إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟

    لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟


    د. سعد فياض




    ( رد على ما أثاره من شبهات حول تحريم المعازف)


    الأخ (مصطفى حسني) يكرر في حلقاته عدة أصول ويرفع مجموعة من الجمل كمنهج عام ، منها (أدب الخلاف) (خلينا نختلف بس نقبل بعض ونحترم بعض) (نشوف السلف قالوا ايه وآراءهم ايه) (تعظيم السلف والعلماء المعتبرين والمعروفين) (مش هنرد على الإساءات لأن ده مش منهجنا ) وهذه الأصول الجميلة في مظهرها الحسنة في دلالاتها ، جذبت كثير من الأخوة والأخوات الذين انتفعوا من هذه الأصول وغيرها من مواعظه..
    ولكن للأسف إذا دققنا النظر في مواقف الأخ مصطفى من دعاة أهل السنة ودعوتهم نجده لا يلتزم بما يدعيه بل بالعكس نجده يُكن لهم حقداً ويسعى فيهم إسقاطاً ..


    ولقد نص من قبل أن حلقات برنامجه لها ترتيبٌ مقصودٌ وليس عبثياً ، ثم نص في هذه الحلقة أن من أسباب فتح موضوع الغناء أنه لن يتوقف عند الوعظ بل هو يسعى في تقرير منهج ، فالأخ له منهج ومخالفي هذا المنهج كما ظهر هم أمثال (أبي إسحاق الحويني) من المعاصرين وأمثال (مالك وأحمد والشافعي) من السابقين، فهل تعامل مع المعاصرين وفق دعاوى (الإنصاف) و (أدب الخلاف) و(الضبط والتحرير العلمي) ، أم جعلهم – ابتداءً – ضمن من (خدعوك فقالوا) ؟!

    وكان يسع الأخ أن ينبه على عدم مناسبة اسم البرنامج مع محتوى الحلقة وعدم اشتمال اسمه لمخالفيه في هذه المسألة ، ولكن الشواهد جاءت على خلاف ذلك ، تأكيداً على موقف عدائي ضد (تيار أهل السنة)..

    الموقف العدائي من (التيار السني):

    هذا الموقف يظهر في مجموعة شواهد من صورة وتعليق وعبارة ترسم صورة ذهنية ونفسية عند المشاهدين ، وأجزاء هذه الصورة تتضافر في مجموعها لترسم صورة عدائية ضد التيار السني – لم يبدر منه ما ينقضها أو يخففها - ، ومن ذلك:


    1- مقدمة البرنامج (الغنائية) والتي تأتي على هيئة صور معبرة عن شرائح المجتمع من شباب ونساء وغيرهم وبجوارها تعليق ، لا تظهر صورة أخ ملتحي إلا في صورة وحيدة وقد جلس في حيرة شديدة ووضع يده على جبهته تعبيراً عن حالة تيه وبجواره مكتوب (ويخلط المفاهيم في ذهني) ، فاختلاط المفاهيم هي صورة الشباب السلفي ، أما المنتقبات فلم تأتي لهم صورة أصلاً بل اكتفى بأخوات سافرات الوجه (مع الفرق المعلوم بين مسألة كشف الوجه والنظر إليه )، ثم في نفس المقدمة نجد صورة (د.علي جمعة) (الصوفي المتعصب شديد العداء لأهل السنة) في مشهد آخر تظهر كإمام أمام الشخصيات المؤثرة في تكوين المفاهيم..


    2- الرسالة الثانية من الرسائل التي بدأ الحلقة بها والتي جاءت تقول له (اتق الله وما تقولش للناس ان الموسيقى حلال) فأجاب على هذه النصيحة بكيل ثلاث اتهامات لمناصحه: ( ليه بتصادر على الآخرين – وسع صدرك للمخالفين – خلينا نشوف السلف كيف اختلفوا ).
    والاتهام بمصادرة الحق اتهام متكرر (وله أمثلة تأتي إن شاء الله) وصورة يراد تثبيتها عن (تيار أهل السنة) فيكاد لا يتكلم عنهم إلا يبدأ رده بهذا الاتهام ، مع اتهام آخر قرين له مفاده المنازعة في المرجعية العلمية السلفية ، مع أن نقوله عن السلف تتسم بعدم الحيادية بل والكذب والتدليس أحياناً (كما سيأتي ذكره إن شاء الله)
    أما كيف اختلف السلف في مسألة استحلال المعازف ، فيكفي أن أنقل للأخوة أن من أصحاب أبي حنيفة من قال بتكفير مستحل الغناء – وهو غلوٌ لم يُقروا عليه - ، وأن مالك كان يقول : لا يسمعه عندنا إلا الفساق ، لعل هذا يبين أن ما نصحه الأخ به كان مقتدياً بهدي السلف وغير خارجٍ عنه..


    3- والأعجب والأكثر وضوحاً في العداء تعليقه على من قال له (خايفين عليك من ناس بتطلع وتعمل حلقات ترد عليك) فأمثال الشيخ أبي إسحاق (ناس) بينما يتحدث عن نفسه بقية دعاة اقرأ ( التجديديين الحليقين) بأنهم غالبية دعاة الفضائيات ..
    أما بقية (تيار أهل السنة) فيكرر مرة أخرى التذكير (أنهم بيفرقوا الناس بكلمة كل بدعة ضلالة) ، وأما المنتقبات ففي حلقة سابقة يضرب بهن المثل للمتكبرة بالطاعة ، وأما الشباب السني فيبدع مخالفه بلا سببٍ صحيح فيقول له (أنت مش على منهج أهل السنة) لسماعهم الأغاني! ، وأما دعاة أهل السنة فكلامهم بذيء يعتذر للمشاهدين لنقل جملة لأحدهم تصف البرامج الدينية التي تتخللها الموسيقى أنها (تقديمٌ للدين في وعاء نجس)
    والأمر لا يتوقف على هذا بل يزيد فينصح (الخايفين على جنابه) فيقول (جمد قلبك) (ويغمز بعينه) ، ولست أدري ما موضع هذه النصيحة من الإعراب ؟! وهي كلمة تقال بين (الشلل) قبل دخول المعارك ، وكنت انتظر بعد دعوى أدب الخلاف وغيرها أن يقول كلمة أخوة أو احترام للنقد أو يقول (من باب ذر الرماد في العيون) أنه سيستفيد من نصحهم وما يوردوه، ولكنه نصح متابعيه بـ (جمد قلبك) (اللي بيقول قال الله وقال الرسول وقال أهل العلم لا يلتفت) فهل كلام الشيوخ كأبي إسحاق وغيره لا يلتفت إليه؟! .. ما شاء الله على أدب الخلاف


    4- ثم يكرر محاولات التحييز والإسقاط عند ذكر دليل الإجماع فيقول (مش لازم اللي عندك يبقى هو الدين مش معلوماتك هي دين ربنا) (هو أي حد يجي من الشارع ويقول إجماع) وبهذه الجمل أسقط الاستدلال بالإجماع في نفوس مشاهديه ، وهي جملة عدائية اتجاه المخالف وليست أخوية ، وإذا جادل أحد سأسأله : أين مثل هذه الجمل في اختلاف السلف مع بعضهم البعض؟!
    5- ثم يدافع عن المغني الصوفي (عبد السلام الحسني) ويقف في صف تامر حسني وعمرو دياب (أصحاب أشهر فيديو كليبات عارية) ويدعي أن المتدينين حاربوا محاولاتهم الدينية تحت شعار ( مش من حقكم تغنوا عن ربنا بتاعنا ، و عن الرسول بتاعنا) ،وهو أسلوب رخيص بذيء في اتهام الدعاة والملتزمين باحتكار الدين بعد اتهامهم بمحاولة احتكار الحق وإدعاء العلم ، ثم يذكر المخالف بالانصاف!!


    هذ بعض صور العداء في حلقة واحدة فما بالكم ببقية الحلقات،فإذا لم يكن هذا عداء وحرب مسعورة فكيف تكون الحروب؟!
    وفي نهاية هذه النقطة أقول للمتعصبين للأخ مصطفى الذين يجادلون اطلبوا منه أن يقول رأيه في الشيخ أبي إسحاق الحويني (هل يراه من علماء الأمة أم لا)؟ ،وستفاجئون بالتهرب عن الإجابة..

    مســـألة المعـــــازف :


    ولأن بعض الأخوة قد يستطيل ما سيأتي –مع أهميته – نلخص له مسألة المعازف في نقاط :
    1- حكم المعازف يختلف عن حكم الغناء بمعنى الإنشاد ، ويختلف الدف في حكمه عن حكم بقية المعازف.
    2- حديث البخاري في المعازف صحيحٌ وصريحٌ ، وهو دال على تحريم كل ما تحته ونص الحديث وفهم البخاري في ترجمة الباب وشروح العلماء للحديث ترد دعوى الحال المجتمعة .
    3- بقية الأحاديث في تصحيحها خلاف ، ولا يُسلم الحكم على جميعها بالضعف.
    4- لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
    5- يقول ابن القيم : (أجمع أهل العلم على تحريم بعضها ، وقال جمهورهم بتحريم جملتها)
    6- الخلاف في المسألة غير معتبر لمخالفته الدليل الصحيح الصريح.
    7- لا يصح كثير من الآثار التي استدل بها ، وبعضها اقتص جزءً منها ولو أكملها لظهر الرد على ما أثاره.
    8- العز ابن عبد السلام الذي ادعى أنه أباح المعازف يُحرمها وله كلامٌ شديدٌ في الغناء الصوفي
    وبعد أن ذكرنا ملخص المسألة نقسم ردنا عليه إلى قسمين:
    القسم الأول : في بيان عدم الإنصاف وغياب الأمانة العلمية والتحرير المنضبط ،
    والقسم الثاني : في المناقشة العلمية لبعض ما أثاره من شبهات.

