اكرام الضيف بشهر رمضان
والضيف عند الكرماء يُتلقى ويُستقبل ساعة حضوره بالحفاوة والبشر والسعادة وبكل ما يرغبه الضيف ويحبه* وليس من عادات الناس " حساب " وقت قدوم الضيف بل متى جاء استقبل، ولا يجمل بالكرام تسفيه الضيوف واقتراف ما يخالف حق ضيافتهم.
وأما المعلم فيستفاد من علمه وآثاره ويقتبس من أدبه وإشراقاته* وحقيق بنا معاشر الطلاب ألا نسيء للمعلم بالانصراف عنه إلى متع زائلة ولذائذ متحولة، وواجب علينا ألا ندع المعلم وحيداً وننساق خلف أهل المجون والفسوق لأننا حينها سنخسر مرتين: فوات العلم وضياع العمر بالسفاسف.
ومن تقدير الضيف والمعلم ألا يعمل أحد بحضرته ما يكره أو ما يسوءه* والعجب يتوالى من أناس لا تحلو لهم المعاصي إلا في رمضان* ويزداد العجب من فئام يتمالئون على إفساد فرحة قدوم الضيف وصرف المضيفين والمتعلمين عن علومه وفيوضه ونفحاته، ووالله لو أن هذا الضيف احتجب عن الناس أو ارتفع من دنياهم بسبب هذا السوء المتناسل والبلاء المتتايع لما كان أمراً مستكثراً منه* غير أن فضل الله بعباده ورحمته بهم اقتضت ألا يكون ارتفاع أو احتجاب ونضرع إلى الرحمن الرحيم ألا يحرمنا بركة هذا الموسم وخيريته.
ومن العلوم الرمضانية الجليلة: تغيير العادات، وليس أضعف من إنسان تأسره عادة ولا أصعب من حياة تسير على نمط واحد فقط. وفي تغيير العادات تكييف على العيش مع أكثر من حال دون الإدمان على حالة واحدة طوال العمر ومن غير صعوبة الانفكاك عن بعض المرفهات.
ومن خيرات رمضان بعد كسر العادات: الانتصار على الشهوات، فللبطن والفرج واللسان والعين والأذن شهوات قد يعتقد صاحبها أن لا خلاص منها فيأتي رمضان مفنداً هذه الحيلة الشيطانية والأكذوبة النفسية ويقول للناس: ها قد صبرتم ساعات وأياماً فمتى تقلعون عما حرم الله؟
ولا تنكسر العادة وتخف دواعي الشهوة إلا بصبر جميل، والصبر قيمة إيجابية لا سلبية وقوة لا ضعف وعمل لا نكوص وكم نحن بحاجة لتعلم الصبر وفنونه وطول النفس والانتظار حتى نصبر على تقويم أنفسنا وننتظر نضوج مشاريعنا على نار هادئة* وينتسب جزء من بلاء الأمة لمن لم يصبر فاستعجل!
وإذا ما حل الأضياف في مكان كانوا سبباً في إزالة الشحناء والتواصل بين المتقاطعين وتجاور الفرقاء وربما تبادلوا الأحاديث الودية، فلم لا نجعل من هذا الموسم المعظم فرصة لإزالة ما بنفوسنا من إحن وخلافات على مستوى الأفراد والتجمعات والدول، ومن أحق الناس بالاستفادة من هذه الفرصة الأخيار من المعتنين بالعمل الإسلامي والنفع المتعدي.
تعليق