تحري ليلة القدر
د/ محمد أحمد عبد الغني
ليلة القدر في ليالي شهر رمضان، ويُمكن التماسها في العشر الأواخر منه، وفي الأوتار خاصة،
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يومًا محددًا؛ فهي ليلة متنقلة، فقد تكون في سنةٍ ليلةَ خمس وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين، ولقد أخفى الله تعالى علمها؛ حتى يجتهد الناس في طلبها،
فيُكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها، وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة؛ يقول البغوي - رحمه الله تعالى -: وفي الجملة أبهم الله هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة في ليالي رمضان طمعًا في إدراكها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر، ويأمر أصحابه بتحرِّيها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر الأواخر من رمضان؛
رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وكان يشدُّ المئزر، وذلك كناية عن جدِّه واجتهاده عليه الصلاة والسلام في العبادة في تلك الليالي، واعتزاله النساء فيها؛
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر"[1]، وقولها: "أحيا الليل"؛ أي: سهره، فأحياه بالطاعة، وقولها: "وأيقظ أهله"؛ أي: للصلاة بالليل، وقوله: "وشد مئزره"؛ أي: اعتزل النساء ليتفرغ للعبادة صلوات الله وسلامه عليه2]
وفي رواية: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"[3]، وعن علي بن أبي طالب أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كانيوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان[4]،
وروي عن ربيبة النبي زينب بنت أم سلمة أنها قالت: لم يكن النبي إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه[5].
فحريٌّ بكل مؤمن صادق يخاف عذاب ربه، ويخشى عقابه، ويهرب من نار تلظى، حريٌّ به أن يقوم هذه الليالي،
ويعتكف فيها بقدر استطاعته، تأسيًا بالنبي الكريم، نبي الرحمة والهدى صلى الله عليه وسلم، فما هي إلا ليالٍ عشر، ثم ينقضي شهر الخير والبركة، ما هي إلا ليالٍ معدودات، ويرتحل الضيف العزيز بكل فرح وشوق، وبكل لهفة وحب.
فليحرص الجميع على أداء صلاتي التراويح والتهجُّد جماعة في بيوت الله تعالى طمعًا في رحمته وخوفًا من عذابه،
كما يحرص الواحد منا على جمع ماله، فكم هم الناس اليوم الذين نجدهم حول آلات الصرف الآلي؟!
وكم هم الناس اليوم الذين نجدهم على الأرصفة، وحول شاشات التلفاز، والفضائيات، متحلقين وقد غشيتهم السكينة، وهدأت منهم الحركات، فهم جمود لا يتكلمون، وأسرى شاشات لا يُطلقون، وكلهم مسيئون ومذنبون والعياذ بالله؟! وهذه العشر هي ختام شهر رمضان، والأعمال بالخواتيم،
ولعل أحدنا أن يدرك ليلة القدر وهو قائم يصلي بين يدي ربه - سبحانه وتعالى - فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه.
وعلى المسلم أن يحث أهله ويُنشِّطهم ويرغِّبهم في قيام هذه الليالي للاستزادة من العبادة، وكثرة الطاعة وفعل الخير؛
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتَّح أبواب الجنة، وتغلق أبواب الجحيم، وتغل الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم))[6]،
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعًا: ((أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا،
ويستجيب فيه الدعاء، ينظر إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله))[7].
فتنافسوا عبادَ الله في طاعة ربكم، وأروا ربكم منكم خيرًا، واحذروا من الوقوع في الذنوب والمعاصي، فكل مؤاخذ بما فعل،
وبما قال؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]،
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ [يونس: 61].
