إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

    ""
    وبه نستعين
    والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبى الأمى الأمين
    صلى الله عليه وسلم
    طبتم أخواني و طاب ممشاكم و تبوأتم من الجنة منزلاً


    أما بعد؛

    أخواني الكرام جئتكم اليوم لأتحدث معكم عن موضوع في غاية الأهمية...

    في وقت طغت فيه الشهوات و الشبهات - إلا من رحم ربي-، و أصبح الناس يتثاقلون طريق حب الله.....
    في وقت أصبح الناس - إلا من رحم ربي- يريدون علواً في الأرض و في الدنيا .. و لا يبالون على المسارعة إلى حب الله و لا يبالون إن الله راض عنه أم ساخط !!...كل ما يهم أنهم على الدنيا محافظون..
    في وقت ما ثبت فيه إلا القليلون ممن رحم الله من السائرين على طريق حب الله، فضلاً على أن يتغيروا للأحسن ...

    في وسط كل هذا جئتكم لأحدثكم عن موضوع
    " التغيير "
    وفيها أطلق صيحة نذير لأن نتغير في حياتنا للأفضل و ألا نرضى بالهوان و الدون..
    يا أخواني مَن منا لا تهفو نفسه و لا يشتاق قلبه لأن يتقدم في حياته و يحقق أهدافه..
    ياأخواني مَن منا لا يتوق لتلك السعادة الغامرة و تلك الراحة العارمة التي يُحسها بتحقيق أهدافه و طموحاته و أن يجد أن تعبه كلل على خير؟!

    لكن هناك معوقات تحول أحد منا أن يحقق كل هذا...

    فأثرت أن أكتب هذه الكلمات لعل الله أن ينفع بهذه الكلمات و يوصلها لقلب أي محب للتغيير...


    أُوجه هذه الرسالة إلى كل من :
    1- الباعدين عن طريق حب الله من الأساس، الذين لم يفكروا يوماً أن يرضوا ربهم و يحبوه حق الحب و يعظموه حق التعظيم، و الذين لم يفكروا في أخراهم أبداً، التائهين في أودية الحياة، الباحثين عن السعادة و راحة البال و لا يعرفون أين يجدوها...
    2- إلى المستقيمين على طريق حب الله، و لكنهم بعد تقدمهم إلى التغيير، ما لبثوا إلا أن عادوا إلى أدراجهم مرة أخرى، و بدأت سموم الجاهلية تصب في قلوبهم مرة أخرى...
    3- إلى المستقيمين على طريق الله، و مريدي الثبات على هذا الطريق، و الخائفين من أن يدب في نفوسهم الفتور و الخمول فيتوقفون عن تنفس هواء حب الله، هواء السعادة الحقيقي، و يخافون من القعود و النكوس كما نكس بعض من قبلهم، فهم يريدوا رسالة إيمانية تبث فيهم روح الإيمان و تثبتهم...



    دعني أربت على كتفك أخي الحبيب و أدعوك إلى التغيير، و لك أن تعلم أني و الله أني ما سطرت هذه الكلمات إلا أني أحبك في الله، صدقني يا أخي أني لا أريد لك إلا السعادة، لا تربطنا مصالح أو أي أمر من أمور الدنيا، فإني أحبك في الله لا غير، فهلا قدرت حبي هذا؟! ، فهلا اقتربت لتسمع كلام لتتغير و تثبت على طريق حب الله، أظنك أنك إن شاء الله ستتجيب..


    أقول و بالله التوفيق؛
    كل ما حولنا يتغير فلا حال يثبت في هذه الدنيا، تأتي الشمس و يغيب القمر، ثم ما نلبث إلا أن تغيب الشمس و يأتي القمر، الليل يأتي بعد النهار، الصغير يكبر، و الحي الذي كان بيننا يموت، لا ثبات هذا هو حال الدنيا...
    و على الرغم أنه ليس من المتصور في هذه الدنيا الثبات على حال و أن هناك تغيير لازم و واضح لأي مشاهد، و لكن هناك تغيير للأفضل و هناك تغيير للأسو...
    فالجديد يبلى،
    و الشاب يكبر، و له و قت يهرم، و حتما سيأتي وقت و يموت،تغير من قوة إلى ضعف، من الفتوة و القوة إلى القعود ...
    ولكن هناك من يتغير للأفضل، فالصانع الناجح يجمع قطع صغيرة لا ترتبط بأي صلة ببعضها إلا في بعض الأشياء القليلة فيجمعها لتصبح أله عظيمة يبنهر بها الناس... أنه التقدم للأفضل..و كذا النجار في صنعه لمصنوعاته الخشبية، و الزارع في حلقه أنظر إلى تقدمه من غرس بذرة صغيرة في الأرض إلى محصول كبير، لن أطيل و لكن أتمنى أن يكون المعنى قد وصل..

    و الشاهد من كلامي الذي أريد أن أوصله لكم أنك لن تستطيع أن تثبت على حالك فيومك أما في تأخر فتكون خسرت خسرانا كبيراً، و أما في تقدم فتكون قد ربحت ربحاً كبيراً..

    أي أنك يا أخي الكريم أما أنك في تغير بالتقدم كل يوم عن سابقك، فأثبت على ذلك فإنك على خير كبير، و إما أنك في تغير بالتأخر في يومك عن سابقه فأنك على خطر عظيم، و ليس هناك فرض بالثبات على حال واحدة لأننا كما قلنا هذا الفرض لا يثبت أصلاً..

    فيا أخي يا من تتغير للأسوأ أنا أبعث لك رسالة من نذير بأن تتغير للأحسن و إلا ....... ستُغير .....
    قال الله تعالى:"
    إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ "[الرعد : 11] ....
    قال الله تعالى:"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ "[الأنفال : 53] ...
    إن الله لا يغير نعمة أنعمها عليك إلا عندما تبدل أنت هذه النعمة ... عندما تغير أنت من نفسك للأسوأ ... عندما تُغضب ربك ... في هذه الحالة يُصب عليك غضب من الله.... يتمثل هذا الغضب في صور كثيرة هم و كرب و ضيق في الرزق و ضيق في الصدر ... ترى الذي بدل هذا لا يعرف طعماً للسعادة ... و لا يعرف طريقاً لراحة البال..

