المحب والأجير
المحب يعرف وجهته، ويعرف ماذا يريد، إذاً عنده شرف الغاية، ومعه دليل السيرحتى لا يضل، لما؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال كما في الحديث الثابت:" وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة" قالوا من هي يا رسول الله؟، قال:" ما عليه اليوم أنا وأصحابي".
فالذي يسير في طريق ليس فيه علامات، لكن هذا الطريق فيه منازل كثيرة (أنا أسير على طريق سريع، أجد مَنزلا، لكن لا أعرف أين يؤدي؟ ثم أجد مَنزلا آخر، لكن ليس مكتوبا ما هو، كلما أمرّ عدّة كيلو مترات، أجد مَنزلا، وأنا أريد أن أذهب إلى جهةٍ معينة!)، بالله عليك هل هذا المسافر أو هذا الراكب، يستطيع أن يصل إلى الجهة التي يريدها، مع عدم وجود علامات في الطريق؟هذا مستحيل أن يصل!، إلا أنه ينزل كل مَنزل، ثم يكتشف أنه ليس هو، فيبحث ويخرج مرة أخرى، فيضيع عمره في البحث عن المَنزل الذي يريده، وقد يموت... ولا يصل!
فلهذا الرسول عليه الصلاة والسلام لمّا سُئِلَ عن المَنزل الذي ينزل منه هذا الرجل قال:" ما عليه اليوم أنا وأصحابي".إذاً لابد أن يكون معك دليل الشيء، كيف تسير.
المحبّون:لا يخطئون ولا يزلّون، حتى إذا زلّوا وأخطئوا، ولكنّ أقدامهم لا تفارق الطريق
الأجير: الذي يعمل بالأجرة، هذا وإن كان على الطريق، إلا أنه فاته خيرٌ كثير، أعظمه أن يستمتع بهذاالإسلام.
ثم عقب فضيلته علي من يكثرون من الختمات في رمضان:
يختم كل ثلاث أو أربع أيام ختمة، ويقول: أريد أن أختم عشر ختمات في شهر رمضان، هذا كلام جميل وأنا لا أخذل عنه، لأن كل حرف عشر حسنات وهمه آخر السورة. كي يحصل الحسنات.
المقصد الأعظم من القرآن.
القرآن عندما نزل، كان المقصد الأعظم منه، هو أن تعي عن الله _عز وجل, ربع تأمل ربما كان خيراً للعبد وأجدى عليه، على قلبه، وعلى حياته، من أن يقرأ القرآن عشر مرات.أن يقف إلى قول ﴿يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا﴾ ماذا يريد ربّي مني؟، وهل أنا صار لي شرف الالتحاق بزمرة " الَّذِيْنَ آمَنُوْا " حتى أدخل تحت هذا الخطاب؟
أكثر الصحابة لم يختموا القرآن حفظاً! إنما كانوا معدودين:
كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص أحد الذين ختموا القرآن الذي نزل في زمان النبي صلى الله عليه و سلم، أي لمّا مات رسول الله عليه الصلاة والسلام كان عبد الله بن عمرو بن العاص يحفظ كل القرآن المنَزّل، وكان ممِن يقومون الليل ويصومون النهار، .
لكن كثير من الصحابة ما كانوا يحفظون القرآن من أوله إلى آخره، لكنهم كانوا يتأدبون بآياته.
ولذلك كان من فقه الواحد منهم، أنه ربّما أمضى ليلةً كاملةً يقوم الليل، لا يتجاوز الآية الواحدة، لأنه لمّا قرأها تداعت، معاني الآية إليه، فلميستطع أن يتجاوزها
كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل أحياناً، قام ليلةًً كاملة، بقول الله عز وجل ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(المائدة:118).
وقام تميم الداري ليلةً كاملةً بآية﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾(الجاثية:21).
أي أن الذين اجترحوا السيئات، أهُم عند الله _تبارك وتعالى_ كالذين عملوا الصالحات سواء في المحيا والممات؟ ساء ما يحكمون.... لا يستويان.
