الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء.
فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34].
فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟!
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26،27]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88].
حقيقة الموت
أخي المسلم:
يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار. إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]، وقال سبحانه: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:79،78].
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غابة كل حي
ولكنا إذا متنا بعـــثناونسأل بعده عن كل شيء
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، والانتقال من دار إلى دار، وبه تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي : { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } [الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان].
الموت أعظم المصائب
والموت من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة:106]، فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى: وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:24]، وقال سبحانه: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100،99].
مضى العمر وفات *** يا أسير الغفلات
حصّل الزاد وبادر *** مسرعاً قبل الفوات
فإلى كم ذا التعامي *** عن أمور واضحات
وإلى كم أنت غارق *** في بحار الظلمات
لم يكن قلبك أصلا *** بالزواجر والعظات
بينما الإنسان يسأل *** عن أخيه قيل مات
وتراهم حملوه *** سرعة للفلوات
أهله يبكوا عليه *** حسرة بالعبرات
أين من قد كان يفخر *** بالجياد الصافنات
وله مال جزيل *** كالجبال الراسيات
سار عنها رغم أنف *** للقبور الموحشات
كم بها من طول مكث *** من عظام ناخرات
فاغنم العمر وبادر *** بالتقى قبل الممات
واطلب الغفران ممن *** ترتجي منه الهبات
فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، فمن يجادل في الموت وسكرته؟! ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟! فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34].
فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!
ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى؟!
ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟!
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26،27]، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88].
حقيقة الموت
أخي المسلم:
يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار. إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء، وهذا مذهب الملاحدة الذين هم شر من البهائم، فلا يقول ذلك إلا من خلع رداء الحياء، ونادى على نفسه بالسفه والجنون. قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]، وقال سبحانه: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:79،78].
ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غابة كل حي
ولكنا إذا متنا بعـــثناونسأل بعده عن كل شيء
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقتها له، والانتقال من دار إلى دار، وبه تطوى صحف الأعمال،و تنقطع التوبة والإمهال، قال النبي : { إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر } [الترمذي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن حبان].
الموت أعظم المصائب
والموت من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة:106]، فإذا كان العبد طائعاً ونزل به الموت ندم أن لا يكون ازداد وإذا كان العبد مسيئاً تدم على التفريط وتمنى العودة إلى دار الدنيا، ليتوب إلى الله تعالى، ويبدأ العمل الصالح من جديد. ولكن هيهات هيهات!! قال تعالى: وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:24]، وقال سبحانه: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100،99].
مضى العمر وفات *** يا أسير الغفلات
حصّل الزاد وبادر *** مسرعاً قبل الفوات
فإلى كم ذا التعامي *** عن أمور واضحات
وإلى كم أنت غارق *** في بحار الظلمات
لم يكن قلبك أصلا *** بالزواجر والعظات
بينما الإنسان يسأل *** عن أخيه قيل مات
وتراهم حملوه *** سرعة للفلوات
أهله يبكوا عليه *** حسرة بالعبرات
أين من قد كان يفخر *** بالجياد الصافنات
وله مال جزيل *** كالجبال الراسيات
سار عنها رغم أنف *** للقبور الموحشات
كم بها من طول مكث *** من عظام ناخرات
فاغنم العمر وبادر *** بالتقى قبل الممات
واطلب الغفران ممن *** ترتجي منه الهبات
عبرة الموت
يروى أن أعرابياً كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتاً، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟
مالك لا تنبعث؟
هذه أعضاؤك كاملة!!
وجوارحك سالمة!!
ما شأنك؟
ما الذي كان يحملك؟
ما الذي صرعك؟
ما الذي عن الحركة منعك؟
ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره، متفكراً في شأنه!!
قال ابن السماك: ( بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكته في البحر، فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:
عزيز فلم تترك لعزك!!
غني فلم تترك لغناك!!
فقير فلم تترك لفقرك!!
جواد فلم تترك لجودك!!
شديد لم تترك لشدتك!!
عالم فلم تترك لعلمك!! ).
يردد هذا الكلام ويبكي.
هذه أعضاؤك كاملة!!
وجوارحك سالمة!!
ما شأنك؟
ما الذي كان يحملك؟
ما الذي صرعك؟
ما الذي عن الحركة منعك؟
ثم تركه وانصرف متعجباً من أمره، متفكراً في شأنه!!
قال ابن السماك: ( بينما صياد في الدهر الأول يصطاد السمك، إذ رمى بشبكته في البحر، فخرج فيها جمجمة إنسان، فجعل الصياد ينظر إليها ويبكي ويقول:
عزيز فلم تترك لعزك!!
غني فلم تترك لغناك!!
فقير فلم تترك لفقرك!!
جواد فلم تترك لجودك!!
شديد لم تترك لشدتك!!
عالم فلم تترك لعلمك!! ).
يردد هذا الكلام ويبكي.
اذكروا هاذم اللذات
أخي الكريم:
حث النبي على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } [الترمذي وحسنه].
قال الإمام القرطبي: "قال علماؤنا: قوله عليه السلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } مع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه".
ولقد أحسن من قال: ( اذكر الموت هاذم اللذات وتجهز لمصرع سوف يأتي ).
وقال غيره: ( اذكر الموت تجد راحةفي ادكار الموت تقصير الأمل ).
قال الإمام القرطبي: "قال علماؤنا: قوله عليه السلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } مع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه".
ولقد أحسن من قال: ( اذكر الموت هاذم اللذات وتجهز لمصرع سوف يأتي ).
وقال غيره: ( اذكر الموت تجد راحةفي ادكار الموت تقصير الأمل ).
أولئك الأكياس
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: { أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة } [الطبراني وحسنه المنذري].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: { أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة } [الطبراني وحسنه المنذري].
فوائد ذكر الموت
أخي الحبيب: وفي الإكثار من ذكر الموت فوائد منها:
1- أنه يحث على الاستعداد للموت قبل نزوله.
2- أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
3- أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك أن رسول الله مر بمجلس وهم يضحكون فقال: { أكثروا ذكر هاذم اللذات }، أحسبه قال: { فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه } [البزار وحسنه المنذري].
4- أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة.
5- أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا.
6- أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا.
7- أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات.
8- أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
9- أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
10- أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
2- أن ذكر الموت يقصر الأمل في طول البقاء. وطول الأمل من أعظم أسباب الغفلة.
3- أنه يزهد في الدنيا ويرضي بالقليل منها، فعن أنس بن مالك أن رسول الله مر بمجلس وهم يضحكون فقال: { أكثروا ذكر هاذم اللذات }، أحسبه قال: { فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه } [البزار وحسنه المنذري].
4- أنه يرغّب في الآخرة ويدعو إلى الطاعة.
5- أنه يهوّن على العبد مصائب الدنيا.
6- أنه يمنع من الأشر والبطر والتوسع في لذات الدنيا.
7- أنه يحث على التوبة واستدراك ما فات.
8- أنه يرقق القلوب ويدمع الأعين، ويجلب باعث الدين، ويطرد باعث الهوى.
9- أنه يدعو إلى التواضع وترك الكبر والظلم.
10- أنه يدعو إلى سل السخائم ومسامحة الإخوان وقبول أعذارهم.
تعليق