بين قلة الأدب و سوء الفهم ... كلامه يدور !!
استمعت منذ يومين لأحد أساتذة الأزهر يهاجم النقاب عبر المذياع ، إنني احترم الخلاف في وجهات النظر و اشجع ثقافة الحوار و عرض الرأي و الرأي الأخر داخل دائرة الجدال بالتي هي أحسن بل إن هذا من أصول ديننا الحنيف ، لكننا نعجب لأصحاب الألقاب العلمية الذين ينحدرون في حمأة الجهل و السفاهة حتى إنك لا تصدق أذنيك حين تسمعهم يتحدثون فتظن هذا النتن الخارج من أفواههم لا يعبر إلا عن بيئة سوقية منحطة .
الدكتور بذل جهدا ضخما ليخرج كلمات رنانة جزلة لوصف المتنطعين المخالفين الذين يريدون أن يسلبوا المسلمة حريتها - على حد تعبيره - بصناعة حواجز تمنع التواصل وصانعة أقفالا على العقول قبل الوجوه ، و لقد شعرت أن الرجل على وشك الإصابة بتلبك معوي و عسر في الهضم من شدة تقعره و ليه للألفاظ و ضغطه على مخارج الحروف حتى أن المستمع يشعر بألام المخاض التي يعانيه فم الدكتور أثناء خروج الكلمات .
و الحقيقة أن طوام الرجل أكثر من أن تحصى لكن سوف أكتفي بالإشارة لبعض الطوام التي جاء بها و التي تستحق الدخول في موسوعة جينس للمحاضرات السخيفة ، فمن العجائب و الغرائب الصاروخية التي انطلقت من فمه لتصيبني بدوار أنه قال أن الفتيات اللاتي يدعين إرتداء النقاب تأسيا بزوجات رسول الله صلى الله عليه و سلم قد وقعن في خطأ بالغ و بدعة عظيمة !! فهناك أحكام خاصة بأمهات المؤمنين فلو سلمن بجواز إرتداء النقاب فإنه يلزم من هذا تحريم زواج المرأة المتوفي عنها زوجها تأسيا بأمهات المؤمنين !! .
فانظر إلى السخافة و الجهل فإن طريقة القياس المعوجة ما هي إلا محاولة بائسة للتعالم و الظهور إذ كيف يشبه قضية الرداء بقضية زواج أمهات المؤمنين ؟! إن هذا القياس لم يسبق له احد حتى من المخالفين و لسان حال الدكتور
أنا وإن كنت الأخير زمانه ....... لآتين بما لم تأت به الأوائل
فالدكتور يضع المستمع بين خيارين كلاهما أسخف من الأخر فلو أن النقاب جائز فإن زواج المرأة المتوفي عنها زوجها يكون حرام و العكس بالعكس و نسى الدكتور أن أبسط الأمور الشرعية أن الأصل في الأمور الإباحة و أنه لا يجوز تحريم لباس إلا بدليل هذا مع كثرة المرويات التي تثبت مشروعية النقاب إضافة لأقوال الأئمة و أهل العلم من المذاهب المختلفة !! .
إن الخلاف في قضية النقاب خلاف في فرضيته لا مشروعيته و محاولة سحب الخلاف لقضية المشروعية و فتح باب النقاش في باب المصالح و المفاسد المتعلقة بالنقاب الغرض منه إستصدار قانون يجرم إرتداء النقاب في الأماكن العامة و هذا ما صرح به شيخ الأزهر لمجلة " روز اليوسف " مع بداية أزمة النقاب فما يقوم به العينات المتخاذلة من أمثال هذا الرجل و غيره القصد بناء قاعدة من عوام الناس رافضة للنقاب بحيث تقبل هذا القانون بل تقف في صفه أيضا و تناصره و يجب على الدعاة و العلماء الإلتفات لهذه اللعبة القذرة و التي تنافي حقوق الإنسان التي يزعمها هؤلاء كذبا و زورا .
ثم ينادي الدكتور مرة أخرى على نفسه بالجهل بوصف الأثار التي وردت عن بعض الصحابة بتغطية الوجه مع كشف أحد العينين أنها بالية سخيفة نتاج عقلية مريضة عفنة خرجت من بيئة بدوية ، و كأن الدكتور لم يطالع كتب التفسير من قبل و التي قام عليها أئمة الدنيا مثل الطبري و الزمخشري و ابن العربي و ابن عطية الأندلسي و غيرهم من أئمة التفسير ، فالدكتور لم يراع حرمة أئمة الإسلام علما بأن هذا القول الذي وصفه بكل هذه النعوت المبتذلة منسوب لابن عباس رضي الله عنه ، فهذا الهجوم الشرس لا يستهدف النقاب فقط إنما يستهدف أئمة الإسلام و علوم السنة لذا وجب على علماء الأمة درء مثل هذه الإدعاءات و دحضها مع إعادة الهيبة لكلام السلف و توقير فهم أئمة الأمة الذي صار ألعوبة في أيدي السفهاء .
ثم إن الأستاذ الجامعي الذي خلع رداء العلم و أخلاق العلماء على أعتاب برنامجه الإذاعي المسمى زورا " هذا هو الإسلام " فإن الدكتور قد ختم برنامجه بفاجعة يدمى لها القلب و تدمع لها العين حيث قال بصوت جهوري معبرا من و جهة نظره عن موقع المرأة المسلمة الحقيقي في وجهة نظره فهي تمثل وسطية الإسلام فتقع بين طرفي نقيض أحدهما تمثله المرأة الغربية المتبرجة المتحررة من الضوابط الأخلاقية ( و هذه لا خلاف فيها ) و الطرف الأخرى تمثله هوام المسلمات اللاتي سُلب عقلهن و حريتهن على أيدي أدعاء النور عشاق الظلام ( يقصد المنتقبات ) ، و لا أدري كيف تخرج مثل هذه الكلمة من فيه رجل يؤمن بالبحث العلمي و يحمل درجة الدكتوراة في مجال الشريعة ، لقد ارتضى أن يحكم على الفضليات الحرائر بوصفهن بالهوام لأنهن خالفن هواه و هوى من يتكلم بلسانهم .
لكن ليعلم الأستاذ الدكتور الحافظ لكتاب الله الذي خالف قوله علمه فصدق فيه قول الله ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ فليعلم أن الأيام سوف تحمل له ما يغيظه و يملأ قلبه كمدا و حزنا هو ومن خلفه فبنات الإسلام سوف يخترن ثوب العفاف الذي يناسبهن فحفيدات أمهات المؤمنين كريمات لا يضرهن جهل جاهل أو قلة أدب سفيه .
تعليق