هكذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم في رمضان
فضل الصوم:
يبين لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فضل الصوم فيقول بأبي هو وأمي وروحي : (قال الله: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام،فإنه لي وأنا أجزي به،والصيام جنة،وإذا كا ن يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب،فإ ن سابه أحد أوقاتله فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده ،لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطرفرح ،وإذالقي ربه فرح بصومه)(رواه البخاري)
ويبن لنا صلوات ربي وسلامه عليه ما للصائمين يوم القيامة:
فيقول صلى الله عليه وسلم : (إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال أين الصائمون، فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلن يدخل منه أحد)(رواه البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم:(ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله. إلا باعد الله، بذلك اليوم، وجهه عن النار سبعين خريفا)(رواه مسلم).
حاله صلى الله عليه وسلم قبل قدوم رمضان :
كان صلى الله عليه وسلم شديد الزهد في الدنيا عظيم الرغبة فيما عند الله تعالى والدار الآخرة ، وخير دليل على ذلك : قيامه صلى الله عليه وسلم عملياً بالاستعداد للأمر وتهيئته النفس لاستقبال رمضان مقبلة على الخير ، نشيطة في الطاعات ؛ لتغتنم الفرصة كاملة ، هكذا كان هدي سيد الورى صلى الله عليه وسلم مع رمضان ؛ إذ قام صلى الله عليه وسلم بالعديد من الأمور قبله ، لعل من أبرزها :
إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان
عن أبي سلمة قال : (سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا)(رواه مسلم)
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان) (رواه البخاري)
تبشيره صلى الله عليه وسلم أصحابه بقدوم شهر رمضان وتهيئتهم للاجتهاد فيه بذكر بعض خصائصه وتضاعف الأجورفيه :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين) (رواه مسلم)
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة)(رواه الترمذى وصححه الألبانى)
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) (رواه البخاري)
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) (رواه البخاري)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) (رواه البخاري)
بيانه صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام : وذلك مثل :
عدم دخوله صلى الله عليه وسلم في صيام رمضان إلا برؤية شاهد أو إتمام عدة شعبان ثلاثين :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال : (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له) (رواه البخاري)
عن ابن عمر قال : (تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه ، وأمرالناس بصيامه )(رواه أبو داود وصححه الألباني )
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين) (رواه مسلم)
عن بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أنه ذكر رمضان فقال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له)(رواه مسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم قال:"إنا أمة أمية. لا نكتب ولا نحسب. الشهر هكذا وهكذا وهكذا" وعقد الإبهام في الثالثة " والشهر هكذا وهكذا وهكذا "يعني تمام ثلاثين.(رواه مسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم:(لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ، إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صومًا فليصم ذلك الصوم) (رواه البخاري ومسلم)
وعند رؤيته للهلال :
عن طلحة بن عبيد الله : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله)(رواه الترمذى)
فأين أنت من التهيؤلرمضان قبل نزوله ، فهو ضيف غنيمة لهذه الأمة ، ينزل عليهم ، فيذكر غافلهم ، ويعين ذاكرهم ، وينشِّط عالمهم ، ويشحذ همهم للطاعات ، فتمتلئ مساجدهم ، وتجود نفوسهم ،وينتصر مجاهدهم .. فما أحقه بأن تعدّ العدة لاستقباله.
ثانياً: أحواله صلى الله عليه وسلم مع ربه في رمضان:
كان نبي الهدى عليه الصلاة والسلام أعرف الخلق بربه سبحانه ، وأعظمهم قياماً بحقه .. تدرج في سلم الكمال البشري فبلغ مبلغاً يعجز عن فهمه أكثر العالمين ، فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبهوما تأخر ! ثم هو يقوم من الليل حتى تنتفخ وتتفطر قدماه ، وأحواله مع ربه في رمضان أنموذج حي يصوِّر عبادته صلى الله عليه وسلم وأشكال خضوعه لبارئه فينطق محدِّداًجوانب عدة ، أبرزها
صيامه صلى الله عليه وسلم لشهر رمضان :
وهذا بيِّن، والمراد من إيراده مع بداهته التذكير بشيء من صفة صيامه صلى الله عليه وسلم ، ومنذلك :
** النية :
النية محلها القلب ، والتلفظ بها بدعة ، وإن رآها الناس حسنة ، عن بن عمر عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)(رواه النسائى)
** سحوره صلى الله عليه وسلم :
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحور تفريقاً بين صومنا وصوم أهلالكتاب.
عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) (رواه مسلم)
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نعم سحور المؤمن التمر) (رواه أبو داود)
والسحور بركة؛ لأنه اتباع للسنة، ويقوي على الصيام، وفيه مخالفة لأهل الكتاب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة) (رواه البخاري ومسلم)
ومن أعظم بركات السحور أنالله سبحانه وملائكته يصلون على المتسحرين ، فعن أبي سعيد الخدري قال : (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : السحور أكله بركة ، فلا تدعوه و لو أن يجرع أحدكم جرعة ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين)(صحيح الجامع)
وكان صلى الله عليه وسلم يسمى السحور بالغداء المبارك : عن عرباض بن سارية قال: ( دعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى السحور في رمضان فقال : هلم إلى هذا الغداء المبارك ) (رواه أبو داود وصححه الألباني)
تأخيره للسحور :
حيث كان صلى الله عليه وسلم يتناوله قبل أذان الفجر الثاني بقليل ، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة قلت كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية)(رواه البخاري ومسلم)
عن أبي عطية قال قلت لعائشة فينا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما : (يعجل الإفطار ويؤخر السحور والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور قالت أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور قلت عبد الله بن مسعود قالت هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع) (رواه النسائى وصححه الألباني)
سن لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم تأخير السحور لأنه يقوي على الصيام ويخفف المشقة، ولأنه يتضمن الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت الشريف وقت تنزل الرحمات والنفحات وفيه التأهب لصلاة الفجر.
** أكل الناسي وشربه:
بين لنا الحبيب بأبي هو وأمي وروحي ، بين لنا أنه إذا نسي الصائم فأكل أو شرب فلا إثم عليه وليتم صومه : عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه. فإنما أطعمه الله وسقاه)(رواه مسلم).
** إفطاره صلى الله عليه وسلم :
بين لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم وقت إنقضاء الصوم فقال : (إذا أقبل الليل وأدبر النهار، وغابت الشمس ، فقد أفطر الصائم)(رواه مسلم).
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله : (أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا)(رواه أحمد)
وعنه رضى الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الدين ظاهرا ماعجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون)(رواه أبو داود وحسنه الألباني)
عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) (رواه البخاري ومسلم)
إذا كان الناس بخير؛ لأنهم سلكوا منهاج رسولهم، وحافظوا على سننه؛ فإن الإسلام يبقى ظاهراً وقاهراً، لا يضره من خالفه، وحينئذ تكون الأمة الإسلامية قدوة حسنة يتأسى بها، لأنها لن تكون ذيلاً لأمم الشرق والغرب، وظلاً لكل ناعق تميل معالريح حيث مالت.
** الفطر قبل صلاة المغرب ، وعلى ماذا يفطر؟
كان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي المغرب ، وكان يفطر على رطب أو تمر أوماء .
عن أنس بن مالك قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب قال أبو عيسى وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفطر في الشتاء على تمرات وفي الصيف على الماء) (رواه الترمذي وصححه الألبانى )
عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور) (رواه الترمذى)
** ماذا يقول عند الإفطار؟
عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)
(رواه أبو داود وحسنه الألبانى)
عن معاذ بن زهرة أنه بلغه
أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أفطر قال: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت". (رواه أبو داود)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام :
قال ابن القيم رحمة الله عليه في كتاب زاد المعاد :
كان هديه صلى الله عليه وسلم وسيرته في الطعام: لا يرد موجوداً، ولا يتكلف مفقوداً، فما قرب إليه
شيءٌ من الطيبات إلا أكله إلا أن تعافه نفسه، فيتركه من غير تحريمٍ ، عن أبي هريرة قال:
ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً قطُّ، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه.(رواه البخاري)
ولم يكن يرد طيباً ولا يتكلفه، بل كان هديه أكل ما تيسر فإن أعوزه صبر، حتى إنه ليربط على بطنه الحجر من الجوع ، ويرى الهلال والهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار،عن عروة عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقول : (والله يا بن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار قال قلت يا خالة فما كان يعيشكم قالت الأسودان التمر والماء)(رواه مسلم)
وكان إذا وضع يده في الطعام قال : بسم الله ، ويأمر الآكل بالتسمية :
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره) (رواه أبو داود وصححه الألباني)
عن عمر بن أبي سلمة أنه قال : (كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد)(رواه البخاري)
وكان صلى الله عليه وسلم إذا إنتهى من طعامه حمد الله :
عن أبي أمامة الباهلى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع مائدته قال : ( الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه ، غير مكفي ولامودع ولا مستغنىعنه ، ربنا)(رواه البخارى)
عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من أكل طعاما ، ثم قال : الحمد لله الذي أطعمني هذاالطعام ورزقنيه، بغير حول مني ولا قوة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . وقال : من لبس ثوبا ، فقال : الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه ، بغير حول مني ولاقوة ؛ غفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر) (رواه أبوداود وحسنه الألباني)
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها)(رواه مسلم)
وكان سيد ولد آدم الحبيب صلى الله عليه وسلم لايأكل متكأ: قال صلوات ربي وسلامه عليه: (لا آكل متكئاً)(رواه البخاري)
الأكل مع الخادم:
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه وَلِيَ حَرَّهُ وعِلاجه)(رواه البخاري)
سواكه صلى الله عليه وسلم في حال الصيام:
عن عامربن ربيعة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهوصائم ،مالا أحصي أوأعد .(رواه البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) (رواه البخاري)
صبه صلى الله عليه وسلم الماء على رأسه وهو صائم:
عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرْج "اسم مكان" يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر) (رواه أبوداود وصححه الألبانى)
وكان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق وهو صائم ، وينهى الصائم عن المبالغة في الاستنشاق .
