إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    " غربة صائم:
    الشيخ خالد الراشد

    كنا في العام الماضي في مثل هذه الأيام ..
    نرقب شهر الصوم ونتحراه ثم ماذا !!..
    عام كامل بأيامه ولياليه قد ..
    قوَّض خيامه ..
    وطوى بساطه ..
    وشدَّ رحاله ..
    بما قدمنا فيه من خير أو شر ..
    وصدق الله ..
    { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } ..
    { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً } ..
    { وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَيُحِبُّ الظَّالِمِينَ} ..
    قال ابن كثير رحمه الله :
    تمر بنا الأيام تترى ..
    وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر ..
    إنَّ الدقائق والثواني التي ذهبت من أعمارنا لن تعود ..
    ولو أنفقنا جبال الأرض ذهباً وفضة ..
    واعلم أنَّ ..
    الأنفاس معدودة ..
    والآجال محدودة ..
    واعلم أنّّ ..
    من أعظم نعم الله عليك أن مدّ في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم ..
    فكم غيَّب الموت من صاحب ..
    ووارى الثرى من حبيب ..
    تذكر من ..
    صام معنا العام الماضي ..
    وصلى العيد ..
    ثم أين هو الآن بعد أن غيبه الموت ؟! ..
    اجعل لك من هذا الحديث نصيب ..
    قال صلى الله عليه وسلم :
    ( اغتنم خمساً قبل خمس :
    حياتك قبل موتك ..
    وصحتك قبل سقمك ..
    وفراغك قبل شغلك ..
    وشبابك قبل هرمك ..
    وغناك قبل فقرك ) رواه الحاكم ..
    احرص رعاك الله ..
    أن تكون من خيار الناس كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم حين سُئل :
    أي الناس خير ؟! ..
    قال :
    ( من طال عمره وحسن عمله ) ..
    إلهي :
    ثكلت خواطرٌ أنست بغيرك عدمتُ قلباً يحب سواك
    قال سبحانه :
    { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ..
    عند أحمد والنسائي من حديث أبو هريرة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان فكان يقول لهم :
    ( قد جاءكم شهر رمضان ..
    شهر مبارك ..
    افترض الله عليكم صيامه ..
    يفتح فيه أبواب الجنة ..
    ويغلق فيه أبواب الجحيم ..
    وتُغل فيه الشيطان ..
    فيه ليلة خير من ألف شهر ..
    من حُرم خيرها فقد حُرم ) ..
    قال ابن رجب : هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان ..
    كيف لا يُبشّر المؤمن ..
    بفتح أبواب الجنان !.
    كيف لا يُبشّر المذنب ..
    بغلق أبواب النيران !.
    كيف لا يُبشّر العاقل ..
    بوقت يُغلّ فيه الشيطان !.
    من أين يشبه هذا الزمان زمان ؟!
    قال معلى ابن الفضل :
    كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ..
    ثم يدعونه ستة أشهر أن يتتقبل منهم رمضان ..
    وقال يحيى بن كثير كان من دعائهم :
    اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلم لي رمضان ، وتسلم مني رمضان متقبلاًً ..
    فمرحى بشهر طيب مبارك كريم ..
    في رمضان ..
    أُنزل القرآن والكتب السماوية ..
    في رمضان ..
    الشفاعة بالصيام والقرآن..
    في رمضان ..
    التراويح والتهجد ..
    في رمضان ..
    التوبة وتكفير الذنوب ..
    في رمضان ..
    تصفد الشياطين ..
    في رمضان ..
    تغلق أبواب الجحيم وتفتح أبواب الجنان ..
    في رمضان ..
    الجود والإحسان والعتق من النيران ..
    في رمضان ..
    الصبر والشكر والدعاء ..
    في رمضان ..
    مضاعفة الحسنات وليلة القدر ..
    في رمضان ..
    الجهاد والانتصار ..
    فكيف لا يفرح المؤمن بشهر هذا بعض ما فيه ..

    بين الجوانح في الأعماق سكناه
    ولم أزل في هواه ما نقضت له
    قد شاخ جسمي ولكن في محبته
    في كل عام لنا لقيا محببة
    بالعين والقلب بالآذان أرقبه
    والليل تحلو به اللقيا وإن
    فنوره يجعل الليل البهيم ضحىً
    ألقاه شهراً ولكن في نهايته
    في موسم الطهر في رمضان الخير
    من كل ذي خشية لله ذي ولعٍ



    فكيف أنسى ومن في الناس ينساهُ!
    عهداً ولا محت الأيام ذكراهُ
    ما زال قلبي فتىً في عشق معناهُ
    يهتز كلُ كياني حين ألقاهُ
    وكيف لا ! وأنا بالروح أحياهُ
    قصرت ساعاتها أُحيى لها وأحلاهُ
    فما أجلَّ وما أجلى محياهُ
    يمضي كطيف خيال قد لمحناهُ
    تجمعنا محبة الله لا مالٌ ولا جاهُ
    بالخير تعرفه دوماً بسيماهُ


