بغض النظر عن النص .... المهم أن تصفق !!
للآسف انتشرت في أوساط كثير من الملتزمين ظاهرة " التصفيق .... بغض النظر عن النص " و أظنها عدوى قد انتقلت و انتشرت بسبب مشاهدة المسرحيات الهابطة و الخطب السمجة التي يلقيها بعض المسئولين .
العصبية مذمومة شرعا و عقلا لأنها تُعمي الإنسان عن الحق و تجعله أسيرا لشيخه و منهجه فلا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا إلا ما كان موافقا لهوى جماعته و شيخه و هذا يُعد طعنا في نيته و إحباطا لعمله ، فهي ظاهرة جد خطيرة بدأت مذهبية و انتهت منهجية حركية .
فلقد عرف تاريخ التاريخ التشريع الإسلامي العصبية المذهبية المقيته فكان اتباع المذهب أكثر تحزبا و تعصبا من مؤسسيه بل إن كبار الأئمة ذموا هذه العصبية و عدوها من دعاوي الجاهلية المذمومة و مع بزوغ شمس الجماعات الإسلامية في القرن المنصرم انتقلت هذه العصبية لأفراد الجماعات فصار الولاء و البراء منوطا بالجماعة و معقودا بمنهجها و حركتها مما ولد ظاهرة " التصفبق " ، فالكل يصفق و يرفع منهجه فوق عنقه و يناطح كل من خالفه بحجة نصرة المذهب و يتلمس الأعذار الواهية و يغض طرفه عن طمات داهية لأنه تربى على " التصفيق " و التصفيق فقط بغض النظر عن النص .
لقد اعتاد البعض أن يصفق دون أن يستمع بل بمجرد ظهور القائد " الملهم " ينتاب الجميع حالة من الهياج العصبي فلا يجدوا متنفسا لهذه الحالة المزاجية التي أورثتها العصبية البغيضة إلا إلهاب أيديهم بالتصفيق الحار و مع كل همسة و لمسة للقائد تجد تصفيقا حادا يصم الأذان حتى إننا لا نكد نسمع للرجل ركزا ، فلوا راجعت النص فسوف تجده خاويا على عروشه لا شحم فيه و لا لحم لكنها حمى التصفيق التي جعلته رنانا مدويا .
إننا نحسن تلميع المناهج و الدعوات لكننا لم نحسن حتى الآن تقديم الإسلام للعالمين و لا الوقوف على مواطن القوة في الدعوة ، لأننا انشغلنا بالتصفيق حتى تمزقت أيدينا و أصابها العجز و الشلل فلم تعد بنا قدرة على استعمالها في غير التصفيق الممل السخيف الذي صار مع الوقت ضعيفا متذبذبا غير متجانس الإيقاع يضفي رتابة و سخافة على المشهد تماما كما يحدث في المسرحيات الهابطة بجمهور مستأجر غبي .. عقله في يده لا يعرف إلا التصفيق فلا يمل و لا يكل فيصفق و يضحك ... و يصفق و يضحك حتى تسدل الستارة ثم يقوم مغادرا المكان لا يذكر حرفا مما قيل .
فعلى أبناء التيار الإسلامي المخلصين أن يراجعوا نصوص قادتهم و مشياخهم و علمائهم جيدا و أن يتقوا الله فلا تكون الغاية الإنتصار للذات أو للمنهج " الذي يظنه الحق " بل يكون إنتصارا لشرعة الله و سنة نبيه ، إننا مطالبون بتوفير جهدنا و طاقتنا التي تضيع في التصفيق و التهليل .... بغض النظر عن رداءة و سخافة النص .
تعليق