السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:(ضحك):
هذا سؤال سأله أحد الأخوة لشيخنا الفاضل الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى
السائل : قلنا وأنت أجبت أن هذا حاصل أن الرفق والسماحة ولين الجانب واجب في الدعوة وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية والشخصية ، قصدي الدعوة ، فكما ذكرت أنها واجب .. توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس والمدعوين ، فالسلفيين مشهور عنهم - فيما أراه أنا - أرى الشدة وقلة الرفق في الدعوة ، هذا رأيي.
الشيخ : طيب ، أنت منهم ؟
السائل : أرجو ذلك .
الشيخ : ترجو ذلك ؟ أنت منهم يعني أنت سلفي .
السائل: نعم .
الشيخ : طيّب أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين ؟
السائل: لا أُزكي نفسي و .. يا شيخ أقصد أنا أقصد سمة بارزة ، سمة ..
الشيخ : القضية الآن ليست قضية تزكية ، قضية بيان واقع ، وقضية كما قلنا أنه أنت الآن تثير هذا السؤال هو من أجل التناصح ، فأنا لمّا باسألك ، فأنت من هؤلاء المتشددين ، ما يرد هنا موضوع أنا لا أزكي نفسي ؛ لأنك تريد أن تبيّن الواقع ، بمعنى لو سألتني هذا السؤال باقول لك : أنا فيما أظن لست متشددًا ، لكن هذا لا يعني أني أزكي نفسي ، لأني أخبر عن واقعي ففكر في السؤال .
السائل: نعم ، وجوابي يا شيخ مثل جوابك .
الشيخ : نعم ؟
السائل: جوابي مثل جوابك .
الشيخ : إذن لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون ، والصواب أن نقول : بعضهم متشددون ، واضح إلى هنا ؟
السائل: نعم .
الشيخ : فإذن ، نقول: أنه بعض السلفيين عندهم أسلوب في الشدة ، لكن تُرى هل هذه الصفة ، صفة اختص بها السلفيون ؟
السائل: لا .
الشيخ : فإذن ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال ؟! هذا أولاً .
وثانيًا ، هل اللين الذي قلنا هو الواجب ، هل هو واجب دائمًا وأبدًا ؟
السائل: أبدًا لا .
الشيخ : فإذن ، لا يصح لك ولا لغيرك أن تصف .. أولاً: يعني نخرج بالنتيجة التالية :
لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على كلهم جميعًا .
وثانيًا : لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين ، سواء كان سلفيًا أو خلفيًا - في حدود تعبيرنا - إلا
في جزئية معيّنة ، مادام اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائمًا وأبدًا .
فنحن نجد الرسول عليه السلام قد استعمل الشدة التي لو فعلها سلفيّ اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار .
مثلاً : لعلك تعرف قصة أبي السنابل ، أظن اسمه الذي .. [...] ايه ، أبو السنابل ، تذكر هذه القصة ؟
السائل: نعم .
الشيخ : امرأة مات زوجها وهي حامل ، فوضعت ، فكان بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها لولدها ، فيقول الحديث - وهو في صحيح البخاري -: أنها بعد أن وضعت تشوّفت للخطاب ، وتجمّلت ، وتكحّلت ، فرآها أبو السنابل ، وكان خطبها لنفسه فأبت عليه ، فقال لها: لا يحل لكِ إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة – كقاعدة وهي الأربعة أشهر وعشرة أيام - وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها ، فما كانت منها إلا أنها تجلببت ، وسارعت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - فذكرت له ما قال لها أبو السنابل ، فقال عليه السلام : ((كذب أبو السنابل)).
هذه شدة أم لين ؟
السائل: نعم شدة .
الشيخ : ممن ؟ من أبو اللين ((ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك)).
إذن ، ليس مبدأ اللين بقاعدة مطّردة كما اتفقنا آنفًا ، وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها.
كذلك مثلاً - كما جاء في مسند الإمام أحمد - لمّا خطب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم خُطبة قام رجل من الصحابة وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله . قال : ((أجعلتني لله ندًا ؟! قل ما شاء الله وحده)). شدة أم لين ؟
السائل: أسلوب .. قول النبي .