    القسم الأول : في بيان عدم الإنصاف وغياب الأمانة العلمية والتحرير المنضبط :



    بدأ الأخ مصطفى الحلقة بإدعاء أنه حيادي بين أدلة الفريقين وأنه سيعرضها مراعياً أدب الخلاف والإنصاف، ولكن الحقيقة أن هذا لم يحدث وأنهذهالدعوى ما هي إلا تجميل للصورة القبيحة والمتحيزة للرأي الشاذ القائل بالإباحة، ففضلاً أن الأخ أعطى (خمس دقائق) لعرض أدلة المانعين (!) وبقية الحلقة في الرد والانتصار لمذهبه، فإن منهجه في نقل وتحرير الأقوال والردود يفتقر إلى الإنصاف والمنهجية وأدب الخلاف، ويظهر هذا في الوقفات التالية :


    الوقفة الأولى:
    لم يذكر الأخ اسماً واحداً من علماء السلف القائلين بتحريم آلات العزف ،بينما ظل يكرر اسم (الشوكاني) و(ابن العربي) مع حركات مسرحية لبيان قدرهم العلمي (الذي لا نختلف معه فيه) ،فهل من الإنصاف ألا يذكر اسماً واحداً من المانعين ؟
    بل ظل يقرأ عبارات كاملة ونصوص حشدها لإيهام الإباحة ولم ينقل نصاً ولا جملة عن المانعين، اللهم إلا ذكر أسماء (الألباني ، ابن عثيمين ، ابن جبرين) ولنا مع اختيار هذه الأسماء وقفة مستقلة (إن شاء الله).
    ويكفي أن نورد من أسماء من نقلوا عنهم التحريم:عمر بن عبد العزيز - الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - العز ابن عبد السلام - ابن حجر النووي شيخ الأزهر عبد المجيد سليم وغيرهم كثير جداً سيأتي ذكرهم بإذن الله


    الوقفة الثانية:
    تعامل الأخ مع أدلة القرآن ، ومع أن دليل المسألة والنص الصحيح الصريح فيها هو حديث البخاري ، إلا أن تعامله مع أدلة القرآن لم يكن منصفاً - كما ادعى - ، ويظهر ذلك فيما يلي:


    أولاً: إدعاءه أن قوله تعالى [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ] هي الآية الوحيدة التي يستدل بها المانعين، وهذا غير صحيح فلقد استدلوا بآياتٍ أخرى منها :



    1- قال تعالى مخاطباً إبليس اللعين :[وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ] (الإسراء:64). قال مجاهد : (صوت الشـيطان الغناء والمزامير )،ومجاهد من أئمة التابعين في التفسير وقد عرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة وجلس على يد ابن مسعود وغيرهم من الصحابة، وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو..وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".

    2- وقال الله عز وجل: [وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا]سورة الفرقان: ٧٢، ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية أنه قال: الزور هنا الغناء، وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور) قال: لا يسمعون الغناء. وقال الإمام الطبري: "وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء."


    3- قال سبحانه وتعالى: [أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ. وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ. وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ] سورة النجم: ٥٩-٦٠ ،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هو الغناء، وهي يمانية، يقولون اسمد لنا: تغن لنا. قال عكرمة: "كان المشركون إذ نزل عليهم القرآن تغنوا كيلا يسمعوا كلام الله." والسمود في اللغة: هو السهو، والغفلة، واللهو والاعراض. قال ابن القيم: "وهذه المعاني الأربعة كلها موجودة في الغناء.".
    فوصف الغناء المحرم بالسمود وهو كما قال ابن القيم وصفٌ بالسهو والغفلة واللهو والإعراض وهذا وجه للاستدلال والوجه الآخر أنه ورد في سياق ذم المشركين وبيان حالهم والأدلة على وجوب مخالفة المشركين معلومة.

    وقد يقول قائل أن الآيات في الغناء ونحن نتحدث عن المعازف وهذا خلط في الفهم فإن من نقلوا تفسيرها بالغناء من السلف قد بينوا في مواضع أخرى أن الغناء أقسام وأن ما خالطته المعازف من القسم المحرم فنحمل كلامهم هنا عن الغناء إلى ما ورد عنهم في مواضع أخرى فيفهم أن كلامهم عن الغناء المحرم ومنه يقيناً المعازف ، فضلاً عن نص بعضهم كمجاهد على أن صوت الشيطان هو المزامير

    والسؤال هنا لماذا لم يناقش هذه الأدلة وقد ادعى الانصاف والحيادية والأمانة في نقل أدلة الفريقين؟!

    ثانياً: عندما ذكر الأخ الاستدلال بقوله تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنسَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌمُّهِينٌ] سورة لقمان: ٦ ، وتفسير لهو الحديث بالغناء ، وهي صورة من صور التفسير معروفة بـ ( تفسير الآية ببعض ما يندرج تحتها) ، فقد قام الأخ بالرد عليها: بأن قول ابن مسعود في الغناء وليس في المعازف فهو ليس في المسألة – وأنمقصود ابن مسعود الغناء الفاحش الذي يضل عن سبيل الله – وأن البخاري ضعف هذا الاستدلال وقيد (كل لهو باطل) بقيد (إذا شغل عن طاعة الله) ،ويظهر عدم التزام الأخ بما ادعاه من إنصاف ومنهجية فيما يلي:


    1- لم ينقل أن تفسير [لهو الحديث] بالغناء ليس قول ابن مسعود – رضي الله عنه – فقط فمن نظر إلى تأويل السلف من الصحابة وغيرهم؛ وجد أن ثمّة اتفاقاً على أن الغناء داخل في جملة معاني الآية, فقد نُقل عن ابن عباس وجابر وابن عمر وغيرهم ، فلماذا لم ينقل هذا مع العلم أن تضافر قول أكثر من صحابي له دلالة أقوى من النقل عن صحابي واحد؟!


    2- لم ينقل قول الحسن البصري رحمه الله: (نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير)؟! مع أن الحسن البصري تلميذ ابن عباس ،وتربي في بيوت أمهات المؤمنين فهو من أعلم التابعين بمقصود الصحابة – رضوان الله عليهم - .


    3- لم ينقل قول مجاهد: اللهو الطبل .(وقد ذكرنا أخذه التفسير من ابن عباس وابن مسعود)


    4- لم يناقش ما نقله ابن القيم عن الإمام الواحدي أنه قال: ( قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو، والغناء والمزامير والمعازف على القرآن، وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن...ويدل على هذا ما قاله قتادة في هذه الآية: لعله أن لا يكون أنفق مالاً..وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق.) وقول ابن القيم : (ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ)، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات -، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء..." ) ؟! ، وهي يثبت أن السلف فهموا دخول المعازف في الغناء المحرم؟! وليس كما زعم أنه يقصد الكلام الفاحش فقط !!

    هذه بعض شواهد الحيدة عن الأمانة العلمية وغياب دعاوى الإنصاف أما بقية ما رد به الاستدلال بالآية فنناقشه (إن شاء الله) في المناقشة العلمية.

    الوقفة الثالثة:
    أما عدم الأمانة وغياب منهج الإنصاف في نقله أدلة السنة النبوية والتعامل معها ، فيتلخص فيما يلي :


    أولاً: عدم ذكر جميع الأحاديث التي يستدل بها بل اكتفى بالأحاديث التي تذكر الخمر والزنا لمحاولة الإيهام أنها لو صحت فتدل على أنها (حال مجتمعة) فلا دليل صريح (بزعمه) على التحريم ، ومن الأحاديث التي أغفل ذكرها مع أن ألفاظها صريحة بالتحريم:


    الحديث الأول : ما رواه الإمام أحمد في " مسنده " وأبو داود في " سننه " عن سفيان عن علي بن بذيمة حدثني قيس بن حبتر النهشلي عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: (( إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ)) . قال سفيان فسألت علي بن بذيمة عن الكوبة ،قال: الطبل ، وقد قال البعض: إنها اسم يطلق على سائر أنواع المعازف، والحديث صححه ابن حجر الهيتمي وأحمد شاكر والألباني ، فرواي الحديث فسر الكوبة بالطبل ، والذي سأله ونقل عنه المعنى هو سفيان الثوري (إمام التابعين)
    يقول الشيخ الألباني – رحمه الله - : ( ومما يحسن ذكره في ختام تخريج هذه الأحاديث المحرمة للطبل أن الإمام أحمد قد أشار إلى صحتها فروى الخلال في كتابه "الأمر بالمعروف" عنه أنه قال: (وأكره الطبل وهي الكوبة ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، كما أشار إلى صحته الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (4/202) بتخريجه عن الصحابة المذكورين : ابن عباس وابن عمر وقيس بن سعد بن عبادة)



