الرسالة الرمضانية الحادية عشرة : احذر
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..أما بعد .
أحبتي في الله ..
بدات الثلث الثانية ، وإن تفلت منا رمضان ولم نحقق ثمراته فبئس العاقبة ، فكما رفعنا من الأمس الشعار للايام القادمة - إن قدر الله لنا البقاء - " الآن قبل فوات الأوان "
استمع لهذا الحديث وأرعه سمعك وبصرك واجعله يزلزل كيانك لتعرف أن الموضوع في غاية الخطورة .
روى الطبراني وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" وَمَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ دَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللهُ وَأَسْحَقَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ "
هل تتصور أن العقوبة إن لم يغفر لك أن لو مت على ذلك أن تدخل النار ، وأن تكون من المبعدين عن رب العالمين . اللهم الطف بنا واغفر لنا .
هناك تحذيرات رهيبة في القرآن تحتاج أن نتدبرها حتى لا نقع تحت طائلة وعيدها :
أولا : كدر النفوس
قال تعالى : "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ " فالخاتمة هنا بذكر الحلم يعني أن الله يعلم ما في هذه النفوس من الكدر الذي يغضبه سبحانه وتعالى لكنه يحلم علينا ولا يعاجلنا بالعقوبة .
ولذلك قال : " يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ "
فحذار أن تترك تزكية نفسك "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا " الشمس 9
فهيا قل : اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها .
ثانيا : المخالفة
قال تعالى : "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ "
الله يحذر من تسول له نفسه أن يعصيه ويعصي رسوله ، وأن الحجة لو قامت على الإنسان ولم يستدرك أمره فالعقاب أليم ، ولاحظوا أن رمضان حجة لك أو عليك فاحذر .
" فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ "
ثالثا : فتن الأهل
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
احذر أن تنشغل بذاتياتك ودائرتك الصغيرة " زوجتك ..زوجك ..أولادك " فإنهم قد يفتنوك وعليك أن تتخذ معهم حسن الخلق وتحذر فتنتهم بالعمل الصالح .
قال صلى الله عليه وسلم : "«فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» [ متفق عليه ]
رابعا : فساد القلب
قال تعالى : "وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا "
فإذا رأى قلبك سيجد حبه والتعلق به ، أم حب الدنيا والانشغال بها فيغضب ، فاحذر غضبة الملك ، واصلح فساد قلبك بكثرة الاستغفار .
قال صلى الله عليه وسلم :" إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه " [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني ] .. فاحذروا فقطار رمضان لا يتوقف لأحد
هاني حلمي
تعليق