""
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبى الأمى الأمين
_صلى الله عليه وسلم_
أما بعد؛
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبى الأمى الأمين
_صلى الله عليه وسلم_
أما بعد؛
جئت لكم اليوم بموضوع
♥♥نداء إلى المحرومين من الحج و العمرة♥♥
نبدأ بإذن الله
نداء إلى المحرومين من الحج و العمرة..
هل تريد الحج أو الاعتمار؟!
(فرص سهلة للحج و العمرة)
مَن منا لا تهفو نفسه و لا يشتاق قلبه لزيارة البيت الحرام و السلام على النبي عليه الصلاة و السلام؟!
مَن منا لا يتوق لتلك السعادة الغامرة و تلك الراحة العارمة؟!
مَن منا لا يرغب بكل ما في الحج و العمرة من الخيرات و البركات؟!
لكن للأسف..
مِنا مَن يحول بينه و بين ذلك ضيق ذات اليدين و عدم الاستطاعة المادية و هم الأغلب للأسف في هذا الزمان..
ومِنا مَن يحول بينه و بين ذلك مرضٌ مقعد أو هرم مفند..
ومِنا مَن يحول بينه و بين ذلك انشغال شديد لا مناص منه البتة..
ومِنا مَن لم يكن له عذر لكنه ندم على فوات فرصة الحج و العمرة هذا العام..
وما كان ليد كرم الله الحانية أن تدع أصحاب الأعذار يتقلبون في حزنهم و غمهم و حرمانهم من الحج و العمرة، فيتحف الله من أراد الحج و العمرة و كانت نيته صادقة و عزيمته حاضرة و بذل وسعه لكنه لم يتمكن بأجر الحج و العمرة..
بل و فتح الله سبحانه و تعالى قنواتٍ يتمكن من خلالها العبد من إدارك أجر الحج و العمرة تاماً، من خلال التوجيه إلى مجموعة من الأعمال التي تقوم مقام الحج و العمرة..
فمن كان صادقاً في رغبته في الحج و العمرة فإن عليه أن يحرص على تلك الأعمال التي تقوم مقام الحج و العمرة، و يجتهد في التشبه بالحجيج و القيام بأعمالهم قدر طاقته .. وحينها يكتب الله له أجر الحج و العمرة.."وربما سبق بعض من سار بقلبه وعزمه بعض السائرين بأبدانهم .فليس الشأن فيمن سار ببدنه، إنما الشأن فيمن قعد بدنه لعذر وسار بقلبه حتى سبق الركب."
وهذا ما حدا بهذا الشاعر الفقيه لأن يقول:
يا سائرين إلى البيت العتيق لقد ** سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً
إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا ** ومن أقام على عذر فقد را حا
ما أكرم الله و ما ألطفه !! وما أعظم غفلتنا عن فضله!!
*نية المرء أبلغ من عمله*
وتأملوا معي كيف كانت رحمة الله و رأفته بالصادقين من الفقراء و المحتاجين و الذين لا يجدون من المال أو الجهد ما يستطيعون به إرضاء الله و السعي فيما يحبه..
*صدقٌ أفاض العين برهانا*
*انتدب رسول الله – صلى الله عليه و سلم –الصحابة إلى الخروج لتبوك، وكانت الحاجة شديدة في تلك الأيام، و رغم كثرة المعوقات، فقد ذهب الصادقون ممن لا يملكون إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلبون منه الخروج في سبيل الله و الإعانة على ذلك... فيردهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و يخبرهم أنه لا يجد ما يحملهم عليه؟!
فماذا فعلوا؟! هل فرحوا و قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا مشقة الغزو و الحرب و الجراح و الآلام و ربما الموت؟! هل حزنوا حتى حزنا عادياً؟!
بل.. قد ملأ الحزن قلوبهم و ملأت الحسرات نفوسهم، ففاضت مدامعهم لعلها تخفف عنهم بعض ما يجدون من حسرة التخلف عن الجهاد؟!