سفره صلى الله عليه وسلم في رمضان ، وصومه صلى الله عليه وسلم في حين وفطره في آخر :
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : (سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهارا ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة قال بن عباس رضي الله عنهما فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر) (رواه مسلم)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه فقال ماله قالوا رجل صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من البر أن تصوموا في السفر)(رواه مسلم)
عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: (يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه قال هارون في حديثه هي رخصة ولم يذكر من الله)(رواه مسلم)
قال ابن القيم : " ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحدِّ ، ولا صح عنه في ذلك شيء ..." ومهما نقل عن أئمة الفقه ، وأهل العلم في الأفضل من الفطر ، أو الصوم في السفر فيبقى أن الصوم والفطر في السفر ، كل ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما ينبغي أن يراعيه المتعجلون بالإنكار على المفطرين أو الصائمين في السفر .. فلكل مأخذ هوحجته .
خروجه صلى الله عليه وسلم من الصيام برؤية محققة أو بإتمام الشهر ثلاثين :
يدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ) صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين ،فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا ) (رواه النسائي وصححه الألبانى)
أمور نهى عنها الحبيب :
* الإسراف فى الأكل :
قال تعالى : (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)(الأعراف : 31)
وعن مقدام بن معدي كرب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن بحسب بن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)( رواه الترمذى)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأكل المسلم في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء)(رواه البخاري)
ولقد كان طعامه قليلا متواضعا: قال عبد الله بن أنيس : (... فأُتي "أي : النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان"بعشائه فرآني أكفُّ عنه من قلِّته ) (رواه أبوداود وصححه الألباني)
من هنا ندرك أن التكلف والإسراف الذي نشهده اليوم في إفطار الناس وسحورهم هو أبعد شيء عن هديه صلى الله عليه وسلم ؛ذلك أنه يوسّع حظ النفس بما يلهي ويثقل عن الطاعة . فحري بالكيس الحازم أن يضبطالأمر ويحدَّ منه ، دون التذرع بالواهي من الحجج ، من تناول الطيب وإكرام الضيف .. بما يفوت خيراً كثيراً . وليتأس بنبيه صلى الله عليه وسلم فيما عرف من أحواله .
* قول الزور: قال صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله عز وجل حاجة أن يدع طعامه وشرابه)(رواه البخاري)
* اللغووالرفث: قال : صلى الله عليه وسلم: (ليس الصيام من الأكل والشراب ، وإنما الصيام من اللغووالرفث ، فإن سابَّـك أحد أو جَهِل عليك فقل: إني صائم)(صحيح ابن خزيمة)
عن أبي هريرة رضي الله عنه رواية قال : (إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم)(رواه مسلم)
* المبالغة فى الإستنشاق :عن لقيط بن صبرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : (بالغ في الاستنشاقإلا أن تكون صائما)(رواه أبو داود وصححه الألباني)
* الوصال فى الصوم:
عن أبي هريرة قال: (إياكم والوصال قالوا يا رسول الله : إنك تواصل قالإني لست كأحد منكمإني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)(رواه أحمد)
وأذن فيه إلى السحر، فقال:(لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)( رواه البخاري)
اعلم أيها الموفق لطاعة ربه جل شأنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حث الصائم أن يتحلى بمكارم الأخلاق وصالحها، ويبتعد عن الفحش، والتفحش، والبذاءة، والفظاظة، وهذه الأمور السيئة وإنكان المسلم مأموراً بالابتعاد عنها واجتنابها في كل الأيام؛ فإن النهي أشد أثناء تأدية فريضة الصيام.
لهذا جاء الوعيد الشديد من النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل هذه المساوىء، فقال صلى الله عليه وسلم:(رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش)(رواه ابن ماجه وصححه الألباني) فيجب على الصائم أن يبتعد عن الأعمال التي تجرح صومه.
*صوم يوم الشك: قال عماربن ياسر: (من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم) (رواه الترمذي).
*صوم يوم الفطر:عن أبي سعيد رضي الله عنه قال:(نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطروالنحر)(رواه البخاري)
هذه بعض الجوانب التي تجلي للمسلم شيئاً من صفة صومه صلى الله عليه وسلم ، والتي يظهر صلى الله عليه وسلم من خلالها حريصاً على الإتيان بمستحبات الصوم وآدابه . وهذا ما يدفع المسلم إلى أن يتأمل في صيامه ، ويعمل على تحسين حاله ، ليكون أشد تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأكثر قرباً منه .
