بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أكرم الإنسان بالعقل، وأكرم المسلمين بالإيمان والعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله عالم الغيب والشهادة، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله أول ما أُمر به هو أن(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
اخوتي الكرام:
إن أعظم ثروة امتلكتها أمتنا في ماضيها وحاضرها هي عقيدتها وشريعة دينها، لأن ثقافة الأمة هي التي تحدد مفاهيمها وتعين لها سلوكها، لقد فهم المسلمون الأوائل هذا السر العظيم فتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وعضوا عليها بالنواجذ، وقاموا بدراسة ثقافة دينهم وعقيدتهم وشريعتهم، حتى اعتنوا بهذه الثقافة عناية عظيمة، وأفردوا لكل فرع من فروع هذا الدين علما خاصا، فكان علم الحديث، وعلم التوحيد، والتفسير، والأصول، وعلوم اللغة وغير ذلك، فثقافة الأمة هي الصانع الحقيقي لشخصية الأمة وشخصية الفرد المسلم،
فهذه الثقافة هي التي تحدد طريقة فهمها للأمور وحكمها على الأحداث وولائها للأشخاص وميولها للأشياء وحبها أو كرهها للأمور، وبالتالي سلوكها بالإقدام أو الإحجام والإعراض.
لقد فهم المسلمون الأوائل أن الجهلَ أعظمُ مصيبةٍ قد تَحِلُ بالأمة، وأعظمُ بلاءٍ، وأوجعُ داء، بل يعني ضياعَ الأمةِِِ كأُمةٍ ولو بقي أفرادها على قيد الحياة، فبالعلم الشرعي تحيى الأمة لأنه هو المنظم لشؤونها وحياتها وعلاقاتها، وهو الدافع للأمة نحو بقية العلوم الأخرى لترتقي الأمة بكل ناحية على كل الأمم، وبه تعرف كيف تتعامل مع ثرواتها المادية فتحافظ عليها ولتجعلها تصب في مصلحتها، فلا تضيع منها أو تنهبها منها الأمم الأخرى،
لذلك فإن المحافظة على ثقافة الأمة وجعلها حية مطبقة على الأرض هي وظيفة كل مسلم وكل جماعة مسلمة وهي وظيفة خليفة الأمة الغائب، عجل الله تعالى الإذن ببيعته.
اخوتي الكرام: حديثي هذا اليوم عن خطر الجهل وعن مكانة الفكر والعلم في الإسلام قد يطول ويأخذ شعبا كثيرة، لكني أحب أن أحدثكم عن السعي لطلبه وهَمِّ حَملِه وتبليغه، لأذكركم وأذكر نفسي معكم بهذا الأمر الجليل الذي هو عبادة من العبادات، لأنه فرض من الفروض، لعل ذلك يحفزنا جميعا للإقبال على القراءة والفهم والحفظ أكثر فأكثر لكتب الدعوة وكتب سلف هذه الأمة، مما يكسبنا الأجر أولا ويزيدنا فهما لديننا ثانيا فنتمكن من حمل الدعوة بقوة ووضوح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نَضَّرَ اللَّه عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوعَاهَا فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ أدَّاهُ إلى مَنْ هُو أَفْقَهُ مِنْهُ» رواه الترمذي وغيره، ولا أجد أجمل وأبلغ من أن أنقل لكم بعضا يسيرا مما ذكره الإمام النووي في كتابه المجموع حول أهمية العلم وحمل الدعوة وجلال قدر العلماء عند الله تعالى، لعل ذلك ينفعنا جميعا، يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: قَدْ تَكَاثَرَتْ الْآيَاتُ, وَالْأَخْبَارُ, وَالْآثَارُ, وَتَوَاتَرَتْ, وَتَطَابَقَتْ الدَّلَائِلُ الصَّرِيحَةُ, وَتَوَافَقَتْ, عَلَى فَضِيلَةِ الْعِلْمِ, وَالْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِهِ, وَالِاجْتِهَادِ فِي اقْتِبَاسِهِ, وَتَعْلِيمِهِ. وَأَنَا أَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ, تَنْبِيهًا عَلَى مَا هُنَالِكَ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:] قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ[, وَقَالَ تَعَالَى: ]وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا[, وَقَالَ تَعَالَى :]إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[, وَقَالَ تَعَالَى ]يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[ وَالْآيَاتُ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ, ثم يذكر الإمامُ أحاديثَ كثيرة أنقل منها، عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ,وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: فَوَاَللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا, وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا, وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ, وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ, وَزَادَ «لِكُلِّ شَيْءٍ عِمَادٌ, وَعِمَادُ هَذَا الدِّينِ الْفِقْهُ, وَمَا عُبِدَ اللَّهُ بِأَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي الدِّينِ» ثم يقول رحمه الله، وَأَمَّا الْآثَارُ عَنْ السَّلَفِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ, وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ, لَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهَا أَحْرُفًا مُتَبَرِّكِينَ, مُشِيرِينَ إلَى غَيْرِهَا, وَمُنَبِّهِينَ: عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ, وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ, وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ, وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ, وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ, وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ, وَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ, وَقَالَ: مِنْ لَا يُحِبُّ الْعِلْمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَلَا يَكُنْ بَيْنَكَ, وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ, وَلَا صَدَاقَةٌ, وَقَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْفُقَهَاءُ الْعَامِلُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ وَلِيٌّ, وَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَوْرَعُ لِخَالِقِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ, وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ صَحِيحِهِ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: رضي الله عنه «تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ» قَالَ الْبُخَارِيُّ يَعْنِي الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ, وَمَعْنَاهُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ الْمُحَقِّقِينَ الْوَرِعِينَ قَبْلَ ذَهَابِهِمْ, وَمَجِيءِ قَوْمٍ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ بِمِثْلِ نُفُوسِهِمْ, وَظُنُونِهِمْ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ. إنتهى
اخوتي الكرام: تزودوا من دينكم، فإنه لا خير فيما سواه من أفكار، ولا يظن أحد أن الإسلام يمنع من التزود من علوم الحياة النافعة الأخرى، فذلك مباح للأفراد واجب على الدولة توفيره للأمة لتسبق سائر الأمم في كل نواحي الحياة علما وثقافة حضارة ومدنية،
وما عليكم إلا أن تشمروا عن سواعد الجد والعمل وتتنافسوا في هذا الخير العميم، وليكون من غايتكم إقامة دولة إسلامكم التي تُنهي هذه البرامج التعليمية والإعلامية الفاسدة المفروضة على الأمة منذ زمن، والتي لم يقف الكفار عن العمل على تخريبها كل حين، ولتستبدلها دولتكم دولة العدل والطهارة والنقاء ببرامج صالحة تنشئ الشخصية الإسلامية والتي تزودها بما يلزمها من العلوم الدنيوية النافعة، وحتى تتحول كل منابرها الفكرية إلى مراكز إشعاع فكري سليم صحيح، لتتمكن الأمة من فهم دينها، ولتتمكن من حمل دعوة الإسلام عن علم لا عن جهل، فيصبح سلوك الأمة والدولة سلوكا معبرا عن دينها، فتنظر الأمم الأخرى لأمتنا نظرة إكبار وإجلال لا نظرة احتقار وصَغار.
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علما إلى علمنا، الحمد لله على كل حال، أعوذ بالله من حال أهل النار. ربنا أتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا وعجل لنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة بفضلك ورحمتك واجعلنا مع العاملين لإقامتها، اللهم آمين، وصل اللهم على سيد الخلق أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي أكرم الإنسان بالعقل، وأكرم المسلمين بالإيمان والعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله عالم الغيب والشهادة، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله أول ما أُمر به هو أن(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)
اخوتي الكرام:
إن أعظم ثروة امتلكتها أمتنا في ماضيها وحاضرها هي عقيدتها وشريعة دينها، لأن ثقافة الأمة هي التي تحدد مفاهيمها وتعين لها سلوكها، لقد فهم المسلمون الأوائل هذا السر العظيم فتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم، وعضوا عليها بالنواجذ، وقاموا بدراسة ثقافة دينهم وعقيدتهم وشريعتهم، حتى اعتنوا بهذه الثقافة عناية عظيمة، وأفردوا لكل فرع من فروع هذا الدين علما خاصا، فكان علم الحديث، وعلم التوحيد، والتفسير، والأصول، وعلوم اللغة وغير ذلك، فثقافة الأمة هي الصانع الحقيقي لشخصية الأمة وشخصية الفرد المسلم،
فهذه الثقافة هي التي تحدد طريقة فهمها للأمور وحكمها على الأحداث وولائها للأشخاص وميولها للأشياء وحبها أو كرهها للأمور، وبالتالي سلوكها بالإقدام أو الإحجام والإعراض.
لقد فهم المسلمون الأوائل أن الجهلَ أعظمُ مصيبةٍ قد تَحِلُ بالأمة، وأعظمُ بلاءٍ، وأوجعُ داء، بل يعني ضياعَ الأمةِِِ كأُمةٍ ولو بقي أفرادها على قيد الحياة، فبالعلم الشرعي تحيى الأمة لأنه هو المنظم لشؤونها وحياتها وعلاقاتها، وهو الدافع للأمة نحو بقية العلوم الأخرى لترتقي الأمة بكل ناحية على كل الأمم، وبه تعرف كيف تتعامل مع ثرواتها المادية فتحافظ عليها ولتجعلها تصب في مصلحتها، فلا تضيع منها أو تنهبها منها الأمم الأخرى،
لذلك فإن المحافظة على ثقافة الأمة وجعلها حية مطبقة على الأرض هي وظيفة كل مسلم وكل جماعة مسلمة وهي وظيفة خليفة الأمة الغائب، عجل الله تعالى الإذن ببيعته.
