أعلم اخي في الله أن الابتداع في الدين من أخطر ما يكون ، إذ ما ظهرت بدعة إلا و ماتت في مقابلها سنـّة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله و أيضا ً فإن صاحبها لا يتوب منها في الغالب لأنه يتعبد بها و يحسبها قربة و قد صح في الحديث " إن الله حجز التوبة عن كل صاحب بدعة " كما أن المبتدع لا يثاب على بدعته بل يأثم كما قال عليه الصلاة و السلام" كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار " فدل على إثم المبتدع لتهديده بالنار و قال تعالى{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}(103) (104) سورة الكهف و ما أصدق هذا القول على المبتدع
تعريف البدعة شرعا ً : عرفها الشاطبي في كتابه الإعتصام فقال " هي طريقة في الدين مخترعة تماثل الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية " و قال الشيخ علي محفوظ " هي ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن الرسول عليه الصلاة و السلام من علم أو عمل أو حال بسبب شبهة أو استحسان و جعلها دينا ً قويما ً و صراطا ً مستقيما ً " و قال شيخ الإسلام ابن تيمية " كل ما لم يفعله الرسول عليه الصلاة و السلام مع وجود الداعي و انتفاء المانع و تنـزل الشريعة فإن فعله بعد وفاته عليه الصلاة و السلام يعد بدعه " و قد وضح النبي عليه الصلاة و السلام قيود البدعة الشرعية بقوله " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فقوله " أحدث " دل على عدم جواز الإتيان بشئ جديد أما من أحيا سنـّة قد ماتت فهذا مثاب و محسن و لا يعد عمله بدعة و قوله " في أمرنا " دل على أن البدعة التي تكون ضلالة إنما هي في أمر الدين و ليس الدنيا لأن الأمر الذي جاء به النبي عليه الصلاة و السلامهو الدين و قوله " ما ليس منه " دل على أن ما أحدث و له أصل يرجع إليه فلا يعد بدعة ( مثل صلاة التروايح جماعة في المسجد و جمع القرءان )
لاحظ أنه لا يشترط في البدعة عدة أمور :
1 . لا يشترط أن تكون ضارة : بل أنها قد تكون نافعة و مع ذلك تحرم فمثلا الناس المجتمعين في ( شادر ) لتعزية أهل شخص قد توفى يستفيدون من سماع القرءان الذي يقرأه المقرئ و مع هذا فإنه لا خلاف بين أهل العلم على بدعية ذلك
2 . لا يشترط أن تفعل على وجه المداومة : بل قد يفعل الشئ مرة واحدة و مع ذلك يكون بدعة
3 . لا يشترط أن يكون فاعلها قاصدا ً للسوء : بل قد يكون مريدا ً للخير و هذا غالب حال المبتدعين و مع ذلك لا يعذرون في فعلها
مصادر البدع :
1 . ترويجها بأحاديث ضعيفة أو موضوعة
2 . التقليد الأعمى لشيخ طريقة معينة
3 . التقليد الأعمى للأباء و الأجداد
صور البدع :
1.الزيادة أو النقص على ما فعله الرسول عليه الصلاة و السلام أو أمر يه في عين ما فعل ( مثل زيادة كلمة سيدنا في الأذان و التشهد )
2.الزيادة أو النقص في جنس ما فعل عليه الصلاة و السلام أو أمر به ( مثل زيادة أذان للعيد )
3.تخصيص أماكن أو أوقات بعبادات بلا دليل بخلاف ما لو حدث ذلك إتفاقا ( بلا قصد من الفاعل )
4.التعبد بالمباحات ( كمن تعبد بمنع نفسه من طيبات المباح من مأكل و مشرب و ملبس )
5.التعبد بالحرام (كمن تعبد بالسفر لزيارة قبور الأولياء و التمسح بها و الطواف حولها )
لاحظ أنه قد يكون الفعل بدعة و لكن لا يوصف فاعله بالمبتدع و ذلك لأسباب هي :
1.أن يكون الفاعل للبدعة جاهلا ً و لم يتمكن من العلم
2.أن يكون هذا الفاعل للبدعة قد فهم فهماً خاطئاً بسبب :
·دلالة ظاهر الحديث على غير معناه
·أن يكون ظاهر الحديث دالا ً على معناه و لكنه لم يفهمه على الوجه الصحيح
·أن يدل على البدعة حديث ضعيف فيظنه صحيحا ً
3.أن يكون فاعل البدعة قد فعلها تقليدا ًلشخص ثقة ( أما من قلد بهوى النفس و الاستحسان فهو مبتدع )
* لاحظ أن عدم وصف الفاعل بالمبتدع عند تحقق الأسباب السابقة لا يعني أبدا ً ألا ننكر عليه بدعته إلا أن الإنكار يكون ببيان الحق و عرض الأدله دون إتهام بفسق أو بدعة
و في ختام الكلام
أوصيكم و نفسي بتقوى الله
و أحثكم على الطاعة
و أحذركم من المعصية
أقبلوا على كتاب الله
إقرأوه و تدارسوه و احفظوا ما استطعتم من آياته و اعملوا به
تفوزوا بخيري الدنيا و الآخرة
و اعلموا أن لله عليكم حق
و لكم عليه حق
فاعملوا بما له عليكم
تفوزوا بما لكم عليه
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أوصيكم و نفسي بتقوى الله
و أحثكم على الطاعة
و أحذركم من المعصية
أقبلوا على كتاب الله
إقرأوه و تدارسوه و احفظوا ما استطعتم من آياته و اعملوا به
تفوزوا بخيري الدنيا و الآخرة
و اعلموا أن لله عليكم حق
و لكم عليه حق
فاعملوا بما له عليكم
تفوزوا بما لكم عليه
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تعليق