الشيخ : يعني هذه أنا أُسمّيها أنا حَيدة ، لأنك ما أجبتني ، كما أجبتني من قبل ، لمّا قلتُ لك أبو السنابل قال له .. في حقه ((كذب أبو السنابل)) شدة أم لين ؟ قلتلي شدة .
السائل: هذه شدة ، هذه شدة ، نعم .
الشيخ : وهذه الثانية ؟
السائل: فقط بيّنَ له ، قال ((أجعلتني لله ندًا ؟)) .
الشيخ : سبحان الله ! هذه حيدة – بارك الله فيك- أنا ما أسألك بيّنَ أم لم يُبيّن ، أنا أسألك شدة أم لين ؟ لماذا الآن اختلف
منهجك في الجواب من قبل ما قلتَ بيّن له لما قال له ((كذب أبو السنابل)) ؟! هو بيّن ، لكن هذا بيان كان بأسلوب هيّن ليّن كما اتفقنا أنه القاعدة أم كان في شدة ؟ قلتَها بكل صراحة: كان فيه شدة ، الآن ما عدى عمّا بدى في السؤال الثاني ؟
السائل: السؤال الثاني لم يَقُل له كاذبًا أو .. قال : ((أجعلتني لله ندًا)) .
الشيخ : الله أكبر ! هذا أبلغ في الإنكار – بارك الله فيك- .
قال أحد الحضور : يا شيخنا ، قال : ((بئس الخطيب أنت)) في رواية مسلم .
الشيخ : آه في قضية أخرى ، نعم ، تذكر هذا الحديث ؟
السائل: نعم .
الشيخ : ... من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد (إيش ؟) غوى. قال : ((بئس الخطيب أنت)) شدة أم لين ؟
السائل: شدة نعم .
الشيخ : المهم – بارك الله فيك- فيه هناك أسلوب لين ، وفيه هناك أسلوب شدة .
الآن ، بعد أن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطّردة ، مطردة على طول ، لين لين لين على طول ، شدة شدة على طول .
السائل: نعم .
الشيخ : إذن ، تارة هكذا ، وتارة هكذا .
الآن ، حينما يُتهم السلفيون بعامة ، إنهم متشددون ، أَلا تَرى أن السلفيين بالنسبة لبقيّة الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمّون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين ؟
السائل: لا شك في ذلك .
الشيخ : لا شك ، بارك الله فيك، إذن بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية ، الآخرون يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان مقرونا باللين هذا شدة ، بل بعضهم يقول: هذا مش زمانه اليوم. بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم .
فإذن – بارك الله فيك- اللي بِدّي أصل معك إليه هو: أن القضية نسبيّة ، يعني إنسان ليس متحمس للدعوة ، وخاصة للدخول في الفروع التي يسمّونها بالقشور ، أو أمور ثانوية ، فهو يعتبر البحث – ولو كان مقرونًا بالأسلوب الحسن - يعتبره شدة في غير محلها .
... لا ينبغي وأنت سلفي مثلنا ،لا ينبغي أن تشيع بين الناس - ولو هؤلاء الناس القليلين الآن - وتذكر أن السلفيين متشددون ، لأننا اتفقنا بعضهم متشدد ، وهذا لا يخلو .. حتى الصحابة فيهم اللين وفيهم (إيش ؟) المتشدد .
ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي همّ بأن يبول في المسجد فماذا همّ به الصحابة ؟
همّوا بضربه ! هذا لين أم شدة ؟
السائل: شدة .
الشيخ : شدة ! لكن ماذا قال لهم الرسول ؟ ((دعوه)).
فإذن ، قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس ، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة ، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله ، والشدة في محلها.
فأن نصف إذن خير الطوائف الإسلامية التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة ، وعلى ما كان عليه السلف الصالح ، بالشدة ، هكذا على الإطلاق ! ما أظن هذا من الإنصاف في شيء ، بل ومن الشرع في شيء .
أما أن يقال فيهم ، فمن الذي يستطيع ينكر .. ما دام الصحابة فيهم من كان متشددًا في غير محل الشدة ، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا - خلف بالمعنى اللغوي - أن يوجد فيهم متشدد .
ثم ، الآن نتكلم عن شخص بعينه ، هب إنه هيّن ليّن ، هل ينجو عن استعمال الشدة في غير محلها ؟
السائل: لا أبدًا .
الشيخ : فإذن – بارك الله فيك- القضية مفروغ منها .