    الحديث الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة "صححه الشيخ الألباني وقال : (وله شاهد يزداد به قوة من حديث جابر بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أَنهَ عن البكاء ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ، ولعب ومزامير الشيطان ، وصوت عند مصيبة ؛ لطم وجوه وشق جيوب ، ورنة شيطان ") ثم قال : (ورواه الترمذي رقم ( 1005 ) عن جابر مختصرا ، وقال: " حديث حسن " يعني لغيره لحال ابن أبي ليلى ، وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 84) وابن القيم في " الإغاثة " (1/254): وسكت عنه الحافظ في "الفتح" (3/ 173 و 174) مشيراً إلى تقويته كما هي قاعدته)
    وفي عون المعبود شرح سنن أبي داوود قائلاً: (فانظر إلى النهي المؤكد تسمية الغناء صوتاً أحمق ولم يقتصر على ذلك حتى سماهمزاميرالشيطان.وقد أقر النبي صلى اللهعليه وسلم أبا بكر على تسمية الغناءمزمورالشيطان – أى في حديث الجاريتين -)، ويقول ابن تيمية في كتابه الاسـتقامة : "هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء، كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبدالله "صوت عند نعمة: لهو ولعب ومزاميرالشيطان..."

    الحديث الثالث: جاء في معجم الطبراني عن عامر بن سعد البجلي، قال: دخلت على أبي مسعود، وأبي بن كعب، وثابت بن زيد، وجواري يضربن بدف لهن وتغنين، فقلت: أتقرون بذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال:"إنه قد رخص لنا في العرس، والبكاء على الميت في غير نوح".وفي رواية الطيالسي أنه تأكيد أنه كان في عرس ، ولقد صحح الحديث صاحب (الرد على القرضاوي والجديع) (في مسألة المعازف) ونقل عن د.الجديع قوله (وهذا إسناد صحيح ،جميع رجاله ثقات وليس فيه علة ) وناقش اعتراضات د.الجديع على مفهوم الحديث .
    وقول (قد رُخص لنا في العرس) يفيد عدم الرخصة في غيره ويؤكد ذلك قوله (والبكاء على الميت في غير النوح) فالنوح على الميت معلوم التحريم ، فلما جمع بين المسألتين دل على وجود تشابه بين المسألتين وهو المنع في حال والترخيص في حال، كما أن ابن حزم يقول: (لا تكون لفظة الرخصة إلا عن أمرٍ قد تقدم التحذير عنه) ، فالدليل صحيح صريح

    ولا يزعم الأخ أنه لم يورده لتضعيفه – مثلاً - ، فقد أورد غيرها وضعفه ، فضلاً أنه – كما سيأتي – إن شاء الله لم يحقق أثراً مما أورده في الإباحة واكتفى بحشدها..


    ثانياً: تضعيف جملة الأحاديث التي أوردها بمثل قول ابن العربي : ( لم يصح في تحريمها شيء) ، والإمام ابن العربي متابع لابن حزم في المسألة ، والأخ كعادته لا يورد إلا رأي القائلين بالإباحة ولا ينقل إلا استدلالاتهم ثم يدعي الانصاف ويتهم مخالفيه بعدم مراعاة أدب الخلاف!! ، ومن ذلك حديث ابن عمر ومروره على صوت مزمار الراعي وحكايته عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال عنه الترمذي : (غريب حسن صحيح ) وحسنه غير واحد من أهل العلم ومنهم الشيخ الألباني ، فلماذا لم ينقل هذا الاختلاف في الحكم على الحديث ،إن كان يدعي الانصاف ؟!


    الوقفة الرابعة:
    رده على الإجماع بأن ابن حجر قال: (أن هناك من أجمع على التحريم وهناك من أجمع على عكس ذلك)، ثم يقول (وهو أي حد يجي من الشارع ويقول إجماع )،وينقل لنا قولة أحمد (من ادعى الإجماع فقد كذب،لعل القوم اختلفوا) ، ويستدل أنه راجع كتب الإجماع فلم يجدها نقلت مسألة المعازف فيها!،
    ولبيان فساد منهج الأخ مصطفى وتدليسه على متابعيه في هذه المسألة ، ننقل ما يلي:



    أولا: أسماء من حكى الإجماع من العلماء ، يقول الشيخ الطريفي في (حكم الغناء): (ولا يزال العلماء على مرِّ العصور ينقلون إجماع السلف والخلف على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب، فمن نظر إلى العلماء في كل قرن وجد أنهم يتتابعون على نقل الإجماع مقرين له.
    ولا أعلم قرناً من القرون خلا من عالمٍ ينقل إجماع العلماء على تحريم الغناء والمعازف.
    ولذلك قد نقله زكريا بن يحي الساجي في كتابه "اختلاف العلماء" في القرن الثالث إذ جل حياته فيه.ونقله الآجري رحمه الله في القرن الرابع. ونقله أبو الطيب الطبري وابن عبد البر في القرن الخامس. ونقله ابن قدامة وأبو القاسم الدولعي الشامي الشافعي في القرن السادس.
    ونقله ابن الصلاح والقرطبي والعز بن عبد السلام في القرن السابع. ونقله شيخ الإسلام ابن تيمية والسبكي وابن رجب وابن القيم وابن مفلح وغيرهم في القرن الثامن. ونقله العراقي والبزازي الحنفي في القرن التاسع. ونقله ابن حجر الهيتمي في القرن العاشر. ونقله الآلوسي وأحمد الطحطاوي في القرن الثالث عشر. ونقله الغماري في القرن الرابع عشر.
    ولا يزال العلماء على شتى مذاهبهم؛ من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة مطبقين على تحريم الغناء والمعازف.
    ولذلك فمن نظر إلى من حكى الإجماع وجد اختلاف بلدانهم، وتباين مذاهبهم.
    فمن المالكية: ابن عبد البر في " التمهيد "، والقرطبي في " تفسيره "، وابن القطان الفاسي في كتابه " الإقناع في مسائل الإجماع ".
    ومن الشافعية: جماعة وخلق كثير كابن الصلاح، والعز بن عبد السلام، وابن حجر الهيتمي، والعراقي، والطرطوسي وغيرهم.
    ومن الحنابلة": ابن قدامة، وابن رجب، وابن تيمية، وابن القيم، وابن مفلح، وغيرهم.
    ومن الحنفية: الفقيه الحنفي محمد البزازي في "المناقب"، وزين الدين الكرماني، وشيخ الحنفية أحمد الطحطاوي في مصر في "حاشيته على مراقي الفلاح".
    وكذلك أئمة المذاهب بأنفسهم: قد نصوا على التحريم، وحكى الإجماع من أهل المذاهب على اختلاف بلدانهم.
    * فابن عبد البر والقرطبي في الأندلس.
    * وابن القطان الفاسي والغماري في المغرب .
    * وابن قدامة وابن الحنبلي وابن تيمية والعز بن عبد السلام وابن رجب وابن القيم في الشام .
    * وابن حجر الهيثمي والطحطاوي الحنفي في مصر .
    * والعراقي والآلوسي في العراق.
    * وفي بلاد الترك والبلغار: الفقيه الحنفي محمد البزازي الكردي، في "الفتاوى البزازية" . وغيرهم خلق كثير على اختلاف بلدانهم . ومن حكى خلافاً في هذه المسألة فقد غلب عليه هواه)
    وتنبه إلى نقله عن ابن القطان الفاسي في كتابه " الإقناع في مسائل الإجماع " فلقد زعم أن كتب الإجماعات لم تنقلها ، فهل استوفاها الأخ بحثاً؟ فضلاً أن هذه الكتب لم تلتزم حصرالإجماعات ..

