أسد على العريفي .. نعامة على الأعرجي !
في عراق الإسلام .. ومن أعلى مجلس سياسي .. وتحت شمس الفضائيات .. يستعلن عضو مجلس النواب العراقي بهاء الأعرجي بسب أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.. ويقول أن أبابكر –رضي الله عنه- كان "متآمراً" على المسلمين! بل يقول أن "المؤامرة بدأت من عند أبي بكر" !
ومع ذلك يمر الحدث على أصحاب تجديد الخطاب الدعوي بكل برود.. أولئك الذين أتحفونا بمقطوعات "ذم الطائفية" وعبسوا بوجوههم يستعيبون صنيع الدكتور محمد العريفي حين سب السيستاني .. وتفننوا في عبارات (لايليق.. وليس من الحكمة.. وحرمة عرض المسلم.. وحرمة أهل القبلة.. الخ الخ) لم نجد منهم اليوم إلا صمت القبور عن جريمة سب أعظم رجل بعد الأنبياء والرسل..
إغضاب السيستاني وتابعه حسن الصفار استدعى منكم كل ذلك الاستعراض بالأخلاقيات .. أما إغضاب جبار السموات والأرض بالتطاول على أخص الناس بنبي الإسلام فإنما يمر باعتباره جزء من شريط الأخبار الذي يركض أسفل الشاشة .. قد يستدعي انتباهاً لحظياً يزول بمجرد أن يأتي الخبر الذي يليه .. هذا كل شئ..
والله العلي العظيم .. لو كان في قلوبنا حرقة وحمية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما جمدت قلوبنا وعيوننا ونحن نرى صاحب رسول الله يهان بهذا المستوى.. أقسم بالله العظيم لو استحضرنا أن أبابكر هو أعظم رجل في ميزان الله -جل جلاله- بعد الأنبياء والرسل لما مر هذا الحدث بهذا الجمود..
مهما اختلف الناس في ثبوت صحبة رجل من العصر الأول لرسول الله .. فلن يختلفوا في صحبة أبي بكر لرسول الله الذي أثبت الله جل جلاله صحبته إذ قال:
{إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]
الله سبحانه وتعالى –هل نعي أن الله هو الذي يتحدث هاهنا- يسميه "صاحب" رسول الله .. ونحن نرى هذا الصاحب يهان ولاتتحرك فينا شعرة !
بل انظر كيف أن أصحاب رسول الله بذلو الغالي والنفيس وضحوا بحياتهم من أجل رسول الله ومع ذلك يخاطبهم رسول الله –كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد- ويقول لهم (إن أمن الناس على فى ماله وصحبته أبو بكر).
يا أهل السنة .. هذا أمنّ الناس على نبيكم .. يقدح في عرضه ويتهمه النائب السياسي بهاء الأعرجي بأنه "متآمر" !
لاحول ولاقوة إلا بالله .. اللهم إنا نشكو إليك موت قلوبنا وجمود غيرتنا..
أمنّ الناس على رسول الله أليس هو أمنّ الناس علينا؟ بل كيف ستكون منته علينا؟! أين الوفاء لهذا الرجل الذي نصر نبينا يوم خذله الناس؟! أين الوفاء لهذا الرجل الذي بادر لتصديق خبر سول الله حين كان يكذبه الناس؟!
تذكروا بالله عليكم كيف بذل الصحابة لرسول الله، تذكروا تلك التضحيات الصحابية العظيمة، ثم ضعوا بإزاء ذلك قول رسول الله –كما في البخاري عن أبي الدرداء- للصحابة أنفسهم: (هل أنتم تاركو لي صاحبي؟! هل أنتم تاركو لي صاحبي؟! إني قلت يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدقت).
انظر كيف يغضب رسول الله لصاحبه أبي بكر برغم أن القضية برمتها أن عمر أبى أن يستغفر لأبي بكر، هذا كل شئ، فكيف بالله عليكم سيكون غضب رسول الله من رجل يقف في قعر عراق الإسلام يقول عن أبي بكر بأنه "متآمر" ؟!
الواحد منا لو سمع رجلاً يهين أباه أو قبيلته انتفخت أوداجه .. وهانحن نرى أمنّ الناس على رسول الله، وأحق رجل بخلة رسول الله، ومن أغلق رسول الله أبواب الصحابة كلها إلى المسجد إلا باب أبي بكر، ومن كان يسهر مع رسول كل ليلة في شؤون المسلمين، ومن كانت بنته أحب الناس إلى رسول الله، ومن تصدق الصحابة بشطر أموالهم فتصدق هو بماله كله، ومن عاش حياته كلها ليس بين عينيه إلا رسول الله، ومع ذلك تمر علينا جريمة الإهانة لهذا الرجل الذي يجله الله ورسوله بكل فتور نفسي..
هذا ابوبكر الذي كان أصحاب رسول الله ينتفضون إجلالاً له لما يعلمون من منزلته عند الله ورسوله حتى كان عمر بن الخطاب يقول كما في صحيح البخاري (والله لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر)..
هكذا كان ابوبكر في عيون أصحاب رسول الله، عمر بن الخطاب يرى الموت بضرب السيف خير له من أن يتأمّر على قوم فيهم ابوبكر! أي تعظيم لأبي بكر أكثر من ذلك؟!
وكان علي بن أبي طالب يقف على منبر الكوفة ويقول (خير هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر ثم عمر) .. وهذا الخبر بسبب أن علي كان يقوله على المنبر وقد انتشرت إشكالية التفضيل فإنه نقل عن علي من ثمانين وجهاً -كما ذكره ابن تيمية في منهاج السنة- وهذا من أبلغ درجات التواتر .
هذا الرجل "ابوبكر" جعله الله -جل جلاله- صاحب رسول الله، وجعله رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أمنّ الناس عليه، وكان خيار الصحابة يتمنون الموت ولا يتأمرون على قوم فيهم أبوبكر، ومع ذلك كله يُطعن هذا الرجل، يُطعن خير أولياء الله تحت وضح الفضائيات من أعلى مؤسسة سياسية في عراق الإسلام .. وكأن شيئاً لم .. بل لازال بعض إخواننا يردد "يجب أن لانكون طائفيين في تعاملنا مع إخواننا الشيعة"؟!
يا اخواننا ألا يحق لنا أن نبكي على جنازة الإيمان في قلوبنا ؟!
تعليق