    قال تعالى :
    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } _ يعني فرض عليكم الصيام _ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}...
    قال ابن عثيمين رحمه الله :
    الحمكة من الصيام ..
    ليس أن يمنع الإنسان نفسه عن الطعام والشراب والنكاح ..
    ولكن كما قال الله { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ..
    وما أشار إليه النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه في قوله :
    ( من لم يدع ..
    قول الزور ..
    والعمل به ..
    والجهل ..
    فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ..
    ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام
    ( من لم يدع قول الزور ) : هو كل قول محرَّم ...
    وقوله :
    ( العمل به ) - أي بالزور- : أي كل فعل محرَّم ..
    و ( الجهل ) : أي العدوان على الناس وعدم الحلم ..
    فالمطلوب منكَ ومنكِ ومني ..
    تحقيق تقوى الله جلَّ في علاه ..
    تقوى الله هي ..
    الغاية المنشوده ..
    والدره المفقوده ..
    { والآخرة عند ربك للمتقين } ..
    وإليك بعضاً من أخبارهم ..
    قال البخاري : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت ..
    وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً ، ولو أعلم أنَّ الماء يفسد علي مروءتي ما شربته ..
    وقالوا لمحمد بن واسع : لمَ لا تتكأ ؟! قال : إنما يتكأ الآمن وأنا لا زلت خائفاً ..
    وقُرأ على عبد الله بن وهب : { وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ } فسقط مغشياً عليه .
    وحج مسروق فما نام إلا ساجداً ..
    وقال أحدهم : ما كذبت منذ علمت أنَّ الكذب يضر أهله ..
    وقال أبو سليمان الداراني : كل يوم أنا أنظر في المرآة هل اسودَّ وجهي من الذنوب ..
    هذا حالهم ..
    فكيف حالي وحالك ؟؟!!..
    لبسنا الجديد ..
    وأكلنا الثريد ..
    ونسينا والوعيد ..
    وأمّلنا الأمل البعيد ..
    رحماك يا رب ..
    لماذا تريد الحياة ؟! ..
    لماذا تعشق العيش ؟! ..
    إذا لم تدمع عينك من خشية الله جل في علاه !!..
    إذا لم تمدحه في السحر !!..
    إذا لم تزاحم بالركب في حلق الذكر !!..
    إذا لم تصم الهواجر ، وتخفي الصدقة !!..
    هل العيش إلا هذا ؟؟!!..
    هل العيش والسعادة إلا هذا ؟؟!!..
    إذا لم تستطع ..
    قيام الليل ..
    وصيام النهار ..
    فاعلم أنك محروم ..
    قال سبحانه :
    { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} ..
    هذه أخبارهم { لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}..
    قال صلى الله عليه وسلم :
    ( بدأ الدين غريباً ..
    وسيعود غريباً ..
    فطوبى للغرباء ) ..
    إنّّ الذي يقرأ ويسمع عن أخبار السلف ، وقلة من الخلف ..
    يعلم أنَّ الدين يعيش غربة بين أهله ..
    من سمع عن ..
    صيامهم ..
    وقيامهم ..
    وجهادهم ..
    أيقن أنَّ الواقع اليوم يحتاج إلى مراجعة وتصحيح ..
    فتعالوا أحبتي ننظر في بعض صور الغرباء في رمضان ..الغرباء مع الصيام ..
    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما مات عمر حتى سرد الصيام ..
    أما أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان .. قال أبو نُعيم عنه :
    حظه من النهار الجود والصيام ..
    ومن الليل السجود والقيام ..
    مبشر بالبلوى ..
    ومنعَّمٌ بالنجوى ..
    وعن الزبير بن عبد الله عن جده عن جدةٍ له يقال لها هيمه : كان عثمان يصوم الدهر ، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله رضي الله عنه ..
    قتلوه وقد كان صائماً والمصحف بين يديه والدموع على لحيته وخديه .. حبيب محمد ووزير صدقٍ ورابع خير من وطأ التراب ..
    أما أبو طلحة الأنصاري الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم :
    ( لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل ) ..عن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو .. فلما قُبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر ..
    أما حكيم الأمة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال :
    لقد كنت تاجراً قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما بُعث محمد زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا فأخذت بالعبادة وتركت التجارة..
    تقول عنه زوجه : لم تكن له حاجة في الدنيا ، يقوم الليل ويصوم النهار ما يفتر..
    لله درهم..
    كرر علي حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصادي
    أما من خبر الإمام القدوة المتعبد المتهجد عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين يكفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه :
    ( نعمَ العبد عبد الله ) ..
    قال عنه نافع : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحضر ..
    وعن سعيد بن جابر قال : لما اُحتضر ابن عمر قال : ما آسى على شيء من الدنيا _ يعني ما أحزن على شيء من الدنيا _ إلا على ثلاث :
    ظمأ الهواجر ..
    ومكابدة الليل ..
    وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا – يعني الحجاج - ..
    وإليكَ المزيد ..
    عن رجاء بن حيوه عن أبي أمامة
    أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فأتيته فقلت يا رسول الله :ادعو الله لي بالشهادة ، فقال :
    ( اللهم سلمهم وغنمهم ) ..
    فغزونا فسلمنا وغنمنا ..
    حتى ذكر ذلك ثلاثة مرات ، قال ثم أتيته فقلت : يا رسول الله : إني أتيتك تترى ثلاث مرات أسألك أن تدعو لي بالشهادة فقلت :
    ( اللهم سلمهم وغنمهم ) ..
    فسلمنا وغنمنا .. يا رسول الله فمرني بعمل أدخل به الجنة .. فقال :
    (عليك بالصوم فإنه لامثل له ) ..
    قال فكان أبو أمامة لا يُرى في بيته الدخان نهاراً إلا إذا نزل بهم ضيف ، فإذا رأوا الدخان نهاراً عرفوا أنهم قد اعتراهم الضيوف ..
    عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة رضي عنه ..
    أما مسروق بن عبد الرحمن الذي كان في العلم معروق ، وبالضمان موثوق ، ولعباد الله معشوق.. قال عنه الشعبي : غشيته يوماً _ يعني زرته يوماً _ غشيت مسروق في يوم صائف ..وكانت عائشة قد تبنته ، فسمى بنته عائشة .. فكان لا يعصى ابنته شيئاً .. لا يخالف ابنته من محبته إياها .. قال فنزلت إليه ، فقالت : يا ابتاه أفطر واشرب .. قال : ما أردت يا بنيه ؟ قالت : الرفق ..
    قال : يا بنيه إني طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ..
    قال الله عنهم : { فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ، مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً ، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً وَيُطَافُعَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا،قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍقَدَّرُوهَا تَقْدِيراً، وَيُسْقَوْنَ فِيهَاكَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً،عَيْناً فِيهَاتُسَمَّى سَلْسَبِيلاً،وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْوِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً،وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّرَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً،عَالِيَهُمْثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍوَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ،إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً }..
    سعيكم مشكوراً ..
    إن صبرتم على طاعتي ..
    سعيكم مشكوراً ..
    إن صبرتم عن معصيتي..
    سعيكم مشكوراً ..
    إن صبرتم على الأذى في سبيلي ..
    وهذا خبر أخير عن المُبشر المحزون ، المستتر المخزون ، تجرد من التلاد وشمر للجهاد وقدم العتاد للمعاد : العلاء بن زياد ..
    كان ربانياً تقياً قانتاً لله بكّاءً من خشية الله ..
    عن هشام بن حسان أن العلاء بن زياد كان قوّت نفسه رغيفاً كل يوم .. كان يصوم حتى يخضر ، و يصلي حتى يسقط ..
    فدخل عليه أنس بن مالك والحسن فقالا له : إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله ..
    فقال : إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته بها..
    قال له رجل : رأيت كأنك في الجنة ..
    فقال : ويحك أما وجد الشيطان أحداً يسخر به غيري وغيرك ..
    قال سلمة بن سعيد : رُؤي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة فمكث ثلاثاً لا ترقأ له دمعة ولا يكتحل بنوم ولا يتذوق طعاماً ، فأتاه الحسن فقال : أي أخي أتقتل نفسك أن بُشرت بالجنة !! ..
    فازداد بكاءه ، فلم يفارقه حتى أمسى وكان صائماً فطعم شيئا من الطعام..
    قال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ، لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ، يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ، وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ، إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }.