    ثانياً: كلام ابن حجر في المسألة :
    (واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ ، لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم) ، ثم نقل قول القرطبي (وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة والله المستعان ا ه ) ثم قال : ( وأما الآلات فسيأتي الكلام على اختلاف العلماء فيها عند الكلام على حديث المعازف في كتاب الأشربة ، وقد حكى قوم الإجماع على تحريمها ، وحكى بعضهم عكسه ، وسنذكر بيان شبهة الفريقين إن شاء الله تعالى . ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحوه إباحة غيره من الآلات كالعود ونحوه كما سنذكر ذلك في وليمة العرس إن شاء الله تعالى )، وفي موضع المناقشة قال : (وأفرط قوم فاستدلوا به على جواز الغناء مطلقا بالألحان التي تشتمل عليها الموسيقى ، وفيه نظر . وقال الماوردي : اختلف فيه ، فأباحه قوم مطلقا ، ومنعه قوم مطلقا ، وكرهه مالك والشافعي في أصح القولين ، ونقل عن أبي حنيفة المنع ، وكذا أكثر الحنابلة . ونقل ابن طاهر في "كتاب السماع" الجواز عن كثير من الصحابة ، لكن لم يثبت من ذلك شيء إلا في النصب المشار إليه أولا . قال ابن عبد البر : الغناء الممنوع ما فيه تمطيط وإفساد لوزن الشعر طلبا للطرب وخروجا من مذاهب العرب . وإنما وردت الرخصة في الضرب الأول دون ألحان العجم . وقال الماوردي : هو الذي لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه من غير نكير إلا في حالتين : أن يكثر منه جدا وأن يصحبه ما يمنعه منه)

    فابن حجر علق على ما نقل عن بعض الصحابة فقال: (لم يثبت منه شيء) ..
    ونقل أن ترخص أهل الحجاز كان بشرطين ألا يُكثر منه وألا يصاحبه ما يمنعه منه (وهي الآلات ولا يصح حمله على غير ذلك فالكلام القبيح لا يصاحب الإنشاد ولكنه يُتضمن)..
    كما أن قوله (حكى البعض عكسه) ليس إثباتاً أن الخلاف فيه مقبول عنده..
    ووصف الاستدلال بحديث عائشة على جواز الموسيقى (بالإفراط) ..
    بل رد في غير ما موضع على استدلال الصوفية بالحديث على إباحة الآلات..
    فهل هذا هو ما وصل لمتابعي الأخ؟!
    أليس ما فعله الأخ اجتزاء الجمل وعدم تحرير لألفاظ العلماء ؟!
    ولماذا إذ أراد نقل كلام ابن حجر لم ينقل تضعيفه لكل ما ورد عن الصحابة من آثار استدل بها الأخ (الذي يزعم الإنصاف) ؟!..
    وخلاصة مسألة الإجماع وتحريرها ، كما قول ابن القيم ( أجمع أهل العلم على تحريم بعضها ، وقال جمهورهم بتحريم جملتها) ، قال ابن رجب (لا يُعرف عن أحدٍ من السلف الرخصة فيها إنما يُعرف عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يُعتد به)
    فالإجماع منقول على تحريم بعض الآلات ، أما تحريمها جملةً فرأي جمهور أهل العلم ، ولا عبرة بخلاف من شذ من المتأخرين ،لأنه (لا اجتهاد في مورد النص)..


    الوقفة الخامسة:


    مع نقله عن الشوكاني : (ذهب أهل المدينة ، ومن وافقهم من علماء الظاهر وجماعة من الصوفية إلى الترخيص في السماع ولو مع العود واليراع)، ونصح بقراءة كتابه (إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع) ونقل قوله في مقدمة الكتاب : (الموجب لتحرير هذا البحث ما وقع من بعض المقصرين ، من الإفتراء البحت بأن السماع محرم بالإجماع ،ولايخفى أن هذه المقالة مع كونها من الكذب الظاهر تستلزم القدح في جماعة من الصحابة والتابعين وسائر علماء الدين) ، وما وقع فيه هنا من الحيدة عن الأمانة العلمية يتلخص فيما يلي:

    1- اقتص - كعادته - جملة الشوكاني دون أن يكملها فلقد أكمل الشوكاني بعد ذكر ما دفعه إلى تأليف الكتاب فقال : (فهذا هو الحامل لتحرير هذه المسألة ، كما سيقع التصريح بذلك في غضون البحث ، فلا يظن جاهل أن قصد هذا البحث هو الترخيص والترويح فيأبى الله) ،ولذلك يقول في نهاية الرسالة ، هو ما نص عليه في نيل الأوطار : (فلا يخفى على الناظر أن محل النزاع إذا خرج عن دائرة الحرام لم يخرج عن دائرة الاشتباه والمؤمنون وقافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح: " ومن تركها فقد استبرأ لعرضه ودينه ، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" ، ولا سيما إذا كان مشتملا على ذكر القدود والخدود والجمال والدلال والهجر والوصال ومعاقرة العقار وخلع العذار والوقار ، فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية وإن كان من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف ، وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطلول ، وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول) ، فالشوكاني لم تكن غايته الترخيص والإباحة أكثر من كونه أراد نقض الإجماع لعلة .

    2- وهذه العلة التي لم ينقلها الأخ هي أن الإمام الشوكاني كان ينكر حجية الإجماع ، ولذلك ترى في نهاية الرسالة كلاماً عن إنكار الإجماع وعدم كفر من ينكره ، ومسألة إنكار حجية الإجماع ليس هذا محل تحريرها ، فالأخ مقرٌ بها ، ولكنه يقتص – من هنا وهناك - ما يقوي به شبهاته الضعيفة ، ثم يتهم – للأسف - مخالفيه بعدم الانصاف .

    3- وهل يعلم الأخوة ماذا قال الشوكاني في حديث البخاري؟ ، يقول الشوكاني في في نيل الأوطار في باب ما جاء في لبس الخز والحديث يدل على تحريم الأمور المذكورة في الحديث للتوعد عليها بالخسف والمسخ) ، وهو خلاف ما ذكره من كون الحديث يحرم حال مجمعة ، وعلى هذا يكون الحديث صحيحاً صريحاً ولا يصح مع هذا اجتهاد ولا يُقبل خلاف.

    4- كما أن الشوكاني – رحمه الله – لم يكن محققاً لأسانيد هذه الأثار بل كان ناقلاً ، ولذلك تجده يكرر (وحكى الأستاذ أبو منصور) ، والحكاية لا تُثبت الرواية ، فعجيب مسلك الأخ في نقل التضعيف ومحاولة التوهين من أحاديث التحريم بينما ينقل (ما يُحكى) في الإباحة دون تصحيح أو تضعيفٍ أو تحريرٍ..

    5- وأخذ الأخ يكرر كلمة (أهل المدينة) عدة مرات ، فلماذا لم ينقل (مدعي الإنصاف) ما نقل عن الإمام مالك وتلميذه ابن القاسم وغيرهم من علماء المدينة ؟! ، فقد سئل الإمام مالك رحمه الله: عما يُرَخْصُ فيه أهل المدينة من الغناء ؟ فقال: (إنما يفعله عندنا الفسَّاق) ، وقال:(إذا اشترى جارية فوجدها مُغَنية كان له أن يردها بالعيب) ، وروى الخَلاَّل بسنده الصحيح عن ابراهيم بن المنذر - مدني من شيوخ البخاري - وسئل فقيل له: أنتم ترخصون في الغناء ؟ فقال:(معاذ الله ! مايفعل هذا عندنا إلا الفساق ولهذا قال شيخ الإسلام: (لم يكن إباحة الغناء من قول فقهاء المدينة وعلمائها ، وإنما كان يصنع ذلك فساقهم) ، وغيرها من الردود الكثيرة على هذا الاحتجاج فلماذا لم ينقلها ؟! ألأنها ردودٌ قوية تُضعف ما يريد الانتصار له ؟!


    الوقفة السادسة:


    مع بعض من نقل عنهم الآثار ، ففضلاً أن نقل الترخيص في العود أو المزمار لا يلزم منه إباحة جميع المعازف ، فإن هذه الأثار مطعون في صحتها ، وبعضها مبتور ، وبعضها ثبت عكسه ، ومن ذلك:
    1- ما ذكرناه من حكم ابن حجر على كل ما نقل عن الصحابة أنه لا يثبت ، وهو مالم يذكره الأخ.
    2- ما أخرجه ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - ،
    3- ما ثبت عن سعيد بن المسيب أنه قال : (إني لأُبغض الغناء وأحب الرجز)أخرجه عبد الرزاق في ( المصنف ) (11 / 6 / 19743 ) بسند صحيح .
    4- أما ما نقله عن شعبة من أنه سمع طنبوراً في بيت المنهال بن عمرو ، المحدث المشهورفأصل هذا ما رواه العقيلي من طريق وهب ابن جرير عن شعبة قال:أتيت منزل المنهال بن عمرو ، فسمعت منه صوت الطنبور ، فرجعت ولم أسأله ، قلت: هلا سألته ، فعسى كان لا يعلم . فاعتراض عليه وهب بن جرير في النص فيه ( فعسى كان لايعلم) ، ولذلك قال الحافظ: (وهذا اعتراض صحيح ، فإن هذا لا يوجب قدحاً في المنهال) ، ومن قبله الذهبي في " الميزان" : (وهذا لا يوجب غمز الشيخ " ، فلماذ بتر من قول وهب (فعسى كان لا يعلم) ، وهو سبب أنهم رأوا أنه لا يقدح في الشيخ ،و هل تكرار البتر فيما ينقله من الأمانة العلمية أو الإنصاف ؟!
    5- وإذا كنا في سياق النقل عن التابعين فلماذا لم يذكر قول الإمام الأوزاعي رحمه الله تعالى:كتب مع عمر بن عبد العزيز إلى ( عمر بن الوليد ) كتابا فيه: (و إظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام ، ولقد هممت أن أبعث إليك من يَجُزُّ جُمَّتك جمَّة سوء). أخرجه النسائي في " سننه " ( 2 / 178 ) وأبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 270 ) بسند صحيح ، وذكره ابن عبد الحكم في " سيرة عمر " ( 154 - 157 ) مطولا جدا ، ورواه أبو نعيم ( 5 / 309 ) من طريق أخرى مختصرا جدا .
    6- أما آثار عبدالله ابن جعفر ،وعبد الله ابن الزبير فقد تتبعها الشيخ الألباني فبين ما فيها من انقطاع وضعف شديد فليراجعها الأخوة ومن أراد طلب الحق ، ونتساءل لماذا لم ينقل كلمة مما أورده الشيخ الألباني في تضعيفها فضلاً أن يناقشه؟!