ليلة القدر في ليالي شهر رمضان، ويُمكن التماسها في العشر الأواخر منه، وفي الأوتار خاصة،
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يومًا محددًا؛ فهي ليلة متنقلة، فقد تكون في سنةٍ ليلةَ خمس وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين، ولقد أخفى الله تعالى علمها؛ حتى يجتهد الناس في طلبها،
فيُكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها، وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة؛ يقول البغوي - رحمه الله تعالى -: وفي الجملة أبهم الله هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة في ليالي رمضان طمعًا في إدراكها.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر، ويأمر أصحابه بتحرِّيها، وكان يوقظ أهله في ليالي العشر الأواخر من رمضان؛
رجاء أن يدركوا ليلة القدر، وكان يشدُّ المئزر، وذلك كناية عن جدِّه واجتهاده عليه الصلاة والسلام في العبادة في تلك الليالي، واعتزاله النساء فيها؛
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر"[1]، وقولها: "أحيا الليل"؛ أي: سهره، فأحياه بالطاعة، وقولها: "وأيقظ أهله"؛ أي: للصلاة بالليل، وقوله: "وشد مئزره"؛ أي: اعتزل النساء ليتفرغ للعبادة صلوات الله وسلامه عليه2]
وفي رواية: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره"[3]، وعن علي بن أبي طالب أن النبي صلوات الله وسلامه عليه كانيوقظ أهله في العشر الأواخر من شهر رمضان[4]،
وروي عن ربيبة النبي زينب بنت أم سلمة أنها قالت: لم يكن النبي إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه[5].
فحريٌّ بكل مؤمن صادق يخاف عذاب ربه، ويخشى عقابه، ويهرب من نار تلظى، حريٌّ به أن يقوم هذه الليالي،
ويعتكف فيها بقدر استطاعته، تأسيًا بالنبي الكريم، نبي الرحمة والهدى صلى الله عليه وسلم، فما هي إلا ليالٍ عشر، ثم ينقضي شهر الخير والبركة، ما هي إلا ليالٍ معدودات، ويرتحل الضيف العزيز بكل فرح وشوق، وبكل لهفة وحب.
فليحرص الجميع على أداء صلاتي التراويح والتهجُّد جماعة في بيوت الله تعالى طمعًا في رحمته وخوفًا من عذابه،
كما يحرص الواحد منا على جمع ماله، فكم هم الناس اليوم الذين نجدهم حول آلات الصرف الآلي؟!
وكم هم الناس اليوم الذين نجدهم على الأرصفة، وحول شاشات التلفاز، والفضائيات، متحلقين وقد غشيتهم السكينة، وهدأت منهم الحركات، فهم جمود لا يتكلمون، وأسرى شاشات لا يُطلقون، وكلهم مسيئون ومذنبون والعياذ بالله؟! وهذه العشر هي ختام شهر رمضان، والأعمال بالخواتيم،
ولعل أحدنا أن يدرك ليلة القدر وهو قائم يصلي بين يدي ربه - سبحانه وتعالى - فيغفر الله له ما تقدم من ذنبه.
وعلى المسلم أن يحث أهله ويُنشِّطهم ويرغِّبهم في قيام هذه الليالي للاستزادة من العبادة، وكثرة الطاعة وفعل الخير؛
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: ((قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتَّح أبواب الجنة، وتغلق أبواب الجحيم، وتغل الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم))[6]،
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعًا: ((أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فيُنزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا،
ويستجيب فيه الدعاء، ينظر إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله))[7].
فتنافسوا عبادَ الله في طاعة ربكم، وأروا ربكم منكم خيرًا، واحذروا من الوقوع في الذنوب والمعاصي، فكل مؤاخذ بما فعل،
وبما قال؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]،
وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ [يونس: 61].
[1] رواه البخاري (2024) ومسلم (2/ 832).
[2] ينظر: الفتح؛ لابن حجر (4/ 316).
[3] رواه مسلم (2/ 832).
[4] روى الترمذي (795)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[5] رواه محمد بن نصر في "قيام رمضان" (مختصره)، وفي إسناده: ابن لهيعة، وهو ضعيف لا يحتج به.
[6] أخرجه أحمد والنسائي.
[7] أخرجه الطبراني ورواته ثقات.
المصدر/ شبكة الألوكة
تعليق