اخوتي الكرام: حديثي هذا اليوم عن خطر الجهل وعن مكانة الفكر والعلم في الإسلام قد يطول ويأخذ شعبا كثيرة، لكني أحب أن أحدثكم عن السعي لطلبه وهَمِّ حَملِه وتبليغه، لأذكركم وأذكر نفسي معكم بهذا الأمر الجليل الذي هو عبادة من العبادات، لأنه فرض من الفروض، لعل ذلك يحفزنا جميعا للإقبال على القراءة والفهم والحفظ أكثر فأكثر لكتب الدعوة وكتب سلف هذه الأمة، مما يكسبنا الأجر أولا ويزيدنا فهما لديننا ثانيا فنتمكن من حمل الدعوة بقوة ووضوح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نَضَّرَ اللَّه عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَوعَاهَا فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ أدَّاهُ إلى مَنْ هُو أَفْقَهُ مِنْهُ» رواه الترمذي وغيره، ولا أجد أجمل وأبلغ من أن أنقل لكم بعضا يسيرا مما ذكره الإمام النووي في كتابه المجموع حول أهمية العلم وحمل الدعوة وجلال قدر العلماء عند الله تعالى، لعل ذلك ينفعنا جميعا، يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: قَدْ تَكَاثَرَتْ الْآيَاتُ, وَالْأَخْبَارُ, وَالْآثَارُ, وَتَوَاتَرَتْ, وَتَطَابَقَتْ الدَّلَائِلُ الصَّرِيحَةُ, وَتَوَافَقَتْ, عَلَى فَضِيلَةِ الْعِلْمِ, وَالْحَثِّ عَلَى تَحْصِيلِهِ, وَالِاجْتِهَادِ فِي اقْتِبَاسِهِ, وَتَعْلِيمِهِ. وَأَنَا أَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ, تَنْبِيهًا عَلَى مَا هُنَالِكَ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:] قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ[, وَقَالَ تَعَالَى: ]وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا[, وَقَالَ تَعَالَى :]إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[, وَقَالَ تَعَالَى ]يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[ وَالْآيَاتُ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ, ثم يذكر الإمامُ أحاديثَ كثيرة أنقل منها، عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, وَمُسْلِمٌ,وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: فَوَاَللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا, وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا, وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ, وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ, وَزَادَ «لِكُلِّ شَيْءٍ عِمَادٌ, وَعِمَادُ هَذَا الدِّينِ الْفِقْهُ, وَمَا عُبِدَ اللَّهُ بِأَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي الدِّينِ» ثم يقول رحمه الله، وَأَمَّا الْآثَارُ عَنْ السَّلَفِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ, وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ, لَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهَا أَحْرُفًا مُتَبَرِّكِينَ, مُشِيرِينَ إلَى غَيْرِهَا, وَمُنَبِّهِينَ: عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ, وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ, وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ, وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ, وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ, وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ, وَقَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ, وَقَالَ: مِنْ لَا يُحِبُّ الْعِلْمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَلَا يَكُنْ بَيْنَكَ, وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةٌ, وَلَا صَدَاقَةٌ, وَقَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْفُقَهَاءُ الْعَامِلُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ وَلِيٌّ, وَقَالَ: مَا أَحَدٌ أَوْرَعُ لِخَالِقِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ, وَقَالَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ صَحِيحِهِ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: رضي الله عنه «تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ» قَالَ الْبُخَارِيُّ يَعْنِي الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ, وَمَعْنَاهُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ الْمُحَقِّقِينَ الْوَرِعِينَ قَبْلَ ذَهَابِهِمْ, وَمَجِيءِ قَوْمٍ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعِلْمِ بِمِثْلِ نُفُوسِهِمْ, وَظُنُونِهِمْ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ. إنتهى
اخوتي الكرام: تزودوا من دينكم، فإنه لا خير فيما سواه من أفكار، ولا يظن أحد أن الإسلام يمنع من التزود من علوم الحياة النافعة الأخرى، فذلك مباح للأفراد واجب على الدولة توفيره للأمة لتسبق سائر الأمم في كل نواحي الحياة علما وثقافة حضارة ومدنية،
وما عليكم إلا أن تشمروا عن سواعد الجد والعمل وتتنافسوا في هذا الخير العميم، وليكون من غايتكم إقامة دولة إسلامكم التي تُنهي هذه البرامج التعليمية والإعلامية الفاسدة المفروضة على الأمة منذ زمن، والتي لم يقف الكفار عن العمل على تخريبها كل حين، ولتستبدلها دولتكم دولة العدل والطهارة والنقاء ببرامج صالحة تنشئ الشخصية الإسلامية والتي تزودها بما يلزمها من العلوم الدنيوية النافعة، وحتى تتحول كل منابرها الفكرية إلى مراكز إشعاع فكري سليم صحيح، لتتمكن الأمة من فهم دينها، ولتتمكن من حمل دعوة الإسلام عن علم لا عن جهل، فيصبح سلوك الأمة والدولة سلوكا معبرا عن دينها، فتنظر الأمم الأخرى لأمتنا نظرة إكبار وإجلال لا نظرة احتقار وصَغار.
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علما إلى علمنا، الحمد لله على كل حال، أعوذ بالله من حال أهل النار. ربنا أتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا وعجل لنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة بفضلك ورحمتك واجعلنا مع العاملين لإقامتها، اللهم آمين، وصل اللهم على سيد الخلق أجمعين
تعليق