:LLL:
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد،،،
فلفظة داعية بوضعها اللغوي تشمل أمرين: دعاة الخير، ودعاة الشر. يقول الله جل وعلا: {أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}، يقول جل وعلا: {ويا قومي مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار}، وقد ثبت في الصحيح قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار" وفي الصحيح: يقول صلى الله عليه وسلم: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها"، فكل من دعا إلى فكرة فهو بالمعنى اللغوي داعية بغض النظر عن فكرته تلك حقاً كانت أم باطلاً.
إن دعاة الحق لا أحد أحسن قولاً منهم، مصداق ذلك قول الحق جل وعلا: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}، كيف لا وهي مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقول الحق: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، ويقول: {رسلاً مبشرين ومنذرين}.
إن الدعاة من سلف هذه الأمة كانوا بحق شموس هداية، ومصابيح دجى، يسيرون بالناس نحو السعادة بما يعلمونهم من الخير، ويحذرونهم من الشر، يأمرونهم بالفضيلة، وينهونهم عن الرذيلة، أهل همة وفضل، وكمال وعقل، كان بعضهم عضداً لبعض، ويسعى بعضهم في مصلحة بعض، تنطلق دعوتهم من قواعد الكتاب والسنة، لم تكن نصيحتهم فضيحة، ولا بضاعتهم في العلم قليلة، لم تكن ألسنتهم بذيئة، ولا قلوبهم مريضة. فبمثل هذه الأخلاق يحترم الصلحاء والأخيار، ويقلع عن ذنوبهم العصاة والفجار.
ولو عقدنا مقارنة بين دعاة السلف ودعاة الخلف لوجدنا بوناً واسعاً، وفرقاً شاسعاً، مع وجود الخير وأنه لا زال باقياً ولله الحمد والمنة، لكن هل سلك أولئك مسلك أولئك، حذو القذة بالقذة؟ أم أن هناك أخطاء وتجاوزات؟ وهنات ومخالفات؟ لذا كان لزاماً أن يعيد كل داعية حساباته، ويعرف مدى علاقاته، مع ربه ثم الآخرين.
إن الداعية الحق من يجتاز صعاب هواه، ويقوى نزغات شيطانه، فتراه لا ينطق إلا بالخير، ولا يتكلم إلا بالحق، قد ألجم لسانه بلجام التقوى، وزم نفسه بزمام العفة، لا يستطيل في عرض إخوانه، وشركاء مهنته، إن رأى من الغير خيراً نشره، وإن رأى منهم عيباً ستره، مع مناصحة لبقة، وتوجيه لطيف، بسرية لا علانية.
إنه من السفه أن يعلم بعض دعاة الخير عاقبة الخلاف، ونتيجة الشقاق، ثم تراهم يسبحوا في بحره، ويخوضوا لجته، فلا تسأل عنهم وقد قطعوا شريان الاعتصام، ومزقوا علائق التكاتف.
إننا في عصر بمثابة ريح عاصف تترع الناس وتلقي بهم في مهاوي الرذيلة والفساد، وفي ظل فتن يرى فيها المسلم مصارع المنحلين الضالين، فما أن ينشأ أمر مضلل ويستشري في الأمة، إلا ويتبعه آخر هو أنكى وأعظم، مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "فتن يرقق بعضها بعضا".
وليس الإشكال فحسب في نزاع بعض دعاة الخير مع بعض، بل في وجود الفريق الآخر من الدعاة، وهم دعاة الضلال، مما يجعل كفتهم في الدعوة لباطلهم أرجح، وصوتهم في الأفق أكثر.
فهل يهنأ لدعاة الخير عيش وقد فروا من الساحة وولو الأدبار، وانشغلوا ببعضهم عن البلاغ والبيان، ليتجرأ دعاة الشر ويستفردوا بالميدان.
إنه في ظل تغيب دعاة الخير في بعض المواقع جعل الصنف الآخر من أولئك الدعاة يخرجون أبواقهم، وينثرون أفكارهم، فلا تسأل عن كيدهم ومكرهم {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
إن نظرة في واقع الأمة اليوم تملأ ناظريك، وتشبع أذنيك من أمثال أولئك الضلال، الذين بدل أن يحرصوا على ما ينفعهم وينفع غيرهم، ويحفظ الجميع ويحميهم من مزالق الهوى والردى، ترى العكس والنقيض تماماً، فتراهم رفعوا ألوية الفساد، ورايات وبيارق الرذيلة، وصاحوا بالناس: هلموا فاستظلوا بظلها، وتفيؤوا بفيئها، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها".