    و جزاء من بدل نعمة الله عليه جزاءاً قاسياً عقاباً له على هذا التبديل و التغيير من حال نعمة من الله عليه بمنن كثيرة كخلقه مسلم و أن يولد في بيئة مسلمة، و إرشاده إلى عبادة الله وحده، فقال الله تعالى أخباراً عن من بدل نعمة الله عليه"
    " وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ " [البقرة : 211]
    ..
    و قال الله تعالى :"
    وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " [إبراهيم : 7]

    فمن شكر نعمة الإسلام التي منَّ الله عليه بها و أدي حقها بارك الله له في هذه النعمة و زاده من النعم ... و من كفر بهذه النعمة
    -الكفر هنا كفر النعمة، أي الجحود بنعمة الله- و غير نعمة الله وبدلها فإن عذاب الله شديد...

    و في عقاب قاسي و زجر لمن بدل نعمة الله كفراً، وجه الله رسالة قاسية إليهم في محكم التنزيل، و الله أنها لتنزل على قلبي مثل الصاعقة، أنظر ماذا قال الله :"
    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ " [إبراهيم : 28]
    ....
    فبتبديلك يا أخي لا تخسر نفسك فقط بل تكون سبباً في هلاك من حولك... فأحذر يا من تبدل نعمة الله .. و أعلم أنك على خطر عظيم..


    و لاحظوا أخواني الزجر الشديد في هذه الآيات، حتى أن الله لم يحدد عقاباً خاصاً لتغيير نعمة الله .... لاحظوا أن الله قال لهم في معرض الآيات التي ذكرناها.. "إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ"، "فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"، و غيرها فإن الله ترك تحديد العقاب له لأن عذاب من بدل هذا سيكون شديداً، و هذا إن دل لا يدل إلا على جسامة هذا التبديل و هذا التغيير الذي أحدثه هذا الشخص خسر به نفسه قبل أن يخسره مجتمعه...


    فيا حبيبي في الله، و يا من منَّ الله عليك بالإسلام و نعمة التوحيد، و يا
    من تبحث عن السعادة الحقيقية، ألم تمل بعد من التغير للأسوأ ، ألم يأن لك أن تتغير للأفضل، جرب أن تُغير من نفسك و جرب أن تتنعم بحب الله لتنعم بالسعادة و راحة البال الحقيقية ....
    انظر ماذا قال الله إخباراً عن قوم سيدنا يونس:"
    قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ" [يونس : 98]
    أنظر يا أخي الكريم ... " لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ " ... لما أمنوا بالله و وحده حق التوحيد، و أحبوه حق الحب، و قدروا الله حق قدره.. كشف عنهم ما هم فيهم ...
    فيا أخي هي خطوة تخطوها بصدق في حب الله تجعلك ممن يكشف الله عنهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، تتخلص من همومك و مشاكلك و ضيق قلبك، و تستبدل ذلك بحب الله و بسعادة و براحة بال لا يُحسها إلا من ذاقها...

    و السؤال المهم الآن :(( يعني و أنا هاتغير لأيه بالضبط))
    إلى ما يرشدك إليه الله يا حبيبي في الله، فالله يرشدك لمصلحتك في الدنيا و الآخرة، و إلى طريق الفلاح و النجاح..
    أليس الله يعلم ما يُصلحني و ما يُصلحك..
    والله أني ذات مرة جلست مع طفل لم يبلغ بعد السادسة كنت أُحدثه عن أن حب الله، و قلت له إن الله يعلم عنا كل شيء، و الله قال لي هو مستغرباً استغراباً شديداً كأني أقول له كلاماً غريباً، قال لي بالحرف :(( أكيد ربنا عارف حالنا، مش هو اللي عاملنا، اللي بيعلم حاجة عارف كل حاجة عنها)) ، قلت له ماشاء الله عليك، بارك الله فيك، و فرحت من قلبي و قلت أنها الفطرة السوية..
    وهذا ما قاله الله أخباراً أنه يعلم كل شيء عنا ما يسعدنا و ما يجعلنا أشقياء و ما ينفعنا و ما يضرنا :"
    أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك : 14]... اللطيف يعلم ما لطف و خفى .. و لطفه هذا لم تأتي عن جهل بل من رب خبير ..
    و قال الله : " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ؟!" [النجم : 32]

    فحين يخبرنا الله أن السعادة في شيء معين ، وتخبرنا نفوسنا بل وكل البشر أن السعادة في خلافه فإننا نقدم قول الله .. فقال : لا شك في ذلك...

    إذن أين السعادة
    تعال بنـا نتصفح كتاب الله نبحث عن طريق السعادة
    ..
    يقول الله : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه : 124] وفي الآية أوضح دليل على أن المعاصي هي طريق الضنك والشقاء وبمفهوم المخالفة فإن الطاعةهي طريق السعادة و الهناء .
    ويقول الله : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل : 97] وهذه الآية تؤكد ما أفادته الآية السابقة.
    وهل تساوي هذه الحياة الطيبة التي وعد الله بها حياة الضنك والشقاء التي يحياها أرباب اللهو والمعاصي ؟!!
    ويقول الله : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى)[طه : 123]
    ويقول أيضًا : (فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ )[البقرة : 38]
    ..
    يعد الله من اتبع هداه المتمثل في كتابه وسنة رسوله بأنه سيكون أسعد وأهدى الناس في الدنيا والآخرة ولاخوف عليه ولاحزن لديه لا في دنيا ولا في آخره
    .والله لا يخلف الميعاد ومن أصدق منه سبحانه قيلا.
    لذا فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – كان يقول : " من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية " ..
    ونخلص مما سبق إلى أن الله قد أرشدنا إلى أن السعادة والمتعة في تحقيق العبودية له والاستقامة على طريقه .

    أُلخص من هذا كله أخواني؛ خطورة أن نتغير للأسوء، و ضرورة التغيير للأفضل، والتغيير إلى الأفضل المقصود في التقدم في طريق حب الله، و يجب أن نسلم أن الله لن يضيعنا، و هو الذي يرشدنا إلى كل خير و ينهانا عن كل شر، و أن نثق في وعد الله، ثم نقدم التضحيات اللازمة للوصول إلى هذا التغيير...


    و ما قدمناه في هذا الموضوع كانت المشكلة
    نتنظر تعليقاتكم لحل هذه المشكلة
    وإن شاء الله سيتم وضع حل للمشكلة غداً
    جزاكم الله خيراً لحسن مروركم


    كتبه
    الفقير إلى الله
    أبوهُريرة المصري
    14 صفر 1431


    ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
    ===> لا ترحلوا و انتظروا في الرد القادم لي حل المشكلة..