قيامه صلى الله عليه وسلم الليل في رمضان:ولعل أبرز ما تميز به قيامه صلى الله عليه وسلم ما يلي:
أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في قيامه على إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة: كما يدل لذلك حديث عائشة قالت : (قالت ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله تنام قبل أن توتر قال تنام عيني ولا ينام قلبي) (رواه البخاري) ، وحديثها الآخر قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين) (رواه البخارى).
أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يقوم الليل كله ، بل كان يخلطه بقراءة قرآن وغيره :
يدل لذلك حديث عائشة قالت :( لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلمقرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى الصباح ، ولا صام شهرا كاملا قط ، غير رمضان )(رواه النسائى وصححه الألباني)، وحديث ابن عباس ، وفيه : ( وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن )(رواه البخاري)
أن غالب قيامه صلى الله عليه وسلم كان منفرداً ؛ خشية أن يُفرض القيام على أمته:
عن عائشة رضي الله عنها:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: (أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها). فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك . (رواه البخاري)
لقد كانشديد الخوف أن يفرض القيام على أمته فيقصِّر فيه أناس فيأثموا ، فيالها من رحمة أودعها الله جل جلاله فى قلب الحبيب بأمي هو وأمي وروحي وقلبي ، وصدق الحكيم العليم في قوله تعالي: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة : 128)
مدارسته صلى الله عليه وسلم القرآن مع جبريل عليه السلام :
فعن ابن عباس : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة). (رواه البخاري) فإذا كان هذا الحرص وتلك العناية بمدارسة القرآن ممن جمع الله له القرآن في صدره ، وتولى تفهيمه إياه ، فما أحوجنا إلى مثل هذه المدارسةلننعم بهداية القرآن الكريم ؟
ولقد أخذ القرآن الحظ الأوفى والدقائق الغالية والساعات الثمينة من حياته صلى الله عليه وسلم، فهو معجزته الكبرى الخالدة.. وهو نور وهداية للعالمين، أمره الله تعالى أن يتلوه آناء الليل وأطراف النهار،وقال سبحانه:(ورتل القرآن ترتيلا) ( المزمل : 4 )
ولم يكن صلى الله عليه وسلم تالياً للقرآن بلسانه فحسب حاشا وكلا وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه بل كان ينعكس القرآن على سلوكه وجوارحه، في ليله ونهاره، في إقامته وأسفاره، في غضبه وعند رضاه، في سره وفي علانيته، ولذا سئلت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم عن خلقه عليه السلام، فقالت: (كان خلقه القرآن).
وتجاربه مع القرآن وتفاعله مع آياته معلوم عنه ومشهور، فكان في قيامه، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، أو استغفار استغفر، أو دعاء دعا.
تواضعه وزهده صلى الله عليه وسلم :
وشواهدهكثيرة ، منها : سيلان ماء المطر من سقف المسجد على مصلاه صلى الله عليه وسلم وسجوده في ماء وطين (رواه البخاري) ،
وصلاته صلى الله عليه وسلم قيام الليل على حصير(رواه أبو داود وصححه الألباني)
واعتكافه صلى الله عليه وسلم في قبة تركية على سدتها حصير (رواه ابن ماجه وصححه الألباني) ،
وتواضع فطوره وسحوره صلى الله عليه وسلم .
ومن هذا يتبين أن الأقرب إلى هديه صلى الله عليه وسلم هو التواضع والزهد وهو : ترك ما لا ينفع في الآخرة ، والتقلل من نعيم الدنيا ، والتبسط وترك التكلف الذي يكون دافعه تواضع القلب لله تعالى وإخباته له ،وإقباله عليه ، وطمأنينته ورضاه به ، وتعلقه بنعيم الآخرة الباقي ، وهذه حقيقةالزهد ، لا أن نترك ذلك ظاهراً والقلوب شغوفة متطلعة إليه مشغولة به ، فتلك عبوديةالدنيا كعبودية الدرهم والدينار .
إكثاره صلى الله عليه وسلم من الإحسان والبر والصدقة :
كان صلى الله عليه وسلم جواداً كريماً سائر حياته ، وكان أكثر جوداً وكرماً وعطاءً في رمضان ،فقد كان أجود من الريح المرسلة ،قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة)(رواه البخاري) وكان لا يرد سائلاً، ولا يمنع محتاجا ً، مستجيباً في ذلك لتأديب ربه تعالى إياه: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)(الضحى:9-10)
وما كان صلى الله عليه وسلم يقول لأحد (لا) قط..
إذن أكبر معالم سيرته وهديه صلى الله عليه وسلم في رمضان : الجود والإعطاء والإنفاق والبذل والسخاء ، حتى الثياب التي عليه إذا سئل أعطاها.