    دعوه لا تلوموه دعوه
    رأى علم الهدى فمشى إليه
    أجاب دعاءه لما دعاه
    بنفس ذاك من فطنٍ لبيبٍ



    فقد علم الذي لم تعلموه
    وطالب مطلباً لم تطلبوه
    وقام بأمره وأضعتموه
    تذوّق مطعماً لم تطعموه


    {و تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ، وَمَا نَتَنَزَّلُإِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُوَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}..
    للهِ دَرُهمْ كمْ علتْ بهم هممهم ، وأي كلام يترجم فعلهم ..

    ولكِ من أخبار النساء:
    عن عبد الرحمن بن قاسم أن عائشة كانت تصوم الدهر ..
    وعن عروة : إنَّ عائشة كانت تسرد الصيام ..
    قال القاسم : كانت تصوم الدهر لا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر ..
    بعث لها معاوية مرة بمائة ألف درهم فقسّمتها ولم تترك منها شيئاً ، فقالت بريدة : أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحماً ، فقالت : لا تعنفيني ، لو كنت أذكرتني لفعلت ..
    إنها الصديقة بنت الصديق ، العتيقة بنت العتيق ، حبيبة الحبيب ، وأليفة القريب ، المبرأة من العيوب رضي الله عنها وأرضاها ...
    أما القوَّامة الصوّامة حفصة بنت عمر رضي الله عنها وعن أبيها وعن أخوتها وآل عمر .. وارثة الصحيفة ، الجامعة للكتاب ..
    فعن قيس بن زيد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم طلّق حفصة فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون ، فبكت وقالت : والله ما طلقتني عن شبع .. والله ما طلقني عن شبع ..
    فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فتجلببت ، فقال : قال لي جبريل عيه السلام:
    ( راجع حفصة فإنها صوّامة قوَّامه ، وإنها زوجتك في الجنة ) ..
    أي شهادة أعظم من شهادة الله وجبريل .. أي شهادة أعظم من شهادة الله وجبريل لحفصة رضي الله عنها وأرضاها ..
    وأنعم بها من عبادة كانت سبباً لرجوع أم المؤمنين حفصة إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم لتبقى له زوجة في الجنة ..
    قال نافع : ماتت حفصة حتى ما تفطر ..
    وإليكِ مزيد ..
    عن سعيد بن عبد العزيز قال : ما بالشام ولا بالعراق أفضل من رحمة العابدة مولاة معاوية ..
    دخل عليها نفر من القرّاء فكلموها لترفق بنفسها ..
    فقالت: ما لي وللرفق بها فإنما هي أيام مبادرة فمن فاته اليوم شيء لم يدركه غداً ..
    والله يا أخوتاه ..
    لأصلينَّ ما أقلتني جوارحي ..
    ولأصومنَّ له أيام حياتي ..
    ولأبكينَّ له ما حملت الماء عيناي ..
    ثم قالت : أيكم يأمر عبده فيحب أن يقصر فيه !!..
    ولقد قامت رحمها الله حتى أخضلت ..
    وصامت اسودت ..
    وبكيت حتى فقدت بصرها ..
    وكانت تقول : علمي بنفسي قرّح فؤادي وكقطَّع قلبي .. والله لوددت أن الله لم يخلقني ولم أكُ شيئاً مذكوراً.
    كانت رحمها الله تخرج إلى الساحل فتغسل ثياب المرابطين في سبيل الله ..
    قال الله عنهم : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }..
    قال عنهم : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ ، قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ } ..