    فك قيودك... طير في السماءѼ .. ذنوبك هي أسرك
    ♥حب الله♥ الحرية السعادة الأبدية
    من أراد السعادة الأبدية .. فليلزم عتبة العبودية.

  • #2
    رد: تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اخي الفاضل جزاك الله خيرا وحشرك الله مع من تكنيت بكنيته

    بالنسبة لهذا الموضوع الجميل والواقعي اسمح لي ان انبه لشئ اشعره

    وهو اني عندما لااسعي لتجديد ايماني بطاعة من الطاعات غير معتادة او عندما تصبح الطاعات التي يمن الله علي بها لااجدد فيها نيتي اشعر بان الايمان يتسرب شيئا فشيئا من قلبي وهذه هي الخطورة ان يجد الانسان نفسه يسقط فجأة

    ومثله كمثل بيت تسرب الماء الي جدرانه فاذا تهاون اهل البيت في اصلاح هذا سيفاجئون بسقوط المنزل مرة واحدة

    وكما سمعت احد الشيوخ الافاضل يتكلم في هذا الموضوع

    ان اخطر شئ ان تصبح العبادات عادات مثل الصلاة في المسجد الانسان ذاهب للمسجد دون نواية جديدة او تجديد لنوايا قديمة لكنه نازل للصلاة تعودا

    وقس علي ذلك الصوم او الصدقة او اي طاعة من الطاعات

    ولا يخفي علي حضراتكم ان اي طاعة جديدة يفعلها الانسان يجد لها لذة في قلبه وبمرور الوقت تذهب هذه اللذة لانه لا يجدد نواياه

    الشئ الاخر حديث رسولنا صلي الله عليه وسلم:"احب الاعمال الي الله ادومها وان قل"او كما قال صلي الله عليه وسلم

    فورد القران ولو صفحة
    الاذكار
    السنن الرواتب
    قيام الليل ولو 3ركعات فقط
    الدعاء>>وهذا هو السلاح الاخطر لو صح التعبير<<<<<
    الصدقة ولو بربع جنيه
    تقبيل يد الاب والام
    صلة الرحم ولو باتصال كل اسبوع
    صحبة الخير ولو بسماع اصواتهم
    وغيرها الكثير من ابواب الطاعات التي ييسرها الله لمن شاء من عباده سحانه وتعالي جعلنا الله واياكم منهم

    تعليق


    • #3
      رد: تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

      ماشاء الله يا أخي حل رائع
      بارك الله فيك

      منتظرين باقي الأخوة لحين وضعي ردي أنا غداً بإذن الله

      فك قيودك... طير في السماءѼ .. ذنوبك هي أسرك
      ♥حب الله♥ الحرية السعادة الأبدية
      من أراد السعادة الأبدية .. فليلزم عتبة العبودية.

