الإسلام والمسلم المثالي عبد الله بن حسن القعود
الحمد لله رب العالمين،
الحمد لله رب العالمين،
وأحمده تعالى وأسأله أن يجعلنا من الراشدين وأشكره وقد تأذن بالزيادة للشاكرين
.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وأصلى وأسلم على من أنزل الله عليه
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت لكم الإسلام ديناً} وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .
أما بعد
: فيا عباد الله لقد كثر في هذا العصر مدعو الإسلام على مستوى الأفراد والحكومات والشركات ،وتسمى به من لا يحقق له مسمى، تسمى به من لا يخضع لأوامره ولا ينقاد لتعاليمه، ولا يحرم حرماته ولا يقف عند حدوده، بل تسمى به من هم أخطر على أهله من النصارى والمشركين . وليس كل من زعم الإسلام مسلماً ولا كل من تسمى به صادقاً حتى تصدقه دلائل واضحة من أعماله ، فليس الإسلام مجرد أمنية أو دعوى أو قولاً باللسان فحسب يقول سبحانه : { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا..} الآية . ويقول : { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام} .
الإسلام كالبنيان الشامخ العظيم له أسس وأصول لا يقوم إلا على جميعها، له شعارات وضياء ونور وعلامات كمنار الطريق تبرهن عليه، تدل على صدق مدعيهن وأهم أسسه التي لايقوم إلا عليها
: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام. وحقيقته في الجملة توحيد الله، سبحانه في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته بكل ما للتوحيد من معان خالصة لله سبحانه ، واستسلام وانقياد لأمر الله ، وخضوع لله ورضا بقضائه وقدره استسلام لله ، وتوكل على الله والتجاء إليه في الضراء والسراء والمنشط والمكره .
الإسلام
- ياعباد الله - تسليم النفس لداعي الحق إذا دعاها تسليمها لواجبها الذي خلقت له : {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.فلا ترى صاحب الإسلام إلا مقيماً للصلاة في وقتها في جماعة بطمأنينة وأدب وخشوع لله يدعو ربه رغباً ورهباً، لا تراه إلا مؤدياً زكاة ماله بطيب نفس، صائماً، شهره بطوع ورغبة ورضا لا بتملل وسآمة، مؤدياً فريضة الحج بمال حلال وصدر رحب ونفس طائعة منقاداً لله، وضمير محتسب أجر ذلك وثوابه عند الله ، مؤمناً بالله وملائكته، وكتبه ورسله ،واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، مسلماً وجهه لله وهو محسن، ومراقباً لله في سره وجهره، مهتدياً بقول الرسول الأعظم : ( كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه) . فلا يماطل صاحب حق ، ولا يغش في بيع أو معاملة ، ولا يؤذي مسلماً ولا يخونه ولا يكذبه ولا يحقره ولا يخذله، متمثلة فيه صفات المسلم الحق . المسلم المثالي الكامل الإسلام الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي موسى : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده . والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).
هذه
- ياعباد الله - علامات المسلم الحقيقي ، وشعاره ، ومن عداه إما فاقد الإسلام بالكلية كمن يجحد ركناً من أركان الإسلام أو يشك في أصل من أصوله ، وإما مشوَّه الاسلام وملوثه، ضعيف الإسلام وناقصه، كمن جاء بأركان الاسلام وصدق بأصوله ، ولكن يتعاطى شيئاً من كبائر الذنوب كالسرقة والزنا وشرب الخمر وعقوق الوالدين ونحو ذلك .
فاتقوا الله
- يا عباد الله - في إسلامكم لا تلوثوا حسنه وجماله وتذهبوا روعته وبهاءه بقبيح الفعال وسيء الأقوال .
اتقوا الله فيه وبرهنوا على صحته بسلامة قلوبكم وتحسين أعمالكم وصفاء نفوسكم وطيب أقوالكم وترك أذاكم، واجتناب مالا يعنيكم تفوزوا بما وعد الله المسلمين في قوله
: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين . ادخلوا الجنة أنتم وازواجكم تحبرون يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وانتم فيها خالدون وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون} .
أقول قولي هذا وأسال الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يجعلنا مسلمين له ومن ذريتنا أمة مسلمة له وأن يرينا مناسكنا ويتوب علينا
.
أسأل الله تعالى أن يحيينا مسلمين ويتوفانا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين
. إنه غفور رحيم .
تعليق