رغم أن الحر كان شديداً، و السفر كان بعيداً، و التعب كان مزيدا ، والعدو كان عنيداً عربيداً، حتى لقد سميت تلك الغزوة"غزوة العسرة" . وما كان الله ليفوت ذلك الموقف الرائع الجليل من هؤلاء الصادقين دون تعليق، فيشرفهم الله و يواسيهم و يخلد ذكراهم بقرآن يُتلى إلى قيام الساعة .. فيقول:
"لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌوَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ" [التوبة 92:91]...
فتأمل كيف رفع الله عنهم الحرج، و زكاهم برضاه عن فعلهم وصدقهم..وبشرهم بالمغفرة و الرحمة، و كفى بهما..
" لمغفرة مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" [آل عمران : 157]..
لكنه أكد أنهم ما استحقوا ذلك إلا بصدقهم الذي تجلي في :
1- " نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ" أي أنهم أخلصوا الاجتهاد في السعي في مرضاة الله و الغيرة له، وأخلصوا الاجتهاد في السعي في اتباع رسوله و طاعته..
2- " الْمُحْسِنِينَ"، فقد اجتهدوا في أن يبذلوا غاية جهدهم و يحسنوا أعظم إحسان، فكانت نواياهم و عزائمهم و جهودهم أحسن ما تكون .. وهم يفعلون ذلك و كأنهم يشاهدون الله أمامهم أو يوقنون بمراقبته لهم، فيقدمون له ما يليق به سبحانه..
و لم يتوقف إكرام الله لهؤلاء الصادقين المحبين عند هذا الحد، فها هو رسول الله - صلى الله عليه و سلم – يقول لصحابته في طريق عودتهم من تبوك بعد كل ما لاقوا من الأهوال و الشدائد والصعاب:" إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ" ( أي بأرواحهم و قلوبهم و دعواتهم ... وكذا بمشاركتم في الأجر) وقد بين السبب فقال : "َ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ"(صحيح البخاري، 4423)
فما بالنا نتعلل بالأعذار الواهية و نقعد عن المكرمات؟!
ما بالنا نقعد عن المكرمات و نزهد فيها بلا تعلل أصلاً؟!
ما بالنا لا نحزن و نندم على ما يفوتنا من الخير؟!
ما بالنا لا نبالي بما نُحرَم منه بسبب تفريطنا؟!
ما بالنا نفرح بتخلفنا عن ركب الصادقين المجتهدين؟!
أما لنا في هؤلاء الأماجد الصادقين أسوة؟!
أما نشتاق لمثل ما حصلوه من الخير و الأجر و الفضل؟!
*همة تأبى إلا أن تكون على القمة*
*وها هم أولاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يأبون إلا أن يُسطر التاريخ موقفاً رائعاً آخرا، يبرهن على صدقهم في طلب مرضاة الله والسعي فيما يحبه، ومنافستهم لغيرهم في الخير، وهمتهم العالية في طلب كل مكرمة ولو لم تتوفر لديهم أسباب إدراكها..
ويروى لنا ذلك الموقف أبوهُريرة رواية الإسلام - رضي الله عنه -، فيحكي "أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ . فَقَال:وَمَا ذَاكَ ؟ " قَالُوا:يُصَلُّونَ كَمَانُصَلِّي ،وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ ، وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَّا مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّة".(صحيح مسلم، 1006)
فتأمل كيف كان حرصهم على الخير وصدقهم في طلب الأجر، الذي حدا بهم إلى الذهاب لرسول الله- صلى الله عليه و سلم – وطلب الفضل من الله، رغم أنهم معذورون و لا لوم عليهم..
فما بالنا نزهد في الأجر ونرغب عن الخير، و نتعلل بأعذار لا تدفع أبداً عنا شيئاً، رغم أننا أحوج منهم إلى الأجر، و أحسن منهم حالاً - بلا شك – من ناحية قلة ما عندنا من الفقر و العذر؟!
