وصايا جبريل عليه السلام
هذه وصايا أوصى بها أمينُ السماء جبريلُ عليه السلام أمينَ الأرض محمداً صلى الله عليه وسلم، وهي وصايا عظيمة جليلة، كل وصية منها تستوجب الوقوف عندها وقفات طويلات للتأمل والتدبر؛ لما حوته من المواعظ العظيمة، والعبر الجليلة، فما أحرانا أن نقف عند هذه الوصايا وقفة تأمل وتدبر، عسى الله أن يفتح قلوبنا لها، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
الاستعداد للموت فإنه آتٍ لا محالة
روى الحاكم في مستدركه من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس). فهذه خمس وصايا أوصى بها أمينُ الوحي في السماء أمينَ الوحي في الأرض، وكل وصية من هذه الوصايا تحتاج إلى وقفة تفكّر وتأمل، فجبريل يذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، ومحمد صلوات ربي وسلامه عليه يقوم بتذكير الأمة، والذكرى تنفع المؤمنين، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:21-26]. فهذه خمس وصايا: الوصية الأولى: (يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت)، وهذا مصداق قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، ومصداق قول الحق تبارك وتعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، فالكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]. والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءْه وإنه للفيصل الذي بهِ يعرف ما للعبد عند ربهِ والقبر روضة من الجنانَ أو حفرة من حفر النيرانِ لذلك أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة فقال: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) أي: قاطع اللذات الذي يحول بين العبد وبين لذاته وشهواته. يقول ابن عمر : (كنت عاشر عشرة من الأنصار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: من أكيس الناس يا رسول الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكيس الناس أكثرهم للموت ذكراً، وأشدهم له استعداداً، أولئك هم الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وشرف الآخرة)، وليست القضية قضية الموت فقط، لكن ليت شعري كيف ستكون الخواتيم؟ وليت شعري كيف سيختم لكل واحد منا أعلى طاعات أم على مخالفات ومنكرات؟ يقول الله تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، فمن عاش على الطاعة مات على طاعة، وبعث على طاعة بإذن الله، ومن شب على حب المعصية، شاب على حب المعصية، ومات عليها والعياذ بالله.
هذه وصايا أوصى بها أمينُ السماء جبريلُ عليه السلام أمينَ الأرض محمداً صلى الله عليه وسلم، وهي وصايا عظيمة جليلة، كل وصية منها تستوجب الوقوف عندها وقفات طويلات للتأمل والتدبر؛ لما حوته من المواعظ العظيمة، والعبر الجليلة، فما أحرانا أن نقف عند هذه الوصايا وقفة تأمل وتدبر، عسى الله أن يفتح قلوبنا لها، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
الاستعداد للموت فإنه آتٍ لا محالة
روى الحاكم في مستدركه من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس). فهذه خمس وصايا أوصى بها أمينُ الوحي في السماء أمينَ الوحي في الأرض، وكل وصية من هذه الوصايا تحتاج إلى وقفة تفكّر وتأمل، فجبريل يذكر محمداً صلى الله عليه وسلم، ومحمد صلوات ربي وسلامه عليه يقوم بتذكير الأمة، والذكرى تنفع المؤمنين، فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:21-26]. فهذه خمس وصايا: الوصية الأولى: (يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت)، وهذا مصداق قول الحق تبارك وتعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، ومصداق قول الحق تبارك وتعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، فالكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27]. والموت فاذكره وما وراءه فما لأحد عنه براءْه وإنه للفيصل الذي بهِ يعرف ما للعبد عند ربهِ والقبر روضة من الجنانَ أو حفرة من حفر النيرانِ لذلك أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة فقال: (أكثروا من ذكر هاذم اللذات) أي: قاطع اللذات الذي يحول بين العبد وبين لذاته وشهواته. يقول ابن عمر : (كنت عاشر عشرة من الأنصار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل: من أكيس الناس يا رسول الله؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكيس الناس أكثرهم للموت ذكراً، وأشدهم له استعداداً، أولئك هم الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وشرف الآخرة)، وليست القضية قضية الموت فقط، لكن ليت شعري كيف ستكون الخواتيم؟ وليت شعري كيف سيختم لكل واحد منا أعلى طاعات أم على مخالفات ومنكرات؟ يقول الله تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، فمن عاش على الطاعة مات على طاعة، وبعث على طاعة بإذن الله، ومن شب على حب المعصية، شاب على حب المعصية، ومات عليها والعياذ بالله.