    فلو كان النساء كما ذكرنَّ
    فما التأنيث لاسم الشمس عيب


    لفُضلّت النساء على الرجال
    وما التذكير فخرٌ للهلال





  • #2
    رد: " غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

    أنواع الصائمين :
    أخي .. أخية ..
    من صام عن الطعام والشراب ..
    فصومه عادة ..
    ومن صام عن الربا والحرام ، وأفطر على الحلال من الطعام فصومه ..
    عدة وعبادة ..
    ومن صام عن الذنوب والعصيان ، وأفطر على طاعة الرحمن فإنه ..
    صائم رضا ..
    ومن صام عن القبائح ، وأفطر على التوبة لعلام الغيوب فهو ..
    صائم تقى ..
    ومن صام عن الغيبة والبهتان ، وأفطر على تلاوة القرآن فهو ..
    صائم رشيد..
    ومن صام المنكر والأغيار ، وأفطر على الفكرة والاعتبار فهو ..
    صائم سعيد ..
    ومن صام عن الرياء والانتقاص ، وأفطر على التواضع والإخلاص فهو ..
    صائم سالم..
    ومن صام عن خلاف النفس والهوى ، وأفطر على الشكر والرضا فهو ..
    صائم غانم ..
    ومن صام عن قبيح أفعاله ، وأفطر على تقصير آماله فهو ..
    صائم مشاهد ..
    ومن صام عن طول أمله ، وأفطر على تقريب أجله فهو ..
    صائم زاهد..
    قال ابن القيم :الصوم لجام المتقين ، وجنة المحاربين ، ورياضة الأبرار المقربين لرب العالمين ..
    يكفيك قوله : ( الصوم لي ) .. يكفيك قوله : ( الصوم لي وأنا أجزي به )

    يا قادماً بالتقى في عينك الحب
    صبرت عاماً أمنّي قرب عودتكم
    قل هلَّ طيفكم فاخضر عامرنا
    ففيكم يرتقي الأبرار منزلةً



    طال اشتياقي فكم يهفو لكم قلب
    نفسي فهل يدنو لكم سرب
    والله أكرمنا إذ جاءنا الخصب
    والخاملون كسالى زرعهم جدب


    قالوا :
    الصوم : لذة المحرومين .
    وقالوا : الصوم رجولة مستعلنة ، وإرادة مستعلية ..
    وقالوا : رمضان شهر الحرية عما سوى الله ، وفي الحرية تمام العبودية ، وفي تحقيق العبودية تمام الحرية ..
    و قالوا : رمضان شهر القوة ..
    ( فليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) ..
    قالوا : الصوم صبر وطاعة ونظام ..
    أترون أمة من الأمم تتحلى بهذه الصفات ثم تجد سبيلها إلى الانهيار ؟؟!!..
    أترون جيشاً يتحلى بهذه الأخلاق القوية ثم يجد نفسه على عتبة الهزيمة ؟؟!!..
    فلا تنسى وأنت تصوم رمضان أنَّ الله يريد أن يجعلك بالصيام مثال القوي الأمين ..
    فحذار حذار أن ينسلخ عنك رمضان وأنت الضعيف الخائن ..
    أحبتي لن يتسع المقام حتى نذكر حال الغرباء مع القيام ومع تلاوة القرآن ..
    لن يتسع المقام لذكر أخبار الغرباء مع التضرع والدعاء والبذل والعطاء ..
    ولن يتسع المقام لذكر بطولات الغرباء وصولاتهم وجولاتهم في ساحات الجهاد في رمضان..
    لكن حسبنا ما سمعنا وذكرنا من أخبارهم واللبيب بالإشارة يفهم ..
    لقد كان رمضان شهر عبادة واجتهاد .. هكذا كان حالهم قبل وبعد رمضان ..
    فما هو حالنا !!!..
    اسمع شيئاً من أخبارنا ..
    في بحث واستفتاء وأسئلة طرحت على فئات من المجتمع ..
    رجالاً ونساء ..
    موظفين وطلاباً ..
    عن حالهم وعن أوقاتهم في رمضان فجاءت الاعترافات التي تؤكد لنا قوله صلى الله عليه وسلم :
    ( بدأ غريبا ، وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ) ..
    فقائل أقضي الليل أمام شاشات التلفاز أتابع القنوات الفضائية حتى طلوع الفجر مع بعض زملائي..
    وقائل أقضي الوقت تحت أضواء الملاعب ضمن سلسلة مباريات المقامة في الدوري الرمضاني ..
    وقائل على موائد البلوت والورق في المجالس وعلى الأرصفة ..
    وقائل أقضي الأوقات بالتنزه في الحدائق تارة وفي الأسواق تارة ..
    أما أهل الوظائف فسهر بالليل ثم كسل وخمول طوال النهار ..
    النتيجة لوم وتوبيخ وخطابات إنذار ..
    وآخر يقول أنا أحسن من غيري حيث يتسنى لي النوم في المكتب ..
    وآخر يقول في رمضان يكثر غيابي وتكثر الحسميات ..
    وفي لقاءات مع بعض الأئمة تحدث بعضهم مستبشرين بزيادة المصلين في رمضان وإقبال الناس على الطاعة..
    وعبّر آخرون عن حزنهم لحال المتخاذلين ..
    حتى في رمضان ..
    وقال آخر إنهم يزدادون في صلاة الفجر حتى يمتلأ المسجد بهم ، ولكنا لا نكاد نراهم في صلاة الظهر والعصر ، فقد قلبوا ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً ..
    و في الأسواق فاسمع الأخبار من رجال الهيئات...
    أما في المقاهي فسُئل أحد العاملين في إحدى المقاهي عن الفرق بالنسبة لهم عن العمل في رمضان وفي غيره من سائر الشهور فأجاب : إن العمل في رمضان يكون أكثر تعباً وإرهاقاً حيث يكثر الزبائن ويزدحمون بمعدل الضعف عن غير رمضان ،ويمضون ليلهم كله في المقهى..
    أما الأبناء فعلى الأرصفة والطرقات .. صخب ولهو ..
    فتسأل نفسك أين الراعي من الرعية ؟!...
    أما النساء فسهرات نسائية وانشغال في إعداد أصناف الحلويات والمشروبات ..
    وأمهات يسهرن حتى الفجر في انتظار الأبناء الذين لا يعودون إلا في هذه
    الأوقات ..

