بسم الله الرحمن الرحيم
وكعادتي عدت الى منزلي ظهرا وبعد صلاة ظهر يوم الاحد الموافق /28/3/1431هـ تقريبا الساعة الواحدة تلقليت اتصال من احد الاخوان بادرني بالسؤال
هل اتصل بك ابا عايض ؟؟
قلت لا .. ولكن مالخطب
قال ان ابنه مصعب تعرض لحادث مروري هذا اليوم وقد فارق الحياة
قلت إنا لله وإنا اليه راجعون
اللهم أجبر مصاب أهله ومحبيه وأجرهم في مصيبتهم واخلف لهم خيرا
اغلقت الهاتف منه ثم اتصلت بوالد مصعب الاخ الحبيب ابا عائض
سالته عن احواله وعن حال مصعب قال ادعي لمصعب بالرحمة فقد مات
قلت لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى و لتصبر ولتحتسب وندعو الله له بالرحمة والمغفرة
هذه هي الدنيا ان اضحكت يوم ابكت ايام
ثم اتصلت ببعض الاحباب واخبرتهم بالخبر واتفقنا على الذهاب الى إدارة مرور الناصرية حيث يتواجد اخونا ابو عايض لانهاء إجراءات الحادث واستلام الجثة
وبعد وصولنا الى الناصرية صعدنا الى الدور الثالث مكتب مدير شعبة الحوادث وعند الوصول شاهدت الاخ ابو عايض وهو جالس يتصفح اوراق الحادث وبعد الدخول والسلام عليهم كانت البسمة وكعادته ابا عايض لاتفارق محياه ويحاول ان يخفي حزنه والمه رغم عظم مصابه
سلمنا على الحضور وعزيناهم ثم جلسنا معهم ثم واصل المقدم / عبدالمحسن المناع سرد قصة الحادث والايضاح لابي عايض وكان على احد الكراسي رجل اسمر البشرة افريقي الجنسية مكبل بالحديد وكان المقدم والحضور يوجهون له بعض الاسئلة وتبين لنا انه احد اطراف الحادث الذي سوف اسرد لكم قصته فيما بعد
وكان السؤال المكرر عليه هل الدعس قبل الوفاة او بعد الوفاة ؟؟؟
سؤال غريب!!!
بعد ذلك قال ابا عايض قبل ابو بعد لن يعيد لي مصعب
انا متنازل لوجه الله لا اريد من احدا جزاءا ولاشكورا
سجل رئيس التحقيقات إجراءات التنازل وتسليم الجثة والسيارة واسلتمنا كافة الاوراق وغادرنا مكتب المرور
بعدها طلبنا ممن كان يرافق ابا عايض بأن يأذنون لنا باصطحابه لإيصاله الى منزله في حي العريجاء وبعد ركوب السيارة
سألنا عن كيفية الحادث قال
اخبرنا بانه لايعلم عن كيفية خروج ابنه الذي لم يعتادوا خروجه الا لمدرسته وحلقة التحفيظ
ولكن وحسب ماتبين انه قد يكون رغب ان يحضر بعض حاجياته من احد المحلات وقام باخذ سيارة اخوة الاكبر منه
وخرج وحسب الاتجاه الذي وقع فيه الحادث ومن قراءة كيفية وقوعه يظن انه ابتعد عن المنزل ولم يستطيع معرفة طريق العودة لانه لم يعتاد على الذهاب بعيدا
وكان قادم من طريق الملك فهد من الشمال الى الجنوب وعندما دخل ميدان القاهرة قرب وزارة الداخلية كأنه اراد الدخول مع احد المخارج الا انه اختل توازن سيارته وارتطم بالرصيف الارضي للمخرج
مما تسبب في انقلاب سيارته حسب اقوال شهود الاعيان واثناء انقلابها خرج منها الى وسط الطريق العام حاول بعض مرتادي الطريق الوقوف تلافياً لدهسه الا ان قدر الله ماضي فكان هناك سيارة نقل ثقيل كان يقودها ذلك الشخص الاسمر الذي وجد بقسم المرور يسير في نفس الاتجاه لم يستطع تدراك الوضع وقام بدهس مصعب رحمه الله
وقد تم نقله الى المستشفى ولكنه قد فارق الحياة
وبعد وصولنا الى منزل ابو عايض وجدنا الكثير من اقاربائه وزملاء مصعب في المدرسة وحلقة التحفيظ
وكان ابا عايض بدأ عليه التأثر عند مشاهدته لمنزله والحضور فطلبنا منه ان يصبر ويحتسب ويثبت وان بثباته سوف يثبت الجميع
ترجل من السيارة وكأن شيئاً لم يكن
سلم على الجميع واخذ يذكرهم بالله ويطلب منهم الصبر والاحتساب وان يدعو لـ مصعب بالرحمة والمغفرة
ثم بعد ذلك بدأ التوافد على منزله ممن عرف عن الحادث من الجيران او ابناء قبيلة بني مالك وزملاء العمل
بعد قليل سأل ابا عايض الحضور هل احد منكم ابلغ امي عن موت مصعب
اجابوه بـ لا
طبعاً والدة اخونا ابا عايض في بني مالك
طلب من فلان او فلان الجميع رفض لعدم مقدرتهم على إخبارها
ثم بعد ذلك قال انا من يخبر امي
اخرج جواله .. جهز الرقم .. اتصل .. سلم ... سأل عن حالها .. ضاحكها .