...
وإن الأمر كذلك فما علينا غير أن نتناصح ، إذا رأينا إنسانًا وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ، ذكّرناه ، فقد يكون له وجهة نظر ، فإن تذكر فجزاه الله خيرًا ، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه ، وينتهي الأمر .
السائل: نعم ، كثير من السلفيين يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل: كثير من السلفيين ، يستخدمون الشدة ، ولا يستخدمون اللين ، يستخدمون الشدة في غير موضعها ، ولا يستخدمون الرفق في موضعه ، وليسوا قليل - نحن نقول كل الطوائف تفعل هذا - لكن ليس قليل ، ونحن لا نقيس .. أنا في سؤالي لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى، لا يهمني أمر الطوائف الأخرى ، يهمني أمر السلفيين ، كثير من السلفيين - وليسوا قليل - يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم ، أسلوب دعوتهم للناس ، وليسوا قليل هؤلاء ، أنا قصدتُ من السؤال الذي يسجله الأخ محمد أن توجه نصيحة لمن ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر ، هذا هو المقصد من السؤال .
الشيخ : بارك الله فيك ، توجيه النصيحة ما يحتاج من واحد مثلي أن يوجه نصيحة والسلفيين وغير السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفًا ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) ويقرؤون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها حينما جاء ذلك اليهودي مُسلّمًا على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لاويًا لسانه قائلاً: السام عليكم ، فسمعها .. السيدة عائشة هذا السلام الملوي ، فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين كما جاء في الحديث غضبًا ، فكان جوابها: وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير ، أما الرسول فما زاد على قوله له: ((وعليك)) !
ولما خرج اليهودي من عند الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنكر صلى الله عليه وسلم عليها ، وقال لها: ((يا عائشة ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه)) قالت: يا رسول الله ، ألم تسمع ما قال ! قال لها: ((ألم تسمعي ما قلتُ !)).
فإذن ، السيدة عائشة ، التي رُبّيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة ، ما وسعها إلا أن تستعمل الشدة مكان اللين ، فماذا نقول في غيرها من السلفيين - كما تقول - وهم لم يُربّوا في بيت النبوة والرسالة ؟! بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يومًا ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني أو لا ، إنه آفة العالم الإسلامي اليوم ، مقابل ما يقال بالصحوة الإسلامية ، هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية الإسلامية ، ما في تربية إسلامية اليوم !
ولذلك فأنا أعتقد إنه أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمن طويل حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل الناشيء الآن في حدود الصحوة الإسلامية .
إنما هي تصرفات أفراد ، لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل ، فمنهم القريب ، ومنهم البعيد ، ولذلك فمن الناحية الفكرية والعلمية سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة ، لكن المهم التطبيق ، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد، إلى مربي ، يربي تحته عشرات من طلاب العلم ، وهؤلاء يخرجون من يد هذا المربي مربيين لغيرهم ، وهكذا تنتشر التربية الإسلامية رويدًا رويدًا بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة .
وبلا شك أن الأمر كما قال تعالى ((وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)).
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط ، لا إفراط ولا تفريط .
السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ.
قال أحد الحضور : يا شيخ ، أحيانًا حينما يعني يلاقي السّني ممن يقابله من أهل البدع عتوًا واستكبارًا ، يعني كما الله عز وجل أمر موسى باللين مع فرعون ، ومع ذلك قال له ((وإني لأظنك يا فرعون مثبورًا)) يعني يا شيخ شاف أخونا [...] في الكلية كان والله دكاترة يستهزؤا بنا حينما نقول لهم قال الرسول !
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : ويمثلوا أفعال ، كيف صلاة السلفيين وكذا ، والله [...] تضحك ، يعني فلذلك إذا خرج الإنسان عن طوره واستعمل معهم الشدة ، يعني لا يقال هنا شدة ، ويعجبني المثل سمعته منك شيخنا ، يعني: قال الحائط للوتد لم تشقني ؟! قال سل من يدقني .
الشيخ : صحيح .
