وكيف ننصر الله ؟
فالله سبحانه وتعالى ينصرنا متى نصرناه ، فكيف ننصره تعالى ، فبين الله ذلك فقال : }يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {[ النور 55_56] .فيستخلفنا الله في الأرض ويمكن لنا ويرزقنا الأمن والطمأنينة والعيش الرغيد الذي لا نصب فيه ولا وصب ، إذا التزمنا هذه الطرق التي دلنا عليها
·أولًا : عبادة الله وحده لا شريك له .
فأنا أتسائل ؟؟؟؟ هل الأمة الآن تقيم العبادة لله جل ذكره ، إن الذي سبب المتاعب التي نعالجها إنما هو بعدنا عن عبادة الله ، إذ أن الحياة لا تطيب إلا بالعبادة ، ولما لا وهي التي من أجلها خلقنا الله تبارك وتعالى ، كما قال تعالى : }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{ [الذاريات : 56] .
بل هي أقد ميثاق بيننا وبين ربنا تبارك وتعالى ، فقد قال تعالى : }وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ{ [ الأعراف : 172] .
بل هي حق الله تعالى علينا ، ففي الحديث قال معاذ بن جبل t : كنت ردف النبي r على حمار يقال له عفير ، فقال يا معاذ : ( هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله ؟ ) ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : ( فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) ، فقلت : يا رسول الله أفلا أبشر به الناس ؟ ، قال : ( لا تبشرهم فيتكلوا ) رواه الشيخان .
بل إن العبادة هي التي من أجلها الرسل وأنزل الكتب ، فقد قال تعالى : }وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ{[النحل: 36] .
وهي التي من أجلها أنزل الله المال ، ومن أجلها جعل السمع والبصر ، ومن أجلها رزقنا الصحة ، بل ومن أجلها كانت الحياة والموت .
فهل نحن نقيم العبادة لله الواحد الأحد ، فالعبادة كما عرفها شيخ الإسلام : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة .
فهل هذا يمارس ، هل نحن نقسم ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ، فكم ردت أوامر الله تعالى ، وكم اجترأنا على النواهي والمحظورات فأقمناها ، فأين الأمة من الإمتثال لأمر الله وأمر نبيه فذالك العبادة .
فالعبادة : هي ألا تحرك ساكنا ولا تسكن متحركا إلا أن يكون مأذونًا لك فيه .. قاله الحويني
ولها شروط كما قال أهل العلم : هما الإخلاص والإتباع .
ولها أركان : المحبة والخوف والرجاء .
فعلى المريد أن يعبد الله وحده لا شريك له ، على الأمة أن تنقاد لحكم الله وأمره ، وعلى الأمة إذا أرادت النجاة أن تتخلص من الأنداد التي جعلت لله ، فلقد انتشرت الشركيات في بلاد المسلمين ، والتوجه بالعبادة المحضة لغير الله ، مما يسميه الجهلاء دعاء الأولياء ، فأصبح يتوجه الآن بالدعاء إلى المقبورين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرً ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا من دون الله تعالى ، ففي أرض مصر الآن ألاف المقابر التي تعبد من دون الله جل جلاله ويتوجه لها بالدعاء والنذر والذبح ويحلف بها .
فهذه أول الخطوات على طريق النصر والتمكين والتأييد ، أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا.
فإن لم نفعل فحقت الهزيمة والتخلف لا الاستخلاف ... أسأل الله أن يعجل بنصره ...آمين
فالتوحيد هو أول الخطوات وآخرها وأوسطها ، وإن ثلة من المنافقين أصبحوا الآن يهونون من أمر الشرك ، حتى إن بعضه يقول ساخرًا من نواقض التوحيد : يجعلون للتوحيد نواقض هل هو وضوء ..، وآخر يقول إن الطواف بالقبور ليس شركًا ، وثالثة غاضبة أن يرد المرء صاحبه إذا حلف بغير الله وقالت إنه تشدد وأسلوب تكفيري ، والنبي r يقول : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ) .
لذا فعلى أهل الخوف على الدين والمصلحين في الأرض أن يقوموا بنشر التوحيد وتحذير العامة من الأمور التي قد تمس التوحيد بسوء ، واعلموا أن أمر التوحيد ليس كما يزعم هؤلاء بأنه أمر هين ولكنه فرق بين الجنة والنار ، قال تعالى : }إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا{ [ النساء : 48] .