كلمة (اجترحوا السيئات) أنت عندما تقرأ هذه الآية، ربّما وقفت على سيئاتك أنت في حياتك الماضية، واستدعيت الذاكرة، وأمرت الذاكرة أن تستدعي حياتك كلها الماضية،( عملت ذنب كذا، وذنب كذا، وهذا الذنب فعلته مائة مرة، وهذا مائتين مرة...إلخ)، وربما كان في مظالم، ظلمت ناساً من الناس، وربما تأتي صورة المظلوم، وهو مكسورٌ أمامك، وأنت تفتري عليه، و أنت تعذبه مثلا وأنت تأخذ ماله! يأتي وهو مكسور، (هناك بعض الأطباء بعد ما استيقظ ضميرهم لكن بعد ما حقت عليهم كلمة الله عز وجل وانكشف أمرهم).
يسرد الشيخ حفظه الله قصة الطبيب الذي أجري جراحة لميت:
يقول أحد الأطباء أنه كان من المرات التي لا ينساها، رجل فقير جداً و معوز، وجاء يريد أن يعمل عملية، وكان الرجل في النزع الأخير، وجاءت امرأة هذا الرجل وكانت امرأة قروية، ليس عندها إلا بهيمة واحدة، فقالت له: أنا فقيرة وليس عندي مال، اعمل له العملية (لأن العملية مستعجلة!)، قال وتحجر قلبه: لابد أن يوضع المال أولا على الطاولة، قبل أن أعمل شيء, لن أضع المشرط في جسده قبل أن آخذ المال، ذهبت وباعت ما يخصها في البلد، وأتت له بالمال، وعندما دخل ووضع على طاولة العمليات، مات قبل أن يفتح له بطنه، وهو ميت فتح له بطنه, وعمل نفسه كأنه يعمل العملية.وخاطه وأخذ المال, يقول الطبيب هذا الرجل: المريض يأتي لي كل فترة في المنام... كابوس, فمثل هذا الطبيب عندما، تأتي له صورة المريض عندما يقرأ قوله تعالي﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾(الجاثية:21) الآية،يمكن أن يقف الإنسان لا يستطيع أن يتجاوز الآية، متأملاً, ربّما يكون من عائدة هذه الآية، ومن فائدتها عليه، أن يخرج من هذه المظالم، وهذه هي بركة القرآن، وبركة تدبّر آيات القرآن ( وليس أن أقرأ سريعاً، ولا أفهم ما أقرأ ما أنزل الله _عز وجل _القرآن لهذا أبداً! إنّما أنزل القرآن لنتدبّره وأمرنا بأن نتدبّر القرآن في آياتٍٍ كثيرة..
سفيان الثوري رحمه الله كان من الذين فعلوا ذلك:ووقف على قوله تعالى﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾(الزمر:47) وقف ولم يستطع تجاوز الآية.
كثير من الناس يقول: إن لي الحسنى، والله عز وجل سيغفر لي، وسأسبقكم كلكم إلى الجنّة، القصة ليست قصة صلاة ولا صوم إلخ، القصة قصة قلبٌ أبيض.
المراد بالقلب الأبيض:
البياض الذي يقصده، لا يمكن أن يتأتّى إلا بالأعمال الصالحات، إن الله عز وجل قرن ويقرن دائماً الإيمان بالعمل الصالح ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾..
فهذا الذي يتصوّر لأنّه عنده أموال، فرصف طريق، أو بنى مستشفى، أو رمي الفتات إلى المساكين، أو عمل موائد رحمن إلخ، فيظن أنه بذلك وصل، وأنه عندما يذهب لله تعالى سيكون بخير وعلى جوادٍ مطهّر ويدخل الجنّة, والملائكة تقول: سلامٌ عليكم..
هذا واهم، أهل الورع الحق، إذا أدركهم الورع، تلبستهم منزلة الخوف، لولا أن الله_ عز وجل_ يمنّ عليهم بالرجاء، لكفروا.
لن يصل الإنسان إلى ربه بسلام إلا إذا خلط الخوف بالرجاء.
ولذلك من يعبد الله بالخوف المحض، ييأس، ومن عبد الله عز وجل بالرجاء المحض، يغتر. ولا يصل رجلٌ بسلامٍ إلى ربّه، إلا إذا خلط الخوف بالرجاء.