متكلم آخر : وكذلك شيخنا ، مرة كنا ناقشنا بعض الأفراد من حزب التحرير ، كما لا يخفى عليكم يعني هدفهم هو مسألة الخلافة ، ونحن الحمد لله هدفنا هي أولاً العقيدة والتوحيد ، فلما بدأنا معهم شيخنا من الأساس في البحث العلمي - كما تعلمنا منكم – فبدأنا في مسألة الأسماء والصفات ، أحدهم من كبارهم يقول: إحنا نتكلم طول الليل بإصبعه ورجله ؟!
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : ماذا نقول لهذا ؟!
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : يعني يستهزأ بصفات الله عز وجل ، ماذا نقول لهذا ؟!
الشيخ : على كل حال ، نسأل الله أن يؤتينا الحكمة ، وهي أن نضع كل شيء في محله.
متكلم آخر : يا شيخ في أحكام الجنائز قول ابن مسعود لما قال رجل : استغفروا لأخيكم. قال: ((لا غفر الله له)).
الشيخ : هذه أمثلة كثيرة جدًا.
يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر ، أن رجلاً من الصحابة - لعله عبد الله بن مسعود أو عبد الله بن عمر .. -
قال أحد الحضور : عمر.
الشيخ : ابن عمر ؟
المتكلم : عمر نفسه.
الشيخ : عمر نفسه ؟
قال أحد الحضور : لمّا قال رجل : استغفروا لأخيكم. قال ((لا غفر الله له)).
الشيخ : شو رأيك هذا ؟
لا شك إن أنت أول واحد لو رأيتني أنا أقول هذه الكلمة تقول الشيخ متشدد ، لكن هنا يقوم في نفس المُنكِر الغَيرة على الشريعة فتحمله أن يقسوا في العبارة ، الآخر الذي يتفرج ليس في موضع هذه الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان ، فيخرج منه هذا الكلام ، وهنا يقولون عندنا في سوريا: شو هذه الشدة يا رسول الله ! هذه لهجة سوريا خطأ ، لكن بيخاطبوا الرسول إنه كأن هذه الشدة طالعة من مين ؟ من الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وهم يعنون هذا الإنسان .
فسبحان الله يعني المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي ، حتى الإنسان يكون حُكمه عدلاً .
ثم أيضًا مما يبدو لي الآن، من أسباب إشاعة هذه التهمة - إذا صح أنها تهمة - عن السلفيين ، تعرف أنت: من كثر كلامه كثر خطؤه ، الذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون ، ولذلك فلابد أن يخطئوا لكثرة ما يتكلمون فيتجلى خطؤهم ، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين هم لا يجولون ولا يخوضون في هذه القضايا ، بينما لو نُظِرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل وعلى الإنصاف واللين ، لوجدنا من مثل بعض الأمثلة التي ذكرناها عن بعض السلف - وأمام الرسول عليه السلام - فيها شدة ، ولكن هذه شدة لا تسوّغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة اللي وقعوا في هذه الشدة في جزئية معيّنة أنهم كانوا متشددين ، وإنما قد يقع كما قلنا أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة.
المتكلم : الرفق هو السمة البارزة.
الشيخ : نعم ؟
المتكلم : الرفق هو السمة البارزة .
الشيخ : آه !
المتكلم : النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، السمة البارزة اللين والرفق ، حتى وإن قال كذب فلان أو أجعلتني لله ندًا أو ما أشبه.
الشيخ : نعم.) اهـ
والحمد لله رب العالمين
منقول من سلسلة الهدى والنور – الشريط رقم 595
:(ضحك):
هذا سؤال سأله أحد الأخوة لشيخنا الفاضل الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى
السائل : قلنا وأنت أجبت أن هذا حاصل أن الرفق والسماحة ولين الجانب واجب في الدعوة وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية والشخصية ، قصدي الدعوة ، فكما ذكرت أنها واجب .. توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس والمدعوين ، فالسلفيين مشهور عنهم - فيما أراه أنا - أرى الشدة وقلة الرفق في الدعوة ، هذا رأيي.
الشيخ : طيب ، أنت منهم ؟
السائل : أرجو ذلك .
الشيخ : ترجو ذلك ؟ أنت منهم يعني أنت سلفي .
السائل: نعم .
الشيخ : طيّب أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين ؟
السائل: لا أُزكي نفسي و .. يا شيخ أقصد أنا أقصد سمة بارزة ، سمة ..