      تعليق


      • #4
        رد: تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

        حل المشكلة الكبرى ... مشكلة التغيير..
        *وقفات لابد منها*
        قبل أن أشرع في سرد بعض المقترحات ، أحب أن أوصيك ببعض الأمور المهمة :
        أولاً : اصدق الله يصدقك.
        إذا علم الله من قلبك الصدق في طلب مرضاته والاستقامة على طريقه فسيعينك ويوفقك ويحقق لك ما تريد ..
        ( إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً ) [الأنفال : 70]..
        ربما تخدع العالم كله بل ربما تخدع نفسك ، لكنك لن تخدع أبدًا ربك الذي يعلم ما بداخلك أكثر منك ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَاتُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر : 19]..
        ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) [الملك : 14]..
        (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْأَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) [النجم : 32].
        والله يوصينا (وَكُونُواْمَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة : 119]..
        ويخبرنا ( فَإِذَاعَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْصَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ) [محمد : 21]..
        فاعزم على الصدق وبرهن لله على صدقك لتكون كجدك أنس بن النضر ، الذي أنزل الله عز وجل فيه ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)[الأحزاب : 23]....
        وكجدك الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم ...وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ،فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم : «إِنْ تَصْدُقِ اللَّهُ يَصْدُقْكَ»ثُمَّ نَهَضُوا إِلَى قِتَالِا لْعَدُوِّ فَأُتِىَ بِهِ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحْمَلُ وَقَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه و سلم:«هُوَ هُوَ». قَالُوا : نَعَمْ قَالَ :«صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ».
        ويشهد له وهو يلحده حين قال:
        «اللَّهُمَّ هَذَاعَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًافي سَبِيلِكَ،قُتِلَ شَهِيدًا أَنَاعَلَيْهِ شَهِيدٌ».(سنن النسائي1955).
        واعلم أن الصدق هو النجاة في الدنيا والآخرة ، يقول الله عن يوم القيامة : (هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)[المائدة : 119].
        ثانيًا : استعن بالله ولا تعجز .
        اعلم أنه لا حول لك عن معصية ولا قوة لك على طاعة إلا بتوفيق الله جلّ جلالُه ، فبيده سبحانه مقاليد الأمور ومفاتيح القلوب ، ولن تفعل شيئًا أو تصل إليه إلا بإعانة الله وتوفيقه.
        فاطلب دائما منه العونَ والمدد ، واضرع إليه ألا يكلك إلى نفسك ولا إلى أحدٍ من خلقِه..وادعه دائما: " يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ " حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة7/557 " اللَّهُمَّ رحمتَك أرجو، فلا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفَةَ عين ، وأَصلِح لي شَأني كلَّه ، لا إله إلا أنتَ (رواه أبو داود وحسنه الألباني)، " اللَّهُمَّ مُصَرِّف الْقُلُوب صَرِّفْ قُلُوبنَا عَلَى طَاعَتك " مسلم 2045.
        فالاستعانة نصف الدين ، يقول الله : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )[الفاتحة : 5] ..
        ويوصيك الحبيب صلى الله عليه وسلم : " وإِذَااسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ" صححه الألباني في صحيح الجامع (7957)..
        والله من كرمه لا يرد سائلاً ولا مستعيناً ..
        وإياك والعجز واليأس فقط خذ بالأسباب التي أمر الله واسأله سبحانه الإعانة ترى عجبًا ، وأكثر من وصية رسول الله لمعاذ رضي الله عنه أن يكثر من:" اَللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ." صححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (347).
        ثالثًا : أدمن قرع الباب .
        أكثر من سؤال الله الهداية والاستقامة ، يقول الله في الحديث القدسي : " كُلُّكُمْ ضَالّ إلاَّمَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ"أخرجه مسلم...
        والدعاء سلاح المؤمن ، وكم من ذنوب تخلص منها العباد بالدعوات ، وكم من طاعات استقاموا عليها بفضل التضرعات !!
        اسأل اللهَ الثبات حتى الممات ، وقل : "اللَّهُمَّ يَامُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7987..
        وتضرع إلى الله دائما داعيا: ( رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) [آل عمران : 8]
        رابعًا : لتكن توبتك نصوحًا .
        لا بد أن تحدث توبة لله تندم فيها على ما مضى من التفريط... وتقلع فيها عما أنت عليه من المخالفات.. وتعزم فيها على عدم العودة لما كنت عليه من التفريط ..وتتحلل فيها من مظالم العباد وحقوقهم قال الله :" وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون".
        والله يحب التوابين ، ويفرح بتوبة عبده فرحا عظيما، ويأمر بالتوبة فيقول : (تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً) [التحريم : 8]..
        فلست مطالبا بالتوبة فحسب وإنما بالتوبة النصوح الصادقة التي لا رجوع فيها ، فيأتي التائب فيها بشروط التوبة على الوجه الأكمل .
        خامسًا : واصبر وما صبرك إلا بالله .
        ليس الصبر فقط كما تظن صبر على أقدار الله المؤلمة ، وإنما هناك صبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، صبرٌ على كل ما يحبه الله ويرضاه ، وصبرٌ عن كل ما يبغضه الله ..
        والله معك ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )[البقرة : 153] ويحبك إن صبرت ( وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : 146] وليوفينك أجرك بغير حساب ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر : 10] .
        فربما يشق على نفسك ترك بعض المعاصي ، فاصبر عنها وربما يشق على نفسك القيام ببعض الطاعات فاصبر عليها..
        لكن لا تنس أبدًا الاستعانة في الصبر فإن صبرك لا يكون إلا بالله ، فمن يتصبر يصبره الله ، ألم يقل الله عزوجل:" وَاصْبِرْ وَمَاصَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ" [النحل : 127].. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ" ( رواه البخاري1400 ، ومسلم 1053) فاسأل الله العون على الصبر ..
        سادسًا : لا بد من المجاهدة .
        لن يواتيك الأمر من مرة ولن يستقيم كل شيءٍ في لحظة ، ستجد بعض الابتلاءات التي
        لا بد حيالها من المجاهدة ..
        وأبشر بقول الله : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[العنكبوت : 69]..
        ما إن تأخذ بالأسباب كما يحب ربنا ويرضى وتجاهد في الاستقامة على طريق الله حتى ترى ينابيع الهداية تتفجر وليس لسبيل واحد من سبل الخير والسعادة ، وإنما لجميع السبل ، وهذا وعد الله الذي لا يتخلف..
        إنك تجاهد نفسك وتصابر وتثابر حتى يستقيم لك أمر من أمور الدنيا ، فالآخرة وأمورها أولى بهذه المجاهدة وهاتيك المثابرة..
        قال بعض السلف : "كابدت قيام الليل سنة واستمتعت به عشرين سنة "
        سابعًا : اعرف قيمة الحسنة وخطورة السيئة .
        يسمع الواحد منا عن أن العمل الفلاني ينال به العبد كذا وكذا من الحسنات ، فلا يعبأ به ولا يحرك ساكنًا ولا يفكر حتى في أن يقوم به فضلاً عن أن يشرع فيه بإهمال..