ففي الحديث الصحيح الذى أخرجه البخارى :
عن سهل رضي الله عنه : (أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها أتدرون ما البردة قالوا الشملة قال نعم قالت نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها إزاره فحسنها فلان فقال اكسنيها ما أحسنها قال القوم ما أحسنت لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد قال إني والله ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفني قال سهل فكانت كفنه). وهكذا فقد طبق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة والقدوة قوله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر : 9)
فهل جربت أخي المسلم مرة أن تعطي أحداً شيئاً أنت في حاجة إليه ؟ وهل أنت واثق أن الله سيخلف عليك بالخير: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)( سبأ : 39 )
دعوة إلي الجود:
وهاهو بأبي وأمي وروحي وقلبي ، نبع الكرم والجود يحثنا علي البذل والعطاء فيقول صلوات ربي وسلامه عليه : "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا". (رواه الترمذي)
جهاده صلى الله عليه وسلم في رمضان وجعله منه شهر بلاء وبذل وفداء :
قال أبو سعيد الخدري : ( كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان) (رواه مسلم)
لقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسع من غزوات المسلمين أيام حياته، وقد كانت اثنتان منهما في رمضان، وكانت لهما مكانة كبيرة وخطر جسيم وهما غزوة بدر، وفتح مكة ونتائجهما عظيمة الأثر في تاريخ الاسلام.
اعتكافه صلى الله عليه وسلم وخلوته بربه سبحانه :
والمتأمل في حاله في الاعتكاف يلحظ ما يلي :
**اعتكافه صلى الله عليه وسلم في المدينة في رمضان منكل سنة ، وتقلبه صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف في كل عشر من الشهر ، ثم استقرارهفي آخر الأمر على الاعتكاف في العشر الأواخر منه ، لإدراك ليلة القدر:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان. ثم اعتكف العشر الأوسط. في قبة تركية على سدتها حصير. قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة. ثم أطلع رأسه فكلم الناس. فدنوا منه. فقال:"إني اعتكفت العشر الأول. ألتمس هذه الليلة. ثم اعتكفت العشر الأوسط. ثم أتيت. فقيل لي: إنها في العشر الأواخر. فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف"(رواه مسلم)
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله. (رواه البخاري)
**عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. (رواه البخاري)
** أمره صلى الله عليه وسلم بأن يُضرب له خباء في المسجد يلزمه يخلو وحده فيه بربه(رواه ابن ماجه وصححه الألباني)قال ابن القيم : " كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون "
** دخوله صلى الله عليه وسلم معتكفه إذا صلى فجر اليوم الأول من العشر التي يريد اعتكافها: يدل لذلك قول عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ، ثم دخل معتكفه )(رواه مسلم)
** حرصه صلى الله عليه وسلم وهو معتكف على حسن مظهره ونظافة جسده ، كما في ترجيل عائشة شعره .
** زيارة أزواجه صلى الله عليه وسلم في حال اعتكافه وحديثه معهن : يدل لذلك حديث صفية قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً فأتيته أزوره ليلاً فحدثته ثم قمت ... ) (رواه البخارى)
** عدم خروجه صلى الله عليه وسلم من معتكفه إلا لحاجة : يدل لذلك قول عائشة : أنه صلى الله عليه وسلم ( كان لا يدخل البيت إلا لحاجة ، إذا كان معتكفاً )(رواه البخاري)
وربما أخرج بعض جسده من المعتكف لحاجة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه من المسجد، وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض (رواه البخاري)
عن عائشة رضي الله عنها:أنها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وسلم وهي حائض ، وهو معتكف في المسجد، وهي في حجرتها، يناولها رأسه. (رواه البخاري)
** خروجه صلى الله عليه وسلم من معتكفه مصبحاً لا ممسياً من الليلة التي تلي اعتكافه : كما في حديث أبي سعيد الخدري:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأوسط من رمضان ، فاعتكف عاماً حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين ، وهي الليلة التي يخرج من صبيحتها من اعتكافه .(رواه البخاري)
.
وفي اعتكافه صلى الله عليه وسلم وانقطاعه من نفسه ليجتهد في ذكرربه وعبادة مولاه مع كونه المنتصب لدعوة الناس القائم بشؤون الأمة : دليل على مسيس حاجة الدعاة إلى أوقات خلوة ومراجعة ومحاسبة ، وإن التقصير في ذلك يرسخ عيوب النفس ويزيد أمراضها ، حتى تكون مزمنة ، كما أن حرمان القلب من زادِهِ مورث لقسوته وغفلته وقلة بصيرته ، وأيضاً فإن ترك استمداد عون المعين طريق الخذلان .
