السلامُ عليكم و الحمدُ للـهِ على عظيمِ فضله و الصلاةُ والسلامُ على حبيبـه وسيِّدِ خَلقه:
بعدَ رحلتي لبلاد الحرمَيـن -حماها اللـهُ من كل سوء- قد استوقفتني عجائـبٌ و غرائـبٌ تشـدُّ الأذهـان... ينتجُ عنها بالنفسِ أفـراحٌ أو أتـراح... و الكاتمُ لما يرى يكتمُ خيراً عنهُ و عن سواه... فأقـولُ عجبـاً عن مواقفَ لم تُعطَ حقَّها في برامجَ "غرائـب و عجائـب " :
================================
* عجبـتُ كيف شابَهَ البشـرُ الملائكـة بأنْ جعلَ اللـهُ الأفـواجَ يأتون من كل فـجٍ يطوفون بالبيتِ العتيـقِ ليـلاً نهـاراً حـراً زمهريـرا... لا يفتـرون عن الطـوافِ كالملائكة التي لا تفتـرُ عن عبادةِ ربها... فالطوافُ لا يقفُ إلا في حالةِ الصلاةِ فقـط حتـى إذا سلَّمَ الإمام رأيتَ الناسَ يتسابقونَ للبيتِ الحرام... فهذا يُقبل الحجرَ الأسودَ و ذاك يحتضنُ المُلتزم و ذاك يتشبثُ بأستارِ الكعبةِ يدعو اللـه... فأيُّ قانـونٍ أو مُحـركٍ حافـظَ على ديمومـةِ الطوافِ بالبيتِ العتيقِ الدهـرَ الإسلاميَّ كلـه؟!!! إنه القانونُ المَلكـي الإلهي :" و ليَطوفـوا بالبيتِ العتيق " و كذا :" و أذن في النَّاسِ بالحج يأتوكَ رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتينَ من كل فـجٍ عميـق"...
=================================
* عجبـتُ كيفَ فاقـتْ قـوةُ النساءِ الرجـال... بلا ريـبٍ من رأى المَشهـدَ فسيشهدُ للمـرأةِ على صبرهـا بموقـفٍ يصعبُ فيه الصبرُ عند الرجـال... ألا وهو صبرُهـا على غطاءِ أخمصِ قدمَيها حتى وجهها في جـوِّ رطـبٍ حـارٍ تُضاهي حرارتُه الأربعين فما فـوقها... مُنـاخٌ أناخَ فيه الرجـلُ قواهُ و خلعَ عنهُ فوقَ عوراهُ و اتخـذَ نقابـاً ينقبُ لا عن النفطِ من الحسنات بل عن الهواءِ العليـلِ من " المُكيفـات "... و أمَّا العفيفـات فما منعهُن الحـرُّ عن السجود بساحةٍ سقفهُا السماء... و عن الطوافِ بأرضٍ تلتهـبُ عليها الأقدام... و عن السِّترِ بنقـابٍ سـوادٍ غطّيـنَ به الأبـدان...
=================================
* و عجبـتُ للجنَّـةِ أنْ يخلقَ اللـهُ منها شيئانِ في الدنيـا يراهُما الناسُ عَيانـاً فيغفلونَ عنهمـا... فالبيتُ الحرامُ فيه شيءٌ من الجنة نراهُ جميعا... و مسجدُ محمـدٍ صلى اللـهُ عليه وسلم في شيءٌ من الجنة نراهُ عياناً كذلك... لكنـا نغفـلُ عنهما... أما مسجدُ النبي -صلى اللـهُ عليه وسلم- ففيـه روضـةٌ من رياضِ الجنـة كما قال الحبيب صلى اللـهُ عليه وسلم :"ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة"... هل تتخيـل المعنـى؟ أي أنَّ الناسَ بالدنيا منهم مَن يجلسُ بالجنةِ في روضـةٍ نراها جميعنا قبل موته...
و أما القطعـةُ الأُخرى من الجنة فهي بالكعبـة يُقبلها الناسُ و يطوفونَ ابتداءاً بهـا ألا و هي الحجـرُ الأسـود... الذي نزلَ حجراً أبيـضَ من اللبـن فاسـودَّ لذنوبِ العبـاد... نسأل اللـهُ العفو و العافيـة...