كلما أدركه الخوف أدخل عليه الرجاء، فيأمل في رحمة الله، وكلما غلب عليه الرجاء وسيكسل عن العمل، يدخل الخوف يوقظه لأن الخوف سوطٌ مزعج.
فسفيان الثوري عندما يقف على الآية ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾(الزمر:47) فهمها.
لن يصل الإنسان إلى حقيقة معاني كتاب الله إلا إذا كان عنده فضل إطلاع.
ولذلك عندما يقرأ الإنسان ربع واحد، يقف عليه ويتأمل فيه، و لن يصل إلى حقائق المعاني إلا إذا كان عنده فضل إطّلاع، لن يأتي شخصٌ جاهل ليس عنده ولو كتاب تفسير، ولا يعرف العربية، ويفتح القرآن ويفهم شيء.
لكن على الأقل لابد أن يحاول، لأنه قد يقول بعض الناس أنا أميّ لا أقرأ ولا أكتب ماذا أفعل؟ إذاً عليه أن ينصت إلى العلماء والى أهل العلم، لا سيما المتخصصين في هذا الباب، الذين يغوصون على معاني القرآن، ويعطي هذا المعنى اهتماما بالغاً.
الذي يستطيع أن يقرأ، لابد أن يأتي بتفسير واثنان وثلاثة، ثم يتأمل، قد تعرض له مشاكل في الآيات، أو تعرض له في معاني الآيات، فحين إذٍ يسأل أهل العلم عن المعاني هذا لا شك أنه يستفيد، لكن الذي همه أن يعمل ختمه وهكذا، هذا يعبد الله بعبادة الأجير.
إذاً عندنا عبادة المحب ( أو تصرف المحب)،و(تصرف الأجير،)و( العاصي)، الذي اتبع هواه، هذا لا يعمل بالأجرة، بل هذا الرجل يعمل لتلف نفسه، أي يتناول السم الزعاف بيده، فهذا إن لم يهده الله فيرجع على الأقل إلى مرتبة الأجير، فهذا كلامنا ليس معه. لأنه لن يُصادفَ مَحِلاً هذا آخر كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى.
الله سبحانه وتعالى أسأل أن يجعل ما قلته لكم زاداً إلى حسن المصير إليه، وعتاداً إلى يُمن القدوم إليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
سبحان الله بحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته الله اغفر لي وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات
فالذي يسير في طريق ليس فيه علامات، لكن هذا الطريق فيه منازل كثيرة (أنا أسير على طريق سريع، أجد مَنزلا، لكن لا أعرف أين يؤدي؟ ثم أجد مَنزلا آخر، لكن ليس مكتوبا ما هو، كلما أمرّ عدّة كيلو مترات، أجد مَنزلا، وأنا أريد أن أذهب إلى جهةٍ معينة!)، بالله عليك هل هذا المسافر أو هذا الراكب، يستطيع أن يصل إلى الجهة التي يريدها، مع عدم وجود علامات في الطريق؟هذا مستحيل أن يصل!، إلا أنه ينزل كل مَنزل، ثم يكتشف أنه ليس هو، فيبحث ويخرج مرة أخرى، فيضيع عمره في البحث عن المَنزل الذي يريده، وقد يموت... ولا يصل!
فلهذا الرسول عليه الصلاة والسلام لمّا سُئِلَ عن المَنزل الذي ينزل منه هذا الرجل قال:" ما عليه اليوم أنا وأصحابي".إذاً لابد أن يكون معك دليل الشيء، كيف تسير.
المحبّون:لا يخطئون ولا يزلّون، حتى إذا زلّوا وأخطئوا، ولكنّ أقدامهم لا تفارق الطريق
الأجير: الذي يعمل بالأجرة، هذا وإن كان على الطريق، إلا أنه فاته خيرٌ كثير، أعظمه أن يستمتع بهذاالإسلام.
ثم عقب فضيلته علي من يكثرون من الختمات في رمضان:
يختم كل ثلاث أو أربع أيام ختمة، ويقول: أريد أن أختم عشر ختمات في شهر رمضان، هذا كلام جميل وأنا لا أخذل عنه، لأن كل حرف عشر حسنات وهمه آخر السورة. كي يحصل الحسنات.
المقصد الأعظم من القرآن.