مفارقة الأحباب والأصحاب كائنة لا محالة
الوصية الثانية: (أحبب من شئت فإنك مفارقه)، وكل وصية من هذه الوصايا مرتبطة بالتي قبلها، يقول الله جل في علاه: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ(ال عمران). فـ(أحبب من شئت فإنك مفارقه)، فيا من تحب الزوجة! وطِّن نفسك على الفراق، ويا من تحب الصبية الصغار! وطِّن نفسك على الفراق، ويا من تحب الأصحاب والأحباب! وطِّن نفسك واستعد للفراق والانتقال من دار إلى دار. واعلم -بارك الله فيك- أن بعض المحبَّات قد تنقلب إلى عداوات يوم القيامة، فاعرف من تحب -بارك الله فيك-، وما أجمل المحبة في الله! وما أجمل العطاء في الله! وما أجمل البذل في الله! وما أجمل الاجتماع في الله - تبارك وتعالى-! (أحبب من شئت فإنك مفارقه)، فبعض المحبات قد تنقلب إلى عداوات: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا [الفرقان:27-29]. وقوله: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]، فاعرف من تحب. يمر أقاربي جنبات قبري كأن أقاربي لا يعرفوني وذو الميراث يقتسمون مالي ولا يألون إن جحدوا ديوني وقد أخذوا سهامهم وعاشوا فيا الله! ما اسرع ما نسوني احتضر أحد الصالحين فاجتمع أولاده من حوله، فاجتمعت الزوجة والأبناء والبنات، فقال للزوجة: ما يبكيك؟ قالت: أبكي ترملي من بعدك، وقال للأولاد: وأنتم ما يبكيكم؟ فقالوا: نبكي يتمنا من بعدك، فقال: تباً لكم! كلكم يبكي على دنياي، أما منكم من يبكي على آخرتي؟ أما منكم من يبكي عليّ إذا وُسَّدتُ التراب، وفارقني الأهل والأحباب
اعمل ما شئت فإنك مجزي به
الوصية الثالثة: (واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به)، فيا من تعمل الصالحات أبشر! فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، ويا من تعمل السيئات لا تغتر بإمهال الله لك، وقوله: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:30] . وقوله: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47] ، وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]. وروى صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيها لكم يوم القيامة، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه). فماذا يسرك أن ترى في ذلك الكتاب؟ وماذا تحب أن ترى في ذلك الكتاب الذي كتبته أنت؟ أتحب أن ترى فيه أغاني ومسلسلات، ورقص وغناء، وربا وزنا، وفواحش ومنكرات؟ أم تريد أن ترى فيه ما يبيضّ به وجهك في ذلك اليوم العظيم، فاتقوا الله
شرف المؤمن قيامه بالليل
قوله: (واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل)، فيا الله ما أجمل تلك الساعات! وما أجمل تلك اللحظات عندما يخلو أولئك الصادقون مع رب الأرض والسموات في مدرسة الصدق والإخلاص! وفي مدرسة المجاهدة والتربية في ظلام الليل حيث لا يراهم إلا الله تبارك وتعالى، وقد أثنى عليهم ربهم حين تركوا الفرش والنساء واللذات من أجل الوقوف بين يدي حبيبهم تبارك وتعالى، فقال عنهم: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [السجدة:16]، فلما أخفوا عبادتهم وقيامهم عن الناس أخفى الله ما أعد لهم من عظيم الأجر حين يلقونه تبارك وتعالى، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ [السجدة:17-18]، أفمن صلى وقام كمن رقد ونام؟ أبداً لا يستوون. (واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل)، وتأمل بارك الله فيك الفرق بين الشرف في الحديث وبين الشرف اليوم، فاليوم انقلبت الموازين، وسميت الأشياء بغير أسمائها، فأصبحنا نسمع عن غناء شريف، وعن رقص شريف، وعن فن شريف، وعن فواحش شريفة، فغيروا الأسماء، وغيروا المسميات، فيا الله! فهذه أشراط الساعة قد ظهرت فينا كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن من ورائكم أياماً خداعات: يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وتتكلم فيها الرويبظة، وتسمى الأشياء بغير مسمياتها)، بل إنّ كثيراً من الناس يرى أن الشرف في الحسب والنسب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه)، والله يقول: فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ [المؤمنون:101]، ويقول: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، اللهم! اجعلنا منهم ومعهم.