**باب أمل على مصراعيه للصادقين فقط**
*والرسول – صلى الله عليه و سلم –يفتح لنا باباً آخر من أبواب الأمل، في حديث:" إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ.. فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ"(صحيح الترمذي، 2325)كان صادقاً في نيته، فالله الكريم يمنحه أجر صاحب المال..
فعجيب أمر من لا يبالي بالخير و الأجر و لا ينوي الفوز به، و أعجب منه حال مَن لا ينوي نية صادقة أو ينوي نية فاسدة ..
قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَبِيهِ يَوْمًا أَوْصِنِي يَا أَبَتِ ، فَقَالَ " يَا بُنَيَّ انْوِ الْخَيْرَ فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا نَوَيْتَ الْخَيْرَ"..
وهل تكلفك النية شيئاً ؟! هل تشق عليك في شيء؟! هل يعجزك أن تكون صادقاً فيها؟!
لا أدري.. ماذا يفعل الله لنا بعد كل هذا الكرم؟!
وكيف تسول لنا أنفسنا أن نغفل أو لا نبالي بهذا الفضل و الحلم؟!
* ماذا أفعل؟! *
أحسبك الآن في شوق إلى معرفة ما ينبغي عليك فعله على التفصيل:
أولأً : احرص على الأعمال التي تقوم مقام الحج و العمرة:
1- ذكر الله سبحانه وتعالى دبر الصلوات المكتوبة :
وقد مر الدليل على ذلك
وقد مر الدليل على ذلك
2- صلاة العشاء والفجر في جماعة :
عن أبي ذر رضي الله عنه: (أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور -يعني: الأغنياء- يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوليس قد جعل الله لكم صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة، وصلاة الغداة في جماعة تعدل عمرة؟!) رواه مسلم .
3- الصلاة في مسجد قباء:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه، كان له عدل عمرة" (رواه أحمد في مسنده و النسائي و الحاكم وصححه الألباني) . وقال صلى الله عليه وسلم: (الصلاة في مسجد قباء كعمرة)
4- صلاة الفجر في جماعة ثم المكوث حتى تطلع الشمس لصلاة ركعتين :
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة). وهذا رواه الترمذي وصححه الألباني .
5- حضور الجماعات والمشي إلى صلاة التطوع:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة" (رواه أبو داود و أحمد في مسنده ، و الطبراني في الكبير وحسنه الألباني في صحيح الجامع) المقصود بالمشي إلى صلاة التطوع: أن يمشي إلى المسجد يصلي صلاة الضحى مثلاً كما في رواية أبي داود .
6 - شهود صلاة العيدين:
كذلك مما يعوض فوات الحج والعمرة شهود العيدين: الفطر والأضحى، قال ابن رجب : قال مخنس بن سليم وهو معدود من الصحابة: (الخروج يوم الفطر يعدل عمرة، والخروج يوم الأضحى يعدل حجة).
ثانياً: اجتهد في التشبه بالحجيج قدر استطاعتك:
قال أبو هريرة رضي الله عنه تعالى عنه لرجل: "بكورك إلى المسجد أحب إلي من غزوتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال بعض السلف: "ترك فعل الشيء مما يكرهه الله أحب إلي من خمسمائة حجة".
قال الفضيل بن عياض :"ما حج ولا رباط ولا جهاد أشد من حفظ اللسان، ولو أصبحت يهمك لسانك أصبحت في همٍّ شديد، وليس الاعتبار بأعمال البر بالجوارح، وإنما الاعتبار بلين القلوب وتقواها وتطهيرها عن الآثام".
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: رأى بعض الصالحين الحاج في وقت خروجه، فوقف يبكي ويقول: "...هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت؟!"
*ما أروع لطائف هذا العالم العارف*
ويقول الحافظ ابن رجب :
"إخواني! إن حبستم العام عن الحج، فارجعوا إلى جهاد النفوس، أو أحصرتم عن أداء النسك، فأريقوا على تخلفكم من الدموع ما تيسر، فإن إراقة الدماء لازمة للمحصر.
ولا تحلقوا رءوس أديانكم بالذنوب، فإن الذنوب حالقة للدين وليست حالقة للشعر.