القرآن عندما نزل، كان المقصد الأعظم منه، هو أن تعي عن الله _عز وجل, ربع تأمل ربما كان خيراً للعبد وأجدى عليه، على قلبه، وعلى حياته، من أن يقرأ القرآن عشر مرات.أن يقف إلى قول ﴿يَا أيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا﴾ ماذا يريد ربّي مني؟، وهل أنا صار لي شرف الالتحاق بزمرة " الَّذِيْنَ آمَنُوْا " حتى أدخل تحت هذا الخطاب؟
أكثر الصحابة لم يختموا القرآن حفظاً! إنما كانوا معدودين:
كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص أحد الذين ختموا القرآن الذي نزل في زمان النبي صلى الله عليه و سلم، أي لمّا مات رسول الله عليه الصلاة والسلام كان عبد الله بن عمرو بن العاص يحفظ كل القرآن المنَزّل، وكان ممِن يقومون الليل ويصومون النهار، .
لكن كثير من الصحابة ما كانوا يحفظون القرآن من أوله إلى آخره، لكنهم كانوا يتأدبون بآياته.
ولذلك كان من فقه الواحد منهم، أنه ربّما أمضى ليلةً كاملةً يقوم الليل، لا يتجاوز الآية الواحدة، لأنه لمّا قرأها تداعت، معاني الآية إليه، فلميستطع أن يتجاوزها
كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل أحياناً، قام ليلةًً كاملة، بقول الله عز وجل ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(المائدة:118).
وقام تميم الداري ليلةً كاملةً بآية﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾(الجاثية:21).
أي أن الذين اجترحوا السيئات، أهُم عند الله _تبارك وتعالى_ كالذين عملوا الصالحات سواء في المحيا والممات؟ ساء ما يحكمون.... لا يستويان.
كلمة (اجترحوا السيئات) أنت عندما تقرأ هذه الآية، ربّما وقفت على سيئاتك أنت في حياتك الماضية، واستدعيت الذاكرة، وأمرت الذاكرة أن تستدعي حياتك كلها الماضية،( عملت ذنب كذا، وذنب كذا، وهذا الذنب فعلته مائة مرة، وهذا مائتين مرة...إلخ)، وربما كان في مظالم، ظلمت ناساً من الناس، وربما تأتي صورة المظلوم، وهو مكسورٌ أمامك، وأنت تفتري عليه، و أنت تعذبه مثلا وأنت تأخذ ماله! يأتي وهو مكسور، (هناك بعض الأطباء بعد ما استيقظ ضميرهم لكن بعد ما حقت عليهم كلمة الله عز وجل وانكشف أمرهم).
يسرد الشيخ حفظه الله قصة الطبيب الذي أجري جراحة لميت:
يقول أحد الأطباء أنه كان من المرات التي لا ينساها، رجل فقير جداً و معوز، وجاء يريد أن يعمل عملية، وكان الرجل في النزع الأخير، وجاءت امرأة هذا الرجل وكانت امرأة قروية، ليس عندها إلا بهيمة واحدة، فقالت له: أنا فقيرة وليس عندي مال، اعمل له العملية (لأن العملية مستعجلة!)، قال وتحجر قلبه: لابد أن يوضع المال أولا على الطاولة، قبل أن أعمل شيء, لن أضع المشرط في جسده قبل أن آخذ المال، ذهبت وباعت ما يخصها في البلد، وأتت له بالمال، وعندما دخل ووضع على طاولة العمليات، مات قبل أن يفتح له بطنه، وهو ميت فتح له بطنه, وعمل نفسه كأنه يعمل العملية.وخاطه وأخذ المال, يقول الطبيب هذا الرجل: المريض يأتي لي كل فترة في المنام... كابوس, فمثل هذا الطبيب عندما، تأتي له صورة المريض عندما يقرأ قوله تعالي﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾(الجاثية:21) الآية،يمكن أن يقف الإنسان لا يستطيع أن يتجاوز الآية، متأملاً, ربّما يكون من عائدة هذه الآية، ومن فائدتها عليه، أن يخرج من هذه المظالم، وهذه هي بركة القرآن، وبركة تدبّر آيات القرآن ( وليس أن أقرأ سريعاً، ولا أفهم ما أقرأ ما أنزل الله _عز وجل _القرآن لهذا أبداً! إنّما أنزل القرآن لنتدبّره وأمرنا بأن نتدبّر القرآن في آياتٍٍ كثيرة..