        أما حين يسمع عن أن العمل الفلاني ينال به الإنسان كذا وكذا من الأموال فإنه يهتم بهذا العمل اهتمامًا بالغًا ويحرص كل الحرص على القيام به على أكل وجه..
        وما ذلك إلا لأن المفاهيم اختلت فصار الجنيه أفضل من الحسنة والدنيا أفضل من الآخرة ، يقول الله معاتبا ومستنكرا: ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى ) [الأعلى17:16] .
        وليأتين على العبدِ يومٌ لا تنفعه من الدنيا إلا الحسنات .
        والواحد منا يعرف أن العمل الفلاني يُعاقب العبدُ فيه بكذا وكذا من السيئات والعقوبات فلا يأبه لذلك ولا يرعوي ، ولا يفكر في الإقلاع عن هذا العمل فضلا عن أن يشرع في الإقلاع عنه أو يقلع عنه فعلا.
        أما حين يعلم أن العمل الفلاني سيُمنى بسببه بخسارة كذا وكذا من الأموال ، فإنه يضع بينه وبين ذلك العمل خندقا عظيمًا ، ويظل دائمًا في حذرٍ شديد من الوقوع فيه ..
        وما ذلك إلا لأن النجاة من مغبة الخسارة الدنيوية أصبحت أهم من النجاة من مغبة الخسارة الأخروية..
        يقول الله: ( إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ) [محمد : 36] فيا خسارة وحسرة من آثر الحقيرة الفانية على العظيمة الباقية !!
        لذا لا بد من توطين النفس على الرغبة عن الدنيا والرغبة في الآخرة وعلى المسارعة في الخيرات والطاعات والمبادرة إليها والحرص عليها .
        يصف الله أحبابه وأولياءه فيقول : ( وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) [آل عمران : 114] ، ويصفهم أيضا بقوله : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً )[الأنبياء : 90] ويصفهم مرة ثالثة بقوله : ( أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) [المؤمنون : 61] .
        وكيف لا يسارعون في الخيرات ومرضاة مولاهم وذلك همهم في الدنيا وغاية مناهم .
        ثامنًا : اطرح الكسل.
        لخطورة الكسل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كثيراً ما يستعيذ منه : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ،وَالْكَسَلِ" صحيح البخاري
        فكن نشيطا في طاعة ربك عالي الهمة ، واطرح العجز والكسل جانبًا ، فبعون الله تقدر على فعل كل ما تريد ، لكن الكسل يحول بينك وبين جليل العمل .
        يقول الشاعر : قد هيأوك لأمرٍ لو فطنت لـه فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
        ويقول المتنبي : ولم أرَ في عيون الناس عيبًا كنقص القادرين على التمــام
        تاسعًا : إذا هبت رياحك فاغتنمها .
        قد ينعم الله عليك بأوقات يكون استعدادك فيها للخير أفضل من كل الأوقات السابقة ، وتكون الظروف من حولك مهيأة لذلك ..
        فإنها نفحة من نفحات ربك ، وفرصة عظيمة من فرصه ، فلا تضيعها فلربما كانت الأخيرة. يقول الشاعر :
        إذا هبت رياحك فاغتنمـها فإن لكل خفاقـة سكــون
        ولا تغفل عن الإحسان فيها فلا تدري السكون متى يكون
        عاشرًا : لا تكن إمَّعة .
        قد يكون من حولك من المعارف والأصدقاء عائقا في طريق استقامتك ، ففضلاً عن أنك لا تجد منهم معينًا فإنك تعاني من إعاقتهم لك على الدوام ..
        فلا تتأثر بذلك واعمل بوصية الفضيل : " اسلك طريق الهدى ولا تستوحش من قلة السالكين ، واترك طريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين "
        لا تستوحش فأنت على طريق سار فيه الأنبياء والصالحون من قبل ..
        ولا تكن إمعة إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ، ولا تجعل البيئة المحيطة حائلاً بينك وبين الاستقامة ..
        قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :" لا يكُنْ أحَدُكُمْ إِمّعَة ، يقول: أنا مع الناس ، إِن أحْسَنَ الناسُ أحسنتُ. وإن أساءوا أسأتُ ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسن الناسُ أن تُحْسِنُوا ، وإن أساءوا أن لا تظلِمُوا »أخرجه الترمذي
        وذكر الله أن من الصفات التي تدخل سقر الخوض مع الخائضين،فذكر قول أصحاب سقر في معرض تعليلهم لأسباب دخولها"وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ"[المدّثر : 45].
        وقال الله:"وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ" [الأنعام : 68].
        وكن كأنس بن النضر حينما أهمل الواقع المثبط حوله وقام وحده في غزوة أحد يقوم بما يحب الله ويرضى غير عابئ بحال من حوله ، فقال : " اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء (يعني : المشركين) وأعتذر إليك مما فعل هؤلاء (يعني : الصحابة حين كفوا عن القتال لما أشيع أن النبي صلى الله عليه و سلم قتل) فقاتل رضوان الله عليه حتى إنه من كثرة ما به من جراح لم يعرفه إلا أخته عرفته ببنانه ..
        حادي عشر: لتكن فترتك إلى السنة.
        قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم): " لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ (أي: قوة ونشاط وإقبال)، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ (أي: تراخي وتكاسل وعزوف)، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ (وفي رواية: اهْتَدَى) وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ (وفي رواية: ضَلَّ)". (إسناده صحيح على شرط الشيخين قول الألباني أصل صفة الصلاة )
        يبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن الإنسان تأتي عليه أوقات يكون مقبلاً فيها على الطاعة ومجتهداً فيها وبعد هذا الإقبال والنشاط قد يصاب الإنسان بكسل وضعف، ولا يكون كحاله الأول، فهنا ينبغي للعبد ألا يبتدع أو يترك العمل بالكلية ويرغب عن السنة، بل عليه ألا يترك العمل، ويراعي حال نفسه فيؤديه بقدر أقل...
        فمثلاً: تكون همة العبد أيام الدراسة والامتحانات عالية ونشاطه كبيراً فيصوم يوماً ويفطر يوم بل البعض يصوم كل يوم...
        فإذا انتهت الامتحانات جاءت الفترة وشعر بضعف وتكاسل، فلا ينبغي له أن يترك الصوم بالكلية بل يصوم مثلاً يومين في الأسبوع أو ثلاثة أيام في الشهر وكل ذلك من سنة الحبيب (صلى الله عليه و سلم)...
        حتى تزول فترته ويعود إليه نشاطه مرة أخرى فيعاود الرجوع إلى حاله الأول... فيكون بذلك من المهتدين ومن المفلحين كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإلا كان من الضالين الهالكين... لأن الهداية كل الهداية والفلاح كل الفلاح في ترك الابتداع وتحقيق الاتباع...
        فبعض الناس يشدد على نفسه ويخالف السنة فيكلف نفسه من الأعمال ما لا تطيق في وقت نشاطه؛ وحينما تبدأ نفسه في مرحلة الفتور، لا يراعي حالها ويحاول حملها على الاجتهاد السابق، فتترك نفسه العمل بالكلية وتزهد فيه ولا تعود له أبداً، فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى...
        ورسول الله أعلم الناس بالنفس وأحوالها؛ لذا يوجهنا إلى مراعاة أحوالها ليدوم ويستقيم سيرنا إلى الله عز وجل...
        وقد أخبر غير واحد من السلف أن للقلوب إقبالاً وإدباراً، وأن النفس تمل ولا تكون على حال واحد من النشاط...
        ومن ثمَّ، فلا تيأس إن وجدت إقبالك على الطاعات ونشاطك فيها ضعيفاً، ذلك أمر متوقع ما عليك إلا أن تقلل الكم، وإياك أن تترك الطاعة بالكلية... وكثيراً ما يحدث ذلك في بداية الإجازة أو نهايتها...
        ولقد كان ذلك يحدث مع الصحابة رضوان الله عليهم، ففي حديث حنظلة المشهور أن همته وإقباله ونشاطه يكون عالياً حينما يكون عند رسول الله، ويضعف حين يكون في بيته بين أهله... فبيَّن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ذلك أمر طبيعي، ووجهه إلى مراعاة أحوال نفسه، فيكون قسم من أوقاته للنسك كالصلاة والصوم، وقسم للمباحات التي بالنوايا الصالحة تصير عبادات أيضاً كملاعبة الأولاد ومحادثة الزوجة والترويح عن النفس بما لا يغضب الله... لا كما يفهم بعض الناس أن ساعةً تكون للطاعات وساعة للمعاصي والمنكرات...
