رمضان سلاح ذو حدين ..
ومن المخاوف التي عليك أن تحذر منها في رمضان:
1) أنه تُضاعف فيه السيئــات كما تُضاعف فيه الحسنـــات ..
فالله تعالى يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل، ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخل .. وذلك أن المؤمن يعد فيه النفقة للقوة في العبادة، ويعد فيه المنافقين اغتياب المؤمنين، واتباع عوراتهم .. فهو غنمٌ للمؤمن، وغرمٌ على الفاجر.
فاحذر أن يكون رمضان حُجةٌ عليك وليس لك .. فعليك أن تبذل قصارى جهدك من الآن وتُثبت أنك بحق راغبٌ في فضائل رمضان وأن تُعتق رقبتك من النار .. وإيــــاك أن تتكاسل عن أي باب من أبواب الخير التي تستطيع السعي فيها.
2) أنه شهر الحرمان، كما إنه شهر الرحمة والعتق من النيران ..
فمن لن ينـــال جائزة المغفرة في رمضان، ستكون عاقبته البُعد والحرمان من رحمة الله عزَّ وجلَّ ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أتاني جبريل فقال: يا محمد، من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. قال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (75)]
3) أنه شهر الغفلة ..
فلابد أن تمر بغفلات في رمضان ككل عام، في البداية يدخل الجميع على رمضان بهمة ونشاط ثم يتسلل الفتور والتكاسل إلى النفوس وهذا حال الغافلين ..فاحذر أن تقتل الغفلة إيمانك ..
يقول ابن الجوزي "لا ينال لذة المعاصي إلا سكران الغفلة، فأما المؤمن، فإنه لا يلتذ" [صيد الخاطر (1:38)] .. فإن كنت تستمع بالمعصية، فاعلم أنك غارقٌ في الغفلة ولن تستيقظ منها حتى في رمضان.
أما المؤمن إذا اخطأ، فإنه يندم ويتوب ويستغفر ربَّه ..
قال رسول الله "ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا. إن المؤمن خُلِقَ مفتنًا توابًا نسيًا، إذا ذُكِّرَ ذكر" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (5735)]
قال رسول الله "ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا. إن المؤمن خُلِقَ مفتنًا توابًا نسيًا، إذا ذُكِّرَ ذكر" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (5735)]
4) احذر عقوبة الاستدراج ..
فإن كانت أحوالك الإيمانية متدهورة، ومع ذلك لازال الله تعالى يُغدق عليك بالنعم الدنيوية وتظن أنك في أفضل حـــال .. فاحذر أن يكون ذلك استدراجًا!،
يقول رسول الله "إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج" ثم تلا {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] [رواه أحمد وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة (413)]
يقول رسول الله "إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج" ثم تلا {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] [رواه أحمد وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة (413)]
{.. مُبْلِسُونَ ..}، أي: آيسون من كل خير، وهذا أشد ما يكون من العذاب، أن يؤخذوا على غرة، وغفلة وطمأنينة، ليكون أشد لعقوبتهم، وأعظم لمصيبتهم. [تفسير السعدي]
وقد تكون مُعاقب وأنت لا تدري .. يقول ابن الجوزي "فلا ينبغي أن يغتر مُسَامَح، فالجزاء قد يتأخر. ومن أقبح الذنوب التي قد أعد لها الجزاء العظيم: الإصرار على الذنب" [صيد الخاطر (1:38)]
وقال أيضًا "وربما كان العقاب العاجل معنويًا، كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب! كم أعصيك ولا تعاقبني!، فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري! أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟" [صيد الخاطر (1:65)]
فإن كنت تقع في ذنبٍ ما ومع ذلك لا تجد له عقوبة، فلا تتعجب عندما لا تجد قلبك في رمضان!
5) ظلمات الإصرار على الذنب ..