سفيان الثوري رحمه الله كان من الذين فعلوا ذلك:ووقف على قوله تعالى﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾(الزمر:47) وقف ولم يستطع تجاوز الآية.
كثير من الناس يقول: إن لي الحسنى، والله عز وجل سيغفر لي، وسأسبقكم كلكم إلى الجنّة، القصة ليست قصة صلاة ولا صوم إلخ، القصة قصة قلبٌ أبيض.
المراد بالقلب الأبيض:
البياض الذي يقصده، لا يمكن أن يتأتّى إلا بالأعمال الصالحات، إن الله عز وجل قرن ويقرن دائماً الإيمان بالعمل الصالح ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾..
فهذا الذي يتصوّر لأنّه عنده أموال، فرصف طريق، أو بنى مستشفى، أو رمي الفتات إلى المساكين، أو عمل موائد رحمن إلخ، فيظن أنه بذلك وصل، وأنه عندما يذهب لله تعالى سيكون بخير وعلى جوادٍ مطهّر ويدخل الجنّة, والملائكة تقول: سلامٌ عليكم..
هذا واهم، أهل الورع الحق، إذا أدركهم الورع، تلبستهم منزلة الخوف، لولا أن الله_ عز وجل_ يمنّ عليهم بالرجاء، لكفروا.
لن يصل الإنسان إلى ربه بسلام إلا إذا خلط الخوف بالرجاء.
ولذلك من يعبد الله بالخوف المحض، ييأس، ومن عبد الله عز وجل بالرجاء المحض، يغتر. ولا يصل رجلٌ بسلامٍ إلى ربّه، إلا إذا خلط الخوف بالرجاء.
كلما أدركه الخوف أدخل عليه الرجاء، فيأمل في رحمة الله، وكلما غلب عليه الرجاء وسيكسل عن العمل، يدخل الخوف يوقظه لأن الخوف سوطٌ مزعج.
فسفيان الثوري عندما يقف على الآية ﴿وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾(الزمر:47) فهمها.
لن يصل الإنسان إلى حقيقة معاني كتاب الله إلا إذا كان عنده فضل إطلاع.
ولذلك عندما يقرأ الإنسان ربع واحد، يقف عليه ويتأمل فيه، و لن يصل إلى حقائق المعاني إلا إذا كان عنده فضل إطّلاع، لن يأتي شخصٌ جاهل ليس عنده ولو كتاب تفسير، ولا يعرف العربية، ويفتح القرآن ويفهم شيء.
لكن على الأقل لابد أن يحاول، لأنه قد يقول بعض الناس أنا أميّ لا أقرأ ولا أكتب ماذا أفعل؟ إذاً عليه أن ينصت إلى العلماء والى أهل العلم، لا سيما المتخصصين في هذا الباب، الذين يغوصون على معاني القرآن، ويعطي هذا المعنى اهتماما بالغاً.
الذي يستطيع أن يقرأ، لابد أن يأتي بتفسير واثنان وثلاثة، ثم يتأمل، قد تعرض له مشاكل في الآيات، أو تعرض له في معاني الآيات، فحين إذٍ يسأل أهل العلم عن المعاني هذا لا شك أنه يستفيد، لكن الذي همه أن يعمل ختمه وهكذا، هذا يعبد الله بعبادة الأجير.
إذاً عندنا عبادة المحب ( أو تصرف المحب)،و(تصرف الأجير،)و( العاصي)، الذي اتبع هواه، هذا لا يعمل بالأجرة، بل هذا الرجل يعمل لتلف نفسه، أي يتناول السم الزعاف بيده، فهذا إن لم يهده الله فيرجع على الأقل إلى مرتبة الأجير، فهذا كلامنا ليس معه. لأنه لن يُصادفَ مَحِلاً هذا آخر كلام ابن الجوزي رحمه الله تعالى.
الله سبحانه وتعالى أسأل أن يجعل ما قلته لكم زاداً إلى حسن المصير إليه، وعتاداً إلى يُمن القدوم إليه، إنه بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
سبحان الله بحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته الله اغفر لي وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات