ما هو مفهوم العولمه ؟
يتسم مفهوم العولمة بقدر كبير من الغموض والصعوبة
رغم ما كتب فيها فليس هناك تعريف مانع أو محدد لها
ولا يزعم احد بأن هناك تعريف قاطع لها
ولكن كل ما قيل عن مفهوم العولمة هو أقرب ما يكون إلى الواقع.
ويرجع السبب في عدم تحديد مفهوم العولمة بشكل محدد لما يلي:-
تعدد الأراء وتضاربها حول مفهوم العولمة وحول واقعها وأفاقها المستقبلية
اختلاف المواقف وردود الأفعال حول العولمة
فهناك من يرفض العولمة بشكل قاطع
وهناك من يتحمس لها ويقبلها بكل ما فيها من خير وشر وهناك من يقبلها بشروط
لا يعتبر مفهوم العولمة من المفاهيم التي تتسم بالحداثة
فالواقع أن العولمة من حيث مكوناتها تعني تعميق ازدياد العلاقات المتبادلة بين الدول
وكل هذه أفكار ليست بالحداثة وليس بمستغرب.
عدم الفهم الصحيح للعولمة يجعل من المجتمعات تقع تحت ما يسمى
بوهم العولمة
والتي نعني بها الفهم غير السليم
فقد يرى بعض المؤيدين أن العولمة لا يأتي من وراءها إلا كل أثر إيجابي
ويعيش تحت وهم الإقليمية الجديدة وتحويل العالم كله إلى قرية صغيرة تعيش فكر واحد وثقافة واحدة وسياسة واحدة....إلخ.
رغم كل ما سبق نحاول استنتاج بعض التعاريف التالية للعولمة :
1-العولمة : هي وسيلة يمكن من خلالها تقارب المسافات الجغرافية والموضوعية
أو تلاشيها بين المجتمعات والشعوب والدول مع ترابط الكيانات الدولية واختفاء فكرة العزلة وسرعة التحولات والمستجدات.
2-العولمة : هي كل التطورات الحديثة التي نهدف إلى دمج دول العالم في مجتمع عالمي واحد.
3-العولمة : هي طريقة يتم من خلالها إلغاء كافة القيود والحواجز بين الشعوب بحيث تنتقل من خلالها من حالة الفرقة والتجزؤ إلى حالة التوحيد.
4-العولمة : يقصد بها تكثيف العلاقات الاجتماعية على مستوى العالم بطرق تجعل العالم يعيش في أحداث عالمية وكأنها أحداث محلية.
5-العولمة كمفهوم يمكن النظر ‘إليها من خلال ثلاثة محاور:-
- العولمة كمذهب أو أيدلوجية: تقوم على فكرة انتصار الحضارة الغربية وتدشين مرحلة جديدة في التاريخ البشري
وبالتالي فلها رؤى متعددة فهي تعمل على تأسيس حضارة إنسانية جديدة تختلف تمام الاختلاف عما كان عليه العالم في الماضي
وهذا ما صرح به فوكو ياما في كتابه نهاية التاريخ وهذا هو الظاهر فى هذه الايام.
- العولمة كعملية: تشير إلى مجموعة الإجراءات والممارسات والسياسات الصادرة عن القوى الكبرى في العالم
وردود الأفعال التي تصاحبها والتي تصدر من جانب الدول والمجتمعات الأخرى مع مراعاة أن هذه الممارسات مقصودة ومتعمدة ومخططة
وهناك من الدول من يروج للعولمة ويدافع عنها
وليس ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من ممارسات عسكرية ببعيد
فالولايات المتحدة الأمريكية تعمل جاهدة على الانفراد والهيمنة على جميع دول العالم
حتى أن بعض الكتاب يعني بمفهوم العولمة "على أنها أمركة العالم
أي تحويل العالم كله إلى قرية صغيرة
تحكم بفكر وثقافة وسياسة واقتصاد واجتماع ذو صبغة أمريكية"
وهذا هو الظاهر فى كل الممارست التى تحدث فى جميع انحاء العالم.
- العولمة كظاهرة: تعد بمثابة مرحلة تاريخية في تطور نوعي جديد في التاريخ الإنساني أي هي مرحلة لمحصلة تطور تاريخي تراكمي له جذوره التي تحدث عنها الكثيرون والتي حاول بعضهم وضعها في شكل مراحل أو حلقات تاريخية متتالية.
يستنتج من ذلك العرض.
أن العولمة ليست مجرد وسيلة لإلغاء الحدود بين الدول ولكنها إلى جانب ذلك تمثل بعض الأمور التي من أهمها:-
1-أنها تعد بمثابة وسيلة لظهور قوى جديدة تتحكم في الاتجاهات العالمية وفي مقدمة تلك القوى الشركات والمؤسسات المالية الدولية وأسواق المال الدولية ومنظمة التجارة العالمية بل وربما يترتب على ظهور تلك القوى وجود فئة عالمية تجمع بين النفوذ السياسي والتحكم في الإعلام والسيطرة على الاقتصاد والمال.
2-كما أنها تعد بمثابة وسيلة لظهور شبكات من التفاعل بين تنظيمات المجتمع المدني وبين أقسام الرأي العام وبين مراكز صنع القرار.
3-إنها وسيلة كذلك لظهور قضايا عالمية جديدة بحيث تشمل تلك القضايا كافة دول العالم وشعوبه إلى أنه لا يمكن مواجهتها دون تكتل عالمي وهذا ما يحدث بالفعل كانتشار جريمة الإرهاب الدولي والعنف وغسيل الأموال وتهريب الأموال والسلع والمخدرات بالإضافة إلى الثقافة الهابطة.
4-أنها مجرد وسيلة لظهور تناقضات عالمية عديدة فمع وجود الاتجاه نحو التكامل والاندماجات نجد اتجاها أخر مواز نحو التفكك والانهيار وإلى جانب المنافسة نجد الاحتكار وإلى جانب السلم الاتجاه نحو العنف...إلخ.
تعليق