لقد صاروا بحق مصدر فتنة وقلق واضطراب لفضيلة المجتمع، يفتنون الناس عنها، ويقيمون مع المنحلين الضالين حلفاً لمحاربة الفضيلة ونشر الرذيلة لما؟ لأنه أقض مضجعهم حفظ المجتمع الإسلامي للمرأة، وأوجع قلوبهم صيانته لها. فترى أحدهم يلت ويعجن، ويغدو في الكلام ويروح، والنتيجة المرة: دعوة للضلال، والقاء للأمة في المهالك، يضرب أحدهم في وجه الحق والفضيلة، وينشر الباطل والرذيلة، واسمع للحق جل وعلا وهو يذكر شيئاً من صفاتهم الظاهرة والتي تحتها ما تحتها من مهالك: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}، فانظروا لهذا الذي حسبه جهنم وبئس المهاد كيف مقاله؟ وما طبيعة كلامه؟ كلام منمق، ولفظ مموه، قد جعله طريقاً لترويج الباطل: لسان أحلى من العسل، يفيض رقة، وينضح مودة، قد راج في ظاهره على سامعيه، ولو امعنوا في ثناياه، وفتشوا في خباياه، لوجدوا القيح والصديد، كلام مدهون برياء ونفاق، وحرص ومحبة، لكن سرعان ما يزول هذا الدهان، وينقشع ذلك النفاق والرياء عن سم زعاف، قد أمعن في الضلال، وغرق في بحر الخداع والتمويه، ومهما راج ذاك على الرعاع والدهماء، فهيهات على العقلاء والفطناء. لقد ركب بعض دعاة الشر مركباً صعباً، وسلكوا مسلكاً وعراً، ركبوا ظهور السخرية المسرجة، وأرخوا أعنة التهكم، فلا يردعهم عن ذلك رادع، ولا يمنعهم عنه مانع، فترى بعضهم وللأسف يكتب ما شاء أن يكتب، قد سلم الشيطان قياده، يحركه حيث شاء فلا يرد به إلا على الجيف، والمستنقع القذر، فأفرز هذا المرعى النتن، عن فكرٍ سقيمٍ، وسلوكٍ منحرفٍ، فتراه قد عاد من هذه الكتابة بمحصول وفير من الوزر.
ومن هنا كان الأولى بمن لا يعرف كيف يحمي نفسه من هذا المزلق، ويحرسها من هذا الفساد المضلل، أن لا يلغ في مثل هذه الأمور، ليدفع عن نفسه عوارض الخطأ والزلل، وليستحضر قول الحق جل وعلا: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، ففي ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
منقوووووووووول
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد،،،
فلفظة داعية بوضعها اللغوي تشمل أمرين: دعاة الخير، ودعاة الشر. يقول الله جل وعلا: {أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه}، يقول جل وعلا: {ويا قومي مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار}، وقد ثبت في الصحيح قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار" وفي الصحيح: يقول صلى الله عليه وسلم: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها"، فكل من دعا إلى فكرة فهو بالمعنى اللغوي داعية بغض النظر عن فكرته تلك حقاً كانت أم باطلاً.
إن دعاة الحق لا أحد أحسن قولاً منهم، مصداق ذلك قول الحق جل وعلا: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}، كيف لا وهي مهمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يقول الحق: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، ويقول: {رسلاً مبشرين ومنذرين}.
إن الدعاة من سلف هذه الأمة كانوا بحق شموس هداية، ومصابيح دجى، يسيرون بالناس نحو السعادة بما يعلمونهم من الخير، ويحذرونهم من الشر، يأمرونهم بالفضيلة، وينهونهم عن الرذيلة، أهل همة وفضل، وكمال وعقل، كان بعضهم عضداً لبعض، ويسعى بعضهم في مصلحة بعض، تنطلق دعوتهم من قواعد الكتاب والسنة، لم تكن نصيحتهم فضيحة، ولا بضاعتهم في العلم قليلة، لم تكن ألسنتهم بذيئة، ولا قلوبهم مريضة. فبمثل هذه الأخلاق يحترم الصلحاء والأخيار، ويقلع عن ذنوبهم العصاة والفجار.
ولو عقدنا مقارنة بين دعاة السلف ودعاة الخلف لوجدنا بوناً واسعاً، وفرقاً شاسعاً، مع وجود الخير وأنه لا زال باقياً ولله الحمد والمنة، لكن هل سلك أولئك مسلك أولئك، حذو القذة بالقذة؟ أم أن هناك أخطاء وتجاوزات؟ وهنات ومخالفات؟ لذا كان لزاماً أن يعيد كل داعية حساباته، ويعرف مدى علاقاته، مع ربه ثم الآخرين.
إن الداعية الحق من يجتاز صعاب هواه، ويقوى نزغات شيطانه، فتراه لا ينطق إلا بالخير، ولا يتكلم إلا بالحق، قد ألجم لسانه بلجام التقوى، وزم نفسه بزمام العفة، لا يستطيل في عرض إخوانه، وشركاء مهنته، إن رأى من الغير خيراً نشره، وإن رأى منهم عيباً ستره، مع مناصحة لبقة، وتوجيه لطيف، بسرية لا علانية.
