن حياتي)[/FONT][/SIZE][/COLOR][/URL][/B][/CENTER]

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    امين
                    شكرا لمروركم الكريم وبارك الله فيكم , وبلغنا الله واياكم ليلة القدر
                    عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                    تعليق


                    • #11
                      رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا


                      العَفوُّ جَلَّ جلالُه

                      العفوُّ سبحانه هو الذي يحب العفو والستر، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ويستر العيوب ولا يحب الجهر بها .. يعفو عن المسيء كَرَمًا وإحسانًا، ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعامًا، حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق في رجائها بمقلب القلوب ..
                      ومن حِكمة الله عزَّ وجلَّ تعريفه عبده أنه لا سبيل له إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته، وأنه رهينٌ بحقه فإن لم يتغمده بعفوه ومغفرته وإلا فهو من الهالكين لا محالة .. فليس أحدٌ من خلقه إلا وهو محتاجٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو محتاجٌ إلى فضله ورحمته ..
                      اللهمَّ اعفُّ عنَّا واغفر لنـــا ..


                      ورود الاسم في القرآن الكريم
                      سمى الله عزَّ وجلَّ نفسه العَفوُّ على سبيل الإطلاق في خمس آيات، في قوله تعالى {.. فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43]، وقوله {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99]، وقوله {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149]
                      وقوله عزَّ وجلَّ {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60]، وقوله تعالى {.. وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2]


                      المعنى اللغوي للعفو
                      العَفوُّ في اللغة على وزن فعُول من العَفوِ، وهو من صيغ المبالغةِ، يقال: عَفا يَعْفو عَفوا فهو عاف وعَفوٌّ، والعفو يدلّ على معنيين أصليّين:
                      1) ترك الشّيء .. 2) طلبه ..
                      ومن المعنى الأوَّل عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إيّاهم فلا يعاقبهم، فضلاً منه تعالى.
                      قال الخليل "العفو : تركُكَ إنسانًا استوجَبَ عُقوبةً فعفوتَ عنه تعفُوِ والله العَفُوُّ الغَفور" [كتاب العين (2:258)]
                      وقال ابن فارس "وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق. ألا ترى أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: "عفوت عنكم عن صَدَقة الخيل .." [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني (1790)] .. فليس العفو هاهنا عن استحقاق، ويكون معناه تركت أن أُوجِب عليكم الصّدقةَ في الخيل" [معجم مقاييس اللغة (4:57)] .. أي: إنه لا يُشترط للعفو عن شخصٍ ما أن يكون مُستحقًا لذلك.

                      فالعفو هو التجاوُزُ عن الذنب وتَرْك العِقاب عليه، وأَصله المَحْوُ والطمْس .. والعفو يأتي أيضًا على معنى الكثرة والزيادة، فعَفوُ المالِ هو ما يَفضُل عن النَّفقة كما في قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ } [البقرة:219]
                      وَ العَفْو فِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه: "سَلُوا اللهَ العَفْو وَالْعَافِيَةَ .." [رواه الترمذي وصححه الألباني]، فأَما العَفْوُ: فَهُوَ مَا وصفْناه مِنْ مَحْو اللَّهِ تَعَالَى ذُنوبَ عَبْدِهِ عَنْهُ، وأَما الْعَافِيَةُ: فَهُوَ أَن يُعافيَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وَهِيَ الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض. يُقَالُ: عافاهُ اللَّهُ وأَعْفَاه أَي وهَب لَهُ الْعَافِيَةَ مِنَ العِلَل والبَلايا.
                      وأَما المُعافاةُ: فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ مِنَ النَّاسِ ويُعافِيَهم منكَ، أي: يُغْنيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيَهِمْ عنك ويصرف أَذاهم عَنْكَ وأَذاك عَنْهُمْ، وَقِيلَ: هِيَ مُفاعَلَة مِنَ العفوِ، وَهُوَ أَن يَعْفُوَ عَنِ النَّاسِ ويَعْفُوا هُمْ عَنْهُ. [لسان العرب (15:73)]