        ثاني عشر: حَصِّن نفسك.
        في مثل هذا الزمان الذي تحدق الأخطار باستقامة العبد من كل جانب والذي يتربص فيه الأعداء بالعبد الدوائر... تصبح الحاجة ماسة إلى أن يُحصِّن الإنسان نفسه داخلياً وخارجياً بدروع واقية تصد عنه غارات الأعداء وعاديات الأخطار التي لا تلين لها قناة...
        فالنفس الأمارة، وشياطين الإنس، وشياطين الجن، وفتن الشهوات وفتن الشبهات، وغيرهم الكثير والكثير يهددون الاستقامة ويراودون العبد عليها ليل نهار...
        وأعداؤك إن لم تلتهمهم التهموك، وإن لم تهاجمهم هاجموك وإن لم تَسُسهم ساسوك...
        ولن تقوى على محاربتهم أو التصدي لغاراتهم وحدك، فأنّى للأعزل الضعيف أن يواجه جيشاً مدججاً بكل صنوف الأسلحة الفتاكة!!!...
        لذا كانت الحاجة ملحة إلى أن تلجأ لأحد يقويك ويحصنك ويمدك بما يمكنك من مهاجمة عدوك فضلاً عما يمكنك من صد غاراته...
        وهل هناك أقرب إليك وأحرص على ما ينفعك وأقدر على تحقيق ما أردت على أكمل وجه من القريب المجيب القوي سبحانه...
        فأنت بعونه سبحانه ومعيته أقوى من كل أعداءك وأقدر على دحرهم عن بكرة أبيهم...
        فتوكل عليه سبحانه، تمسك بالأشياء التي تقربك منه وتنيلك معيته، يكفك ما هددك وأرقك من كل هموم دنياك وأخراك...
        ومن رحمته أنه شرع لك حصوناً تتحصن بها، وأسلحة تدافع بها عن نفسك بل وتهاجم بها عدوك... فلا تفرط في أسلحتك، ولا تهمل حصونك...
        فمن حصونك الذكر، كما في حديث يحيى بن زكريا المشهور، ومن أسلحتك الدعاء والاستغاثة والاستعانة...
        كل وقت من أوقاتك لا بد أن يكون معموراً بحصن أو سلاح، وإلا نفذ العدو من خلال الفراغ الذي تركته...
        وكل مكان في قلبك وعقلك لا بد أن يكون مأهولاً بحصن أو سلاح وإلا استغل العدو الفرجة التي في القلب أو العقل في التسلل إليك...
        فكل طاعة وعبادة وقربة تشغل القلب وتعمر الوقت فهي حصن من الحصون أو سلاح من الأسلحة أو هما معاً...
        فمثلاً النوافل حصن من الحصون من فرط فيه، سهل على عدوه تهديد الفرائض ومن فرّط في الفرائض سهل على عدوه تهديد إيمانه بالكلية... وهكذا في كل العبادات...
        ومن الحصون الضرورية والهامة الرفقة الصالحة، وأعظِم به من حصن، ولطالما تسلل العدو إلى استقامة الكثير من خلال التفريط في هذا الحصن... ومن الحصون أيضاً البيئة الإيمانية التي يصنعها المرء حوله في داخل منزله وفي خارجه.. في عمله وفي ناديه...
        فلا ضير أن تشيع فيمن حولك أنك قد عزمت على الاستقامة وسلكت سبيلها فإن ذلك سيحجب عنك الكثير من الشرور لا سيما لو طبقت الاستقامة على الوجه الصحيح وحاولت بالتي هي أحسن النهي عن المنكر والأمر بالمعروف والزوال عن المنكر عند عدم القدرة على إزالته...
        فاعتن بحصونك، وتَمِّم عليها بين الفينة والفينة، واعتبر الحصن من حصونك تهمله عضواً من أعضاءك تفقده...
        ثالث عشر:تعلم الاحتساب وفقه النية.
        إن العمر قصير، والحساب دقيق، والمهمة التي خلقنا لأجلها عظيمة تحتاج لكل ثانية من ثواني عمرنا لتحقيقها، إلا أن التفريط كثير وذلك يزيد المهمة صعوبة. والواحد منا يقضي عامة يومه في عادات ومباحات كالعمل والنوم والمشاغل الاجتماعية والأسرية..
        ولا يبقى من يومه للنسك - كالصلاة والقرآن والذكر وطلب العلم والدعوة- إلا وقتا يسيرا يكون مهدداً ببقية العادات والمباحات ولا يسلم من شرود ذهن وانشغال بال بالمباحات والعادات والواجبات...
        وما يزيد الأمر تعقيداً أن ما يتخلل تلك العادات والمباحات وما يترتب عليها من تفريط ومنكرات يربو كثيراً على ما يتخللها ويترتب عليها من الخيرات والطاعات.
        إنه أمر لطالما أرقني، والتفكير فيه قلما فارقني، وهو حال معظم الناس إن لم يكن حالهم جميعاً..
        لكن ربنا الرحيم وإلهنا العظيم قد كفانا ذلك الهم وأراحنا من هذا الغم، حين أتحفنا وأكرمنا بأن أرشدنا إلى احتساب النوايا الصالحة في تلك العادات والمباحات..
        فتصير بفضله وكرمه سبحانه عبادات نؤجر عليها وتساهم في تحقيق المهمة التي خلقنا لأجلها..
        أضف إلى ذلك أن احتساب النوايا الصالحة في العادات والمباحات يحد كثيراً مما يتخللها ويترتب عليها من تفريط ومنكرات..
        حيث يستحضر الإنسان أنه يباشر عملاً يتقرب به إلى الله فيحرص على أن تكون قربة تليق بالله وألا يتخللها ويترتب عليها إلا ما يحبه الله ويرضاه، فتكون عنده كالصوم والصلاة...
        ولذلك من الممكن أن يكون الوقت كله عبادة لله، فما أكرمك ياالله!!!
        وبأخصر عبارة فإن الاحتساب يحيل كل نشاط من أنشطة الحياة عبادة، ويحيلها كلها بهجة وسعادة.
        ولقد فقه أجدادنا الصحابة ذلك ففازوا بكل لحظة من لحظات حياتهم وبكل عمل من أعمالهم وأودعوه خزائن حسناتهم...
        فها هو ذا معاذ يقول: "والله إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي".
        حيث يبين أنه لا فارق عنده بين النوم واليقظة..
        ففي النوم ينوي إراحة بدنه للتقوي على طاعة الله، يطبق السنة في نومه من حيث الوقت والكيفية. فيكون نومه عبادة..
        وفي اليقظة ينوي تحقيق العبودية لله بالاحتساب في العادات والمباحات وبالاجتهاد في الطاعات والقربات فتكون يقظته عبادة..
        فهو دائر في كل أحواله في فلك العبادة بفضل الله وكرمه ثم بفقهه رضي الله عنه –.
        لذا لا تعجب حين تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قد وصف معاذا – رضي الله عنه – بأنه سيد العلماء ومقدمهم يوم القيامة...
        يقول الله:{ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ }[النساء : 104]..
        فإن كان أعداؤنا من الكفار يألمون وينصبون في عادات ومباحات الدنيا وتساوى ألمنا ونصبنا مع ألمهم ونصبهم، فإننا باحتساب النوايا الصالحة نفضلهم، فنذهب بخيري الدنيا والآخرة، ويذهبون بخسران الدنيا والآخرة...
        ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"رواه مسلم ، متى ما نويت بذلك المباح نوايا صالحة...
        ويقول (صلى الله عليه و سلم): "مَهْمَا أَنْفَقْتَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَافِي فِيّ امْرَأَتِكَ "رواه البخاري.
        ويقول (صلى الله عليه و سلم): " كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ "البخاري ومسلم ..
        وغيرها الكثير والكثير من النصوص التي تشير إلى ذلك المعنى ولا يتسع المقام لذكرها...
        ولطالما اهتم سلفنا بهذه المسألة حتى تمنى بعضهم كابن أبي جمرة أن يكون هناك من العلماء من لا هم له ولا شغل إلا تعليم الناس مسائل الاحتساب والنيات.
        بَيْدَ أن الاحتساب حتى يكون سليماً مقبولاً كامل الأجر لا بد أن يُنوى فيه ويُستحضَر تمام الإخلاص لله، وقصد وجهه بهذا العمل وطلب رضاه، وتمام التأسي فيه برسول الله (
        صلى الله عليه و سلم) لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه على طريقة رسوله (صلى الله عليه و سلم) ..
        فلا بد من توحيد المقصود فلا يكون إلا الله، وتوحيد الطريق الموصل إلى المقصود فلا يكون إلا طريق رسول الله (
        صلى الله عليه و سلم) الذي يحبه الله ويرضاه.
        وهذا هو مقتضى "لا إله إلا الله محمد رسول الله" توحيد المعبود وتوحيد المتبوع...
        فإن قلت: فلعل العمل لم يقم به رسول الله؟!
        أقول: تخيل أن رسول الله (
        صلى الله عليه و سلم) يقوم بالعمل، فماذا تراه كان يصنع؟!
