الوقفة الثالثة: حول محتوى الخطاب الدعوي:
يلمس القارئ لهذا الخطاب سمات من أهمها:
أ - الدائرة العامة والخاصة:
يـغـلـب على كـثـيـر مـــن المتحدثين إلى المرأة التركيز على قضايا محددة وتكرارها، حتى أصبحت مَنْ تحضر مجلـسـاً من هذه المجالس تتوقع ألا تسمع إلاحديثاً حول الحجاب ـ وبالأخص حول بعض مظاهر التحايل عليه ـ أو الخروج إلى الأسواق، أو طاعة الزوج ... إلخ، وهي قضايا لا اعتراض عـلـــى طرحها ومناقشتها والتأكيد عليها، ولا اعتراض على أنها مما تحتاجه النساء اليوم؛ لكـن هذا أخذ أكبر من حجمه، وأصبح على حساب أمور أخرى ربما كانت أكثر منه أهمية، بل ربما كان إصلاحها يختصر علينا خطوات كثيرة.
إن هناك أحكاماً وآداباً شرعية خـاصــــة بالنساء دون الرجال، وما سوى ذلك فالأصل أن الخطاب فيه للجميع، والدائرة التي يشترك فيها الرجال والنساء أوسع بكثير من الدائرة التي تختص بها النساء، لكن المتحدث إلى المرأة غالباً ما يحصر نفسه في الدائرة الخاصة شعوراً منه بخصوصية المخاطبات.
إن الحديث عن الإيمان والتقوى والـتـوكــل على الله والـتـخــلـص مــن التعلق بما سواه، والحديث عن العبادات وأهميتها، والحديث عن أخطار المعاصي وآثارهــا، والحديث عن الآداب والحقوق التي ينبغي للمسلم رعايتها، والحديث عن اليوم الآخر وما أعد الله فيه للمطيعين والعصاة، والحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وأهمية ذلك ووسائله، وطلب العلم والوسائل المعينة على تحقيقه، والحديث عن واقع الأمة ومسؤولية المسلمين تجاهه، فضلاً عن التربية وأهميتها ووسائلها وبرامجها؛ إن الحـــديث عن ذلك كله مما تفتقر إليه المرأة شأنها شأن الرجل، فلماذا يغيب ذلك في خطابنا الـدعـوي الموجه للمرأة؟!
ب ـ الخطاب الموجه لغير المهتديات:
لئن كانت الفتيات المهتديات، واللاتي يرتَدْنَ المساجد ودور القرآن الكريم يناسبهن خطاب معين، فالأخريات لهن شأن غير ذلك ، إن الفتاة التي تعيش في عالم التيه والضياع، والفتاة التي تعيش همَّ الحب والعلاقة مع الطرف الآخــر ، والتي تعيش بين المسلسلات والقنوات الفضائية تحتاج لخطاب غير الذي تحتاجه المهتدية الصالحة.
فحين يكون الحديث معها دائراً حول الحجاب وخـطـــــورة التساهل فيه، وحول أحكام خروج المرأة... إلخ فإنها تشعر أنها لن تسمع جديـداً، لن تـسـمــع إلا الحــديــث حــول الأحـكام والحـلال والحــرام، وفـرق بين أن لا نقرها على هذا التصور والكلام، وبـيـن أن نتعامل مع الأمر الواقع بما لا يتعارض مع الشرع.
لـقــد كان صلى الله عليه وسلم يحدِّث الناس بما يناسبهم وما يفقهون؛ فالأعراب يدعوهم للإســـلام من خلال إعطائهم المال وترغيبهم فيه، وعدي بن حاتم يحدثه عن الأمن الذي سينشأ حـيـنـمــا يدين الناس بدين الإسلام، والكاهن يحدثه بحديث بيِّن فصيح بعيد عن الكهانة... وهكذا.
فلِمَ لا يكون الحـديـث مــــع أمثال هؤلاء حديثاً عن السعادة والطمأنينة؟ حديثاً عن القلق والمشكلات التي سيطرت على الناس اليوم، وأن العلاج لذلك هو الإيمان والرجوع إلى الله؟ لِمَ لا نستعين بنتائج الدراســــات المعاصرة التي تثبت أثر التدين على استقرار حياة الناس وتجاوز مشكلاتهم؟ ولِمَ لا نـتـنــاول الـحـديــث عن اليوم الآخر ونربط ذلك بواقع الناس بطريقة تخاطب مشاعرهم وعواطفهم وعقولهم.. إلخ.