ومن أفضل السبل لتدارك ذلك : الخلوة بالنفس لتجديدها ، ولا أفضل من الاعتكاف لتحقيق ذلك . وقد كثر في الناس ترك هذه السنة المباركة ، قال الإمام الزهري : "عجباً للمسلمين ! تركوا الاعتكاف ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما تركه منذ قدم المدينةحتى قبضه الله عز وجل "
** حرصه صلى الله عليه وسلم على تحري ليلة القدر:
عن بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر)(رواه مسلم)
** اجتهاده صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر وتركه النوم في لياليها: قالت عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل ،وأيقظ أهله،وجد وشد المئزر)
(رواه مسلم)
وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره. (رواه مسلم)
** حرصه صلى الله عليه وسلم على مخالفة أهل الكتاب في أعمال رمضان :وهذا بيِّن من قوله صلى الله عليه وسلم : (لا يزال الناس بخير ما عَجَّلُوا الفطْر ، عَجِّلُوا الفطر فإن اليهود يؤخرون)(رواه ابن ماجه وصححه الألباني)
** إكثاره صلى الله عليه وسلم من العمل في رمضان في آخر حياته :
عن أبي هريرةقال : ( كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة ، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان يعتكف كل عام عشراً ، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه )(رواه البخاري)
زكاة الفطر:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
صيام ست من شوال :
ولتعلق قلب الحبيب صلى الله عليه وسلم بهذا الركن من أركان الإسلام ، وهو الصوم ، فما كاد بأبي هو وأمي وروحي أن ينتهي من صوم هذا الشهر حتي إشتاقت روحه للصيام مرة ثانية فقال صلوات ربي وسلامه عليه : (من صام رمضان. ثم أتبعه ستا من شوال. كان كصيام الدهر) (رواه مسلم)
تلك معالم بارزة وصور مضيئة في صون الحبيب صلى الله عليه وسلم لأشرف علاقة في حياة الإنسان ، وتحقيقه لغاية المحبة لمولاه عز وجلبقيامه بأمره ورعايته لدينه وتكميله لطاعته . إنها النبراس لسالك الصراط المستقيم ،من حاد عنها اضطرب أمره وتفرق شأنه ، ولم يزل في عوج ولُجَج حتى يبغي طريقاً إلى سنته صلى الله عليه وسلم .
أحواله صلى الله عليه وسلم معزوجاته في رمضان :
من تتبع حاله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته في رمضان علم مدى التوازن الضخم الذي كان محققاً له صلى الله عليه وسلم في حياته ؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم كما وصف نفسه : ( إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا ) (رواه البخاري) ، ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) (رواه الترمذى وصححه الألباني) .
وتبرز أحواله مع أهله مما يلي :
**تعليمهن :ومن ذلك : أن عائشة قالت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ماأقول فيها ؟ قال: قولي : (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) (رواه مسلم)،
وحديثها رضى الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)(رواه البخاري ومسلم)،
وحديث حفصة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)(رواه أبوداود وصححه الألباني)
بل إن إخبارهن بجانب من عشرتهن وما علمنه من حاله صلى الله عليه وسلم كان طريق الأمة لمعرفة كثير من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان وذلك لا يخفى.
**حثه صلى الله عليه وسلم لهن على فعل الخير وإتيان العمل الصالح :
ومن الأحاديث الدالة على ذلك حديث علي رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان) (رواه الترمذي وصححه الألباني)
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول : تحرواليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) (رواه البخاري)،
وحديث أبي ذر رضي الله عنه قال( ... ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، وصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح ؟ قال السحور ) (رواه الترمذي وصححه الألباني)،
وروى الترمذي من حديث زينب بنت أم سلمة قالت:(لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحداً من أهله يطيق القيام إلا أقامه).
من هذه الآثار ندرك حكمة من حِكَم تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلموكثرتهن مع انشغاله بأمر الأمة ؛ فقد كان ذلك جزءاً أساساً من عملية إرشاد الأمة وتعليمها الإسلام كافة بكل جوانبه الشمولية ، ولم يكن شيء من ذلك يتحقق لولا عنايته عليه الصلاة والسلام بتعليمهن : إرشاداً وتوجيهاً وإجابة وبياناً وترغيباً وترهيباً . وهذا فوق أنه منطلق دعوي مهم ، فهو رعاية للمسؤولية الأولى ، وحفظ لكيان البيت والأسرة من الجهل والكسل،فَحَيَّ على أسركم يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ و الْحِجَارَةُ)(التحريم :6)
** إذنه صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضي الله عنهن بالاعتكاف معه:
يدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكفالعشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت)
(رواه البخاري)
**حسن عشرته صلى الله عليه وسلم لهن:
ومن الأمور الدالة على ذلك:
** تقبيله صلى الله عليه وسلم لزوجاته ومباشرته لهن وهوصائم : قالت عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل في شهر الصوم) (رواه مسلم)
**عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها رضي الله عنهما قالت:(بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخميلة، إذ حضت، فانسللت، فأخذت ثياب حيضتي، فقال: ما لك أنفست؟. قلت: نعم، فدخلت معه في الخميلة، وكانت هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسلان من إناء واحد، وكان يقبلها وهو صائم)(رواه البخاري)
**كان يجامع نساؤه في ليل رمضان ولايهجرهن : فعن عائشة وأم سلمة، زوجي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنهما قالتا: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنبا من جماع، غير احتلام، في رمضان، ثم يصوم)(رواه مسلم).