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم، ويلٌ لأقماع القول، ويلٌ للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون" [رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2257)]
وأقماع القول هم الذين قلوبهم كالقُمع، يستمعون إلى آيات القرآن والمواعظ ولا تتأثر قلوبهم بها .. أما المصرون فهم الذي يصرون على الذنوب الصغيرة ويظلون يفعلونها حتى يصلون إلى مرحلة الإدمان .. وهؤلاء قد توعدهم النبي بالويل، وهو وادٍ في جهنم.
فاحذر من الإصرار على الكثير من الذنوب التي قد أعتادها الناس، كالإختلاط وإطلاق البصر ومشاهدة الأفلام وسماع الأغاني والتعاملات الربوية وغيرها الكثيـــر ..
فالإصرار على تلك الذنوب يُفسد عليك حيـــاتك كلها، ويُضيِّع منك فرص المغفرة في رمضان،،
6) استصغـــار الذنوب ..
قال بعضهم "الذنب الذى لا يُغفر قول العبد: ليت كل ذنبٍ عملته مثل هذا، وإنما يعظم الذنب في قلب المؤمن لعلمه بجلال الله فإذا نظر إلى عِظَم من عُصِيَ به رأى الصغيرة كبيرة" [إحياء علوم الدين (4:32)] ..
ومن الإصرار السرور بالصغيرة والفرح بها، والتهاون بستر الله عليك فيها.
ومن الإصرار السرور بالصغيرة والفرح بها، والتهاون بستر الله عليك فيها.
7) خصلة نفاق في قلبك تقطع عنك مدد ربِّك ..
ولكي تعلم إن كنت مصابًا بإحدى خصال النفاق أم لا، اعرض تلك الأسئلة على قلبك:
عن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" [متفق عليه]
1) هل باطنك بخلاف ظاهرك؟
2) هل تكذب أحيانًا؟
3) هل تخون الأمانة؟ .. هل أذنبت ذنبًا خنت فيه ربَّك؟
4) هل غدرت بأحد العهود التي عهدتها؟
5) هل خاصمت أحدًا فدعاك الغضب أن تظلمه؟
6) هل أنت جريء عند ارتكاب الذنب في بعض الأحيـان؟ وهل تجاهر بذنبك؟
7) هل أنت مجادل بالباطل؟؟ .. فتعترض على الأوامر الشرعية، وتبحث عن مبررات واهية للهروب من أحكام الشرع ..
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان (أي: الفُجر والاعتراض على أوامر الشرع) شعبتان من النفاق" [رواه الترمذي وصححه الألباني]
8) هل أنت بخيل على الله بجهدك؟ .. هل تبخل أن تصلي لله ركعتين؟ هل تبخل على الله بمالك؟
9) هل دائمًا تشعر بالعجز وعدم القدرة على الفعل؟ .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشح والعجز والبذاء من النفاق" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2630)]
10) هل تشعر أحيانًا أنك ذو وجهين؟ .. قال صلى الله عليه وسلم "من كان له وجهان في الدنيا، كان له يوم القيامة لسانان من نار" [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
هل أنت ولي مع الصالحين؟ ومع الفجار أستـــاذ؟!
11) هل تتعلم وتزداد علمًا يومًا بعد يوم؟ أم إنك لا تعرف شيئًا عن الله تعالى؟
عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت ولا فقه في الدين" [رواه الترمذي وصححه الألباني]
12) هل تعمل بما تتعلم؟ ..قال صلى الله عليه وسلم " أكثر منافقي أمتي قراؤها" [رواه الطبراني وصححه الألباني، صحيح الجامع (1203)] .. أي: الذين يتعلمون ولا يعملون.
13) هل أنت كسول؟ .. قال تعالى {.. وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54] .. فالمنافقون يصلون ويتصدقون، فكيف بمن لا يصلي ولا ينفق؟!
لعلك تتساءل الآن، كيف نتخلَّص من تلك المخاوف في رمضان هذا العام والأعوام القادمة بمشيئة الله؟! ترقب المقال القادم
تعليق