واجب المؤمن تجاه الملائكة
الملائكة عباد الله اختارهم واصطفاهم ، ولهم مكانة عند ربهم ، والمؤمن الذي يعبد الله ، ويتبع رضوانه لا مناص له من أن يتولى الملائكة بالحب والتوقير ، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسيء إليهم ويؤذيهم ، وفي المبحث التالي نتناول شيئاً من ذلك بالبيان والتوضيح .
1- عدم إيذاء الملائكة :
شدَّد العلماء النكير على من يسبُّ الملائكة أو يتكلم بكلام يعيبهم ، قال العلامة السيوطي رحمه الله تعالى : " قال القاضي عياض في الشفا : قال سحنون : من شتم ملكاً من الملائكة فعليه القتل ، وقال أبو الحسن القابسي في الذي قال لآخر : كأنه وجه مالك الغضبان : لو عرف أنه قصد ذم الملك قتل .
قال القاضي عياض : وهذا فيمن تكلم فيهم بما قلناه على جملة الملائكة ، أو على معين ممن حققنا كونه من الملائكة ، ممن نص الله عليه في كتابه ، أو حققنا علمه بالخبر المتواتر ، والمشتهر المتفق عليه بالإجماع القاطع ، كجبريل ، وميكائيل ، ومالك ، وخزنة الجنة وجهنم ، والزبانية ، وحملة العرش ، وعزرائيل ، وإسرافيل ، ورضوان ، والحفظة ، ومنكر ونكير .
فأما من لم تثبت الأخبار بتعيينه ، ولا وقع الإجماع على كونه من الملائكة كهاروت وماروت ، فليس الحكم فيهم ، والكافر بهم كالحكم فيمن قدمناه ؛ إذ لم تثبت لهم تلك الحرمة " (1) .
ونقل السيوطي عن القرافي المالكي قوله : " اعلم أنه يجب على كل مكلف تعظيم الأنبياء بأسرهم ، وكذلك الملائكة ، ومن نال من أعراضهم شيئاً فقد كفر ، سواء كان بالتعريض أو بالتصريح ، فمن قال في رجل يراه شديد البطش : هذا أقسى قلباً من مالك خازن النار ، وقال في رجل رآه مشوه الخلق : هذا أوحش من منكر ونكير ، فهو كافر ، إذا قال ذلك في معرض النقص بالوحاشة ، والقساوة " (2) .
2- البعد عن الذنوب والمعاصي :
أعظم ما يؤذي الملائكة الذنوب والمعاصي والكفر والشرك ، ولذا فإن أعظم ما يُهْدَى للملائكة ويرضيهم أن يخلص المرء دينه لربه ، ويتجنب كل ما يغضبه .
ولذا فإنَّ الملائكة لا تدخل الأماكن والبيوت التي يعصى فيها الله تعالى ، أو التي يوجد فها ما يكرهه الله ويبغضه ، كالأنصاب والتماثيل والصور ، ولا تقرب من تلبس بمعصية كالسكران .
قال ابن كثير (3) : ثبت في الحديث المروي في الصحاح والمسانيد والسنن من حديث جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جُنب ) .
وفي رواية عن عاصم بن ضمرة عن علي : ( ولا بول ) ، وفي رواية رافع عن أبي سعيد مرفوعاً : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو تمثال ) ، وفي رواية ذكوان أبي صالح السماك عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصحب الملائكة رفقة معهم كلب أو جرس ) (4) .
وروى البزار بإسناد صحيح عن بريدة ، رضي الله عنه : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث لا تقربهم الملائكة : السكران ، والمتضمخ بالزعفران ، والجنب ) (5) .
وفي سنن أبي داود بإسناد حسن ، عن عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة : جيفة الكافر ، والمتضمخ بالخلوق ، والجنب إلا أن يتوضأ ) (6) .
3- الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم :
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، فهم يتأذون من الرائحة الكريهة ، والأقذار والأوساخ .
روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل الثوم والبصل والكراث ، فلا يقربنّ مسجدنا ؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) (7) .
وقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن أمر بالذي جاء إلى المسجد – ورائحة الثوم أو البصل تنبعث منه – أن يخرج إلى البقيع . ( وهذا ثابت في صحيح مسلم ) (8) .
4- النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة :
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البصاق عن اليمين في أثناء الصلاة ؛ لأن المصلي إذا قام يصلي يقف عن يمينه ملك ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة ، فلا يبصق أمامه ، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه ؛ فإن عن يمينه ملكاً ، وليبصق عن يساره ، أو تحت قدمه فيدفنها ) (9) .
5- موالاة الملائكة كلهم :
وعلى المسلم أن يحب جميع الملائكة ، فلا يفرق في ذلك بين ملك وملك ؛ لأنهم جميعاً عباد الله عاملون بأمره ، تاركون لنهيه ، وهم في هذا وحدة واحدة ، لا يختلفون ولا يفترقون . وقد زعم اليهود أن لهم أولياء وأعداء من الملائكة ، وزعموا أن جبريل عدو لهم ، وميكائيل ولي لهم ، فأكذبهم الله تعالى – في مدعاهم – وأخبر أن الملائكة لا يختلفون فيما بينهم : ( قل من كان عدوّاً لجبريل فإنَّه نزَّله على قلبك بإذن الله مصدّقاً لما بين يديه وهدىً وبشرى للمؤمنين – من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنَّ الله عدوٌّ للكافرين ) [ البقرة : 97-98 ] .
فأخبر سبحانه أن الملائكة كلهم وحدة واحدة فمن عادى واحداً منهم ، فقد عادى الله وجميع الملائكة ، أمّا تولي بعض الملائكة ومعاداة بعض آخر ، فهي خرافة لا يستسيغها إلا مثل هذا الفكر اليهودي المنحرف ، وهذه المقولة التي حكاها القرآن عن اليهود عذر واهٍ عللوا به عدم إيمانهم ، فزعموا أن جبريل عدوهم ؛ لأنّه يأتي بالحرب والدمار ، ولو كان الذي يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ميكائيل لتابعوه .
وراجع النصوص الواردة في سبب نزول هذه الآية في تفسير ابن كثير وغيره .
الملائكة عباد الله اختارهم واصطفاهم ، ولهم مكانة عند ربهم ، والمؤمن الذي يعبد الله ، ويتبع رضوانه لا مناص له من أن يتولى الملائكة بالحب والتوقير ، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسيء إليهم ويؤذيهم ، وفي المبحث التالي نتناول شيئاً من ذلك بالبيان والتوضيح .
1- عدم إيذاء الملائكة :
شدَّد العلماء النكير على من يسبُّ الملائكة أو يتكلم بكلام يعيبهم ، قال العلامة السيوطي رحمه الله تعالى : " قال القاضي عياض في الشفا : قال سحنون : من شتم ملكاً من الملائكة فعليه القتل ، وقال أبو الحسن القابسي في الذي قال لآخر : كأنه وجه مالك الغضبان : لو عرف أنه قصد ذم الملك قتل .
قال القاضي عياض : وهذا فيمن تكلم فيهم بما قلناه على جملة الملائكة ، أو على معين ممن حققنا كونه من الملائكة ، ممن نص الله عليه في كتابه ، أو حققنا علمه بالخبر المتواتر ، والمشتهر المتفق عليه بالإجماع القاطع ، كجبريل ، وميكائيل ، ومالك ، وخزنة الجنة وجهنم ، والزبانية ، وحملة العرش ، وعزرائيل ، وإسرافيل ، ورضوان ، والحفظة ، ومنكر ونكير .
فأما من لم تثبت الأخبار بتعيينه ، ولا وقع الإجماع على كونه من الملائكة كهاروت وماروت ، فليس الحكم فيهم ، والكافر بهم كالحكم فيمن قدمناه ؛ إذ لم تثبت لهم تلك الحرمة " (1) .
ونقل السيوطي عن القرافي المالكي قوله : " اعلم أنه يجب على كل مكلف تعظيم الأنبياء بأسرهم ، وكذلك الملائكة ، ومن نال من أعراضهم شيئاً فقد كفر ، سواء كان بالتعريض أو بالتصريح ، فمن قال في رجل يراه شديد البطش : هذا أقسى قلباً من مالك خازن النار ، وقال في رجل رآه مشوه الخلق : هذا أوحش من منكر ونكير ، فهو كافر ، إذا قال ذلك في معرض النقص بالوحاشة ، والقساوة " (2) .