    الوقفة السابعة :


    وكل ما سبق من سقطات لا تقارن مع زعمه أن الإمام العز ابن عبد السلام قال بالجواز ، مع كونه صرح بالتحريم فإن هذا من رقة الدين وضياع الأمانة مع متابعيه ،فأين من يفعل مثل ذلك من وقوفه أمام ربه يوم القيامة ؟!..

    - يقول العز ابن عبد السلام : ((الرتبة الرابعة: من تحضره هذه المعارف والأحوال المبنية عليها عند سماع المطربات المختلف في تحليلها كسماع الدف والشبابات، فهذا إن اعتقد تحريم ذلك فهو مسيء بسماعه محسن بما يحصل له من المعارف والأحوال، وإن اعتقد إباحتها تقليدا لمن قال بها من العلماء فهو تارك للورع باستماعها محسن بما حضره من المعارف والأحوال الناشئة عنها. الرتبة الخامسة: من تحضره هذه المعارف والأحوال عند سماع المطربات المحرمة عند جمهور العلماء كسماع الأوتار والمزمار فهذا مرتكب لمحرم ملتذ النفس بسبب محرم، فإن حضره معرفة وحال تناسب تلك المعرفة، كان مازجا للخير بالشر، والنفع بالضر، مرتكبا لحسنات وسيئات ولعل حسناته لا تفي بسيئاته فإن انضم إلى ذلك نظر إلى مطرب لا يحل النظر إليه، فقد زادت شقوته ومعصيته.)قواعد الأحكام في مصالح الأنام 224/2 ، فانظر إلى قوله ( فهذا مرتكب لمحرمٍ ملتذ النفس بسبب محرم)،لعلك – أخي الكريم– تعرف سبب شدة بعض دعاة أهل السنة على أمثال هذا الأخ؟!

    - ونظرة إلى اختصار الإمام العز ابن عبد السلام لتفسير الماوردي نجده يقول في آيات تحريم الغناء ما نستدل به ، فقال: ([ يشتري لهو الحديث]! شراء المغنيات، أو الغناء، أو الزمر والطبل، أو الباطل، أو الشرك، أو ما ألهى عن الله تعالى،أو الجدال في الدين والخوض في الباطل)،فذكر الزمر والطبل في معنى اللهو المحرم
    وفي تفسير: [واستفزز من استطعت بصوتك]، قال: [بصوتك]! الغناء واللهو،أو بدعائك إلى المعصية)
    وفي تفسير : [ والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مروا كراماً]( [ الزور ] ! الشرك بالله ، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين ، أو الغناء ، أو مجالس الخنا ، أو لعب كان في الجاهلية ، أو الكذب ، أومجلس كان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] يشتم فيه) ، هذا كلام العز في المسألة الذي لم ينقله الأخ الذي ظل يؤكد على قدر الإمام العز فهل ينزل الأخ على رأيه؟!



    الوقفة الثامنة:


    التدليس في أسماء من قالوا بالتحريم ، فبينما يذكر في القائلين بالإباحة المعاصرين ( الشيخ علي طنطاوي- جاد الحق - محمد رشيد رضا) ، يذكر في المانعين (الألباني – ابن عثيمين – ابن جبرين)
    وهو في هذا سائرٌ على طريقة (د.علي جمعة) عندما صنف كتاباً يرد فيه على أهل السنة تحت دعوى (لم شمل الداخل وصد شبهات الخارج)، فالمقصود اتهام المخالفين دوماً أنهم (بتوع الخليج) ، وهو أسلوب رخيص في الدندنة على عصبيات جاهلية بين المسلمين ينبغي على من يريد الإصلاح أن يترفع عنها ، وأن تكون دعوته للم شمل المسلمين أمام جائحة اليهود والصليبين ، ولكي لا نخرج عن مقصود الرد ،اكتفي بإيراد فتاوى اثنين من كبار علماء الأزهر الشريف في مسألة المعازف وهما (الشيخ عبد المجيد سليم ) و( الشيخ عبد الرحمن قراعة) ، ونصها كما يلي:


    الفتوى الأولى: (مواضع استعمال الدف والطبول والمزمار – المفتي - شيخ الأزهر: عبد المجيد سليم- ربيع الأول 1348 هجرية 12 أغسطس 1929 م
    السؤال : هل من الجائز شرعا النقر على الدفوف وضرب الطبول والمزمار أثناء الصلوات فى الجوامع
    الجواب: اطلعنا على هذا السؤال .
    ونفيد بأنه لا يجوز شرعا عند فقهاء الحنفية الضرب على الدف وسائر آلات اللّهو إلا ما استثنوه من الدف بلا جلاجل فى ليلة العرس وطبل الغزاة والحجاج والقافلة على ما جاء بكتاب الطريقة المحمدية وقال الزيلعى عند قول المصنف (ومن دعى إلى وليمة وثمة لعب وغناء يقعد ويأكل ) ومانصه (ودلت المسألة على أن الملاهى كلها حرام حتى التغنى بضرب القضيب .
    ومن هنا يعلم أن النقر على الدف وضرب الطبول والمزمار مما لا يجوز شرعا عند فقهاء الحنفية بل ذلك كله حرام عندهم، وهو أشد حرمة إذا كان فى الحالة المذكورة بالسؤال .
    ويظهر أن من أجاز الضرب على آلات اللّهو من الفقهاء لا يجيزه فى هذه الحالة لما يترتب عليه من الضرر البين والمفسدة الظاهرة، فكيف يقول بجوازه مع ترتب هذا عليه - هذا كله إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال واللّه أعلم)


    الفتوى الثانية : شيخ الأزهر عبد الرحمن قراعة - شوال 1344 هجرية 12 مايو 1926 م - يقول : (وأما الموسيقى فحكمها من جهة الإيقاع والاستماع حكم اللّهو واللعب والعبث وهو الكراهة التحريمية .
    فإن فقهاءنا نصوا على كراهة كل لهو كالرقص والسخرية والتصفيق وضرب الأوتار من الطنبور والبربط والرباب والقانون والمزمار والصنج والبوق .
    فإنها كلها مكروهة تحريما ولم يستثن من ذلك إلا ضرب الدف فى الأعراس والأعياد الدينية وإلا ملاعبة الرجل زوجه وتأديبه لفرسه ومناضلته بقوسه ) ، والكراهة التحريمية عند الأحناف هي التحريم عند غيرهم
    وهذا فضلاً عن كلام الشعرواي وهو ليس على هواه في هذه المسألة.


    وأما الأئمة الأربعة فآراؤهم كما يلي:
    - يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام...ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهونزاعاً"[1]
    - وقال الألوسي في روح المعاني، بتحريم الغناء، ونقل عن أبي حنيفة: "أن الغناء حرام في جميع الأديان، وقال السرخسي في المبسوط: لاتقبل شهادة صاحب الغنى.."[2]
    - قال ابن القيم: "مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب، وقوله فيه أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها، كالمزمار، والدُّفِّ، حتى الضرب بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية، يوجب الفسق، وترد به الشهادة، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا: أن السماع فسق، والتلذذ به كفر."[3]
    - وقال أبو يوسف في دار يُسمع منها صوت المعازف والملاهي: "أُدْخُل عليهم بغير إذنهم، لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض."[4]
    - وقال الإمام الطبري[5]: "أما مالك بن أنس، فإنه نهى عن الغنى وعن إستماعه..." وقال: وهو مذهب سائر أهل المدينة. (وسبق نقل مذهب الإمام مالك فلا نعيد )
    - وقد تواتر عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: "خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن." والتغبير هو شعر مزهد في الدنيا يغني به مغن ويضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو حجرة على توقيع غناء."
    - قال عبدالله ابن الإمام أحمد بن حنبل: "سألت أبي عن الغناء؟ فقال: الغناء يُنْبِتُ النفاق في القلب لايعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق." ، وقال الإمام ابن القيم في رسالته: "ونص رحمه الله على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره، إذا رآها مكشوفة، وأمكنه كسرها..."[6]
    - وكذلك مذهب أهل الكوفة: "سفيان، وحمَّاد، وإبراهيم، والشعبي، وغيرهم لا إختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافاً أيضاً بين أهل البصرة في المنع منه." [7]
    - قال ابن حجر الهيتمي في كتابه " كف الرعاع ": ( لم يحفظ عن أحد ولم يرو عن أحد من الصحابة ولا من التابعين ولا من الأئمة المجتهدين من قال بإباحة المعازف)


    ثم لي أن أقف في نهاية هذا المبحث وقفة مع الشبهة التي ألقاها بجواز استماع أغاني الحب والغرام للمتزوجين ، وأتساءل من أين جاء بهذا الفساد ؟!
    أين وجده في كلام الشوكاني الذي استدل بكلامه ؟!
    وأين هي من كلامه في أول الحلقة عن حرمة الأغاني المتضمنة الكلام الفاحش؟!
    ألم يصرف هذا الأخ الأدلة والآثار وكل كلمة في ذم الغناء إلى ما يتضمن كلاماً فاحشاً فماله ينهي الحلقة بهذا الحكم دون دليلٍ أو أثر أو نقل ولا حتى ممن نقل عنهم – كما زعم – الإباحة؟!
    وأين أدلة وجوب إنكار المنكر من هذه الدعوة للمتزوجين لدعم الفساد والمجون ؟! .
    إن هذه الشبهة تكفي لفضح منهجه المعوج الذي شابه فيه صاحبه معتز مسعود المدافع عن كشف شعر المرأة وجيدها ، وهو ليس عجيباً من دعاة (اقرأ) التي استضافت من قبل إحدى الساقطات المعروفات بالكليبات العارية سافرة متبرجة
    سبحان الله .. ما بال هؤلاء الأخوة ارتضوا لأنفسهم أن يقوموا بهذه الأدوار في تلقين العصاة الشبهات!!

