الحمد لله رب العالمين
وبعد,
سؤال من القلب إلى القلب
هل تبكي..؟!
وإذا بكيت فعلى أي شئ تبكي..؟!
ولكي أُسَهِّل الإجابة على نفسي وعليكم نتعرض لبعض أحوال سلفنا وأقوالهم وأفعالهم, عسانا نقتدي بهم ونقتفي أثرهم
كان محمد بن المنكدر إذا بكى مسح وجهه ولحيته من دموعه; ويقول: بلغني أن النار لا تأكل موضعاً مسته الدموع!.
وعن الحسن البصري قال: إن العينين لتبكيان, وإن القلب ليشهد عليهما بالكذب! ولو بكى عبد في ملأٍ من خشية الله لرُحِموا جميعاً ببكائه.
وكان الحسن البصري يعظ الناس يوما, فانتحبَ رجل -أي بكى- من ناحية المجلس, فقال الحسن: أيها الباكي اشدُد! فإنه بلغنا أن الباكي من خشية الله مرحومٌ يوم القيامة.
وكان مالك بن دينار يعظ الناس يوماً; فبكى أحد القوم, فضرب مالك بيده على كتفه وقال: ابكِ يا أبا بِشر! فإنه بلغني أن العبد لا يزال يبكي حتّى يرحمه سيِّده فيُعتقه من النار.
وقال صالح المري: بلغني عن كعب الأحبار أنه كان يقول: من بكى خوفاً من ذنبٍ غُفِرَ له!, ومن بكى اشتياقاً إلى الله نظر إليه!
وكان عبد الواحد بن زيد يقول: يا إخوتاه! ألا تبكون شوقاً إلى الله؟! ألا إنه من بكى شوقاً إلى الى سيده لم يُحرم النظر إليه!
يا إخوتاه! ألا تبكون خوفاً من النار؟! ألا إنه من بكى خوفاً من النار أعاذه الله منها!
يا إخوتاه! ألا تبكون خوفاً من العطش يوم القيامة؟! ألا إنه من بكى خوفاً من ذلك سُقي على رؤوس الخلائق يوم القيامة!
يا إخوتاه! ألا تبكون؟! بلى فابكوا على الماء البارد أيام الدنيا; لعله أن يُسقيكموه مع خير الأصحاب, ثم جعل يبكي حتى غُشي عليه!
وقال عمر بن ذر: ما رأيت باكياً قط إلا خُيِّل إليّ أن الرحمة تنزلت
وعن حكيم بن جعفر قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: البكاء من مفاتيح التوبة; ألا ترى أنه يرقُّ فيندم!
وكان الحسن البصري كثير البكاء, فقد دخل عليه خادمه يوماً وقال له: يا أبا سعيد! إنك لتُكثر من البكاء؟! فبكى ثم قال: يابني! فما يصنع المؤمن إذا لم يبك! يابني إن البكاء داعٍ إلى رحمة الله; فإن استطعت أن لا تكون إلا باكيا فافعل; لعله يراك على حالة فيرحمك بها; فإذا أنت قد نجوت من النار*
فبعد هذا; لِمَ لا نبكي..؟!
يا إخوتاه! ألا تبكون شوقاً إلى الله؟! ألا إنه من بكى شوقاً إلى الى سيده لم يُحرم النظر إليه!
يا إخوتاه! ألا تبكون خوفاً من النار؟! ألا إنه من بكى خوفاً من النار أعاذه الله منها!
يا إخوتاه! ألا تبكون خوفاً من العطش يوم القيامة؟! ألا إنه من بكى خوفاً من ذلك سُقي على رؤوس الخلائق يوم القيامة!
يا إخوتاه! ألا تبكون؟! بلى فابكوا
نعوذ بالله من عينٍ لا تدمع ومن قلبٍ لا يخشع
والحمد لله
..
*مستفاد من كتاب الخشية والبكاء إعداد صالح بن صويلح الحساوي طـ دا القاسم.
تعليق