إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن



    حكى الإمام اللالكائي (ت 418هـ) مقالة السلف الصالح:
    أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأن من قال بخلقه فهو كافر،
    وأسندها إلى خمس مائة وخمسين إماماً، سوى الصحابة الأخيار - رضي الله عنهم

    ثم قال:
    «ولو اشتغلتُ بنقل قول المحدِّثين لبلغتْ أسماؤهم ألوفاً كثيرة، لكني اختصرت وحذفت الأسانيد للاختصار، ونُقلَتْ عن هؤلاء عصراً بعد عصر لا ينكِر عليهم مُنكِر، ومن أنكر قولهم استتابوه، أو أمروا بقتله، أو نفيه، أو صلبه»


    والأدلة على كون القرآن كلام الله غير مخلوق أكثر من أن تُحصَر
    ومن ذلك أن الله - تعالى - فرق بين الخلق والأمر في قوله تعالى
    {أَلا لَهُ الْـخَلْقُ وَالأَمْرُ}
    [الأعراف: 54]
    فالخلق خلق الله،
    والأمر: القرآن.
    كما فرَّق - سبحانه - بين عِلْمه وخَلْقه، فقال عز وجل
    {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإنسَانَ}
    [الرحمن: ١ - ٣]
    فالقرآن عِلمُه، والإنسان خَلْقُه؛ فعلمه تعالى غير مخلوق. قال سبحانه
    {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ}
    [آل عمران: 61]
    فالعلم هاهنا هو القرآن.


    وفي حديث خولة بيت حكيم - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

    «من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق، لم يضرَّه شيء حتى يرحل من منزله ذلك»

    أخرجه مسلم
    فكمات الله غير مخلوقة؛
    إذ لا يُشرَع الاستعاذة بمخلوق، وإنما يستعاذ بالله - تعالى - وبأسمائه وصفاته.


    وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    «فَضْل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه»

    أخرجه أحمد: 3/390، وأبو داود: (4734)، والترمذي: (2925) وصححه.


    فلو كان كلام الله مخلوقاً لم يكن فضل ما بينه وبين سائر الكلام كفضل الله على خلقه، وليس شيء من المخلوقين من التفاوت في فضل ما بينهما كما بين الله وبين خَلْقِه»


    فالقول بخلق القرآن كفر ظاهر؛
    إذ هو تكذيب لنصوص الوحيين، وإلحاد في أسماء الله وصفاته، وتعطيل لما يحب الله - عز وجل - من الكمال،
    أفيقال بعد هذا: إن هذه المسألة ليست من أصول الدين؟

    أيُظَن أن السلف الصالح يكفِّرون ويغلِّظون على من خالفهم في مسألة فروعية؟

    أيُظَن أن الإمام أحمد بن حنبل يُعرِّض نفسه للتلف لأجل مسألة يسوغ فيها الخلاف؟

    فلقد كابد الإمام أحمد السجن أكثر من عامين، وتخلَّى عنه الناس، وتوالت عليه السياط، وعانى الضرب الشديد حتى تخلَّعت يداه، وتفاقمت جروحه، ومُنِع من صلاة الجمعة والجماعة... أفيكون ذلك كله لأجل أمر اجتهادي؟ رحم الله الإمام علياً بنَ المدني؛ إذ يقول:
    «أعز الله الدين بالصدِّيق يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة»
    ، بل قال بِشْر الحافي بشأن الذين أجابوا في المحنة:
    «وددت أن رؤوسهم خُضِّبت بدمائهم، وأنهم لم يجيبوا».


    والمقصود أن القول بخلق القرآن من أشنع الزندقة وأخبثها
    ،
    وقد أدرك سلفنا الصالح فداحة هذه الزندقة ومآلاتها، وبيَّنوا مناقضتها لأصول الإسلام؛ سواء في الدلائل أو المسائل:

    فأما الدلائل:
    فإن القول بخلق القرآن باعثُه القياس الفاسد والعقل المريح؛ فهو تحاكم وتسليم لعلم الكلام والابتداع، وإعراض واعتراض على نصوص الوحيين (أصدق الكلام وخير الهدي)