    القسم الثاني : في المناقشة العلمية لبعض ما أثاره من شبهات:

    وإن كان المبحث السابق داخلٌ في المناقشة العلمية ، ولكني اقتصرت فيه على ما لم يكن الأخ منصفاً وأميناً في نقله ، وأما ما أورده من شبهات أو مناقشات علمية فأناقشها هنا - بإذن الله - :


    المناقشة الأولى :


    وهي لما أثاره من تضعيف البخاري لأثر ابن مسعود ، قال الأخ: (أنتم مش عارفين أن البخاري إمام الدنيا في الحديث ضعف الكلام ده ..أن البخاري ضعف أن ابن مسعود يقول أن الغناء هو اللي فيه المشكلة )، ثم نقل نص كلام ابن حجر : (وذكر ابن بطال أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة من مفهوم قوله تعالى ( ليضل عن سبيل الله ) فإن مفهومه أنه إذا اشتراه لا ليضل لا يكون مذموما ، وكذا مفهوم الترجمة أنه إذا لم يشغله اللهو عن طاعة الله لا يكون باطلا ) ، فنقول - بتوفيق الله- :


    1- الأخ لم يكمل كلام ابن حجر والجملة التالية مباشرةً ترد على فهمه الذي ادعاه في تفسير اللهو ،يقول ابن حجر : (لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق ، فكل شيء نص على تحريمه مما يلهي يكون باطلا سواء شغل أو لم يشغل) فانتبه إلى (لكن) الاستدراكية وما جاء بعدها من أن كل ما نص على تحريمه فقليله وكثيره باطل شغل أم لم يشغل ،وهذا أيضاً من ضعف الأمانة أو التحقيق.


    2- ثم إن الشوكاني في نيل الأوطار نص على صحة أثر ابن مسعود ، فإما أن يقول أن الشوكاني ليس محققاً فيسقط احتجاجه بجميع ما نقل من آثار أوردها هلى سبيل الحكاية دون تصحيح ، وإما أن يثبت تصحيحه فتكون الآية حجة ونص في المسألة فلا يصح بعدها اجتهاد إذ (لا اجتهاد في مورد النص)..


    3- ثم إن ما نقله من أن البخاري ضعف أثر ابن مسعود فمستنده قول ابن حجر: (وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء) ،وهذا الكلام – ابتداءً- ليس تصريحاً بالتضعيف ، ثم هو لا يمنع الاستدلال به إذا كثرت الآثار على نفس المعنى وتلقاها عموم العلماء بالقبول كما في نقل ابن القيم الذي سبق عن الواحدي أن عموم المفسرين على أنه الغناء ، كما أن تصحيح الأثر نقله أكثر من واحد من أهل العلم.


    4- وابن بطال الذي قال : (ودلت أيضا على أن اللهو إذا كان يسيرا لا يشغل عن طاعة الله، ولا يصد للجاريتين يوم العيد الغناء فى بيت عائشة من أجل العيد، كما أباح لعائشة النظر إلى لعب الحبشة بالحراب فى المسجد ويسترها وهى تنظر إليهم حتى شبعت قال لها: حسبك. ،وقال عليه السلام لعائشة - وحضرت زفاف أمرأة إلى رجل من الأنصار - : " يا عائشة، ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو " . وقد تقدم فى باب سنة العيدين لأهل الإسلام فى كتاب الصلاة ما يرخص فيه من الغناء وما يكره، فدلت هذه الآثار على ما دلت عليه هذه الآية من أن يسير الغناء واللهو الذى لا يصد عن ذكر الله وطاعته مباح)،هــو من فســر الغنــاء في حديــث عائشــة فقالوقوله:" تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث"، تريد ترفعان أصواتهما بالإنشاد، وكل من رفع صوته بشىء ووالى به مرة بعد مرة، فصوته عند العرب غناء) ففسر اللهو المباح بما ورد في الأعياد والأفراح من غناء وفسر الغناء برفع الصوت، وعند تتبع رأي ابن بطال نجده ينص على الخلاف بين أهل العلم في مجالس اللهو فينقل من آثار العلماء كالليث ومالك وابن القاسم عدم جواز الحضور إذا كان اللهو كالمزمار والعود دون أن ينقل عن غيرهم خلافه وينقل الخلاف إذا كان لعبٍ ، وهذا دليل على أن المعازف ليست داخلة فيما فهمه ابن بطال من اللهو المباح .


    المناقشة الثانية : ما أثاره حول حديث البخاري من أن البخاري لم يورد ترجمةً لتحريم المعازف،وأن المقصود هو الحال مجتمعة وأنه إخبارٌ بمسخ قومٍٍ تكون حالهم هكذا ، وهذا يُرد عليه بما يلي:



    أولاً: أما استدلاله بكون البخاري لم يبوب باباً ينص على تحريم الغناء فليس بحجة في شيء، فإن البخاري لم يلتزم استيفاء المسائل في تراجمه ، وكون البخاري قسم بعض الأحاديث أو كررها على بعض الأبواب لا يمنع الاستدلال بها في غيرها !،فلا هو اشترط هذا الشرط ولا نقله أحد من أهل العلم ولا ذكره أحد من الشراح.
    ثم إن البخاري لم يذكر الحديث في تحريم الزنا فهل نقول أن البخاري لم يفهم من الحديث حرمة الزنا؟!

    ثانياً: ترجم البخاري للباب (باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه)، تفيد أنه فهم الاستحلال تسميتها بغير اسمها، وهو خلاف قولهم وفهمهم للحديث .
    وخص – رحمه الله –الخمر بالذكر إما لأنها تخمرٌ لمباحٍ إلى حرام ، أما البقية فحرامٌ من أصلها ، فتسميتها بغير اسمها وارد ، ولم يكن الفساد ظهر في زمانه مثل الآن ليسموا الزنا وغيره بغير اسمه ،أويمكن أن نقول أنه خص الخمر لأنه في كتاب الأشربة ، فذكر ما يناسب الكتاب منها. ، هذا والله أعلم
    ثم نسأله كما سأل لماذا لم يذكر البخاري في ترجمة الباب ما يفيد الحال المجتمعة بل ذكر العكس؟ .

    ثالثاً: نستدل عليه أن هذا فهم أهل العلم فشـيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالىيقول: (لعل الاستحلال المذكور في الحديث إنما هو بالتأويلات الفاسدة، فإنهم لو استحلوها مع إعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرَّمها كانوا كفاراً، ولم يكونوا من أمته، ولو كانوا معترفين بأنها حرام لأوشك أن لايعاقبوا بالمسخ كسائر الذين لم يزالوا يفعلون هذه المعاصي، ولما قيل فيهم "يستحلون" فإنَّ المستحلَّ للشيء هواستحلالهم الخمر، يعني أنهم يسمونها بغير إسمها كما في الحديث، فيشربون الأشربة المحرمة، ولا يسمونها خمراً، واستحلالهم المعازف باعتقادهم أن آلات اللهو مجرد سمع صوت فيه لذة ، وهذا لايحرم ، كألحان الطيور ، واستحلال الحرير وسائر أنواعه بإعتقادهم أنه حلال للمقاتلة وقد سمعوا أنه يباح لبسه عند القتال عند كثير من العلماء فقاسوا سائر أحوالهم على تلك!وهذه التأويلات الثلاثة واقعة في الطوائف الثلاثة التي قال فيها ابن المبارك رحمه الله تعالى: وهل أفسد الدين إلا الملوك .. وأحبار سوء ورهبانها. ومعلوم أنها لاتغني عن أصحابها من نثر شيئاً بعد أن بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم وبيَّن تحريم هذه الأشياء بياناً قاطعاً للعذر، كما هو معروف في مواضعه) .

    رابعاً: أجمع علماء الأصول على أنه (لا يجوز ضم مباحٍ إلى حرام في الوعيد) ، والوعيد في بقية الحديث – ولكن الأخ اقتطعه كالعادة - ، فنص الحديث: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة) ، وهو ما يناسب ما قرره أهل العلم من التناسب في الآيات والأحاديث، فضلاً أن الأخ لم ينازع في نزول العقوبة التي صرحت بها أحاديث أخرى .