وقوموا لله باستشعار الرجاء والخوف مقام القيام بأرجاء الخيف والمشعر.
ومن كان قد بعد عن حرم الله فلا يبعد نفسه بالذنوب عن رحمة الله، فإن رحمة الله قريب ممن تاب إليه واستغفر.
ومن عجز عن حج البيت أو البيت منه بعيد فليقصد رب البيت، فإنه ممن دعاه ورجاه أقرب من حبل الوريد.
من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة فليبيت عزمه على طاعة الله وقد قربه وأزلفه، ومن لم يمكنه القيام بأرجاء الخيف فليقم لله بحق الرجاء والخوف، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المنى .
إن لم نصل إلى ديارهم فلنصل انكسارنا بانكسارهم، إن لم نقدر على عرفات فلنستدرك ما قد فات، إن لم نصل إلى الحجر فلنلين كل قلب حجر، إن لم نقدر على ليلة جمع ومنى فلنقم بمأتم الأسف ههنا ...
فيا إخواني! إن فاتنا نزول منى فلننزل دموع الحسرات هاهنا، وكيف لا نبكي ولا ندري ماذا يراد بنا؟! وكيف بالسكون وما نعلم ما عنده لنا؟!
أخي! لئن سار القوم وقعدنا، وقربوا وبعدنا، فما يؤمننا أن نكون ممن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين. ..
يا همم العارفين لغير الله لا تقنعي، يا عزائم الناسكين لدمع أنساك السالكين اجمعي، لحب مولاك اخرجي وبين خوفه ورجائه اقرني، وبذكره تمتعي، يا أسرار المحبين بكعبة الحب طوفي واركعي، وبين صفاء الصفا ومروى المروة اسعي وأسرعي، وفي عرفات الغرفات قفي وتضرعي، ثم إلى مزدلفة الزلفى فادفعي، ثم إلى منى نيل المنى فارجعي، فإذا قربت القرابين فقربي الأرواح ولا تمنعي، فإنه قد وضح الطريق، ولكن قل السالك على التحقيق وكثر المدعي!"
*ومن صور التشبه بالحجيج*
- فالحجيج يبذلون الأموال سعياً في مرضاة الله، فابذل ما تستطيع من مالك في مرضاة الله من الصدقات و أعمال الخير و غيرها..
- والحجيج يبذلون الأوقات و يتفرغون لطاعة الله، ففرغ من وقتك ما تستطيع و ابذله في طاعة الله..
- والحجيج يبذلون الجهود، و لا يتكاسلون عن طاعة الله، فاستفرغ وسعك، وابذل غاية جهدك في طاعة الله..
- الحجيج يجتهدون في كل صنوف الطاعات في العشر الأوائل من ذي الحجة ( أحب أيام الله إلى الله )، فاجتهد أنت فيها و أقبل عليها أيضاً..
- والحجيج يحبسون أجسامهم و أفكارهم و قلوبهم و ألفاظهم على الوقوف بعرفة و الدعاء و التضرع و الصلاة و الذكر و غيرها من العبادات فاحبس نفسك أيضاً في هذا اليوم المبارك على الصوم والدعاء و التضرع و الذكر و الصلاة و غيرها لعلك تكون من عتقاء الله من النار..
- والحجيج يتقربون إلى الله بالذبح، فاحرص على الأضحية إن تيسر لك.. ولا تأخذ من شعرك و أظفارك إن كنت ستضحي..
- والحجيج يطوفون بالبيت و الطواف صلاة، فاجتهد في إقامة الصلاة في مواقيتها و أدائها على الوجه الأكمل..
- والحجيج يسعون بين الصفا و المروة، فاجتهد في السعي في مرضاة الله، في دعوة الناس إلى الخير و في قضاء حوائج المسلمين..
- والحجيج يرجمون الشيطان،فارجم أنت أيضاً شياطين الأنس و الجن، بتمسكك بطاعة الله، وتخليص إخوانك المسلمين من براثنهم، و إفساد مخططاته وتحذير الناس من حبائلهم..