        فاجتهد قدر استطاعتك في أن تصنع ما كان سيصنعه لو كان مكانك..
        ثم إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وهناك قواعد وضوابط كلية في الدين تضبط كل شيء في الحياة... وما ارتبت فيه أو استشكل عليك فاسأل أهل العلم الربانيين.
        إذن، فلكيلا تضيع منك لحظات عمرك على العموم ولحظات الإجازة على الخصوص، فلا تغفل الاحتساب واستحضار النوايا الصالحة الخالصة في كل شيء حتى في الطاعات والعبادات المحضة..
        واصدق مع الله لكيلا تنصب في العمل وتُمنى بخسارته في الآخرة..
        ولا تشرك مع الله أحداً فلا أحد مثله سبحانه ولا أحد يستأهل أن يكون شريكاً له في العبودية...
        أراد أصحاب الحسن أن يأخذوه معهم إلى عيادة مريض، فقال: "انتظروا أستحضر نيتي" لكيلا يضيع منه ذلك الوقت وذلك الجهد هباءً بلا فائدة..
        لأن كثيراً من الناس لا يبالون باحتساب النوايا الصالحة الخالصة في العادات والعبادات بل قد حوَّلوا بعض العبادات إلى عادات كعيادة المرضى وتشييع الجنائز وغيرها...
        فوطِّن نفسك على احتساب النوايا الصالحة الخالصة في كل أمر من أمور حياتك عبادةً كان أو عادة، قولاً كان أو فعلاً، ظاهراً كان أو باطناً..
        ففي كثير من الأوقات ستجد نفسك مدفوعاً إلى عبادة لا تحسن الاحتساب فيها فتصبح عادة..أو مدفوعاً إلى عادة قد تحسن الاحتساب فيها فتصبح عبادة...
        فما أخسر من حرم نفسه التعرض لنفحات رحمة وكرم الرحيم الكريم سبحانه، وأخسر منه مَن قصر في التعرض لها فلم يحسن الإخلاص والتأسي.. وخدع نفسه بأنه قد أحسن التعرض لها...
        يقول الله: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}(الكهف104:103).
        رابع عشر:الاستقامة كلُ لا يتجزأ
        حين تسلك طريق الله، فإنك تعلن أنك تريد الإذعان للدين والانصياع لتعاليمه.. وديننا اسمه الإسلام، وهو اسم يوحي لنا بأهمية الخضوع والإذعان والانقياد لجميع توجيهاته..
        والعبودية لله تقتضي الطاعة والانقياد لله في كل ما يحبه ويرضاه...
        وعليه، فطالما أنك قد عزمت على الاستقامة، فلا بد أن يدخل الدين كل حياتك، وأن تطبق الإسلام قدر طاقتك في كل شيء، وأن تفهم أن العبودية لله لا بد أن تكون في كل جوانب الحياة وليست في جانب واحد...
        فليست الاستقامة أن تنقاد للدين وتطبق الإسلام وتحقق العبودية في الظاهر فقط دون الباطن، ولا في الباطن فقط دون الظاهر...
        وهذا الفهم السقيم القاصر للاستقامة هو الذي أفرز لنا نماذج لا تطبق الإسلام ولا تحقق العبودية ولا تذعن للدين إلا في جانب واحد من جوانب الحياة...
        فتجد بعضهم في ظاهره أتقى ما يكون أعبد ما يكون وفي باطنه أخبث ما يكون أفجر ما يكون وهو ما نسميه بالانحراف والانتكاس المقنع...
        وتجد بعضهم مجتهداً في العبادة والدعوة وطلب العلم لكنه سيئ الأخلاق أو مهملاً لمصالح دنياه أو فاشلا في حياته الدراسية أو العملية..
        وتجد بعضهم مجتهداً في الدعوة أو طلب العلم مهملاً للعبادة، والبعض يهمل العلم أو الدعوة ويهتم بالعبادة..
        والبعض يهتم بقالبه ويهمل قلبه والبعض يهمل قالبه ويتعلل بالانشغال بصلاح قلبه وأنه هو الأهم...
        لا بد أن تنتظم الاستقامة كل شؤون حياتنا... فالكثير من الناس يفهم أنه طالما قد حقق العبودية وانقاد للدين في بعض الأمور فإنه بذلك قد حقق الاستقامة المرجوة، فلا يشعر بحلاوة وسعادة وبركات الاستقامة.
        ولا يجد في الاستقامة ما كان يطمح إليه، وتتوالى هجمات الشيطان عليه لهشاشة حصونه التي لم يكتم تشييدها، فيعود أدراجه إلى ما قبل الاستقامة شاهد زور على طريق الحق، أو يبقى على حاله في انتكاس مقنع صاداً عن الاستقامة بسيئ أحواله...
        وليس معنى ذلك أن الله لن يتقبل منك ذلك الجانب من جوانب الاستقامة ولا تفهم أنني أدعوك لترك الاستقامة بالكلية طالما حققت منها بعض الجوانب فقط وإنما أتكلم عن الاستقامة المنشودة التي تسعد بكل بركاتها وخيراتها في الدنيا والآخرة..
        وأدعوك لإكمال الجوانب الباقية من جوانب الاستقامة قدر الاستطاعة و ما لا يدرك جله لا يترك كله، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولكن لا تنس أنك لن تخدع الله وأنه أعلم باستطاعتك منك...
        ولا أقصد مما سبق أن الإنسان سيطبق كل الدين في مرة واحدة بل لا بد من التدرج بلا شك، لكن ما أريده هو أن يفهم المقبل على الاستقامة أنه لا بد أن ينقاد للدين كله ويطبق الإسلام كافة ويحقق العبودية بتمام الشمولية..
        ولا بأس أن يكون ذلك تدريجياً فعندما يفرغ من جانب لا بد أن ينصب في تحقيق الاستقامة في جانب آخر حتى يمن الله عليه بالإتمام..
        وما أنعيه على البعض وأنكره عليهم هو التوقف عند جانب واحد أو بعض الجوانب وإهمال الجوانب الأخرى إما جهلاً وإما تجاهلاً، وفهم التدريج فهما خاطئاً بالتكاسل في تطبيق الدين والتماس الأعذار للنفس المتقاعسة...
        فهذا الذي فهم الاستقامة فهماً سليماً إن مات ولم يحقق كل الجوانب أو أياً منها حتى فإنه يبعث على صالح نيته إن شاء الله...
        وليس ما أسلفت كلامي إنه فحوى توجيه الملك سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }[البقرة : 208]..
        فإهمال بعض جوانب الاستقامة من خطوات الشيطان الرامية إلى سلب المؤمن الاستقامة بالكلية..والواقع خير شاهد على ذلك...
        ويقولون الهجوم خير وسيلة للدفاع فأنت صيد سهل لعدوك وأنت ثابت في مكانك لا تتقدم في علاقتك بالله وتطبيق الإسلام فيما يحبه ويرضاه، وصيد أسهل لعدوك وأنت تتأخر، أما حين تتقدم فإن عدوك صيد سهل لك...
        خامس عشر:علم وعمل.
        يبين إمامنا القيم ابن القيم أن السالك إلى الله والراغب في الاستقامة لا بد له من علم يبصره ويهديه وهمه تدفعه وترقيه...
        ولا غرو فلطالما ضل كثير من الناس وتنكبوا طريق الهداية بسبب غياب العلم أو الهمة...
        ولعل أوضح مثالين على ذلك اليهود والنصارى... عليهم لعائن الله المتتابعة...
        فالنصارى قد سلكوا طريق الله بلا علم وعن جهل ناشئ عن طمس عقولهم بالأهواء والشهوات فضلوا وأضلوا، واليهود قد علموا لكن لم تكن لديهم همة للعمل فما عملوا فشهواتهم وأهوائهم ومخالفاتهم قد أسرتهم وكبَّلت هممهم فأقعدتهم عن العمل فاشتد غضب الله عليهم وضلوا وأضلوا...
        فمن عبد الله على جهل كان فيه شبه من النصارى، ومَن علم وما حرر همته للعمل كان فيه شبه من اليهود...
        ولخطورة الأمر... يأمرنا الله عز وجل أن نتعوذ من سبيل وصراط الطائفتين سبع عشرة مرة -على الأقل- في اليوم الواحد { اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (اليهود) وَلاَ الضَّالِّينَ (النصارى) }(الفاتحة 7:6) كما بين الرسول (
        صلى الله عليه و سلم).
        فلا تعبد الله إلا على بصيرة وبعلم.. واجعل الهمة على التطبيق قرينة لكل ما تتعلمه لا تفارقه أبداً وإلا هلكت..ولا تستسلم للشهوات أو الشبهات فنور الوحي يبدد ظلماتها فالتمسه وتمسك به دوماً...
        فكثير من الناس يريد الاستقامة لكنه لا يعلم السبيل إليها أو يعلم لها سبيلاً لكنه سبيل خاطئ أو قاصر، لذا احرص على معرفة السبيل الأقوم للاستقامة وكيفية تطبيقها والثبات عليها من كتاب الله وسنة رسوله (
        صلى الله عليه و سلم) بفهم سلف الأمة وعلمائها الربانيين وبذلك تنقشع سحب الجهل والشبهات...
        وكثير من الناس يعرف السبيل للاستقامة وكيفية تطبيقها والاستمرار عليها لكن لا همة لديه لتطبيق ما يعرف، فهذا بحاجة إلى أن يحرر همته من أسرها، فيجاهد الشهوات والأهواء ويصبر عن المعاصي والمنكرات ويصبر على المجاهدة والطاعات حتى يفك عن همته الأغلال والقيود (1)