==============================
* و عجبتُ لشيخٍ ضاهـى الستينَ سنـة... اتخـذَ من مسجدِ مُحمـدٍ -صلى اللـهُ عليه وسلم- مقامـاً له طوال ثلاثيــنَ سنة... بعد أنْ هاجرَ من أرضِـهِ و أهله إلى اللـهِ و رسوله... فطلَّـقَ الأولـى و تزوجَ الثانيـة... وبرغم لسانِه الأعجمـي إلا أنَّ الإيمانَ استمكنَ من قلبه فما يكادُ يُحدثك عن الرسول -صلى اللـهُ عليه وسلم- حتى تفيضَ عيناهُ بالدَّمـع...
و العجـبُ ازدادَ عُجبـاً لما لَمحَ شيخاً آخرَ يوازيه بعُمره... فتراكضَ الشيخانُ إلى بعضهما يحضنُ أحدهما الآخرُ و يُقبله بحرارةٍ و الدمـوعُ تَتـرققُ بالعيـون... و إذ بحالِ الشيخِ الثاني كحالِ صاحبه فقد تركَ سبعـاً من أولادهِ بمدينةٍ بالسعودية و هاجرَ لمسجدِ النبي صلى اللـهُ عليه وسلم... يخدمُ المُعتمرينَ و الحجاجَ و المصلين و الصائمين... فما أشرفها من مهنـةٍ خدامـةٌ بمسجدِ رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم... و ما أعظمها مِن هجـرةٍ إلى اللـه و رسوله للآخـرة...
===============================
* و عجبـتُ لفنـادقَ مجانيـةً تمليكـاً لا تأجيـرا بمكـةَ المُكرمـة بمكانٍ حَـيٍّ ذي ناطحـاتِ السحـاب... و برغمِ بساطةِ تلك الفنادق إلا أنها لاقتْ إقبـالاً واسعـا... فالحجزٌ مجانٌ و تمليـكٌ لا تأجيـر... و سكانُ تلك الفنادق فصعبٌ رُؤياهـم بعد سُكانهم... وبرغم شدة الحر أو البرد و تتابع الليـلِ و النهار... و الضجيجِ أو الهدوءِ حولهم فهم في فنادقهـم ساكنـون و لا الصـلاةَ حتَّـى يُجيبـون... إنهـا فنـادقُ المـوتِ في مكـةَ بقلـبِ ناطحـاتِ السحاب... تلك المقبرةُ التي تُطلُ عليها الفنادقُ وعيونُ الناس لعلهم يعتبـرون بالمَنـازل التي سينزلونَ بها للآخـرة... نعوذ باللـه من فتنة و عذاب القبر...
=================================
* وعجبـتُ لأُنـاسٍ أَبـوا إلا توثيـقَ العُمـرةِ بالتصويرِ و الكاميـرات... سواءاً الموبيلات أو كاميـراتِ الديجيتال أو الفوتغرافية أو غيرها... توثيقُهم لا داعي له فقد تم توثيـقُ ذلك و تسجيلُهُ في صحيفـةٍ لا تٌغادرُ صغيرةً و لا كبيـرة...
=================================
* و عجبـتُ أخيراً فقد تماديتُ بالإطالـة فعُـذراً منكم... أقـولُ قد عجبتُ من قـومٍ يأتونَ بيتَ اللـهِ الحرام و مسجدَ مُحمـدٍ صلى اللـه عليه وسلم و هم يدعون باللعنـةِ على صحبِ و زوجِ النبيِ صلى اللـه عليه وسلم... و يتخذون من دون اللـهِ أنداداً يُحبونهم كحب اللـهِ أو أشد... ألا وهم الرافضـة الذين يحجون البيتَيـن لنشر الفاحشةِ و الرذيلة... فقد جاؤوا بنسائهم لنشر الفاحشة بين المٌعتمرين و رأيتُ منهم ما يسـوءُ النفس من فواحشَ و ديـنٍ يتعبدون فيها للـه... نعوذُ باللـه منهم...
تعليق