                      الفرق بين العفو والغفران
                      يتمثّل الفرق بين العفو والغفران في أمور عديدة أهمّها:
                      · أنَّ الغفران يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثّواب، ولا يستحقّه إلّا المؤمن ولا يكون إلّا في حقّ الباريء سبحانه وتعالى .. {.. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ..} [آل عمران: 135]
                      · أمّا العفو فإنّه يقتضي إسقاط اللّوم والذَّمُّ، ولا يقتضي نيل الثَّواب ويستعمل في العبد أيضًا.
                      · العفو قد يكون قبل العقوبة أو بعدها، أمّا الغفران؛ فإنّه لا يكون معه عقوبة البتَّة ولا يوصف بالعفو إلّا القادر عليه.
                      · في العفو إسقاط للعقاب، وفي المغفرة ستر للذّنب وصون من عذاب الخزي والفضيحة.


                      معنى الاسم في حق الله تعالى
                      قال ابن جرير "{.. إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا ..} [النساء: 43]، أي: إن الله لم يزل عفوًا عن ذنوب عباده، وتركه العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به" [جامع البيان (5:74)]
                      وقال الزجاج "والله تعالى عفوٌّ عن الذنوب، تاركٌ العقوبة عليها" [تفسير الأسماء (62)]

                      وقال الخطَّابي "العَفْوُّ: الصَّفحُ عن الذنوب، وتركُ مُجازاة المسيء" [شأن الدعاء (90)]


                      قال الحليمي "العَفْوُّ، معناه: الواضعُ عن عباده تَبِعَات خطاياهم وآثارهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا، أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا، فيُكفِّر عنهم ما فعلوا بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، أو يجعل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به، وجزاء له بعمله" [المنهاج (1:201)]
                      قال السعدي "(العَفْوُّ، الغَفور، الغَفَّار) الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفًا، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفًا، كل أحدٍ مضطرٌ إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطرٌ إلى رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]" [تيسير الكريم الرحمن (5:300)]

                      يقول الغزَّالي "العَفْوُّ: هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغفور ولكنه أبلغ منه، فإن الغفران ينبيء عن الستر والعفو ينبيء عن المحو والمحو أبلغ من الستر" [المقصد الأسنى (1:140)]
                      وقال ابن القيم في قصيدته النونية:
                      وَهْوَ العَفُوُّ فعَفْوُهُ وَسِعَ الوَرَى ... لَوْلاهُ غَارَ الأَرْضُ بالسُّكَّانِ



                      حظ العبد من اسم الله العَفْوُّ
                      1) كثرة الدعـــاء باسم الله العَفْوُّ وسؤال الله العفو والعافية ..
                      ورد دعاء المسألة بالاسم المطلق في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟، قَالَ "تَقُولِينَ: اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني (3850)]
                      وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ثم بكى، فقال "سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدًا لم يعط بعد اليقين خيرًا من العافية" [رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح (2489)]
                      وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح "اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني (3871)]

                      2) الاستغفار والتوبـة والعمل الصالــح ..
                      فمن كمال عفوه سبحانه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثمَّ تاب إليه ورجع، غفر له جميع جُرْمِهِ .. كما قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]

                      3) اعفُ يُعْفَ عنك ..
                      وقد حثَّ الله تعالى عباده على العفو والصفح وقبول الأعذار، وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتصدَّق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه، فلما شارك المنافقين في اتهام أم المؤمنين عائشة بالإفك وبرأها الله عزَّ وجلَّ، قال أبو بكر رضي الله عنه "وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ مَا قَال لعَائِشَةَ"، فَأَنْزَل اللهُ سبحانه وتعالى {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: "بَلى، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لي"، فَرَجَعَ إِلى مِسْطَحٍ الذِي كَانَ يُجْرِي عَليْهِ. [صحيح البخاري]
                      وقال تعالى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]

                      فاعْفُ عن الظالمين، وأَعْرِض عن الجاهلين، ويَسِّر علي المعسرين طلبًا لعفو الله عند لقائه،،


                      4) التجاوز عن المُعسِر والعفو عنه، وعدم مؤاخذته على عدم استطاعته سداد الدّين ..
                      فعليك أن تتجاوز، حتى يتجاوز الله تعالى عنك .. عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ "أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟، قَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي". فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
                      صلى الله عليه وسلم. [صحيح مسلم]

                      5) عدم المجاهرة بالذنــب ..
                      عَنْ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
                      صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" [متفق عليه]


