لقد أقبل عليكم شهر عظيم مبارك كنتم قد وعدتم أنفسكم قبله أعواماً و مواسم، و لعل بعضاً قد أمل و سوف و قصر فها هو قد مد له في أجله و أنسى له في عمره فماذا عساه فاعل؟ ؟.
إن بلوغ رمضان نعمة كبرى، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون.
إن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة و اغتنام هذه الفرصة.
إنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة، أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بحديثه على منبره في مساءلة بينه و بين جبريل الأمين: " من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ".
من حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي؟ ؟. إن بلوغ الشهر أمنية كانت يتمناها نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - و يسألها ربه حتى كان يقول: " اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان ".
إن العمل الجد لا يكون على تمامه و لا يقوم به صاحبه على كماله إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ، فيستثير في النفس همتها و يحدوه الشوق بمحبة صادقة و رغبة مخلصة.
و في مقام الاستقبال و الترحيب بشهر رمضان المعظم يقول - عليه الصلاة والسلام - مخاطباً أصحابه و أمته من بعدهم: " أتاكم رمضان سيد الشهور فمرحباً به و أهلاً ". " و في حديث عبادة: أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، و يحط الخطايا، و يستجيب الدعاء. ينظر الله إلى تنافسكم فيه و يباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً. فإن الشقي من حرم - رحمه الله - ".
جدير بشهر هذه بعض أسراره، وتلك بعض خصاله أن يفرح به المتعبدون، و يتنافس في خيراته المتنافسون أين هذا من أناس استقبالهم له تأفف، و قدومه عليهم عبوس لقد هرم فيه أقوام فزلت بهم أقدام.
اتبعوا أهواءهم، فانتهكوا الحرمات، و اجترأوا على المعاصي، فباءوا بالخسار في الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد وصنوف المطاعم و المشارب، يقضي نهاره نائماً، ويقطع ليله هائماً. وفيهم من رمضانه بيع و شراء، يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات، و شهود الصلوات في الجماعات.
فهل ترى أضعف همةً و أبخس بضاعةً ممن أنعم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثم لم يتعرض فيه للنفحات؟ ؟. معاشر الأحبة: ذلكم هو الصيام و أولئك هم الصائمون. أين هؤلاء من أقوام لا يرون في الصوم إلا حرماناً لشهواتهم العارمة و غرائزهم الجامحة، فوجوههم لاستقبال شهرهم عابسة، و صدورهم به ضائقة، و نفوسهم فيه منقبضة.
ناهيك بأقوام يتمتعون في بأنواع من المعايش، و ألوان من المطاعم و المشارب، يسرفون على بطونهم بالأكل حتى تمرض، و على جيوبهم بالإنفاق حتى تنفذ، ينفق أحدهم في شهره ما يوازي إنفاقه في عامه كله أو يكاد. استهلاك الأغذية عندهم يتضاعف في رمضان، إن هؤلاء المغفلين يجوعون في النهار ليزداد نهمهم بالليل. أي مسكنة بعيش فيها هؤلاء؟؟ إنهم لم يأخذوا من الحياة سوى جانبها الفضولي العابث، يتأثرون و لا يؤثرون، و لقد قال بعض الفضلاء: (لو صام المسلمون اليوم صوماً صادقاً خالصاً لتخلصوا من مصائب أنفسهم و شرور أعمالهم، و لو صدقوا لما استطاع عدو أن يحيك لهم المؤامرات و الدسائس و الفتن)
أي فائدة أن يمسك بعض الناس عن الطعام و الشراب و لكنه في سلوكه و أعماله مجموعة من المتناقضات و المهملات عبثاً و لهواً و ضياعاً. أي مفهوم معكوس لدى بعض المسلمين حين يسهرون في رمضان لتسلية فارغة و لغو طويل، بل إنهم ليعدون لأنفسهم برامج خاصة كلها لهو و ضحك و مجون. وهذا ما تفعله وسائل الفساد والإفساد من صد للناس عن طاعة ربهم وعبادته. السهر في الليل أيها الأخوة و كما يعلم العقلاء و الفضلاء لا يكون إلا لشرطي يحرس الأمن و جندي يحمي الثغر و طبيب يرعى مريضاً و متعلم يستدرك و يستذكر و عامل في نوبة ليلية، و ما عدا ذلك فلا يكون السهر إلا لمجتهد يتجافى جنبه عن المضجع يدعو ربه خوفاً و طمعاً و يقطع ليله تسبيحاً و قرآناً إن حقا على المسلمين أن يبكوا و لا يضحكوا و أن يجدوا و لا يهزلوا، أين الإحساس بضراوة العدو و شراسة الكائدين. إن أوصالاً كبيرة من جسد الأمة تقطع و تنتقص، و تعيش وطأة من الذل و الاستعباد، و الفقر و الإبادة، و الأبعاد و التشريد
اتقوا الله، و أكرموا هذا الوافد العظيم، جاهدوا النفوس بالطاعات. ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات، استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله.