ثم جاءت اللحظة الحاسمة .. قال :
لو احد استودعك امانة ثم حضر اليك وطلبها هل تعيدينها اليه او ترفضين ؟
قالت بل اعيدها:
قال:
الله سبحانه اعطاني مصعب وداعة واليوم طلبها مني واعطيته؟؟
بعد ذلك ذكرها بالصبر والاحتساب وانهى مكالمته بها
بعد ذلك اخذ مكانه في المجلس وكنت انظر اليه ولا اعلم هل اهنئه على صبره وإحتسابه ام اعزيه في فقده لفلذة كبده ونور عينه
بقيت الى قرب المغرب بعدها غادرت منزل ابا عايض
وفي اليوم الثاني حضرت الى جامع الراجحي ومن ثم الى المقبرة وشاهدت الحبيب ابا عايض يتقدم الناس في حمل ابنه على نعشه وانزاله الى قبره والدعاء له بعد الدفن ثم استقبال المعزين على المقبرة وخرجت من المقبرة وانا احمل عدة تساؤلات واتفكر في هذه الدنيا وكيف ان اقرب الناس واحبهم اليك يدفنك او تدفنه في التراب بل ويسارع بذلك..
انها سنة الله في خلقة
مما استفدته من هذه الحادثة وكان له الاثر في نفسي هو
*ان الموت لا يعرف صغيرا او كبيرا ولن يقدم حافظ القران على غيره او يبقيه وياخذ غيره
انما هي ساعة وقت معلوم اذا حانت اذن لملك الموت بقبض تلك الروح
*صبر اخونا الغالي ابا عايض وهذا ديدن المؤمن وما يجب ان يكون عليه ان يعد نفسه لمثل هذه المواقف
* مما احزني هو عندما اردا ابا عايض ان يتنازل عن الحادثةوبعد ان قام بالتوقيع على تلك الاوراق
اخذت افكر يا الله كيف كان ابا عايض يوقع على شهادات تفوق مصعب وعلى جميع الامورالتي تخص حياتهوها هو الان يوقع التوقيع الاخير فيما يخص مصعب على وجه الارض
*رغم الحزن الا ان هناك امر مفرح وهو ان اغلب من حضر الى منزل مصعب ومن ثم المسجد والمقبرة هم اهل الله وخاصة كما ورد في الحديث ( حملة كتاب الله ) من زملاء مصعب
وهذه فيها اشارات وتنبيهات لنا جميعا بان رفقاء السوء والرخاء يختفون في مثل هذه المواقف وصدق من قال بيننا وبينكم يوم الجنائز
رسالة الى كل شاب بان يتقي الله وان لا تفجع والديك فيك
فانت غالي مهما كنت مقصر ووالديك يحبونك اكثر من ارواحهم بل يخافون عليك من نسمة الهواء ان تمسك بسوء فاحسن اليهم وترفق بهم
بقي ان نقول كنت كبيرا ابا عائض وكبرت اكثر واكثر فقد تعلمنا منك درساً عظيما في الصبر والإحتساب فهنيئاً لنا بك وهنيئا لك بصبرك
ونسأل الله ان يرحم مصعب ويغفر له وينزله المنازل العالية من الجنة
وان يجمعنا به وبكم ووالدينا في اعالي جناته
وان يعظم أجركم وصبركم
ويعيننا وإياكم على ابتلاءات الدنيا
وكتبه
ابو هااجر
وفى الختام نصلى على خير الانام ونذكر بالغاية ان الله ابتعثنا لنخرج من يشاء من عباده العباد الى عباده رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة
تعليق