**زيارة نسائه صلى الله عليهوسلم له في معتكفه وتبادله الحديث معهن ساعة ، وخوفه صلى الله عليه وسلم عليهن وحمايته لهنَّ ، قالت صفية : ( كان صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فَرُحْن ، فقال لصفية بنت حيي : لا تعجلي حتى أنصرف معك ، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج صلى الله عليه وسلم معها) (رواه البخاري)
**اعتناؤه صلى الله عليه وسلم بمظهره وتنظيفه لجسده:
فأين هذا ممن حظ أهله من أخلاقه أسوؤها ، ومنأوقاته آخرها ، ومن تفكيره فضلته ، ومن اهتمامه ثمالته .. حتى ما عادوا يطمعون فيبره ، ولا يأملون في خيره ؟ ! ثم هو يرجو منهم براً وإحساناً ! إنك لا تجني من الشوك العنب ! .
** خدمة نسائه صلى الله عليه وسلم له ، ومن ذلك :
تغسيل زوجه صلى الله عليه وسلم رأسه وترجيلها لشعره وهو صلى الله عليه وسلم معتكف .
وضرب زوجه الخباء له صلى الله عليه وسلم في المسجد ليعتكف فيه )رواه البخاري) ،
وضرب زوجه الحصير له صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه وطيها له (رواه أحمد) ،
ومنه : إيقاظ أهله صلىالله عليه وسلم له ، كما في حديث أبي هريرة ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أُريت ليلة القدر ، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها ، فالتمسوها في العشر الغوابر)(رواه مسلم).
** زواجه صلى الله عليه وسلم ببعض نسائه في رمضان : كزينببنت خزيمة أم المساكين ، و حفصة ، و زينب بنت جحش .
وبعد :
فإن من أوكد الواجبات بداية الرجل عموماً والداعية خصوصاً بتعليم أهله وقرابته ، قال تعالى:(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)(الشعراء : 214) ، وإذا كان إنفاق الرجل على أهله أفضل من الصدقة وأعظم منها أجراً (رواه البخاري) ، فإن تعليمه وحسن معاملته لهم أفضل وأعظم أجراً من تقديم ذلك لغيرهم مع الأهمية في كلٍ ، فنحن بحاجة إلى إحياء شعار : ( ابدأ بمن تعول ) (رواه البخاري) ، مع بَعْثِ منهج التوازن والوسطية النبوية التي لا تهمل جانباً على حساب آخر.
أحواله صلى الله عليه وسلم مع أمته في رمضان:حاله صلى الله عليه وسلم مع أمته في رمضان هو جزء لا يخرج عن الصورة العامة لهديه في سائر العام ، مع مزيد توجيه وتعليم فيما يخص رمضان،وقد تقلب صلى الله عليه وسلم مع صحابته في هذا الشهر بين أحوال عدة، جملتها فيما يأتي :
**تعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه ومن ذلك:حديث شداد بن أوس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل بالبقيع ، وهو يحتجم ، وهو آخذ بيدي ، لثماني عشرة خلت من رمضان ، فقال : أفطر الحاجم والمحجوم)(رواه أبوداود وصححه الألباني) .
والتعليم مهمة الأنبياء وأتباعهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إن اللهلم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ، ولكن بعثني معلماً ميسراً ) (رواه مسلم) ،
**إرشاده صلى الله عليه وسلم لأصحابه وتوجيهه ووعظه لهم . ومن ذلك:
حديث ابن عمر قال : « اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان ، فاتُّخِذَ له فيه بيت من سعف ، قال : فأخرج رأسه ذات يوم ، فقال : إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه ،ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة ( (رواه أحمد)
**تحفيزه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على المبادرة في العمل الصالح وبيان ثواب ذلك لهم . ومنه : حديث أبي هريرةفي الحث على الصيام ، وفيه : ( والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند اللهتعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ، الصيام لي وأنا أجزي به ،والحسنة بعشر أمثالها )(رواه البخاري) وتحفيزه صلى الله عليه وسلم : دليل على حرصه علىنفع صحبه الكرام ، وعلى أن النفوس مهما بلغت من الكمال والمسابقة في الخيرات لاتستغني عن النصح والتوجيه ترغيباً وترهيباً .