عزّ المؤمن في استغنائه عن الناس
والوصية الأخيرة من وصايا جبريل عليه السلام وصية عظيمة نحتاجها اليوم، قال فيها: (واعلم أن عز المؤمن استغناؤه عن الناس)، ومعنى هذا أن يتعلق العبد بالله، كما جاء في حديث ابن عباس : (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، فلا يقِّدم للمخلوق سؤالاً، ولا يتقرب إلى المخلوق؛ فقد عزه استغناؤه عن الغير، فلا يحتاج إلا إلى الله تبارك وتعالى، فتراه يأكل ويشرب من كده وتعبه وعرقه، واعلم أن سؤال الناس مذلة، وليس بعيب أن نعمل، لكن العيب كل العيب أن نكون عالة على الآخرين، فقد عمل الأنبياء، وما من نبي إلا ورعى الغنم، وعمل موسى عليه السلام حتى يعف نفسه، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم لأهل مكة؛ حتى لا يحتاج إلى الآخرين، وهكذا كان العلماء الربانيون يتكسبون كي يعفوا أنفسهم، وكانوا لا يأخذون أعطيات ولا مداهنات الأمراء والوزراء؛ حتى تكون الكلمة قوية، وحتى يستطيعوا أن يصدعوا بالحق، فالاستغناء عن الغير عزّ. وقد دخل أحد الأمراء على عالم من العلماء وهو بين طلابه، مادّاً رجليه متبسطاً بين طلابه، فظن أنه بأُعطيته قد يستطيع أن يستحوذ على ذلك العالم، فلما جاء لم يقم له العالم للسلام عليه، بل سلم عليه وهو جالس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وهدي محمد أولى بالاتباع من مداهنة المخلوقين، فظن ذلك الأمير أنه يستطيع أن يستحوذ على ذلك العالم بعطيته أو بماله، فأرسل إليه من يعطيه آلافاً مؤلفة من الدنانير، فقال العالم: ردها إليه، وأخبره أن من مدّ رجليه لا يمد يديه. والتقى أحد الأمراء مع أحد العلماء في بيت الله الحرام، فأراد هذا الأمير أن يتقرب إلى هذا العالم فقال له: هل لك من حاجة نقضيها لك؟ قال: والله! إني لأستحي أن أسألك وأنا في بيته، فتحين هذا الأمير خروج هذا العالم من بيت الله الحرام، فلما التقاه في الخارج قال: والآن ألك حاجة نقضيها؟ فقال العالم: أمن حوائج الدنيا هي أم من حوائج الآخرة؟ قال: بل من حوائج الدنيا، قال: ما سألت الذي يملكها أأسألك أنت؟!! (واعلم أن عز المؤمن استغناؤه عن الغير)، ولن يكون ذلك إلا إذا تعلق بالله، وعرف كيف يطرق أبواب السماء، وعرف كيف يفتح أبواب السماء بالدعاء والسؤال والذل والمسكنة لرب الأرض والسماوات، وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18]. يقول جبريل: (عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزُّه استغناؤه عن الغير). اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واغننا بفضلك عمن سواك،
تعليق