الشيخ : القضية الآن ليست قضية تزكية ، قضية بيان واقع ، وقضية كما قلنا أنه أنت الآن تثير هذا السؤال هو من أجل التناصح ، فأنا لمّا باسألك ، فأنت من هؤلاء المتشددين ، ما يرد هنا موضوع أنا لا أزكي نفسي ؛ لأنك تريد أن تبيّن الواقع ، بمعنى لو سألتني هذا السؤال باقول لك : أنا فيما أظن لست متشددًا ، لكن هذا لا يعني أني أزكي نفسي ، لأني أخبر عن واقعي ففكر في السؤال .
السائل: نعم ، وجوابي يا شيخ مثل جوابك .
الشيخ : نعم ؟
السائل: جوابي مثل جوابك .
الشيخ : إذن لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون ، والصواب أن نقول : بعضهم متشددون ، واضح إلى هنا ؟
السائل: نعم .
الشيخ : فإذن ، نقول: أنه بعض السلفيين عندهم أسلوب في الشدة ، لكن تُرى هل هذه الصفة ، صفة اختص بها السلفيون ؟
السائل: لا .
الشيخ : فإذن ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال ؟! هذا أولاً .
وثانيًا ، هل اللين الذي قلنا هو الواجب ، هل هو واجب دائمًا وأبدًا ؟
السائل: أبدًا لا .
الشيخ : فإذن ، لا يصح لك ولا لغيرك أن تصف .. أولاً: يعني نخرج بالنتيجة التالية :
لا يجوز لك ولا لغيرك أن تصف طائفة من الناس بصفة تعممها على كلهم جميعًا .
وثانيًا : لا يجوز لك أن تطلق هذه الصفة على فرد من أفراد المسلمين ، سواء كان سلفيًا أو خلفيًا - في حدود تعبيرنا - إلا
في جزئية معيّنة ، مادام اتفقنا أن اللين ليس هو المشروع دائمًا وأبدًا .
فنحن نجد الرسول عليه السلام قد استعمل الشدة التي لو فعلها سلفيّ اليوم لكان الناس ينكرون عليه أشد الإنكار .
مثلاً : لعلك تعرف قصة أبي السنابل ، أظن اسمه الذي .. [...] ايه ، أبو السنابل ، تذكر هذه القصة ؟
السائل: نعم .
الشيخ : امرأة مات زوجها وهي حامل ، فوضعت ، فكان بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضعها لولدها ، فيقول الحديث - وهو في صحيح البخاري -: أنها بعد أن وضعت تشوّفت للخطاب ، وتجمّلت ، وتكحّلت ، فرآها أبو السنابل ، وكان خطبها لنفسه فأبت عليه ، فقال لها: لا يحل لكِ إلا بعد أن تنقضي عدة الوفاة – كقاعدة وهي الأربعة أشهر وعشرة أيام - وهي فيما يبدو أنها امرأة تهتم بدينها ، فما كانت منها إلا أنها تجلببت ، وسارعت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم - فذكرت له ما قال لها أبو السنابل ، فقال عليه السلام : ((كذب أبو السنابل)).
هذه شدة أم لين ؟
السائل: نعم شدة .
الشيخ : ممن ؟ من أبو اللين ((ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك)).
إذن ، ليس مبدأ اللين بقاعدة مطّردة كما اتفقنا آنفًا ، وإنما ينبغي على المسلم أن يضع اللين في محله والشدة في محلها.
كذلك مثلاً - كما جاء في مسند الإمام أحمد - لمّا خطب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم خُطبة قام رجل من الصحابة وقال له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله . قال : ((أجعلتني لله ندًا ؟! قل ما شاء الله وحده)). شدة أم لين ؟
السائل: أسلوب .. قول النبي .
الشيخ : يعني هذه أنا أُسمّيها أنا حَيدة ، لأنك ما أجبتني ، كما أجبتني من قبل ، لمّا قلتُ لك أبو السنابل قال له .. في حقه ((كذب أبو السنابل)) شدة أم لين ؟ قلتلي شدة .
السائل: هذه شدة ، هذه شدة ، نعم .
الشيخ : وهذه الثانية ؟
السائل: فقط بيّنَ له ، قال ((أجعلتني لله ندًا ؟)) .