    أما الأسواق والمجمعات فحدث ولا حرج..
    فأين العبادة و الجد والاجتهاد ؟! ..
    يقول أحدهم أنام بعد الفجر ولا أستيقظ إلا بعد صلاة العصر .. فالنوم عبادة ..
    وآخر يقول يوقظني والدي عند الإفطار وفي بعد الأحيان لا أفطر إلا قبيل العشاء .. أقول ..
    ومع أحد الزبائن في إحدى المقاهي كانت هذه الأسئلة السريعة ..
    منذ متى وأنت هنا ؟ قال : من الساعة الثانية عشرة ..
    إلى متى تجلس ؟ قال : إلى وقت السحور ..
    هل أنت موظف ؟ قال : نعم أنا موظف حكومي ..
    ألا تتأخر عن دوامك ؟ قال : أتأخر قليلاً ثم أكمل النوم في المكتب ..
    هذا هو رمضان اليوم .. عند كثير من الفئات ..
    فيا غربة الصائمين ..
    ويا حسرة المفرطين ..

    - نداء أخير:
    ويحنا.. ما أغرنا !!..
    ويحنا.. ما أغفلنا !!..
    ويحنا.. ما أجهلنا !!..
    ويحنا.. لأي شيء خلقنا !!.. أللجنة أم للنار؟؟!!!
    يا غيوم الغفلة عن القلوب تقشعي ..
    يا شموس التقوى والإيمان اطلعي ..
    يا صحائف أعمال الصالحين ارتفعي ..
    يا قلوب الصائمين اخشعي..
    يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي ..
    ويا عيون المتهجدين لا تهجعي..
    ويا ذنوب التائبين لا ترجعي..
    يا أرض الهوى ابلعي ماءك..
    ويا سماء النفوس أقلعي..
    يا خواطر العارفين ارتعي ..
    يا همم المحبين بغير الله لا تقنعي ..
    قدممت في هذه الأيام موائد الإنعام للصوَّام فما منكم إلا من دعي ..
    { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} .. { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}..
    فطوبي لمن أجاب فأصاب ، وويل لمن طرد عن الباب ..
    ألا يكفيك قوله :
    ( الصوم لي وأنا أجزي به )..

    رباه عفوك إني للنور مددت يدايا
    وحفنة من وعاء غَرْفَه من دمايا
    إليك أنت صباحي مصفداً في مسايا
    لم أدرِ من أي نبع أسقي حنين الركايا
    رحماك ياربي هذا إثمي وهذي تقايا
    رحماك ربي إني وزورقي والخطايا
    جفت وغاضت ولكن ما زلت أزجي رجايا



    وأبكي وأبكي ويبكي دمعي ويبكي بكايا
    ولا لغيرك دوّى يا ربي يوماً ندايا
    فاسكب ضياءك إني ظمآن ضلَّ صدايا
    والشط لا ماء فيه يطفي اللظى في رحايا
    وذاك دربي وهذا على الطريق عصايا
    في لجة ليس فيها من الضياء بقايا
    غفرت أم لم فإني ما زلت أدعوك يا يا


    يا رب .. يا رب ..
    عجباً لمن عرفك ثم أحب غيرك !!..
    عجباً لمن عرفك ثم أحب غيرك !!..
    وعجباً لمن سمع مناديك ثم تأخر عنك !!..

    اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ..
    اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله ..إنك انت أهل التقوى وأهل المغفرة ..
    اللهم بلغنا رمضان ..
    وارزقنا صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً يا ذا الجلال والإكرام ..
    اجعلنا فيه من أهل ليلة القدر ..
    وممن نال فيه عظيم الثواب والأجر ..
    وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
    للاستماع للمحاضرة على الرابط :


    تعليق


    • #3
      رد: " غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

      [العاشر من رمضان السنة العاشرة من البعثة سبق وفضل:
      سلام وجَنَّة ورضوان
      وفاة السيدة خديجة .. دروس في فضائلها
      [العاشر من رمضان السنة العاشرة من البعثة ]


      أطلق كُتَّابُ السيرِ على العامِ العاشر من البعثة، عام الحزن، لوفاة عم النبي " أبو طالب" ، وزوج النبي " خديجة " في شهر واحد تقريبًا .
      ماتا - وهما السندان القويان – ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أمس الحاجة إليهما .
      أما أبو طالب فكان بمثابة "السند الخارجي " لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدفع عنه أذى الوثنيين، وظلم الظالمين . ولعل في وفاته حكمة عظيمها، مفادها أن الدعوة الإسلامية منصورة بالله ثم بمنهجها، ويأبى الله أن يقال :إن الدعوة انتصرت بعشيرة محمد أو بعمه . إنما هي دعوة اليتيم الذي خذله بعض أعمامه ومات عنه بعضهم، وتأخر عنه بعضهم.