        هذه كانت ومضات سريعة على الطريق لعل الله أن ينفع بها و يفتح بها القلوب..
        ونسأل الله أن ينفع بها..

        أبوهُريرة
        راجي رحمة الغفور
        21 صفر 1431
        ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ
        1- نقلاً من كتاب " أسعد الأجازات " لأبو عبد الملك المصري



        >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
        انتظروا باقي الموضوع إن شاء الله في الرد القادم
        يبتع بإذن الله
        >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>


        فك قيودك... طير في السماءѼ .. ذنوبك هي أسرك
        ♥حب الله♥ الحرية السعادة الأبدية
        من أراد السعادة الأبدية .. فليلزم عتبة العبودية.

        تعليق


        • #5
          رد: تَغير قبل أن تُغَير .... صيحة نذير

          ما شاء الله
          جزاك الله عنا خيرا اخى الحبيب
          ونسأله تعالى ان ينفعنا بما علمنا

          وارجو التطرق اخى الحبيب الى المشكلة الكبرى فى حياة الكثير من الشباب الان وهى ادمان المواقع الاباحية
          اعاذنا الله واياكم منها فهناك من احبابى من يقولون لى بأنهم يفعلون الخير الكثير ولكنهم فى احيان ما يلبثون الا ان يقعوا فى براثن هذا المرض الخطير
          فكيف السبيل الى النجاة ؟


          وفقنا الله وايامكم الى كل خير
          اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

          تعليق

          يعمل...
          X