·ثانيًا : إقامة الصلاة .
غريب أمر إنسان لا أقول أمر أمة بل أمر إنسان يريد أن يطيب له العيش وهو لا يصلي ، والله لو حيزت له الدنيا بأموالها وأناسها يفعل بهم ما يشاء ولكنه يترك الصلاة فإن الذل لن يفارقه ، إذ أن الله قضى ذلك فقال : }وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{ [طه : 124] .
فأمة لا تصلي فالهلاك أولى بها ، يا إخوة الإسلام لماذا لا تقيموا الصلاة لله ، أجيبونا يرحمكم الله ...؟ ، أو ليست الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، أو ليس الصلاة هي عمود الدين ، أو ليست الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله ، أو ليس أهلها هم المفلحون ، وهم الفائزون ، وهم السعداء ، فلماذا لا نحافظ على الصلة التي تصلنا بالله تعالى ، يا شباب الإسلام هل يصح أن يدعونا في اليوم خمس مرات ولا نلبي ندائه ولا نسعى في مرضاته سبحانه وتعالى ، أوليس هو الذي كفانا وآوانا وأطعمنا وسقانا .
يا أهل الإسلام عار عليكم أن تتركوا الصلاة ، يا أهل الإسلام والله لا فلاح لكم إن لم تقيموا الصلاة .
فالصلاة الصلاة رحمكم الله ، فقد وصى النبي بها آخر ما وصى إذ قال : ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم )
فالصلاة إخوة الإسلام هي الطريق إلى التمكين ، كما قال تعالى : }الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور{[الحج : 41] .
·ثالثًا : إتيان الزكاة .
فهذه بلوى عمت ، ومصيبة انتشرت ، وكارثة فشت ، وفساد في الأرض كبير ، وهو عدم إخراج الأغنياء الزكاة على مختلف أنواعها ، فعدم إخراج الزكاة فساد في الأرض ، وأكل للسحت ، ومحق للبركة ، ومدعاة لعقاب الله ، وظلم للفقراء والمساكين والمستحقين لها ، وإن كثير من المسلمين قد أعرض عن إخراج ، وإن عقاب ذلك عن الله عظيم وكبير ، إذ أن الزكاة طهارة وتزكية ، وفلاح وفوز ، ونجاة من النار وفوز بالجنة .
وعدم إخراجها تعرض للويل والعذاب والتعاسة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : }وَالَّذِينَ يَكْنزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنزتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنزونَ (35) {[ التوبة : 34] .
وو الله مهما جمعوا من أموال لن تنفعهم إذ أن العبرة في بركة الله تعالى ، والتي إذا نزعت من الشيء لم ينتفع به صاحبه ولو كان ملء الدنيا ، فالبركة : هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء على وجه من غير حصر ولا وقت .
فالعبرة في البركة فكم من قليل كثره الله وكم صغير كبره الله فإذا أراد الله بعبد خيرًَا بارك له في ماله فهيء له الأسباب وفتح الأبواب ، ومن البركة أن ينفق العبد ماله في مرضات الله تعالى ، وفيما ينفعه .
فلا نصر إلا أن يؤدي كل أحد منا حق الله تعالى ، وإذا كان ثمة تخلف أو إعراض فالهزيمة والعياذ بالله .
·رابعًا : طاعة رسول الله .
قال تعالى : }وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ فطاعة الرسول طريق الرحمة ، قال r : (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) رواه البخاري من حديث أبي هريرة .
وعصيان رسول الله هو طريق كل بلية وشر ، وكل هزيمة وضنك أعاذنا الله من أن نعصيه r ، فقد قال تعالى : }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ{[آل عمران : 31_32] .
·خامسًا : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال تعالى : } الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور{
إذ أن قوم لا يغارون على دين الله لا يحق لهم أن ينصروا ، إذ أن الدعوة إلى الله ، وأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر إنما هو استجابة الأعضاء واللسان لما في القلب من غيرة لله وعلى رسول الله وعلى دين الله تعالى .
والمؤمن غيور ، بل إن الذي يحب الله يغار له تعالى ، كما فعل الهدهد بعد رؤيته أناسًا يسجدون للشمس من دون الله تعالى ، كما قال تعالى حكاية عن ذلك : }وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ(21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {[النمل : 20_25] .
كتبه
عمرو محمد صالح
تعليق