                      من أعظم فوائد العفو
                      1) أنه يستوجب محبة الله تعالى .. فإذا كنت من العافين عن الناس فإن الله تعالى سيحبك، ويجعلك من أهل الإحسان الذين هم أعلى الناس إيمانًا .. كما في قوله تعالى {.. وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
                      2) من عفا، عُفِى عنه يوم القيامة .. إذ الجزاء من جنس العمل.
                      3) يُورث التقوى .. يقول الله تعالى {.. وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ..} [البقرة: 237]، فالعفو عن الناس من الأسباب التي تجعل العبد تقيًّا نقيًّا.

                      4) يقتضى غفران الله تعالى للذنب .. فالعبد إذا عفا وصفح، كان ذلك سببًا في مغفرة الله تعالى له.
                      5) العفو يزيد الإنسان عزًّا .. فالنبي
                      صلى الله عليه وسلم يقول ".. وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا" [صحيح مسلم] .. فكلما عفوت، ازددت عزًّا عند الله تعالى.
                      6) الأجر العظيم عند الله تعالى .. لقوله تعالى {.. فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ..} [الشورى: 40]

                      7) العفو يُثْمِر محبة الناس ..
                      8) وهو دليل على كمال الإيمان وحُسن الإسلام ..
                      9) وهو مظهر من مظاهر حُسن الخلق، ودليل على سعة الصدر وحُسن الظن ..
                      10) وطريق نورٍ وهدايةٍ لأهل الإيمان.
                      نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ علينا بالتحلى بهذا الخُلق العظيم ... خُلُق العفو ..

                      ونسأله جلَّ في علاه أن يعفو عنا ويغفر لنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه،،





                      اسم الله تعالى العَفْوُّ

                      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-06-2014, 08:50 PM.
                      عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                      تعليق


                      • #12
                        رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        جزاكم الله خيرا ونفع بكم
                        أسأل الله لنا ولكم الاخلاص والقبول
                        عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العبادة أفضل درجة عند الله تعالى يوم القيامة ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا ، قلت : يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله عز وجل ؟ قال : لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر سيفه ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه "
                        أكثر من الاستغفار: فإنَّه يطهر القلب والجنان، ومدعاة لتكفير الذنوب والآثام.

                        أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فإنها من أعظم أسباب تنزل الرحمات، وبها تستجلب محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وشفاعته يوم المعاد، وترفع بها الدرجات، وتقضى الحاجات.



                        تعليق


                        • #13
                          رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                          جزاكم الله خيرا
                          وجعله فى ميزان حسناتكم

                          تعليق


                          • #14
                            رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            امين
                            شكرا لمروركم الكريم وبارك الله فيكم
                            بلغنا الله واياكم ليلة القدر امين
                            عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                            تعليق


                            • #15
                              رد: تعرَّف على ربِّــــك .... تابعونا

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                              الربُّ جلَّ جلاله
                              اسْمُ (الرَّبِّ) من الأسماء الجميلة التي تُشعِر العبد بالأمان والطمأنينة
                              والسكينة .. فالله سبحانه هوَ ربُّ كلِّ شيءٍ وخالقُهُ، والقادرُ عليهِ، لا يَخْرُجُ شيءٌ عنْ رُبُوبِيَّتِهِ، وكلُّ مَنْ في السَّمَاواتِ والأرضِ عَبْدٌ لهُ في قَبْضَتِهِ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ .. وهوَ الذي يُرَبِّي عَبْدَهُ، فَيُعْطِيهِ خَلْقَهُ، ثُمَّ يَهْدِيهِ إلى مَصَالِحِهِ ..
                              فلا خالق إلا هو .. ولا مُدبِّر لأمركَ سواه .. ولا رازق لك إلاه ..


