بقلم وديعة عمراني
باحثة إسلامية ـ كلية العلوم
سنحاول أن نناقش من خلال هذا البحث إعجازا علميا جديدا يكشف لنا عن بعض الحقائق العلمية في عالم الطير"تصنيفه من ناحية الذكاء والتطور الفكري والقدرة العقلية " هذه الحقائق العلمية التي لم يستطع العلم الحديث الكشف عنها إلا مند زمن قصير في حين أن القرآن الكريم تطرق إليها و بشكل واضح ودقيق مند أكثر من 1400 سنة .
يقول الله تعالى في كتابه المبين " وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ " النمل الآية 17
لقد استوقفتني هذه الآية الكريمة كثيرا " عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر "، لماذا ذكرت كلمة منطق هنا و لم تذكر مثلا كلمة لغة أو كلام، فالكلمات التي يستخدمها القرآن الكريم دقيقة جدا من الناحية العلمية، بحيث أن أي كلمة بديلة ستكون قاصرة عن توصيل نفس المعنى ونفس الحقائق العلمية، ولقد بحثت أيضا في كلمة منطق فوجدتها لم تتكرر في القرآن الكريم إلا مرة واحدة وهي في هذه الآية الكريمة.
إذن لماذا استعملت في هده الآية الكريمة كلمة منطق بالضبط، وجاءت كوصف دقيق وتصنيف لقدرة وذكاء هدا الكائن وهذا المخلوق من مجموعة الكائنات والمخلوقات التي أوجدها الله تعالى في كونه الواسع ؟!!
دعونا قبل هذا نتعرف على دلالة ومعنى المصطلح العلمي لكلمة " منطق " :
معنى كلمة منطق :
المنطق كما عرفه العلماء هو علم يبحث في قوانين التفكير التي ترمي إلى تمييز الصواب من الخطأ فينظم البرهنة ويقود إلى اليقين، وبتعريفات للجرجاني " المنطق آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن من الخطأ في الفكر"، سماه الغزالي "معيار العلم" و"علم الميزان "، وأطلق عليه بوررويال "فن التفكير "، وسماه أرسطو " التحليل".
إذن من منطلق هدا التعريف لمصطلح " المنطق "، نستطيع أن نصنف الطير من ضمن المخلوقات التي حباها الله تعالى
بالقدرة العالية على التفكير والتحليل الجيد، بحيث تستطيع أن تميز بين الصواب والخطأ وتنظم البرهنة الجيدة لتقود بها إلى اليقين .
* وعند كلمة يقين استحضر ما جاء على لسان الهدهد في الآية الكريمة" فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍيَقِينٍ " الآية 22 من سورة النمل .
* وعن تمييز الصواب من الخطأ وتنظيم البرهنة أستحضر أيضا ما جاء على لسان الهدهد في نفس الآية الكريمة " إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) " الآية 23- 26 من سورة النمل .
انظروا إلى معجزة هذا الطير " الهدهد" ،وكيف أن الله تعالى،بين لنا على لسانه، كيف استطاع أن يميز الصواب من الخطأ ويعطي البراهين على صحة هذا الشيء من عدمه، وذلك بما حباه الله من قدرات عقلية وفكرية لا تضاهيها إلا قدرة الإنسان وعقله .
هذه هي الحقائق العلمية التي أرشدنا الله إليها في كتابه العظيم، من خلال هذه الآيات الكريمات وذلك مند أكثر من 1400سنة
فماذا يقول العلم الحديث في هذه الحقائق المبهرة،التي لم يستطع اكتشافها إلا في السنوات الأخيرة بعد تقدم وسائل العلم وتقنياته:
الجانب العلمي
يصنف العلم الحديث القدرة العقلية لسائر المخلوقات وفق النموذج الذي وضعه العالم Paul Mac Lean سنة ( 1971 ) ويسمى بنموذج ثلاثي الوحدات cerveau tri-unitaire وحسب هذا العالم فعقل ودماغ سائر المخلوقات ينقسم ﺇلى ثلاث ونماذج ، وذلك حسب المهام والوظائف المنوطة بهذه المخلوقات وحسب البيئة المحيطة، والخاصة بها:
- فهناك أولا بما يسمي العقل البدائي Cerveau reptilien Cerveau reptilienالذي يخص فقط بكل ما هو غريزي وفطريوهذا النموذج الأول يخص الحيوانات من عائلة الزواحف .
- ويأتي النموذج الثاني في القدرة العقليةCerveau paléomammalien حيث تعتبر هذا النموذج أكثر خاصية من الأول،وذلك بتواجد مراكز الذاكرة والشعور، والفئة التي تمثل هدا النموذج هي كالحيوانات من شاكلة القرود والقطط وبعض الفقريات الأخرى. وللحديث بقية