    لقد أكمل الله تعالى لأمة الإسلام الدين وأتم عليهم النعمة:
    «فنحن نعلم أن كل حق يحتاج الناس إليه في أصول دينهم لا بد أن يكون مما بيَّنه الرسول - صلى الله عليه وسلم
    فكيف يجوز أن يترك الرسول أصول الدين التي لا يتم الإيمان
    إلا بها لا يبينها للناس؟


    وهذا مما احتج به علماء السُّنة على من دعاهم إلى قول الجهمية القائلين بخلق القرآن، وقالوا:
    إن هذا لو كان من الدين الذي يجب الدعاء إليه لعرَّفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ودعا أمته إليه... فكل من دعا إلى شيء من الدين بلا أصل من كتاب الله وسُنة رسوله لقد دعا إلى بدعته وضلالته»

    وأما مناقضتها لأصول الإسلام في مسائله: فهي تنقض أصلَي شهادة لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛
    فالقول بخلق القرآن تعطيل لرب العالمين - عز وجل - وطعن في الرسالة وإبطال للشرائع... وهذا قد جاء مبيَّناً في آثار السلف الصالح؛ فقد قال الإمام عبد الله بن إدريس:
    من قال القرآن مخلوق فقد أمات من الله شيئاً.

    «وقال الإمام أحمد بن حنبل:
    إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة.

    فأجاب أحمد بأنهم وإن لم يقولوا بخلق أسمائه فقولهم يتضمن ذلك، ونحن لا نشك في ذلك حتى نقف فيه»

    وقال عبد الله بن أيوب المخرمي:
    القرآن كلام الله غير مخلوق،
    ومن قال: إنه مخلوق، فقد أبطل الصوم والحج والجهاد وفرائض الله»


    وقد أوجز ابن تيمية هذا الطعن في الشهادتين لدى القائلين بخلق القرآن؛ فقال:

    «وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقَهم، وأن المقصود بقولهم: إن القرآن مخلوق أن الله لا يكلم ولا يتكلَّم، ولا قال ولا يقول، وبهذا تتعطل سائر الصفات: من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءتْ به الكتب الإلهية، وفيه أيضاً قدح في نفس الرسالة؛ فإن الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله، فإذا قُدِح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحاً في رسالة المرسلين، فعلموا أن في باطن ما جاؤوا به قدحاً عظيماً في كثير من أصلَي الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله»

    لقد كانت مقالة الأشاعرة في القرآن أقلَّ انحرافاً من مقالة المعتزلة؛
    فإن المعتزلة يزعمون أن القرآن مخلوق لفظاً ومعنىً، وأما الأشاعرة فيجعلون القرآن هو المعنى القائم بذات الله، وأما الحروف والأصوات فهي دالة عليه، وهي مخلوة. ومع ذلك فإن مقالة الأشاعرة قد آلت بالمتأخرين منهم إلى القول بأن المصحف ليس فيه إلا المداد والورق، فامتهنوا القرآن وداسوه بأرجلهم

    انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 8/425


    وأخيراً فإن المتعين الرسوخ في فقه هذه المسألة الجليلة، وإظهارها بين الخلائق، وبيان عمق علم السلف، وحِدَّة أفهامهم، ودرايتهم بمآلات الأقوال ولوازمها، خلافاً لمن تنكَّب سبيلهم فهوَّن من شأن هذه المسألة، وخاض فيها بالباطل، وانتقص أهل السُّنة، فجمع بين الجهل والظلم، فلا عِلْم مصدَّق ولا عدل محقَّق.
    وبالله التوفيق.

    د. عبد العزيز ال عبداللطيف


  • #2
    رد: في شهر القرآن ..مسألة خلق القرآن

    ما حكم من قال إن القرآن مخلوق،
    فالقول بخلق القرآن كفر
    وقد جاء ذلك عن كثير من السلف
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية حاكياً عن السلف:
    ولهذا كفروا من يقول إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة.
    انتهى من مجموع الفتاوى.

