إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

    الحمد الله الذي أنعم علينا بنعم لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن أن تتخطى، ونشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على النبي المصطفى والحبيب المجتبى، والآل المستكملين الشرفا والأتباع الحنفا.



    دخل صاحبنا الفصل وبدأ بكتابة درسه، وكان أول ما كتب:


    بسم الله الرحمن الرحيم
    يقول: وقد حاولت أن أبدع في الكتابة والخط حتى لو أتعبني ذلك أو أخرني أو أحرجني، وبينما هو يكتب إذ بأحد الطلاب يقول: يا أستاذ لا تبدع، فكله سيمسح بعد قليل!
    فوقعت موقعها في نفسه، فماذا لو أنه قال: أحسنت، وما دام أنه سيمسح فلِمَ التعب؟!
    وما دام أن الشرح سيقرأ فلم الكتابة أصلا؟!
    ولِمَ رفع الصوت وخفضه ومده وقصره؟!
    إلا أنه قبل أن يرد على تلميذه أو يتفوه بكلمة أخذ يفكر ويتأمل في كلامه دون أن يشعر أحد، ثم أكمل كتابة الدرس، ولما انتهى من كتابته وتوجه بوجهه إلى طلابه وأراد البداية في الدرس قال:
    قد قلت يا فلان: لا تبدع فسوف يمسح كله!
    عزيزي ويا قرة عيني وفلذة كبدي وثمرة فؤادي
    طالما أن بمقدورك الإبداع فأبدع، وطالما أنك تستطيع البذل والعطاء فابذل وأعطِ، وطالما أن بقدرتك أن تستخرج الدر والياقوت فاستخرجها؛ لأنك كاتب كاتب لا محالة، فلمَ تكتب الشين وأنت تقدر على الزين؟!
    تفنن ولا ترض بالدون، ألا ترى لاعب الكرة يجد المرمى فارغا ولا يرسل الكرة إليه؟!
    بل يروح ويجيء، ويسحب بهذا، ويجر ذاك، حتى إذا ما استعرض ما لديه واستفرغ وسعه وطاقته أرسلها هدفا، وودَّ لو أنه أطال في تفننه واستعراضه أكثر وأكثر، فتجد الفرحة تغمره وتعلوه وتلفه من كل جهة حتى يكاد يطير، والشاعر العربي يقول:
    ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
    وينتقل الكلام الآن من التلميذ إلى معلم التلميذ وأستاذه ومربيه:
    أنت يا صاحب الخلق والأدب، قدوتنا ومعلمنا، قد رأينا منك ما ساءنا وأقلقنا، ولا ندري أنصدق أنفسنا أم نصدقك، لكن لك الأمر بعد سماع هذا الكلام أن تحكم أنت علينا وعلى نفسك، أي واحد منا قصر في حق الآخر؟

    نرى بعض المعلمين يأتي وكأنه مغصوبٌ على عمله!
    فربما بحث عن عمل ولم يجد فجاء هنا بلا رغبة ولا دافع، وكأنه يحس بأنه راحل عنا لا محالة، ويشعر بأن وجوده مؤقت فلا داعي للتعب والإرهاق، فلا شرحَ واف، ولا أقلامَ، ولا حتى ابتسامة معنا ولا توددَ إلينا، حتى مصلحة طلابه لا تهمه، ودرجاتهم لا تعنيه، أهم ما يهمه متى ينزل الراتب، وأقلق ما يقلقه تحضير درس أو إبداع في شرح، أو حتى تعدد الألوان للتوضيح
    وأزعج ما يزعجه قولك له: قد قصرت أو: ليتك فعلت كذا وقمت بكذا؛ لأنه كما عرفنا يعتبر نفسه في قطار سيصل بعد قليل، أو تحت ظل شجرة ستغرب عنها الشمس، ولو فكر قليلا وتذكر التعب والنصب والإعياء والإرهاق الذي يلحقه عقب كل درس ونهاية كل يوم لعلم أنه خاسر فيما مضى مغبون في عمله، قد ضاع تعبه سدى، وذهب جهده هوى

    فاستحضر النية جعلت فداك، وتذكر أنه كما تدين تدان، فكما تبذل لأبناء المسلمين فسيأتي من يبذل لأبنائك، وكما تحمل همهم فسيأتي من يحمل هم أبنائك، وكما مددت يدك البيضاء إليهم رحمة وشفقة وحنانا وحرصا وحبا وتضحية فثق تمام الثقة أن أيادي بيضاء ستمدَّد وفاءً وشكرا إلى أبنائك وليست يدا واحدة، والله لا يضيع أجر المحسنين، فكن منهم وأنت بإذن الله منهم، ثم تذكر لأجل من تعمل ولرضا من تبذل.


    لحظة:

    التعليم مهنة شرف، ولكنها شاقة جدا، ويعرف ذلك من جربها، فلنحتسب هذا التعب عند الله، ولنجدد النية، ولنعقد العزم على الإبداع والكمال في كل شيء، أسابيع محدودة، وأيام معدودة، وتأتي بعدها الإجازة، أكثر من ثلاثة أشهر، كلها فراق، فزارع خير سيبقى في ذاكرتهم،

    فيرددون من غير شعور: "حبك يسري فينا مسرى الماء في الأغصان، اللهم احفظه ووفقه وسدده"
    وزارع شر وباذر شوك سيجني الدعاء عليه لا له، فيرددون وهم يشعرون: "اللهم باعد بيننا وبينه كما باعدت بين المشرق والمغرب، كرهك يشتعل في عروقنا اشتعال النار في الأعواد".
    وأقوال الرسول لنا كتابا وجدنا فيه أقصا مبتغانا
    وعزتنا بغير الدين ذل وقدوتنا شمائل مصطفانا
    صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم

  • #2
    رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

    جزاك الله خيراً اخى الحبيب ونفع الله بك

    واثابك الله الجنه

    للأسف حبيبى فى الله هذا وقع نحيها وجميع المدرسين الا ما رحم ربى كما ذكرت

    ونسا هذا المسكين ان هذا شرف له من رب العالمين

    وان هذا له اجره عند الله قبل الناس
    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
    سورة الرعد الآية 17

    تعليق


    • #3
      رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

      وجزاكم مثله أخي الحبيب وهدى الله الجميع لما يحب ويرضى
      وأقوال الرسول لنا كتابا وجدنا فيه أقصا مبتغانا
      وعزتنا بغير الدين ذل وقدوتنا شمائل مصطفانا
      صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم

      تعليق


      • #4
        رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

        للرفع رفع الله قدركم .... ولي عووووودة قريبا
        ان شاء الله
        ... جرِّد الحجة من قائلها، ومن كثرة القائلين وقلّتهم بها، ومن ضغط الواقع وهوى النفس، واخلُ بها والله ثالثكما، تعرف الحق من الباطل . ( الطريفي )




        تعليق


        • #5
          رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

          جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
          على كل ما تقدمة لنا بارك الله فيك
          نحبك فى الله

          تعليق


          • #6
            رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

            جزاكم ربي الفردوس الاعلي اخي الحبيب

            يقول ابن القيم - رحمه الله - :
            كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة؟!!

            تعليق


            • #7
              رد: لحظة: محادثة بين الأستاذ والتلميذ

              جزاكم ربي خيرا مثله
              وأحبكم الله الذي أحببتموني من أجله
              وبجد الموضوع شرُف بمروركم العطر
              وأقوال الرسول لنا كتابا وجدنا فيه أقصا مبتغانا
              وعزتنا بغير الدين ذل وقدوتنا شمائل مصطفانا
              صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم

              تعليق

              يعمل...
              X