ج - أهمية شمول الطرح والمعالجة:
لا بد من تناول قضية المرأة تناولاً شمولياً، وأخــذ الأمر من جميع جوانبه دون الاستجابة لتناول دعاة التغريب لجوانب معينـة يحددونهـــا ويريدون أن تكــون هـي موضـع النقاش والحـوار، كقضـية قيادة السيارة، أو غطاء الوجه أو نحو ذلك؛ وهي قضايا ترتبط ببعضها ارتباطاً وثيقاً، فقضية قيادة السيارة ترتبط بالخــروج من المنزل، واتساع مجالات التعرض للفتنة والإغراء، وترتبط بالحجاب... وهكذا.
وكثيراً ما يطرح هؤلاء مسائل مما ورد فيها اختلاف فقهي، كقضية كشف الوجه ونحوها ـ وبغض النظر عن عدم جدية هؤلاء فيما يطرحونـــــه، وأن مسألة الخلاف الفقهي إنما هي تكأة أكثر من أن تكون منطلقاً حقيقياً ـ فرفض الدعــــــاة لها لا ينبغي أن ينطلق من منطلق الترجيح الفقهي فقط، بل من النظر إليها باعتبارها جــــزءاً من منظومة ودائرة متكاملة لا يمكن فصل جزئياتها عن بعض.
إن الأمـــر يختلف حين تناقش هـذه المسائل لدى الفقهـاء، وحين يثيرها طائفة مـن دعـاة تحـريـر المـرأة، فـلا يسوغ أن نتحدث مع هؤلاء بلغة الخلاف الفقهي المجرد.
د - مناصرة المرأة وتبني قضاياها:
إن مما رفع أسهم دعاة التحرير والتغريب لدى الناس وأوجد لأقوالهم صدى وقبولاً: انطلاقهم مـــن مبدأ نصرة قضية المرأة والدفاع عن حقوقها؛ وبالفعل فإنهم أحياناً ينتقدون بعض الأوضاع الخاطئة للمرأة في المجتمع.
والدعاة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ هــم أوْلى الــنــاس بنصرة قضية المرأة والدفاع عن حقوقها المشروعة، وانتقاد الظلم الذي ينالها، ومن ذلك: حقها في حسن الرعاية والعشرة؛ فبعض الأزواج يسيء معاملة زوجته ويهينها، وربما تعــامل معها على أنها خادم، أو سلعة، أو شيء دنس. ومن ذلك: الأوضاع الخاطئة والعادات المخالفة للشرع في تزويجها، كالمغالاة في المهر، واعتباره ميداناً للكسب المادي، وأخذ والدهـــــا لكثير من مهرها الذي هو حق لها، ومن ذلك العَضْلُ وتأخير تزويجها طمعاً في الاستفادة من راتبها حين تكون عاملة.
والدعاة حين يسعون لمناصرة قضايا المرأة والدفاع عنها لهـــم أسوة حسنة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقـد اعتنى بعلاج ما يقع من خطأ تجاه المرأة؛ فـــعــــن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال: حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صـلـــى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ ، فذكر في الحديث قصة فقال: « ألا واستوصوا بالنساء خيراًَ ؛ فإنما هن عوانٍ عندكم ، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتـيــن بفــاحشة مبينة ؛ فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً. ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً؛ فأما حقكم على نسائكم فــــــلا يوطِئن فُرُشَكم من تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ».
وعن إيـــــــاس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تضربوا إمــاء الله» فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذَئِرْنَ النساء على أزواجهن؛ فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكين أزواجهن ليس أولئك بخياركم ».
والاعتناء بهذا الجانب يبرز الدعاة إلى الله بأنهم الأنصار الحقيقيون للمرأة، وهم المدافعون عن قضيتها.
هـ - مجالات التركيز في الدعوة والخطاب:
لا بد من مراجعة هادئة لمجالات التركيز في دعوة المرأة وخطابها، ومن الأمور المهمة التي تحكم التركيز في خطاب المرأة:
1 - الأمور الأشد مصادمة للأصول الشرعية تكون لها الأولوية في المعالجة سواء كانت هذه المصادمة مباشرة أو غير مباشرة بل نتيجة المآلات.
2 - الفئات الأشــــد تأثراً، ولعل فئات الفتيات اللاتي في مراحل التعليم هن أكثر الفئات تأثراً واستعداداً للـتـجــــــــاوب مع التغيير سلباً وإيجاباً، فالاعتناء بهذه الطبقة وتوجيه الخطاب المناسب لها، والـسـعـي لاسـتـثــارة همم من يتعامل معهن من الآباء والمعلمات أمر ينبغي أن يحظى بأولوية واعتبار.
3 - الـمـتغيرات السلبية الحديثة والطارئة تستحق تركيزاً أكثر من غيرها؛ لأنها لم تستقر في المجـتـمـــــع ولم تنتشر؛ فمن السهولة مواجهتها، وتركها قد يفتح المجال واسعاً أمام انتشارها في المجـتـمـــــــع وتقبُّله لها، وانتقالها -من مرحلة الحالات الفردية إلى أن تكون ظاهرة، ثم تتطور إلى أن تصبح قيمة اجتماعية- يصعب تغييره.