إنه من السفه أن يعلم بعض دعاة الخير عاقبة الخلاف، ونتيجة الشقاق، ثم تراهم يسبحوا في بحره، ويخوضوا لجته، فلا تسأل عنهم وقد قطعوا شريان الاعتصام، ومزقوا علائق التكاتف.
إننا في عصر بمثابة ريح عاصف تترع الناس وتلقي بهم في مهاوي الرذيلة والفساد، وفي ظل فتن يرى فيها المسلم مصارع المنحلين الضالين، فما أن ينشأ أمر مضلل ويستشري في الأمة، إلا ويتبعه آخر هو أنكى وأعظم، مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "فتن يرقق بعضها بعضا".
وليس الإشكال فحسب في نزاع بعض دعاة الخير مع بعض، بل في وجود الفريق الآخر من الدعاة، وهم دعاة الضلال، مما يجعل كفتهم في الدعوة لباطلهم أرجح، وصوتهم في الأفق أكثر.
فهل يهنأ لدعاة الخير عيش وقد فروا من الساحة وولو الأدبار، وانشغلوا ببعضهم عن البلاغ والبيان، ليتجرأ دعاة الشر ويستفردوا بالميدان.
إنه في ظل تغيب دعاة الخير في بعض المواقع جعل الصنف الآخر من أولئك الدعاة يخرجون أبواقهم، وينثرون أفكارهم، فلا تسأل عن كيدهم ومكرهم {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال}.
إن نظرة في واقع الأمة اليوم تملأ ناظريك، وتشبع أذنيك من أمثال أولئك الضلال، الذين بدل أن يحرصوا على ما ينفعهم وينفع غيرهم، ويحفظ الجميع ويحميهم من مزالق الهوى والردى، ترى العكس والنقيض تماماً، فتراهم رفعوا ألوية الفساد، ورايات وبيارق الرذيلة، وصاحوا بالناس: هلموا فاستظلوا بظلها، وتفيؤوا بفيئها، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها".
لقد صاروا بحق مصدر فتنة وقلق واضطراب لفضيلة المجتمع، يفتنون الناس عنها، ويقيمون مع المنحلين الضالين حلفاً لمحاربة الفضيلة ونشر الرذيلة لما؟ لأنه أقض مضجعهم حفظ المجتمع الإسلامي للمرأة، وأوجع قلوبهم صيانته لها. فترى أحدهم يلت ويعجن، ويغدو في الكلام ويروح، والنتيجة المرة: دعوة للضلال، والقاء للأمة في المهالك، يضرب أحدهم في وجه الحق والفضيلة، وينشر الباطل والرذيلة، واسمع للحق جل وعلا وهو يذكر شيئاً من صفاتهم الظاهرة والتي تحتها ما تحتها من مهالك: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}، فانظروا لهذا الذي حسبه جهنم وبئس المهاد كيف مقاله؟ وما طبيعة كلامه؟ كلام منمق، ولفظ مموه، قد جعله طريقاً لترويج الباطل: لسان أحلى من العسل، يفيض رقة، وينضح مودة، قد راج في ظاهره على سامعيه، ولو امعنوا في ثناياه، وفتشوا في خباياه، لوجدوا القيح والصديد، كلام مدهون برياء ونفاق، وحرص ومحبة، لكن سرعان ما يزول هذا الدهان، وينقشع ذلك النفاق والرياء عن سم زعاف، قد أمعن في الضلال، وغرق في بحر الخداع والتمويه، ومهما راج ذاك على الرعاع والدهماء، فهيهات على العقلاء والفطناء. لقد ركب بعض دعاة الشر مركباً صعباً، وسلكوا مسلكاً وعراً، ركبوا ظهور السخرية المسرجة، وأرخوا أعنة التهكم، فلا يردعهم عن ذلك رادع، ولا يمنعهم عنه مانع، فترى بعضهم وللأسف يكتب ما شاء أن يكتب، قد سلم الشيطان قياده، يحركه حيث شاء فلا يرد به إلا على الجيف، والمستنقع القذر، فأفرز هذا المرعى النتن، عن فكرٍ سقيمٍ، وسلوكٍ منحرفٍ، فتراه قد عاد من هذه الكتابة بمحصول وفير من الوزر.
ومن هنا كان الأولى بمن لا يعرف كيف يحمي نفسه من هذا المزلق، ويحرسها من هذا الفساد المضلل، أن لا يلغ في مثل هذه الأمور، ليدفع عن نفسه عوارض الخطأ والزلل، وليستحضر قول الحق جل وعلا: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}، ففي ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
منقوووووووووول
تعليق