    والمعتزلة يقولون بخلق القرآن وينفون رؤية الله في الآخرة، وقد كفر السلف من يقول بذلك، لكن هناك فرق بين الحكم العام وتكفير المعين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ولكن المقصود هنا أن مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بين النوع والعين، ولهذا حكى طائفة عنهم الخلاف في ذلك ولم يفهموا غور قولهم، فطائفة تحكي عن أحمد في تكفير أهل البدع روايتين مطلقا حتى تجعل الخلاف في تكفير المرجئة والشيعة المفضلة لعلي وربما رجحت التكفير والتخليد في النار، وليس هذا مذهب أحمد ولا غيره من أئمة الإسلام، بل لا يختلف قوله إنه لا يكفر المرجئة الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، ولا يكفر من يفضل عليا على عثمان، بل نصوصه صريحة بالامتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم، وإنما كان يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته، لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة، ولأن حقيقة قولهم تعطيل الخالق، وكان قد ابتلي بهم حتى عرف حقيقة أمرهم وأنه يدور على التعطيل، وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والأئمة، لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به والذي يعاقبه، ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور يقولون بقول الجهمية، إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك، ويدعون الناس إلى ذلك ويمتحنونهم ويعاقبونهم إذا لم يجيبوهم ويكفرون من لم يجبهم، حتى أنهم كانوا إذا أمسكوا الأسير لم يطلقوه حتى يقر بقول الجهمية، إن القرآن مخلوق وغير ذلك.

    ولا يولون متوليا ولا يعطون رزقا من بيت المال إلا لمن يقول ذلك، ومع هذا فالإمام أحمد رحمه الله تعالى ترحم عليهم واستغفر لهم لعلمه بأنهم لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا وقلدوا من قال لهم ذلك، وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال: القرآن مخلوق: كفرت بالله العظيم، بين له أن هذا القول كفر ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك، لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها، ولو اعتقد أنه مرتد لسعى في قتله، وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم، وكذلك قال مالك رحمه الله والشافعي وأحمد في القدري: هل يكفر؟ فقال: إن جحد العلم كفر، وحينئذ فجاحد العلم هو من جنس الجهمية. انتهى من مجموع الفتاوى.

    والله أعلم.
    مركز الفتوى اسلام ويب

    تعليق


    • #3
      رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

      ما شاء الله
      جزاكم الله كل خير ابنتنا الفاضلة
      بارك الله فيكم ونفع بكم

      قال الحسن البصري - رحمه الله :
      استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
      [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


      تعليق


      • #4
        رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن


        وجزاكم الله كل خير وبارك فيكم والدنا الفاضل

        تعليق


        • #5
          رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

          ابن حنبل...... رجل الدفاع فى فتنة خلق القران
          ........ سيرته عطرة واخباره شيقة .............. انصح بقراءتها ...........
          طرح أكثر من رائع ....... جزاكم الله خيرا

          تعليق


          • #6
            رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

            شكرا لكم اختنا الكريمة
            كان نفسي من زمان أقرأ عن هذه المسألة
            الموضوع ممتاز وكدا

            قال الحسن البصري - رحمه الله :
            استكثروا في الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعةً يوم القيامة".
            [حصري] زاد المربين فى تربية البنات والبنين


            تعليق


            • #7
              رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

              وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيراا ونفع بكم:
              رحمك الله يا أمي
              ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق!".الشافعي رحمه الله
              وظني بكـَ لايخيبُ

              تعليق


              • #8
                رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن


                تعليق


                • #9
                  رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

                  بارك الله فيكم وجزاكم كل خير

                  تعليق


                  • #10
                    رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

                    جزاكم الله خيرا ونفع بكم
                    ويل لمن أدرك رمضان ولم يغفر له.
                    هل لكِ في دعاء طويل لا تقومى منه حتى يتوب الله عليك.
                    هل لك في بكاء غزيز في ليلة من ليالي رمضان ترجو به العتق من النار.
                    هل هناك فرصة مثل هذه الفرصة في أن تتوبى من سماع المغنين والمغنيات،
                    ومشاهدة القنوات الفاضحات،
                    أسرعى قبل أن يأتي يوم لا تقال فيه العثرات، ولا تستدركى الزلات، فإن لم يكن اليوم فمتى؟


                    تعليق


                    • #11
                      رد: في شهر القرآن .. مسألة خلق القرآن

                      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                      جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم
                      وتقبل الله منكم

                      تعليق

                      يعمل...
                      X