4 - الجوانب المخالفة للشرع في حالها أو مآلها والتي يراد قطع خطوات عملية لإقرارها وتنفيذها؛ فالتصدي لها ومواجهتها أمر ينبغي أن يكون له أولوية، حتى لو قدمت على ما هو أهم منها مما لم يأخذ طريقه للتنفيذ.
الوقفة الرابعة: حول منهجية الخطاب وتتمثل في:
أ - تأصيل مبدأ التسليم:
لا بد من الاعتناء بتأصيل مـبــدأ الـتـسـلـيــم والخضوع لله ـ تبارك وتعالى ـ والوقوف عند شرعه، والتأكيد على ذلك، وأن المسلم لا خيار له في التسليم لأمر الله سواء أدرك الحكمة أم لم يدركها {ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 63]، {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 56].
وحين نُعـنـى بتحقـيـق الإيمان والتسليم لله ـ عز وجل ـ فإننا نختصر خطوات كثيرة على أنفسنا، وتؤتي دعوتنا ثمارها بإذن الله ـ عز وجل ـ.
وينبغي أن نحذر مما تـسـعـى إليه بـعـض وسائل الإعلام المضللة التي تعقد حوارات حول القضايا الشرعية، فتجعل الحـكــــــم الشرعي رأياً آخر، ووجهة نظر قابلة للنقاش، وهي الخطوة الأولى التي يريدها دعاة التغريب والعلمنة.
ب - الاعتماد على المنهج العلمي:
مما نحتاجه عند تناولنا لقضية المرأة أن نـتـحـدث حـديـثــــــاً علمياً يحترم عقول الناس وتفكيرهم، فلم يعد الناس اليوم يقبلون أن يملي عليهم أحد ـ كـــائــنــــــاً من كان ـ آراءه واقتناعاته الشخصية.
فـحـيـن نـتـحــدث عن أن خروج المرأة للعمل يؤثر على رعاية منزلها وتربية أولادها فإننا نحتاج إلى أن نـسـتـشـهـد على صحة ما نقول بالدراسات العلمية التي أثبتت ذلك، وحين نتحدث عن صلة الاخـتـلاط وخـــــــروج المرأة بالجريمة، وحين نتحدث عن أثر العفاف والمحافظة على الاستقرار والنجاح في العلاقات الزوجية ... إلخ نحتاج في ذلك كله إلى أن ندعم ما نقوله بالأدلة العلمية، وبنتائج الدراسات المتخصصة.
ولدينا اليوم رصيد من الدراسات العلمية لا يزال حبيس الرفوف؛ فالاستفادة منه وتوظيفه أمر له أهميته، يضاف إلى ذلك ضــرورة إجراء دراسات علمية حول كثير من القضايا التي يُحتاج إليها، وينبغي استثمار مراكـــز الـبـحــوث، وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وربما كانت هذه الدراسات الجادة أوْلى مما يـطـــرح في الساحة من كتب وكتيبات لا تزيد على بضعة نُقُول من كتابات قديمة .
ج - التفريق بين العادات والأحكام الشرعية:
ترتبط العادات ارتباطاً وثيقاً بقضية المرأة؛ إذ لا يخلو مجتـمــع من المجتمعات من عادات تختص بهذا الجانب؛ ولأن معظم العادات القبلية في المجتمعات الإسلامية تتسم بقدر من المحافظة، فقد يختلط الأمر لدى بعض الغيورين فيخلطون بين عــــــادات تواضــع عليها المجتمع وأصبحت جزءاً من ثقافته، وبين الأحكام الشرعية؛ فيصرون على الإبـقــاء على هذه العادات والمنافحة عنها، وقد لا يكون لها أصل في الشرع.
والأمـــــــر في ذلك يحتاج إلى الاعتدال؛ فالعادات التي ليس لها أصل من الشرع لا ينبغي الإصرار عـلــى التمسك بها والمنافحة عنها، فضلاً عن ربطها بالشرع، وفي المقابل لا ينبغي الإصرار على تحـطـيـمـهـا ونبذها بحجة أنها مما لم يأت بها الشرع، فما كان منها حسناً فليبق عليه، وما كان سيئاً فليترك.
د - الاعتناء بالضوابط الشرعية والحذر من تجاوزها:
لما كانت فتنة المرأة من أشد الفتن وأضرها أحاطها الشرع بالضوابط والأحكام التي تقلل من تأثيرها.
لذا فلا بد من الاعتناء بهذه الضوابط والالتزام بها، فقد يدفع حــــرص بعض الدعاة على نشر الدعوة وتوسيع نطاقها إلى السعي للتخفف من هذه الضوابط وتجاوزها.