    خامساً : نقل الإمام الشوكاني عن المانعين ردهم على هذه الشبهة في سياق الإقرار فقال : (ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله)

    سادساً: أنه لو سلمنا له بما يقول أن الذم لهذه الحال مجتمعة ، فإن هذا ذمٌ لمفرداتها لا محالة وإلا كان ذكرها بلا فائدة وهو ما ينزه كلام الرسول – صلى الله عليه وسلم – منه ، وكذلك ما ورد من أحاديث وصفتهم أنهم على (طعامٍ وشراب ولهو) – إن صحت - تحمل على الإسراف أوالذم لكونها عونٌ على المعصية وفتحٌ لأبواب الشهوة ، ولذلك ثبت نصح الشباب بالصيام ، فلابد أن يكون للمذكور تعلقٌ بالذم لأنه – كما يقول- قد ذم الحال مجتمعة .
    كما أنه لو كان المحرم هو الكلام الفاحش المصاحب للمعازف فقط – كما يقول - لما ترك النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكره وذكر المباح (المعازف كما يزعم).

    سابعاً: دلالة السياق فإن الزنا محرم والخمر محرمة والحرير محرم على رجال الأمة (وقد جاء الحديث بلفظ التذكير) ، فإستثناء المعازف من السياق يحتاج إلى دليل وهو غير موجود.
    ثامناً: أما الآية التي حاول الاستدلال بها ،وهي قوله تعالى: [إنه كان لا يؤمن بالله العظيم . ولا يحض على طعام المسكين] فإن انتفاء المساواة في الحكم لا تنفي وجود أي قدرٍ من الاشتراك وهو هنا كما قال أهل العلم والمفسرون الاشتراك في استيجاب العذاب ، ولذلك فسر بعضهم عدم الحض أنه المبالغة في البخل حتى أنه مع عدم بذله لا يحض غيره ، ولم يذكر أحد الاختلاف الكامل ولم يصنعوا صنيعه مع حديث المعازف ، فالخلاصة أن نفي التساوي لا ينفي مطلق الاشتراك في الذم ، والآية دليلٌ عليه لا له .


    المناقشة الثالثة:


    ما أثاره في حديث زمارة الراعي ، وكيف لم ينهى مرافقه عن السماع ، فنقول – وبالله التوفيق - :
    1- الأخ حكم على الحديث بالضعف فلا يصح استدلاله به.
    2- ورد أن البعض خص الزمارة بالإباحة ومع ذلك لم ينقلوا عنهم إباحة بقية المعازف ، ولعل هذا يدخل في قول ابن القيم - كما ذكرنا- : (أجمع أهل العلم على تحريم بعضها ، وقال جمهورهم بتحريم جملتها)
    3- أن الاستدلال غير صحيح للفرق بين السماع والاستماع ، يقول ابن قدامة رحمه الله: ( ومن لا يفرّق بين السماع والاستماع فإن ذلك جاهل، وليس أهلاً للفتيا) ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "...فإن من الناس من يقول بتقدير صحة الحديث لم يأمر ابن عمر بسد أذنه، فيجاب بأن ابن عمر لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهذا الإثم فيه، وإنما النبي صلى الله عليه وسلم عدل طلباً للأكمل والأفضل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنه كيلا يسمعه، فهذا حسن، ولو لم يسد أذنه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرب ديني لا يندفع إلا بالسد" ، وهذا فيه رد على ما أثاره من مسألة تزعج كثير من الملتزمين وهو استفسارهم لو مر بالشارع أو السوق فسمع أغاني محرمة هل يأثم؟ ، فإنه إن استمع وتقصده أثم وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
    4- أن الشوكاني رحمه الله قال في نيل الأوطار: (واستشكل إذن ابن عمر لنافع بالسماع ، ويمكن أنه إذ ذاك لم يبلغ الحلم) ، ولم أقف على ما ذكره الأخ أن الشوكاني قال أنه ابن عمر كان في حال مع الله .
    5- وهذا التحرير يجيب عن الإشكال الذي أثاره من صعوبة التحرز عن استماع الأغاني لانتشارها..



    المناقشة الرابعة:


    ما أثاره الأخ من حديث عائشة ، وأن الدف يشبه الطبل (والطبل هو الطرب كله) ، وأن القائلين بالتحريم يزعمون أن علة التحريم حدوث الطرب، فنقول – وبالله التوفيق - :
    1- قوله أن علة التحريم (الطرب) وأنها حاصلة بالدف فتقاس عليه المعازف فيرد عليه أن هذه العلة (التي ذكرها) اجتهادية لم يأت نصٌ عليها ، وإذا سلمنا له فهل هذا الطرب سيكون جزء علة أم هو علة كاملة؟ ، وهل هذا (الطرب) يتجزأ أم هو شيءُ واحد ؟! فإن كان يتجزأ – وهو لا محالة - فكيف يسوي أو يقيس بين القليل والكثير منه في الحكم؟ ، ثم إن هذا كله لا يصح معه قياس إذ لا يصح القياس في مورد النص .

    2- ولقد سمى أبو بكر غناءهم وضربهم الدف (مزمار الشيطان) ولم ينكر عليه الرسول الله- صلى الله عليه وسلم- هذه التسمية – كما ذكر ابن القيم –

    3- ثم إن قوله صلى الله عليه وسلم (إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا) تخصيصٌ له قيمة لا يجوز تجاوزه فإنه – صلى الله عليه وسلم – لو أراد التعميم لفعل ، كقوله (والمعازف) .

    4- أن اعتبار الدف كالطبل غير صحيح ،فالدف يكون الجلد فيه من جهة واحدة والطبل يكون الجلد فيه من جانبين ولذلك فصوتهما مختلف، فإن جادل نسأله هل يصح أن يضربوا (دفوف الحرب) أم يقولوا (دقت طبول الحرب)، فليسوا سواءً كما زعم ، والفروق بينهم ثابتة.

    المناقشة الخامسة: الأغاني الصوفية:
    من الأغاني التي تدخل فيما أباحه الأخ الأغاني الصوفية، وقد ذكرنا أن الظاهرية والصوفية هم أكثر من يحاول إباحة المعازف ، فما هو حكم الأغاني الصوفية التي تصاحبها المعازف والرقص وغيرها ؟ ، وماذا قال أهل العلم فيها؟

    1- نبدأ بكلام العز ابن عبد السلام ، وننقله بنصه : (وأما الرقص والتصفيق فخفة ورعونة مشبهة لرعونة الإناث لا يفعلها إلا راعن أو متصنع كذاب وكيف يتأتى الرقص المتزن بأوزان الغناء ممن طاش لبه وذهب قلبه ، وقد قال عليه السلام : " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ، ولم يكن أحد من هؤلاء الذين يقتدى بهم يفعل شيئا من ذلك ، وإنما استحوذ الشيطان على قوم يظنون أن طربهم عند السماع إنما هو متعلق بالله عز وجل ولقد مانوا فيما قالوا وكذبوا فيما ادعوا من جهة أنهم عند سماع المطربات وجدوا لذتين اثنتين: إحداهما:لذة المعارف والأحوال المتعلقة بذي الجلال . والثانية : لذة الأصوات والنغمات والكلمات الموزونات الموجبات للذات النفس التي ليست من الدين ولا متعلقة بأمور الدين ، فلما عظمت عندهم اللذتان غلطوا فظنوا أن مجموع اللذة إنما حصل بالمعارف والأحوال ، وليس كذلك بل الأغلب عليهم حصول لذات النفوس التي ليست من الدين بشيء . وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام : " إنما التصفيق للنساء " ، و " لعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ومن هاب الإله وأدرك شيئاً من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل ، ولا يصدران من عاقل فاضل ، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، وقد قال تعالى: [ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء]، وقد مضى السلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، وإنما هو من أقبح الرعونات" قواعد الأحكام في مصالح الأنام " ( 2 / 221 ، 222).


    2- الإمام القرطبي ، بعد أن ذكر الغناء الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن ، وفيه وصف النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة ، ولا يختلف في تحريمه ، قال: (وأما ما أبتدعه الصوفية في ذلك ؛ فمن قبيل ما لا يُختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن يُنسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت في كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة ، وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقع بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القُرَب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سَنيَّ الأحوال ، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرقة ، والله تعالى المستعان).


    3- الإمام الحافظ ابن الصلاح في فتوى له مسهبة جوابا على سؤال من بعضهم عمن يستحلون الغناء بالدف والشبابة مع الرقص والتصفيق ، ويعتقدون أن ذلك حلال وقربة ، وأنه من أفضل العبادات ؟ !، فأجاب رحمه الله بما خلاصته مما يناسب المقام ، قال: (لقد كذبوا على الله سبحانه وتعالى ، وشايعوا بقولهم هذا باطنية الملحدين ، وخالفوا إجماع المسلمين ، ومن خالف إجماعهم ، فعليه ما في قوله تعالى: [ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا] ).