الشيخ : سبحان الله ! هذه حيدة – بارك الله فيك- أنا ما أسألك بيّنَ أم لم يُبيّن ، أنا أسألك شدة أم لين ؟ لماذا الآن اختلف
منهجك في الجواب من قبل ما قلتَ بيّن له لما قال له ((كذب أبو السنابل)) ؟! هو بيّن ، لكن هذا بيان كان بأسلوب هيّن ليّن كما اتفقنا أنه القاعدة أم كان في شدة ؟ قلتَها بكل صراحة: كان فيه شدة ، الآن ما عدى عمّا بدى في السؤال الثاني ؟
السائل: السؤال الثاني لم يَقُل له كاذبًا أو .. قال : ((أجعلتني لله ندًا)) .
الشيخ : الله أكبر ! هذا أبلغ في الإنكار – بارك الله فيك- .
قال أحد الحضور : يا شيخنا ، قال : ((بئس الخطيب أنت)) في رواية مسلم .
الشيخ : آه في قضية أخرى ، نعم ، تذكر هذا الحديث ؟
السائل: نعم .
الشيخ : ... من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد (إيش ؟) غوى. قال : ((بئس الخطيب أنت)) شدة أم لين ؟
السائل: شدة نعم .
الشيخ : المهم – بارك الله فيك- فيه هناك أسلوب لين ، وفيه هناك أسلوب شدة .
الآن ، بعد أن اتفقنا أنه ليس هناك قاعدة مطّردة ، مطردة على طول ، لين لين لين على طول ، شدة شدة على طول .
السائل: نعم .
الشيخ : إذن ، تارة هكذا ، وتارة هكذا .
الآن ، حينما يُتهم السلفيون بعامة ، إنهم متشددون ، أَلا تَرى أن السلفيين بالنسبة لبقيّة الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمّون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين ؟
السائل: لا شك في ذلك .
الشيخ : لا شك ، بارك الله فيك، إذن بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية ، الآخرون يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو كان مقرونا باللين هذا شدة ، بل بعضهم يقول: هذا مش زمانه اليوم. بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم .
فإذن – بارك الله فيك- اللي بِدّي أصل معك إليه هو: أن القضية نسبيّة ، يعني إنسان ليس متحمس للدعوة ، وخاصة للدخول في الفروع التي يسمّونها بالقشور ، أو أمور ثانوية ، فهو يعتبر البحث – ولو كان مقرونًا بالأسلوب الحسن - يعتبره شدة في غير محلها .
... لا ينبغي وأنت سلفي مثلنا ،لا ينبغي أن تشيع بين الناس - ولو هؤلاء الناس القليلين الآن - وتذكر أن السلفيين متشددون ، لأننا اتفقنا بعضهم متشدد ، وهذا لا يخلو .. حتى الصحابة فيهم اللين وفيهم (إيش ؟) المتشدد .
ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي همّ بأن يبول في المسجد فماذا همّ به الصحابة ؟
همّوا بضربه ! هذا لين أم شدة ؟
السائل: شدة .
الشيخ : شدة ! لكن ماذا قال لهم الرسول ؟ ((دعوه)).
فإذن ، قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس ، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة ، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله ، والشدة في محلها.
فأن نصف إذن خير الطوائف الإسلامية التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة ، وعلى ما كان عليه السلف الصالح ، بالشدة ، هكذا على الإطلاق ! ما أظن هذا من الإنصاف في شيء ، بل ومن الشرع في شيء .
أما أن يقال فيهم ، فمن الذي يستطيع ينكر .. ما دام الصحابة فيهم من كان متشددًا في غير محل الشدة ، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا - خلف بالمعنى اللغوي - أن يوجد فيهم متشدد .
ثم ، الآن نتكلم عن شخص بعينه ، هب إنه هيّن ليّن ، هل ينجو عن استعمال الشدة في غير محلها ؟
السائل: لا أبدًا .
الشيخ : فإذن – بارك الله فيك- القضية مفروغ منها .
...
وإن الأمر كذلك فما علينا غير أن نتناصح ، إذا رأينا إنسانًا وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ، ذكّرناه ، فقد يكون له وجهة نظر ، فإن تذكر فجزاه الله خيرًا ، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه ، وينتهي الأمر .
السائل: نعم ، كثير من السلفيين يا شيخ .