- والحجيج يقطعون الصحاري و الفيافي، ليسلموا على النبي – صلى الله عليه و سلم – و يزوروه، ويصلوا في مسجده .. فاحرص على الإكثار من الصلاة و السلام على النبي – صلى الله عليه و سلم – وخاصة يوم الجمعة، و احرص على بذل الغالي و النفيس في سبيل اتباعه و نصرته..
وسعيك في قضاء حاجات إخوانك من المسلمين خير من اعتكاف شهر في مسجده كما أخبر النبي عليه الصلاة و السلام..
- والحجيج يزورون قبور الصحابة و يسلمون عليهم، فادع للصحابة أنت أيضاً و ترض عنهم، و نافح عنهم و انصرهم في مواجهة أعدائهم من المارقين..
* وهناك الكثير والكثير من صور التشبه بالحجيج لكنني ذكرت أمثلة فقط ، فاحرص على أن يكون لك من التشبه بهم النصيب الأوفر، وذلك من أمارات صدقك في أن تكون معهم و في طلب مرضاة الله، فإن لم يتيسر لك التعبد و السعي في رضاه في الحج و العمرة أتترك ذلك في غيرهما؟
* حتى نأخذ الأجر كاملاً *
ولكيلا يفوتنا شيء من الأجر، وتكون نوايانا و أعمالنا مقبولة عند الله، هناك مجموعة من الأمور التي تعيننا على تحقيق ما نريد على أكمل وجه إن شاء الله، ومنها:
1- الصدق: فمن كان صادقاً في طلب ثواب الحج و العمرة، آتاه الله ذلك الثواب، ويدل على ذلك تلك القاعدة التي أرساها النبي- صلى الله عليه و سلم – بقوله "إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ " (صحيح الجامع ،1415) ويؤكده أيضاً الحادثة التي قال النبي فيها تلك الكلمة..
ويؤكد الله على ضرورة الصدق بقوله جل جلاله:" فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ" [محمد : 21].. وللصدق علامات و براهين ينبغي أن نحرص عليها .. واصدق فأنت في أمس الحاجة لكل ذرة خير و كل نفحة بر و كل فرصة أجر..
2- الإخلاص: فالله يحرم من الأجر من قصد وجه غيره سبحانه أو أشرك حتى معه غيره في قصده .. والإخلاص هو صورة من صور الإيمان المطلوب في كل الأعمال، الإيمان الذي يجعل العبد يستصحب توحيد الله و تعظيمه و مراقبته و خشيته و رجائه و الإخلاص له في كل عمل يقوم به العبد، فلا يقبل الله عمل غير المؤمن، وبقدر إيمان العبد تكون درجة قبول عمله و إثابته عليه..
والله يعلق ثواب أعمال عديدة على الإيمان،كقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (متفق عليه).
3- اليقين: في أن الله لا يظلم عبده مثقال ذرة، و في أنه لا يخلف وعده أبداً ، و في أنه أصدق القائلين ،وفي أنه شكور يشكر القليل من العمل ..
فطالما أن الله وعد بالأجر الكبير حتى و لو على العمل اليسير فتيقن في صدق الوعد، و لا تستعظم ذلك في حق الله، فالله لا يجازي بالمثل بل يكرم و يتفضل، و ليست طاعتك أبداً ثمناً أو مقابلاً لعطائه و كرمه سبحانه..
واليقين هذا صورة من صور الاحتساب المطلوب في كثير من الأعمال، الاحتساب الذي يجعل العبد يعمل العمل و هو ينتظر الثواب من الله وحده لا من غيره، ويؤمن بأن الله لا يخلف وعده، الاحتساب الذي يجعل العبد يؤدي العمل أكمل ما يكون إخلاصاً لله و اتباعاً لرسول الله حتى يصبح العمل عبادة محمودة لا عادة مردودة..
4- الاستعانة : فلا حول و لا قوة إلا بالله، و لن يحقق العبد مكرمة أو يتخلص من مهلكة إلا بعون الله و توفيقه..