** إفتاؤه صلى الله عليه وسلم لمن سأله من أصحابه ، وعدم معاتبتهلمن أذنب وجاء تائبا مستفتياً : فعن عائشة قالت : ( أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد في رمضان ، فقال : يا رسول الله ! احترقت احترقت ! فسأله رسولالله صلى الله عليه وسلم ما شأنه ؟ فقال : أصبت أهلي ، قال : تصدَّق ، فقال : والله يا نبي الله ! ما لي شيء وما أقدر عليه ، قال : اجلس فجلس ، فبينا هو على ذلك أقبلرجل يسوق حماراً عليه طعام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين المحترق آنفاً ؟ فقام الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تصدق بهذا ، فقال : يا رسول الله ! أغيرنا ؟ فوالله ! إنا لجياع ما لنا شيء ! قال : فكلوه ) (رواه البخاري) ،
ومثله حديث سلمة بن صخر الأنصاري )رواه الترمذي وصححه الألباني)
**إمامته صلى الله عليه وسلم بالناس : وقد أَمَّ أصحابه في قيام الليل في بعض ليالي رمضان ، وما منعه من الاستمرار إلا خشيته صلى الله عليه وسلم من أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها .
** خطبته صلى الله عليه وسلم فيهم وحديثه إليهم عقب بعض الصلوات (رواه البخاري)
**جعله صلى الله عليه وسلم من نفسه قدوة لأصحابه ، ومن الدلائل على ذلك :
*خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليصلي فيه من الليل ، كما في حديث عائشة ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته ... ( (رواه البخاري)
*اعتكافه صلى الله عليه وسلم لتحري ليلة القدر ، وحثه لأصحابه على ذلك .
*إفطاره صلى الله عليه وسلم في السفر بعد العصر ليراه أصحابه ، وذلك بعد أن بلغ بهم الجهد مبلغه .
*رحمته صلى الله عليه وسلم بأصحابه ومن الأمور الدالة على ذلك:
*أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالإفطار في السفر قبل ملاقاة العدو ، فعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرالناس في سفره عام الفتح بالفطر ، وقال : تقووا لعدوكم . وصام رسول الله صلى اللهعليه وسلم ()رواه أبوداود وصححه الألباني)
*ومن رحمته : نهيه صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن الوصال رحمة بهم ، وحثه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على تعجيل الفطر وتناول السحور ، وتركه صلى الله عليه وسلم الصلاة بأصحابه جماعة في قيام الليل خشية من أن تفرض عليهم ،وتخفيفه صلى الله عليه وسلم الصلاة حين كان إماماً بهم .
*حثه صلى الله عليه وسلم لأصحابه على طهارة النفس وتوقي الذنوب . ولذا قال : (رب صائم حظه منصيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر ) (رواه أحمد)
لقد توجهت عناية كثير إلى إصلاح الظاهر والشدة فيه وإنكار المعاصي والذنوب الجليَّة ، مع ضعفٍ في تناول ذنوب القلب وأمراضه التي تورث ذنوب الجوارح ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) (رواه البخاري)،
وهذا يعني أن من الصعب النجاح في إصلاح الظاهر ما لميُعتن بالباطن العناية التي يستحقها مع تجنب إهمال الظاهر ، حتى يتهيأ لنظرة الرضى من الرب تعالى ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : ) إن الله لا ينظر إلى صوركموأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ( (رواه مسلم)
**استقباله صلى الله عليه وسلم لمن وفد عليه . قال ابن إسحاق : ( وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك ، وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف)
إن مخالطته صلى الله عليه وسلم للناس في رمضان صفحة من جهده الدعوي فيه ، وهو ما يحتاجه الدعاة للتأسي به.
.
** أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بإخراج زكاة الفطر من رمضان .
**إيكاله صلى الله عليه وسلم بعض الأعمال إلى أصحابه ، كماوكّل أبا هريرة بحفظ زكاة رمضان (رواه البخاري)
وفي هذا تخفيف من الجهد عليه ؛ لأنالشخص بمفرده لا يطيق القيام بجميع المهام ، فلا مفرّ من توكيل الآخرين وتفويضهم فيالقيام بالأعمال وإنجاز المهام ، وهذا يعكس في الوقت نفسه ثقة الداعية في أصحابه ،وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يعامل صحبه الكرام ، حتى كانوا رجال أمة ودولة.
وأخيراً : فأحسب تلك الصفحات قد أطلعتنا على جزء يسير من سيرته العطرة صلىالله عليه وسلم . فما أمسَّ حاجتنا إلى التنعم في ظل سيرته صلى الله عليه وسلم والعيش مع أخباره ، والتعرف على أحواله ، وترسم هديه وطريقته ... كيف لا ؛ وذلك الطريق هو السبيل الأوحد لنيل محبة الخالق تعالى والقرب منه ، كما قال عز وجل : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(آل عمران : 31(
تعليق