الشيخ : نعم ؟
السائل: كثير من السلفيين ، يستخدمون الشدة ، ولا يستخدمون اللين ، يستخدمون الشدة في غير موضعها ، ولا يستخدمون الرفق في موضعه ، وليسوا قليل - نحن نقول كل الطوائف تفعل هذا - لكن ليس قليل ، ونحن لا نقيس .. أنا في سؤالي لا أقيس السلفيين على غيرهم من الطوائف الأخرى، لا يهمني أمر الطوائف الأخرى ، يهمني أمر السلفيين ، كثير من السلفيين - وليسوا قليل - يصدون عن المنهج السلفي بأسلوب دعوتهم ، أسلوب دعوتهم للناس ، وليسوا قليل هؤلاء ، أنا قصدتُ من السؤال الذي يسجله الأخ محمد أن توجه نصيحة لمن ابتلوا بالشدة وبضيق الصدر ، هذا هو المقصد من السؤال .
الشيخ : بارك الله فيك ، توجيه النصيحة ما يحتاج من واحد مثلي أن يوجه نصيحة والسلفيين وغير السلفيين يعلمون الآية التي ذكرناها آنفًا ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)) ويقرؤون أكثر من غيرهم حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها حينما جاء ذلك اليهودي مُسلّمًا على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لاويًا لسانه قائلاً: السام عليكم ، فسمعها .. السيدة عائشة هذا السلام الملوي ، فانتفضت وراء الحجاب حتى تكاد تنفلق فلقتين كما جاء في الحديث غضبًا ، فكان جوابها: وعليكم السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير ، أما الرسول فما زاد على قوله له: ((وعليك)) !
ولما خرج اليهودي من عند الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنكر صلى الله عليه وسلم عليها ، وقال لها: ((يا عائشة ، ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما كان العنف في شيء إلا شانه)) قالت: يا رسول الله ، ألم تسمع ما قال ! قال لها: ((ألم تسمعي ما قلتُ !)).
فإذن ، السيدة عائشة ، التي رُبّيت منذ نعومة أظفارها في بيت النبوة والرسالة ، ما وسعها إلا أن تستعمل الشدة مكان اللين ، فماذا نقول في غيرها من السلفيين - كما تقول - وهم لم يُربّوا في بيت النبوة والرسالة ؟! بل أنا أقول الآن كلمة ربما طرقت سمعك يومًا ما من بعض الأشرطة المسجلة من لساني أو لا ، إنه آفة العالم الإسلامي اليوم ، مقابل ما يقال بالصحوة الإسلامية ، هو أن هذه الصحوة لم تقترن بالتربية الإسلامية ، ما في تربية إسلامية اليوم !
ولذلك فأنا أعتقد إنه أثر هذه الصحوة العلمية سيمضي زمن طويل حتى تظهر آثارها التربوية في الجيل الناشيء الآن في حدود الصحوة الإسلامية .
إنما هي تصرفات أفراد ، لكن هؤلاء الأفراد يعيشون تحت رحمة الله عز وجل ، فمنهم القريب ، ومنهم البعيد ، ولذلك فمن الناحية الفكرية والعلمية سوف لا تجد من يخاصمك ويخالفك في أن الأصل في الدعوة أن تكون باللين والموعظة الحسنة ، لكن المهم التطبيق ، والتطبيق هذا يحتاج إلى مرشد، إلى مربي ، يربي تحته عشرات من طلاب العلم ، وهؤلاء يخرجون من يد هذا المربي مربيين لغيرهم ، وهكذا تنتشر التربية الإسلامية رويدًا رويدًا بتربية هؤلاء المرشدين لمن حولهم من التلامذة .
وبلا شك أن الأمر كما قال تعالى ((وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)).
ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط ، لا إفراط ولا تفريط .
السائل: جزاك الله خيرا يا شيخ.
قال أحد الحضور : يا شيخ ، أحيانًا حينما يعني يلاقي السّني ممن يقابله من أهل البدع عتوًا واستكبارًا ، يعني كما الله عز وجل أمر موسى باللين مع فرعون ، ومع ذلك قال له ((وإني لأظنك يا فرعون مثبورًا)) يعني يا شيخ شاف أخونا [...] في الكلية كان والله دكاترة يستهزؤا بنا حينما نقول لهم قال الرسول !