      سبق وفضل:
      أما خديجة فهي أول من آمنت به، وهي حصنه الداخلي، وركنه الشديد، وكانت بمثابة الوزير الصادق له، والرفيق الساعي له، تخفف عنه، وتواسيه ، وتسعى في قضاء حوائجه، وكانت – رضي الله عنها – قد أكرمت رسول الله بالعمل الكريم في تجارتها، وتزوجته – رضي الله عنه – رغم فقره، وأسكنته بيتها حيث لا بيت له يملكه ، وكانت تُنفق على رسول الله من مالها حين تفَرغ لأمر الرسالة، وآمنت به حين كفر الناس، وصدّقته حين كذبه الناس، وآوته حين طرده الناس .
      فإذا دخل بيته إليها – بعد يوم شاق في الدعوة والتلبيغ – سرعان ما ينسى الألم والحزن، إذا تمسح بيدها الحانية على قلبه . وكانت – رضي الله عنها – امرأة حاذقة صَنَاعٌ في إدخال السرور على زوجها والتخفيف عنه . ولقد ضُرب بها المثل في طهارتها، وضُرب بها المثل في حكمتها وضُرب بها المثل في حصافتها.

      ***
      الطُهر والعفة:
      أما طهارتها، فقد كان لقبها في الجاهلية " الطاهرة "
      والمرأة التي تحمل هذا اللقب في مجتمع جاهلي أكلته الفواحش، وجازت فيه الدعارة، واشتهرت فيه البغايا .. لهي امرأة بلغت من العفة والنقاء مبلغًا رفيعًا؛ أهْلَهَا لهذا الاصطفاء الرباني، أن اختارها الله زوجةً لخاتم الأنبياء .
      ولله در العفة، بَلَّغَت أهلها الدرجات العلى !

      ***
      الحكمة :
      وأما حكمتها فهي صاحبة قولة تُعد من أبلغ ما دونه العرب في الحكمة، تلك التي قالت فيها - مخففة من خشية رسول الله على نفسه يوم نزلت " اقرأ " –
      " كَلَّا أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ "[ البخاري : 4572]، ثم انطلقت تمشي به إلى ورقة بن نوفل – وكان عالمًا بالأديان - ، لتَحُلَ لزوجها اللغز الذي أُشكل عليه في أمر النبوة. ولم تكن بالمرأة السلبية التي لا تبالي بشؤون زوجها .

      ***
      الفطنة :
      وأما حصافتها .. فهي ممن كمل من النساء.. وهي التي أثبتت لرسول الله أن ما يأتيه ليس بشيطان ولا جِن، فقد شرعت تمتحن برهان الوحي لتثّبت قلب زوجها، فقالت : "أَيْ ابْنَ عَمّ أَتَسْتَطِيعُ أَنّ تُخْبِرَنِي بِصَاحِبِك هَذَا الّذِي يَأْتِيك إذَا جَاءَك ؟
      قَالَ : نَعَمْ .
      قَالَتْ: فَإِذَا جَاءَك فَأَخْبِرْنِي بِهِ .
      فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السّلَامُ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- لِخَدِيجَةَ يَا خَدِيجَةُ هَذَا جِبْرِيلُ قَدْ جَاءَنِي ، قَالَتْ : قُمْ يَا ابْنَ عَمّ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُسْرَى ؛ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ . قَالَتْ : فَتُحَوّلْ فَاجْلِسْ عَلَى فَخِذِي الْيُمْنَى.
      فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- فَجَلَسَ عَلَى فَخِذِهَا الْيُمْنَى ، فَقَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَتْ : فَتَحَوّلْ فَاجْلِسْ فِي حِجْرِي .
      فَتَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَجَلَسَ فِي حِجْرِهَا . قَالَتْ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
      فلما فَتَحَسّرَتْ وَأَلْقَتْ خِمَارَهَا وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَالِسٌ فِي حِجْرِهَا ، ثُمّ قَالَتْ لَهُ هَلْ تَرَاهُ ؟ قَالَ لَا ، قَالَتْ يَا ابْنَ عَمّ اُثْبُتْ وَأَبْشِرْ فَوَاَللّهِ إنّهُ لَمَلَكٌ وَمَا هَذَا بِشَيْطَانٍ " [ ابن هشام : 1/،238]
      فقد علمتْ – برجاحة عقلها – أن الملائكة تستحي، وأن الشياطين تستحي، فتحيلت هذه الحيلة، وفثبتت وبشرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - . وخير الناس للناس من يَفطن لحاجاتهم،ومَن فاته العقلُ والفطنة فرَأْسُ مالِه الجَهْلُ.

      ***
      الصبر على تطليق بناتها :
      ولم يزعزع إيمانُها، ولم تتزحزح ثقتُها بزوجها يوم تسببت الدعوة الإسلامية – بزعم البعض – في تطليق بناتها .
      " وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ زَوّجَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي لَهَبٍ رُقَيّةَ أَوْ أُمّ كُلْثُومٍ . فَلَمّا بَادَى قُرَيْشًا بِأَمْرِ اللّهِ تَعَالَى وَبِالْعَدَاوَةِ، قَالُوا : إنّكُمْ قَدْ قَرّغْتُمْ مُحَمّدًا مِنْ هَمّهِ فَرُدّوا عَلَيْهِ بَنَاتِهِ فَاشْغَلُوهُ بِهِنّ . فَمَشَوْا إلَى أَبِي الْعَاصِ فَقَالُوا لَهُ فَارِقْ صَاحِبَتَك وَنَحْنُ نُزَوّجُك أَيّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ قَالَ : لا وَاَللّهِ، إنّي لا أُفَارِقُ صَاحِبَتِي ، وَمَا أُحِبّ أَنّ لِي بِامْرَأَتِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- يُثْنِي عَلَيْهِ فِي صِهْرِهِ خَيْرًا ... ثُمّ مَشَوْا دار أبي لهب، فأجابهم، وطُلقت رقية وأم كلثوم " [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف)].