إذا لم يكن عون من الله للفتي فأول ما يجني عليه اجتهاده
* والدعاء من أعظم صور الاستعانة بالله، فادع الله بما تريد أن يعينك عليه..
5- الاجتهاد و الصبر و التخلص من العجز و الكسل : فمن ظن أنه سيحصل المكرمات و يحوز الفضائل و هو قاعد مكانه أو نائم على سريره فهو واهم .. لا بد من المجاهدة و الصبر على كل ما يفيد و عن كل ما يضر .. لا بد من طرح العجز و الكسل جانباً فليس لهما مكان في دنيا أصحاب الهمم العالية و أرباب المكرمات .. فاستعن بالله و ابذل وسعك و لا تتكاسل أو تتقاعس فلست بعاجز بل أنت بالله أقوى ما تكون و أقدر ما تكون..
6- الإحسان:
قال الله تعالى :" الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ " [الملك : 2]..
فعلى حسب درجة إحسان العبد للعمل تكون درجة قبول العمل، ويكون أجر العبد على العمل..
والإحسان في العمل يتطلب من العبد الآتي:
- الإخلاص التام لله في العمل.
-الإتباع الكامل لرسول الله في العمل..
- إن يستصحب و هو يؤدي عمله أنه واقف أمام الله يعرض عليه عمله الذي اجتهد في أن يجعله لائقاً به سبحانه و كله رجاء في أن يقبله الله و يتقبل منه..
أو يستصحب إن لم يستطع ذلك أن الله يراقبه، فيؤدي كل شيء أتم و أكمل ما يكون لكيلا يرى الله منه أي تقصير أو قصور..
فلتفعل كل شيء أحسن و أكمل ما يكون، لتدخل في السباق و تكون من الفائزين، فالله لا يريد منك فقط أن " تحسن " وإنما يريد منك أن تكون " الأحسن "،و لا يريد منك فقط أن تكن " الأكثر عملاً " بل يريد منك أن تكون " الأكثر و الأحسن "..
* حاسب نفسك *
" مشروع الحج و العمرة يومياً "
* هل نويت أن تحج و تعتمر؟!
* هل استجمعت الصدق في هذه النية؟!
* هل استجمعت الإخلاص و الإيمان؟!
* هل استجمعت اليقين في الله و الاحتساب؟!
* هل استعنت بالله و دعوته؟!
* هل عزمت على الاجتهاد و الصبر؟!
* هل عزمت على الإحسان؟!
* ماذا أديت من الأعمال التي تقوم مقام الحج و العمرة اليوم؟!
1- هل ذكرت الله بعد الصلوات المكتوبة؟!
2- هل جلست تذكر الله من بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس؟!
3- هل خرجت لأداء صلاة الفريضة بالمسجد؟!
4- هل خرجت لأداء صلاة الضحى أو غيرها من النوافل بالمسجد؟!
5- هل صليت الفجر في جماعة اليوم؟
6- هل صليت العشاء في جماعة اليوم؟
* بأي شيء تشبهت بالحجيج اليوم؟!
*قبل الرحيل*
أعتقد أنه لو جاءك ملك الموت الآن لتمنيت العودة إلى الدنيا لتؤدي الحج و العمرة، فهب أن الله أمهلك يوماً واحداً أتفرط فيه و تحرم نفسك أجر الحج والعمرة، ففي اليوم الواحد قد يُكتب لك أجر الحج و العمرة مرات عديدة ..
فبادر من الآن و لا تحرم نفسك من الخير فربما كان هذا آخر أيام حياتك..
أحبكم في الله : أبوعبدالملك المصري ( عفا الله عنه ورضي عنه و أهله و جميع المسلمين)..
لا تحرمني و كل من ساهم في إعداد ونشر هذا العمل من دعواتك..
نقله لكم على الشبكة العنكبوتية
أخوكم
أبوهُريرة المصري
راجي عفو ربه
23 محرم 1431
أخوكم
أبوهُريرة المصري
راجي عفو ربه
23 محرم 1431
تعليق