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : ويمثلوا أفعال ، كيف صلاة السلفيين وكذا ، والله [...] تضحك ، يعني فلذلك إذا خرج الإنسان عن طوره واستعمل معهم الشدة ، يعني لا يقال هنا شدة ، ويعجبني المثل سمعته منك شيخنا ، يعني: قال الحائط للوتد لم تشقني ؟! قال سل من يدقني .
الشيخ : صحيح .
متكلم آخر : وكذلك شيخنا ، مرة كنا ناقشنا بعض الأفراد من حزب التحرير ، كما لا يخفى عليكم يعني هدفهم هو مسألة الخلافة ، ونحن الحمد لله هدفنا هي أولاً العقيدة والتوحيد ، فلما بدأنا معهم شيخنا من الأساس في البحث العلمي - كما تعلمنا منكم – فبدأنا في مسألة الأسماء والصفات ، أحدهم من كبارهم يقول: إحنا نتكلم طول الليل بإصبعه ورجله ؟!
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : ماذا نقول لهذا ؟!
الشيخ : الله أكبر !
المتكلم : يعني يستهزأ بصفات الله عز وجل ، ماذا نقول لهذا ؟!
الشيخ : على كل حال ، نسأل الله أن يؤتينا الحكمة ، وهي أن نضع كل شيء في محله.
متكلم آخر : يا شيخ في أحكام الجنائز قول ابن مسعود لما قال رجل : استغفروا لأخيكم. قال: ((لا غفر الله له)).
الشيخ : هذه أمثلة كثيرة جدًا.
يذكرنا الأخ أبو عبد الله بأثر ، أن رجلاً من الصحابة - لعله عبد الله بن مسعود أو عبد الله بن عمر .. -
قال أحد الحضور : عمر.
الشيخ : ابن عمر ؟
المتكلم : عمر نفسه.
الشيخ : عمر نفسه ؟
قال أحد الحضور : لمّا قال رجل : استغفروا لأخيكم. قال ((لا غفر الله له)).
الشيخ : شو رأيك هذا ؟
لا شك إن أنت أول واحد لو رأيتني أنا أقول هذه الكلمة تقول الشيخ متشدد ، لكن هنا يقوم في نفس المُنكِر الغَيرة على الشريعة فتحمله أن يقسوا في العبارة ، الآخر الذي يتفرج ليس في موضع هذه الغيرة التي ثارت في نفس هذا الإنسان ، فيخرج منه هذا الكلام ، وهنا يقولون عندنا في سوريا: شو هذه الشدة يا رسول الله ! هذه لهجة سوريا خطأ ، لكن بيخاطبوا الرسول إنه كأن هذه الشدة طالعة من مين ؟ من الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وهم يعنون هذا الإنسان .
فسبحان الله يعني المسألة ينبغي أن تراعى جوانبها من كل النواحي ، حتى الإنسان يكون حُكمه عدلاً .
ثم أيضًا مما يبدو لي الآن، من أسباب إشاعة هذه التهمة - إذا صح أنها تهمة - عن السلفيين ، تعرف أنت: من كثر كلامه كثر خطؤه ، الذين يتكلمون في المسائل الشرعية هم السلفيون ، ولذلك فلابد أن يخطئوا لكثرة ما يتكلمون فيتجلى خطؤهم ، ومن هذا الخطأ الشدة عند الآخرين الذين هم لا يجولون ولا يخوضون في هذه القضايا ، بينما لو نُظِرت هذه الشدة في عموم ما يصدر منهم من نصح على العدل وعلى الإنصاف واللين ، لوجدنا من مثل بعض الأمثلة التي ذكرناها عن بعض السلف - وأمام الرسول عليه السلام - فيها شدة ، ولكن هذه شدة لا تسوّغ لنا أن ننسب هؤلاء الصحابة اللي وقعوا في هذه الشدة في جزئية معيّنة أنهم كانوا متشددين ، وإنما قد يقع كما قلنا أنا وأنت وغيرك في شيء من الشدة.
المتكلم : الرفق هو السمة البارزة.
الشيخ : نعم ؟
المتكلم : الرفق هو السمة البارزة .
الشيخ : آه !
المتكلم : النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، السمة البارزة اللين والرفق ، حتى وإن قال كذب فلان أو أجعلتني لله ندًا أو ما أشبه.
الشيخ : نعم.) اهـ
والحمد لله رب العالمين
منقول من سلسلة الهدى والنور – الشريط رقم 595
تعليق