وقد يكون الأمر ناشئاً عن ردة فعل تجاه ما يطرحه الآخر ويَصِمُ به الإســـــلاميين؛ فيبالغ بعض الدعاة في التحرر من الضوابط الشرعية، وربما يشن هجوماً غير متزن عـلــــى أولئك الذين يلتزمون بها.
إنـــه ليس من المقبول أن يبالغ أحد الدعاة في انتقاد فصل الرجال عن النساء في المؤتمرات والـمـنـتـديات الدعوية، أو يطلب أن تقدمه إلى الجمهور امرأة وتتولى قراءة الأسئلة، أو أن تصبح قـضـيــــــة فصل مصلى الرجال عن النساء من أكبر ما يتصدى لإنكاره في بلد يقطع خطوات حثيثة نحو التغريب وتحرير المرأة!
الوقفة الخامسة: الموقف من دعاة التغريب والتحرر ويتمثل ذلك في الآتي:
أ - التفريق بين من يتناولون قضية المرأة:
لقد حمل لواء الدعوة إلى تحرر المرأة وتغريب المجتمع الـمـسـلـــم طــائفة من رجال التيار العلماني، وسعوا بمكر ودهاء لسلوك أي طريق يمكن أن يوصلهم إلى أهـــدافـهــم المشبوهة، ولأن هؤلاء يسلكون أساليب ملتوية في طرح أفكارهم، ويتظاهرون بالدفاع عن قـضـيـة المـرأة والـسـعـي لإعـطــــائها حقوقها المسلوبة فقد سايرهم في ذلك طائفة من الكتاب والصحفيين والمثقفين مـمــن لا يحمل التوجه والفكر العلماني، إنما هم من المتأثرين بما يطرحه أولئك، وكثيراً ما يطرح المتأثرون بهم قضايا تتفق مع ما يسعى إليه أولئك.
فينبغي عند تناول القـضـيـــــة والحديث عن المخالفين ألا نحشر الجميع في زاوية واحدة ودائرة واحدة؛ ففرق بين من يـســــاير هؤلاء فيما يطرحون وبين من يحمل الفكر والتوجه العلماني.
ولقد فرق السلف بين أهل البدع، فأهل الأهواء والزندقة ليسوا كمن عرف عنه إرادة الخير وتحريه لكنه وافق بعض أهل البدع فـي بدعـتـهـم، والداعية إلى البدعة المنافح عنها ليس كغيره، وأصحاب البدع المكفرة ليسوا كمن دونهم من أصحاب البدع المفسقة.
ب - البعد عن الحديث عن النوايا:
إن الحق يجب أن يقال، والباطل يجب أن يواجــه ويبين للناس؛ لكن ثمة فرق بين بيان الحق والرد على المبطل، وبين الحكم على صاحبــــه؛ فنحن في أحيان كثيرة نشن انتقاداً لاذعاً لكل من يطرح طرحاً مخالفاً في قضية المرأة وغيـرهـــا، ولا نقف عند هذا الحد، بل نتهم الكاتب والمتحدث بسوء النية، وخبث الطوية... إلخ.
فليكن النقاش منصبّاً على الفكرة وعلى الموضوع، أما رموز التيار العلماني، ومن يحمل فكراً سيئاً فهؤلاء ينبغي أن يُفضحوا بالطريقة المناسبة ليس من خلال كتاب أو مقال واحد، بل من خلال رصد واسع لتوجهاتهم وأفكارهم، وأن يكون ذلك بطريقة تقنع الناس.
ج - النقد العلمي الموضوعي:
حين يتناول هؤلاء قضية المرأة أو غيرها فإنهم يُدبِّجون حديـثـهم بحجج ومسوغات تضفي عليه صبغة الموضوعية والحياد العلمي، وكثيراً ما يوظفون نـتـائــج البحث العلمي توظيفاً مضلِّلاً.
والملاحَظ أن كثيراً من ردود الدعاة على هؤلاء تتسم بالتشنج والـعـاطـفــــة، وتأخذ منحى الحكم على الأشخاص، والحديث عن المؤامرات التي تحاك على المرأة، ويـتـجـــاهـلــون النقاش العلمي الموضوعي لما يطرحه أولئك من مسوِّغات.
وهــــــذا الطرح إن أقنع فئات من المتأثرين بالدعاة، فإنه لن يقنع فئات أخرى ممن يعني الدعاة إقناعهم، بل ربما أسهم في إقناعهم بوجهة نظر الآخر.
إن الدعـــــاة أحوج ما يكونون إلى إتقان لغة الحوار، والحديث العلمي الموضوعي، وإلى أن يدركوا أن مجــــرد كـونـهـــم ناصحين غيورين لن يجعل الناس منصتين لهم ينتظرون ما يطرحونه ويتلقونه بالتسليم والقبول.
منقول
تعليق