      ولم يصدر منها ولا من البنات لفظة تشائم أو تبرم، أن ابتلاهم الله بفض هاتين الزيجتين، ولم تقل خديجة كما تقول نساء بعض الدعاة : لقد جلبت لنا دعوتك خراب البيوت، وطلاق البنات ! ما ذنبهن ألا يفرحن ويُحْمَلن إلا أزواجهن؟!.....
      لم تقل هذا . بل صبرت، ورأت أن حكمة الله اقتضت، أن يبدلنهن بزوج أكرم وأخلق وأغنى وأجمل مما كُنَّ يطمحن إليه . فحالهن مع الله كحال الطفل الذي سلبه أبوه الطعام الخبيث ومنحه الطعام الطيب الغريض.

      الصبر على الحصار :
      ولما كُتبت وثيقة الحصار الظالمة، وسيق المسلمين إلى الشِعِب، وقاطعتهم قريش وجوّعتهم، كانت خديجة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – راضية محتسبة، ولم يصدر منها كلمة عتاب لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولم تتبرم له، بل ثبتت معه في المحنة، وعزمت أن تبقى إلى جواره حتى تنقشع الظلمة، ورضيت أن تترك منزلها الفاخر وفراشها الوثير وتخرج حبيسة مع رسول الله بين جبلين، تُعاني الحَر والقَر، تفترش الحصباء وتلتحف السماء، وتكابد الجوع والفقر، وهي الغنية الحسيبة.. تكابد الظمأ والخشونة، وهي السيد الشريفة.. وطالت بها أيام الحصار وهي واثقة راسخة رسوخ الشم الروسي، سامقة سمو الجوزاء العوالي ..كل ذلك على مدار سنوات الحصار الثلاث من شهر المحرم للعام السابع للبعثة وحتى المحرم للعام العاشر للبعثة .
      ***
      سلام وجَنَّة ورضوان
      ولما انقشعت ظلمة الحصار، وتبدد كابوس السجن، خرجت – رضي الله عنها – وقد أعياها المرض، وبراها الجوع، وهدَّمت بنيانها سنوات الضنك، فخرجت من سجن الناس إلى رحاب الله الرحيب، بعدما بشرّها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ببيت في الجنة من لؤلؤ – وبيوت الجنة قصور -، تنعم في قصرها بغاية الهدوء والنعيم، وقد نزل الأمين جبريل – خصيصًا – ذات يوم حاملاً رسالة عاجلة وسلامًا مُخَصَصًا من الله رب العالمين إلى إلى السيد الجليلة . فما أكرمها وأكرم منزلتها

      فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال :
      أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلامَ مِنْ رَبِّهَا – وَمِنِّي -، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ ولا نَصَبَ [ انظر : البخاري: 3536]

      وهكذا أرسل الله لها التحية والبشارة، محمولتنا من أمين السماء" جبريل"، مدفوعتان إلى أمين الأرض " محمد "، ليقوم بدوره بتليغ التحية الكريمة والبشارة الكريمة، من كريم عن كريم عن كريم إلى سيدة نساء العالمين " خديجة " .

      وتوفيت – رضي الله عنها- في رمضان من العام العاشر من البعثة، ودفنت بمدافن مكة عند جبل الحجون، عن خمس وستين سنة [انظر : الذهبي : سير أعلام النبلاء 2/112].

      فماتت ولم تر في الدنيا لقاء ما قدمته، فلم تفرح بغنيمة، ولم تر دولة المسلمين، بيد أن الأجر العظيم الذي لا ينقطع فضله قد أخره الله لها، فليس بمقدور ملوك الأرض جميعًا أن يوفوا لها أجر صنيعها، إنما الجدير بذلك ربها الذي خلقها وهو ملك والملوك . فجزاك الله عنا يا أماه خيرًا .
      ***
      وفاء بلا حدود
      وكان رسول الله يحن إليها، ويذكرها دومًا، فلا يزال يذكر فضائلها حتى تغار إحدى زوجاته، وكان يكرم صويحبات خديجة، فإذا ذبح أو طبخ أهدى إليهن، إكرامًا لها. وهي في قبرها !
      وإذا ذكرَها ذاكرُها في حضرة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا به – صلى الله عليه وسلم – يرق لها، ويذكرها، ويستغفر لها، ويذكر فضائلها حتى يأتيه عارضٌ يقطع عليه حديثة، وضجرة – كضجرة عائشة – تحوْلُ بغيرتها بين رسول الله وبين الحديث عن خديجة، بيد أن العكس يحصل، فإذا غارت عائشة ونالت من خديجة كما تنال المرأة من ضرتها فقالت: " عجوزٌ ! قد أبدلك الله بخير منها "، زادت الطينة بلة، فيزيد رسول الله في ذكرها ويكثر من الحديث عن فضلها أكثر وأكثر ، ويستمر الحال حتى تأتيه عادية أو صارفة تقطع الحديث عن فضل خديجة !

      ***
      ويوم بدر [ في رمضان 2 هـ ]، جاءت كل عشيرة تفتدي أسرها من نُيوب المسلمين، وكان أبو الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ - زوج زينب – بين الأسارى، وكان الإسلام قد فرق بينه وبين بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأرادت زينب – الوفية بنت الوفية – أن تنقذ زوجها من الأسر، علها تَرد له يدًا من أياديه البيضاء، أو يشرح الله صدره للإسلام .

      وبينا الناسُ يتوافدون على النبي – صلى الله عليه وسلم – كل ٌيدفع الفداء لقاء قبض أسيره؛ إذ بعثت زينب بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في فداء أبي العاص بمالٍ وبعثت فيه بقلادة لخديجة، كانت أَدخلتها بها على أبي العاص .