2- البعد عن الذنوب والمعاصي :
أعظم ما يؤذي الملائكة الذنوب والمعاصي والكفر والشرك ، ولذا فإن أعظم ما يُهْدَى للملائكة ويرضيهم أن يخلص المرء دينه لربه ، ويتجنب كل ما يغضبه .
ولذا فإنَّ الملائكة لا تدخل الأماكن والبيوت التي يعصى فيها الله تعالى ، أو التي يوجد فها ما يكرهه الله ويبغضه ، كالأنصاب والتماثيل والصور ، ولا تقرب من تلبس بمعصية كالسكران .
قال ابن كثير (3) : ثبت في الحديث المروي في الصحاح والمسانيد والسنن من حديث جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جُنب ) .
وفي رواية عن عاصم بن ضمرة عن علي : ( ولا بول ) ، وفي رواية رافع عن أبي سعيد مرفوعاً : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو تمثال ) ، وفي رواية ذكوان أبي صالح السماك عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصحب الملائكة رفقة معهم كلب أو جرس ) (4) .
وروى البزار بإسناد صحيح عن بريدة ، رضي الله عنه : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث لا تقربهم الملائكة : السكران ، والمتضمخ بالزعفران ، والجنب ) (5) .
وفي سنن أبي داود بإسناد حسن ، عن عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة : جيفة الكافر ، والمتضمخ بالخلوق ، والجنب إلا أن يتوضأ ) (6) .
3- الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم :
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، فهم يتأذون من الرائحة الكريهة ، والأقذار والأوساخ .
روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( من أكل الثوم والبصل والكراث ، فلا يقربنّ مسجدنا ؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) (7) .
وقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن أمر بالذي جاء إلى المسجد – ورائحة الثوم أو البصل تنبعث منه – أن يخرج إلى البقيع . ( وهذا ثابت في صحيح مسلم ) (8) .
4- النهي عن البصاق عن اليمين في الصلاة :
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البصاق عن اليمين في أثناء الصلاة ؛ لأن المصلي إذا قام يصلي يقف عن يمينه ملك ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة ، فلا يبصق أمامه ، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ، ولا عن يمينه ؛ فإن عن يمينه ملكاً ، وليبصق عن يساره ، أو تحت قدمه فيدفنها ) (9) .
5- موالاة الملائكة كلهم :
وعلى المسلم أن يحب جميع الملائكة ، فلا يفرق في ذلك بين ملك وملك ؛ لأنهم جميعاً عباد الله عاملون بأمره ، تاركون لنهيه ، وهم في هذا وحدة واحدة ، لا يختلفون ولا يفترقون . وقد زعم اليهود أن لهم أولياء وأعداء من الملائكة ، وزعموا أن جبريل عدو لهم ، وميكائيل ولي لهم ، فأكذبهم الله تعالى – في مدعاهم – وأخبر أن الملائكة لا يختلفون فيما بينهم : ( قل من كان عدوّاً لجبريل فإنَّه نزَّله على قلبك بإذن الله مصدّقاً لما بين يديه وهدىً وبشرى للمؤمنين – من كان عدوّاً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنَّ الله عدوٌّ للكافرين ) [ البقرة : 97-98 ] .
فأخبر سبحانه أن الملائكة كلهم وحدة واحدة فمن عادى واحداً منهم ، فقد عادى الله وجميع الملائكة ، أمّا تولي بعض الملائكة ومعاداة بعض آخر ، فهي خرافة لا يستسيغها إلا مثل هذا الفكر اليهودي المنحرف ، وهذه المقولة التي حكاها القرآن عن اليهود عذر واهٍ عللوا به عدم إيمانهم ، فزعموا أن جبريل عدوهم ؛ لأنّه يأتي بالحرب والدمار ، ولو كان الذي يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ميكائيل لتابعوه .
وراجع النصوص الواردة في سبب نزول هذه الآية في تفسير ابن كثير وغيره .
تعليق