    4- الإمام الشاطبي رحمه الله ، قال إجابة عن سؤال وجه إليه عن قوم ينتمون إلى الصوفية ؛ يجتمعون فيذكرون الله جهرا بصوت واحد ، ثم يغنون ويرقصون؟! ، فقال: ( إن ذلك كله من البدع المحدثات المخالفة طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطريقة أصحابه والتابعين لهم بإحسان ، فنفع الله بذلك من شاء من خلقه).
    5- ومنهم المفسر المحقق الآلوسي ، فبعد أن أطال النفس جدا في تفسير آية ( لهو الحديث ) والآثار وأقوال المفسرين فيها ، وفي دلالتها على تحريم الغناء ، ومذهب الفقهاء فيه ، قال : (وأنا أقول: قد عمت البلوى بالغناء والسماع في سائر البلاد والبقاع ، ولا يتحاشى من ذلك في المساجد وغيرها ، بل قد عُين مغنون يغنون على المنائر في أوقات مخصوصة شريفة بأشعار مشتملة على وصف الخمر والحانات وسائر ما يعد من المحظورات ، ومع ذلك قد وُظِّف لهم من غلة الوقف ما وُظِّف ، ويسمونهم ( الممجدين ) ! ويعدون خلوَّ الجوامع من ذلك من قلة الاكتراث بالدين ، وأشنع من ذلك ما يفعله أبالسة المتصوفة ومردتهم ، ثم أنهم - قبّحهم الله تعالى - إذا اعتُرض عليهم بما اشتمل عليه نشيدهم من الباطل ، يقولون: نعني بـ (الخمر) المحبة الإلهية، أو بـ (السكر): غلبتها، أوبـ (مية) و(ليلى) و(سعدى) مثلا: المحبوب الأعظم وهو الله عز وجل ! وفي ذلك من سوء الأدب ما فيه ، [ولله الأسماء الحسنى فأدعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه]..) ، ثم نقل عن بعض الأجلّة ( ص 75 ) أنه قال: (ومن السماع المحرم سماع متصوفة زماننا ؛ وإن خلا عن رقص ، فإن مفاسده أكثر من أن تحصى ، وكثير مما ينشدون من الأشعار من أشنع ما يتلى ، ومع هذا يعتقدونه قربة ، ويزعمون أن أكثرهم رغبة فيه أشدهم رغبة أو رهبة ، قاتلهم الله تعالى أنى يؤفكون)


    6- ومن العلماء الذين بالغوا في الإنكار على غناء الصوفية القاضي أبو الطيب الطبري فقال : (هذه الطائفة مخالفة لجماعة المسلمين ؛ لأنهم جعلوا الغناء دينا وطاعة ، ورأيت إعلانه في المساجد والجوامع ، وسائر البقاع الشريفة والمشاهد الكريمة).


    7- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فاعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه) .


    8- الإمام الشافعي رحمه الله قال: (خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن) . و(التغبير هو شعر مزهد في الدنيا يغني به مغن ويضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو حجرة على توقيع غناء).
    فالحذر الحذر أيها الإخوة الكرام من أن تكون هذه الحلقة بداية لإدخالكم في حلقاتٍ صوفية،ولعل هذه النقول توضح البعد المنهجي للمسألة فهي وإن كانت مسألة فقهية إلا أنها من المسائل التي يتميز الصوفية بإباحتها.


    المناقشة السادسة:
    ما يحتج به من أنه مادام الخلاف حاصلاً فلا يصح الإنكار فيه ، وهو ما كرره من قبل في مسألة البدعة ، فنقول – وبالله التوفيق - :
    1- ابتداءً نذكر بقوله تعالى : [وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ .إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ] (هود118- 119) فجعل الله أهل الاختلاف قسيم أهل الرحمة لكون اختلافهم عذابٌ وليس رحمة ، يقول الشاطبي : (وبين هذين الطريقين واسطة أدنى من الرتبة الأولى وأعلى من الرتبة الثانية ، وهي أن يقع الاتفاق في أصل الدين ، ويقع الاختلاف في بعض قواعده الكلية ، وهو المؤدي إلى التفرق شيعاً . فيمكن أن تكون الآية تنتظم هذا القسم من الاختلاف ، ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم : "أن أمته تفترق على بضع و سبعين فرقة "، وأخبر : "أن هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع "، وشمل ذلك الاختلاف الواقع في الأمم قبلنا ، ويرشحه وصف أهل البدع بالضلالة وإيعادهم بالنار ، وذلك بعيد من تمام الرحمة ) فنقرر وإن كانت المسألة – هنا – فقهية أن الاختلاف إذا كان في قواعد الدين الكلية يدخل صاحبه في مسمى أهل البدع ،ويكون خلاف أهل السنة لهم ممدوحاً بل هو من الواجب .



    2- التنبيه على الفرق بين المسائل الاجتهادية والمسائل الخلافية : فالمسائل الاجتهادية كل أمر لم يرد فيه دليل قاطع [أي نص صحيح أو إجماع صريح] ،ويعرفها الشاطبي بقوله : ( محال الاجتهاد المعتبر هي ما ترددت بين طرفين وضح في كل منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات)، أما المسائل الخلافية فهي أعم من ذلك فهي تشمل كل ما وقع فيه الخلاف ، وإن كان الخلاف ضعيفا أو شاذا أو مما اعتبر من زلات العلماء ولهذا فإن كل ما كان من مسائل الاجتهاد فهو من مسائل الخلاف وليس العكس . ومن أجل هذا استثنى العلماء من عدم الإنكار على المخالف في المسائل الخلافية ما ضعف فيه الخلاف وكان شاذا ، أو اعتبر من زلات العلماء، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وقولهم : ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ، ليس بصحيح ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو بالعمل . أما الأول : فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما ، وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك ، فإنه ينكر – بمعنى بيان ضعفه – عند من يقول : المصيب واحدا ، وهم عامة السلف والفقهاء . وأما العمل : إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب بدرجات الإنكار )،ثم قال وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ، وللاجتهاد فيها مساغ ، فلا ينكر على من عمل به مجتهداً أو مقلداً) ثم قال مشيرا إلى الاختلاف واللبس الواقع في هذه المسألة ما نصه : (وإنما دخل اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس .
    والصواب الذي عليه الأئمة : إن مسائل الاجتهاد – ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا : مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه – فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد فيها لتعارض الأدلة المقاربة ، أو لخفاء الأدلة فيها)


    3- ونتساءل : لماذا يصر الأخ مصطفى كلما قرر أصلاً فاسداً (كالبدعة الحسنة) أو دعى إلى رأيٍ شاذٍ (كإباحة المعازف) أن يكرر اتهام من سيرد عليه أنه (لايقبل الخلاف) ، وأنه (يحتكر الحق) ،وهل استمعت للمخالف حتى تحكم عليه ؟ ، أليس هذا اعتساف وتسرع في الحكم على مخالفك قبل أن يتكلم أو يرد؟!
    لمـــن يغــــرد مصطفــى حسنــــي؟!

    ولنا في النهاية أن نتساءل :

    إذا كان أصل (كل بدعة ضلالة) وهو لفظ حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم– يتم نقضه ..


    وإذا كانت المعازف وفي تحريمها نص حديث البخاري وحكاية الإجماع عن جماهير علماء المذاهب يتم تحليلها بمنتهى السهولة ..
    وإذا كان أمثال (تامر حسني) وغيره من مشيعي الفجور والخنا بين المسلمين تتم دعوتهم للتعاون ويتحسر على فشل أغانيهم (الدينية)..

    بينما مشايخ أهل السنة مجرد (ناس بتطلع في حلقات) والتيار السني ( تيار مفرق للصف الداخلي) ومنطقهم - كما يزعم- ( مش من حقكم تغنوا عن ربنا بتاعنا ، و عن الرسول بتاعنا)..


    وإذا كان الحل مع انتشار المعازف والأغاني الهابطة هو القفز فوقها كخطر يهدد الشباب والقول بإباحتها ..

    وإذا كانت أغاني الحب والغرام مع ما تحتويه من خدشٍ للحياء قد تجوز للمتزوجين ..

    وإذا كانت قناة (اقرأ) التي يدافع عن دعاتها ويرفع شأنهم هي من يدافع أحد دعاتها عن السافرات ويستضيفهن سافراتٍ عن شعورهن ونحروهن ، ويعتبره مصطفى حسني من (الدعـاة الإسلامييـن) ..!!

    وإذا كانت التقارير الأمريكية تدعو لمواجهة التدين السلفي (بتعاون بين الدعاة الجدد والصوفيين) ..

    وإذا كان (المنقوش) الصوفي المعروف والمشهور بعدائه لأهل السنة هو الذي يعد المادة الشرعية له..




    فلنا أن نتســــاءل لمـــن يغـــرد مصطفـــى حســني ؟!

  • #2
    رد: لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟

    أرجوا من الأخوة حذف
    أحد الموضوعين
    تم إضافة الثاني بالخطأ

    تعليق


    • #3
      رد: لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟

      اخى الحبيب بارك الله فيك وجزاك خيرا

      لكن اخى الحبيب بلاش دى
      لمن يغـــرد (مصطفــى حسني) ؟
      يكفينا ان نوضح للناس الدليل بالحكمة والرحمة بدون ذكر اى شخص

      بارك الله فيك ونفع بك
      أخشى على هواة الطعن والتجريح
      سوء الخاتمة !!


      تعليق

      يعمل...
      X