                              المعنى اللغوي
                              يرد اسم الربُّ على عدة معاني لغوية، منها:
                              1) الإصلاح .. قال الزجاجي: الربُّ: المصلح للشيء، يقال: رَبَبتُ الشيء أرُبُه رَبًا وربابة، إذا أصلحته وقمت عليه.
                              2) المالك .. ربُّ الشيء مالكه.
                              ومصدر الربُّ: الربوبية، وكل من ملك شيئًا فهو ربُّه، يقال: هذا ربُّ الدار وربُّ الضيعة، ولا يقال: "الربُّ" معرفًا بالألف واللام مطلقًا، إلا لله سبحانه؛ لأنه مالك كل شيء.
                              3) العبد الربَّاني .. وقال الجوهري: "الربَّاني: المُتَألِّهُ العارف بالله تعالى" .. أي العبد الذليل الخاضع المُحب لله تعالى، العارف بالله سبحانه .. فمن عَرِفَ الله أحبه وذلَّ بين يديه وعظمَّه حقَّ التعظيم.
                              4) سياسة الشيء وتدبير الأمر ..
                              قال ابن الأنباري "الرَّبُّ ينقسم على ثلاثة أقسام: يكون الربُّ المالك، ويكون الربُّ السيد المطاع .. ويكون الربُّ المُصلِح"
                              5) المُربِّي .. وقال الراغب "الربُّ في الأصل التربية، وهو إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حد التمام"


                              ورود الاسم في القرآن الكريم
                              ثبت الاسم في القرآن والسنة، فقد سمى الله تعالى نفسه بالربِّ على سبيل الإطلاق والإضافة، وكذلك سماه به رسوله ؛ فالإطلاق الذي يفيد المدح والثناء على الله بنفسه فكما ورد في قوله: { سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } [يس:58]، وكقوله: { بَلدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُور } [سبأ:15]،
                              وفي السنة ما رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه: أن رَسُول اللهِ قال: "أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ سبحانه، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ (أي: فأولى) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ " [رواه مسلم].
                              وَعَن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ في جَوْفِ الليْلِ الآخِرِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ" [رواه الترمذي وصححه الألباني].


                              معنى الاسم في حق الله تعالى
                              الربُّ سبحانه هو .. المتكفل بخلق الموجودات وإنشائها والقائم علي هدايتها وإصلاحها، وهو الذي نظَّم معيشتها ودبَّر أمرها .. يقول الله جلَّ وعلا { إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يُغْشِي الليْل النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ } [الأعراف:54]؛ فالربُّ سبحانه هو المتكفل بالخلائق أجمعين إيجادًا وإمدادًا ورعايةً وقيامًا على كل نفس بما كسبت، قال تعالى { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلى كُل نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد:33] .
                              وحقيقة معنى الربوبية في القرآن تقوم على ركنين اثنين وردا في آيات كثيرة:
                              الركن الأول: إفراد الله بالخلق، والثاني: إفراده بالأمر وتدبير ما خلق،
                              كما قال تعالى عن موسى وهو يبين حقيقة الربوبية لفرعون لما سأله {قَال فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (*) قَال رَبُّنَا الذِي أَعْطَى كُل شَيْءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه: 49,50]، فأجاب عن الربوبية بحصر معانيها في معنيين جامعين، الأول إفراد الله بتخليق الأشياء وتكوينها وإنشائها من العدم حيث أعطى كل شيء خلقه وكمال وجوده، والثاني إفراد الله بتدبير الأمر في خلقه كهدايتهم والقيام على شؤونهم وتصريف أحوالهم والعناية بهم، فهو سبحانه الذي توكل بالخلائق أجمعين قال تعالى: { اللهُ خَالقُ كُل شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُل شَيْءٍ وَكِيل } [الزمر:63].
                              قال السعدي "الربُّ: هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم. ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة" [تيسير الكريم الرحمن (1:945)]