جددوا العهد مع ربكم، و شدوا العزم على الاستقامة، فكم من مؤمل بلوغه أصبح رهين القبور فبادروا وفقكم الله إلى الخيرات و أصلحوا من أحوالكم، فالمسئولية عظمى و المحاسبة دقيقة. و لقد أوصى أبو ذر - رضي الله عنه - أصحابه يوماً فقال: (إن سفر القيامة طويل فخذوا ما يصلحكم، صوموا يوماً شديد الحر لحر يوم النشور، و صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور و تصدقوا بصدقة السر ليوم عسير). و لما قيل للأحنف بن قيس إنك شيخ كبير و إن الصوم يضعفك قال: (إني أعد لسفر طويل و الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله). فاستكثروا من الطاعات و النوافل من بعد الفرائض، و اسعوا في قضاء حوائج المحتاجين و تفقد أحوال المساكين. اللهم بلغنا رمضان، و وفقنا لصيامه و قيامه، و اقبلنا فيه، و تقلبه منا، اللهم زدنا و لا تنقصنا، و أعطنا و لا تحرمنا، و أكرمنا و لا تهنا، و آثرنا و لا تؤثر علينا، و أرضنا و ارض عنا، و اجعلنا مجتمعين غير متفرقين، مغفوراً لنا إنا كنا مذنبين، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، و كفر عنا سيئاتنا، و أجزل حسناتنا، و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
إن بلوغ رمضان نعمة كبرى، يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون.
إن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة و اغتنام هذه الفرصة.
إنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة، أي خسارة أعظم من أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بحديثه على منبره في مساءلة بينه و بين جبريل الأمين: " من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ".
من حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي؟ ؟. إن بلوغ الشهر أمنية كانت يتمناها نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - و يسألها ربه حتى كان يقول: " اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان ".
إن العمل الجد لا يكون على تمامه و لا يقوم به صاحبه على كماله إلا حين يتهيأ له تمام التهيؤ، فيستثير في النفس همتها و يحدوه الشوق بمحبة صادقة و رغبة مخلصة.
و في مقام الاستقبال و الترحيب بشهر رمضان المعظم يقول - عليه الصلاة والسلام - مخاطباً أصحابه و أمته من بعدهم: " أتاكم رمضان سيد الشهور فمرحباً به و أهلاً ". " و في حديث عبادة: أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، و يحط الخطايا، و يستجيب الدعاء. ينظر الله إلى تنافسكم فيه و يباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً. فإن الشقي من حرم - رحمه الله - ".
جدير بشهر هذه بعض أسراره، وتلك بعض خصاله أن يفرح به المتعبدون، و يتنافس في خيراته المتنافسون أين هذا من أناس استقبالهم له تأفف، و قدومه عليهم عبوس لقد هرم فيه أقوام فزلت بهم أقدام.
اتبعوا أهواءهم، فانتهكوا الحرمات، و اجترأوا على المعاصي، فباءوا بالخسار في الناس من لا يعرف من رمضان إلا الموائد وصنوف المطاعم و المشارب، يقضي نهاره نائماً، ويقطع ليله هائماً. وفيهم من رمضانه بيع و شراء، يشتغل به عن المسابقة إلى الخيرات، و شهود الصلوات في الجماعات.