      وجيء بالمال والقلادة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لإطلاق أبي العاص، فلما وقعت عينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على قلادة خديجة، رَقّ لَهَا رِقّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ – يستسمح أصحابه - :
      " إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . ففعلوا [ ابن هشام 1/652 ( بتصرف ) ]

      لقد أثارت قلادة خديجة في نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذكريات، فكأنما هب إليه من إطار هذه القلادة أريجًا تنفسته خديجة، فحرك القلب الرحيم، بعدما كاد أن يقر بعد رحيل الحبيبة الكريمة، تلك المرأة التي حار رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فضلها .
      رق لها . ولما لا ؟ فهي قلادة لامست يومًا نَفسَ خديجة التي أعطته كل شيء نفسها وجهدها ومالها وبيتها، وتركت له كل شيىء، ولم تمتن عليه بشيء .

      ورق لها، رقة شديدة، فأوشك أن يرسل عَبرة حارة من عينيه الكريمتين، بيد أن العَبرة لم تسيل على الخد إنما سالت إلى القلب، فأحس الناظرون بحرارتها في رقته الشديدة هذه . وأشفقوا عليه . وشرع يستنزل فيهم الكرم، ويستسمح أصحابه – وهو الكريم الأكرم – أن يطلقوا لزينب أسيرها . . ثم إنه في أدب جم وخلق سَجْح، يُخيرهم في ذلك ويكل إليهم القرار، ولو شاء أمرهم، فقال : " إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا " .
      ***
      وفي يوم فتح مكة[ رمضان 8هـ]، لما أراد أن يبيت، لم يذهب إلى بيت من بيوت أصحابه، وهو لو شاء لصادر أرقى بيت في مكة، ولكنه ضرب خيمته إلى جوار قبر خديجة، وكأنما لما فتح مكة؛ فتحت هي الأخرى قلبه، فنكئت فيه ذكريات خديجة الغائرةَ، وكأنما جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إليها على قدم وساق، قد اختلطت في قبله عَبرة الفراق وفرحة الفتح، ولسان حال المقام يقول : صدقت يا خديجة : " لا يخزيك الله أبدً " .

      ***

      توصيات:
      يا أم القاسم ! رضي الله عنك !
      أصبحت مَعلمةَ العفة لبنات المسلمين، ومَعلمةَ الوفاء لزوجات المسلمين، ومَعلَمة الصبر لداعيات المسلمين ، بل أنت سيدة الحكمة لحكماء المسلمين .
      فعيشوا – إخواني وأخواتي - في ظلال سيرة أُمنا بين العفة والوفاء والصبر والحكمة .
      ***
      وأما أحوج الدعوة الإسلامية إلى أمثال خديجة ! فنحن في أمس الحاجة إلى "خديجات " ينفقن على الدعوة، ويبذلن للدعوة، ويصبرن في سبيل الله، ويسكبن الإيمان والثقة والفرح في قلوب إزواجهن سكبًا. ويبَلِغْنَ دعوة الله إلى السَّانح والبَارح والنَّاطح والقعيد . فإلى هذا المعين ، معين أم المؤمنين، فارتشفن، يا فتيات المسلمين . وإياكن، و السُّفوليةَ الخارجة، والمَثالب الفاضحة، والتبرج المحرم، والعُري الـمُجرَّم، والخضوع بالقول والتغنج، والتساهل مع الرجال والتهتك .. إياكن والكَذِب المُبرِّح، والخُلْفَ المُصَرّح، والغيبة والنميمة، وإضاعة الوقت والمال، على الكماليات والتفاهات .. إياكن والانشغال بوسائل الإعلام، من مسلسلات وأفلام – تُركية وغير تُركية ! - تحض على الفُحش والرذيلة، والجَهالة المُفْرطة، والرِّكاكة المُسْتَخِفّة، والزنا والخَنا ، والسطحية والسذاجة، والميوعة والخلاعة.

      ولا تتأثرن – أبدًا – بأي امرأة متبرجة، تلك التي تتعرى للعيون الجائعة، كالبقلة الحمقاء، الذاوية في أرض نشَّاشة أو النابتة في بِركةٍ من بِرك الصرف الصحي .. لا تعجبن بها، فالشيطان يجملها في عين الرجل ليُفتن، ويزينها في عين المرأة لتفسد، هي حسنة في عين الشيطان وحسنة في عين الخبلان، وحسنة عند الذئب البشري والعقربان.. والقَرَنْبَى في عين أمِّها حسنة !
      بل أنتِ. أنتِ – أيتها المؤمنة - جميلة الجميلات ومليحة الحسناوات!


      تعليق


      • #4
        رد: " غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

        سبحان الله !!!
        جزاكم الله خيراً أختنا الفاضلة
        وثبت الله شيخنا الحبيب
        وفك الله أسره من سجون طواغيت الجزيرة
        عليهم من الله ما يستحقون
        فقد بلغ السيل الزبى !!

        لكم الله علمائنا الربانيين ببلاد الحرمين
        ووالله إنا الله ناصر أوليائه
        فاصبروا واثبتوا
        فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسرا

        ... جرِّد الحجة من قائلها، ومن كثرة القائلين وقلّتهم بها، ومن ضغط الواقع وهوى النفس، واخلُ بها والله ثالثكما، تعرف الحق من الباطل . ( الطريفي )




        تعليق


        • #5
          رد: " غربة صائم: الشيخ خالد الراشد

          المشاركة الأصلية بواسطة أبو دجانة الكناني مشاهدة المشاركة
          سبحان الله !!!
          جزاكم الله خيراً أختنا الفاضلة
          وثبت الله شيخنا الحبيب
          وفك الله أسره من سجون طواغيت الجزيرة
          عليهم من الله ما يستحقون
          فقد بلغ السيل الزبى !!

          لكم الله علمائنا الربانيين ببلاد الحرمين
          ووالله إنا الله ناصر أوليائه
          فاصبروا واثبتوا
          فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسرا

          اللهم آمين جزاك الله خيراً ونفع بك


          تعليق

          يعمل...
          X