                              حظ المؤمن من اسم الله تعالى الربِّ
                              1) أن يكتسي العبد بثوب العبودية، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية ..
                              لعلمه أن المنفرد بها من له علو الشأن والقهر والفوقية، فيثبت لله سبحانه أوصاف العظمة والكبرياء، ولا ينازع ربُّ العالمين في كمال شريعته أو يتخلف عن درب النبي وسنته.
                              2) أن يتقي العبد ربَّه فيمن ولاه عليهم ..
                              عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: أن رَسُول اللهِ دَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "أَفَلاَ تَتَّقِى اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ التِي مَلكَكَ اللهُ إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ " [رواه أبو داوود وصححه الألباني].
                              وألا يصف نفسه بأنه ربُّ كذا تواضعًا لربِّه وتوحيدًا لله في اسمه ووصفه، وإن جاز أن يصفه غيره بذلك .. فقد ورد عن أَبِى هريرة رضي الله عنه: أن رسول قال "لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلاَ يَقُولَنَّ الْمَمْلُوكُ: رَبِّى وَرَبَّتِي، وَلْيَقُلِ الْمَالِكُ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَلْيَقُلِ الْمَمْلُوكُ: سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي، فَإِنَّكُمُ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللهُ سبحانه" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
                              3) الرضــا بالله تعالى ربًّا ..
                              ومن كانت هذه صفته ذاق طعم الإيمان وحلاوته، قال رَسُولَ اللَّهِ "ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا" [صحيح مسلم]
                              4) أن يسعى العبد في تربية وإصلاح نفسه ..
                              فمن كل حينٍ لآخر عليه أن يبحث عن آفات نفسه وعيوبها، ويسعى في علاجها وتهذيب نفسه .. وقواعد إصلاح النفس وتهذيبها، هي:
                              القاعدة الأولى: الاستعانة بالله تعالى .. على تلك المهمة الصعبة القاسية، ويعلم إنه لن يُهذَّب إلا إذا شاء الله تعالى له ذلك.
                              القاعدة الثانية: الصدق والإخلاص في طلب التغيير .. فلن يتغيَّر إلا إذا كان صادقًا مخلصًا، وإذا صدق بُشِّر.
                              القاعدة الثالثة: معرفة عيب النفس .. ومن عرف نفسه، عرف ربَّه .. فعليه أن يُبصَّر بعيوبه، من خلال أمرين: الأول نقد الناقد ونصيحة الناصح .. وأن يُبصِّر الإنسان نفسه بعيوب نفسه، قال تعالى {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (*) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14,15]
                              القاعدة الرابعة: الشروع في إصلاح عيوب نفسه .. على علم وبصيرة، بالعلاج الذي يناسب آفاته وعيوبه.
                              5) التدرُّج والمنهجية في التعامل مع النفس ..
                              قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ "{.. كُونُوا رَبَّانِيِّينَ ..} [آل عمران: 79] .. الرَّبَّانِيُّ: الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ" [صحيح البخاري]
                              فعليك أن تتدرَّج في معاملتك لنفسك، فتبدأ معها بالأمور اليسيرة إلى أن تصل إلى الأصعب فالأصعب .. ويتضح ذلك في طريقك لطلب العلم، فينبغي أن تبدأ بتعلُّم الأمور الأساسية التي تُقيم بها دينك وتدرَّج بعدها حتى تصل إلى المسائل الصعبة .. أما إذا بدأت بصعاب الأمور، فلن تتمكن من إكمال الطريق وستتعثر لا محالة ..
                              قال رسول الله "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" [رواه أحمد وحسنه الألباني، صحيح الجامع (2246)]
                              فَإِنَّ الْمُنْبَتّ لَا أَرْضًا ... قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى


                              كيف ندعو الله تعالى باسمه الربُّ؟
                              ورد الدعاء بالاسم المقيد في نصوص كثيرة، كقوله تعالى { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّل مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَليم } [البقرة:127].
                              وأيضًا ما جاء في قوله تعالى: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِل عَليْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَةَ لنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلى القَوْمِ الكَافِرِينَ } [البقرة:286].
                              وقوله سبحانه: { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً } [الإسراء:80] .. وقوله: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].
                              وعن شدّاد بن أوسٍ رضي الله عنه: أن النبي قال: "سيِّد الاستغفار: اللهم أنتَ ربي لا إلهَ إلا أنت خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِكَ ووعدِك ما استَطعت أبُوءُ لك بنعمتك، وأبوءُ لك بذنبي فاغفِرْ لي؛ فإنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعت، إذا قال حينَ يُمسي فمات؛ دخل الجنَّة، أو كان من أهل الجنة، وإذا قال حِينَ يُصبح فمات من يومِه دخل الجنَّة" [صحيح البخاري]
                              المصادر:
                              • سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.
                              • كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي.
                              • كتاب (أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة) د/محمود عبد الرازق الرضواني.

                              التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 19-06-2014, 09:32 PM.
                              عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

                              تعليق

                              يعمل...
                              X