فهل ترى أضعف همةً و أبخس بضاعةً ممن أنعم الله عليه بإدراك شهر المغفرة ثم لم يتعرض فيه للنفحات؟ ؟. معاشر الأحبة: ذلكم هو الصيام و أولئك هم الصائمون. أين هؤلاء من أقوام لا يرون في الصوم إلا حرماناً لشهواتهم العارمة و غرائزهم الجامحة، فوجوههم لاستقبال شهرهم عابسة، و صدورهم به ضائقة، و نفوسهم فيه منقبضة.
ناهيك بأقوام يتمتعون في بأنواع من المعايش، و ألوان من المطاعم و المشارب، يسرفون على بطونهم بالأكل حتى تمرض، و على جيوبهم بالإنفاق حتى تنفذ، ينفق أحدهم في شهره ما يوازي إنفاقه في عامه كله أو يكاد. استهلاك الأغذية عندهم يتضاعف في رمضان، إن هؤلاء المغفلين يجوعون في النهار ليزداد نهمهم بالليل. أي مسكنة بعيش فيها هؤلاء؟؟ إنهم لم يأخذوا من الحياة سوى جانبها الفضولي العابث، يتأثرون و لا يؤثرون، و لقد قال بعض الفضلاء: (لو صام المسلمون اليوم صوماً صادقاً خالصاً لتخلصوا من مصائب أنفسهم و شرور أعمالهم، و لو صدقوا لما استطاع عدو أن يحيك لهم المؤامرات و الدسائس و الفتن)
أي فائدة أن يمسك بعض الناس عن الطعام و الشراب و لكنه في سلوكه و أعماله مجموعة من المتناقضات و المهملات عبثاً و لهواً و ضياعاً. أي مفهوم معكوس لدى بعض المسلمين حين يسهرون في رمضان لتسلية فارغة و لغو طويل، بل إنهم ليعدون لأنفسهم برامج خاصة كلها لهو و ضحك و مجون. وهذا ما تفعله وسائل الفساد والإفساد من صد للناس عن طاعة ربهم وعبادته. السهر في الليل أيها الأخوة و كما يعلم العقلاء و الفضلاء لا يكون إلا لشرطي يحرس الأمن و جندي يحمي الثغر و طبيب يرعى مريضاً و متعلم يستدرك و يستذكر و عامل في نوبة ليلية، و ما عدا ذلك فلا يكون السهر إلا لمجتهد يتجافى جنبه عن المضجع يدعو ربه خوفاً و طمعاً و يقطع ليله تسبيحاً و قرآناً إن حقا على المسلمين أن يبكوا و لا يضحكوا و أن يجدوا و لا يهزلوا، أين الإحساس بضراوة العدو و شراسة الكائدين. إن أوصالاً كبيرة من جسد الأمة تقطع و تنتقص، و تعيش وطأة من الذل و الاستعباد، و الفقر و الإبادة، و الأبعاد و التشريد
اتقوا الله، و أكرموا هذا الوافد العظيم، جاهدوا النفوس بالطاعات. ابذلوا الفضل من أموالكم في البر والصلات، استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله.
جددوا العهد مع ربكم، و شدوا العزم على الاستقامة، فكم من مؤمل بلوغه أصبح رهين القبور فبادروا وفقكم الله إلى الخيرات و أصلحوا من أحوالكم، فالمسئولية عظمى و المحاسبة دقيقة. و لقد أوصى أبو ذر - رضي الله عنه - أصحابه يوماً فقال: (إن سفر القيامة طويل فخذوا ما يصلحكم، صوموا يوماً شديد الحر لحر يوم النشور، و صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور و تصدقوا بصدقة السر ليوم عسير). و لما قيل للأحنف بن قيس إنك شيخ كبير و إن الصوم يضعفك قال: (إني أعد لسفر طويل و الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذاب الله). فاستكثروا من الطاعات و النوافل من بعد الفرائض، و اسعوا في قضاء حوائج المحتاجين و تفقد أحوال المساكين. اللهم بلغنا رمضان، و وفقنا لصيامه و قيامه، و اقبلنا فيه، و تقلبه منا، اللهم زدنا و لا تنقصنا، و أعطنا و لا تحرمنا، و أكرمنا و لا تهنا، و آثرنا و لا تؤثر علينا، و أرضنا و ارض عنا، و اجعلنا مجتمعين غير متفرقين، مغفوراً لنا إنا كنا مذنبين، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، و كفر عنا سيئاتنا، و أجزل حسناتنا، و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
تعليق