الحمد لله وكفى وسلاماً على عباده الذين اصطفى....وبعد...
كيف أحوال إخوانى وأخواتى الأكارم مع الله ؟؟؟!!!
الله أسأل أن يقربنا منه ويرضى عنا وعنكم أجمعين.......
هذه السلسلة نتحدث فيها عن موضوع من أحب المواضيع إلى قلبى ألا وهو ""الإفتقار إلى الله"" .....والله أسأل أن يجعلها مفيدة لى ولكم أجمعين إنه ولى ذلك والقادر عليه ....
_إن من أخص خصائص العبودية :::الإفتقار المُطلق إلى الله تعالى فهو حقيقة العبودية ولبُها ....وصدق ربى إذ يقول ::
(((يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد ))).....
وقال تعالى حكاية عن سيدنا موسى_عليه الصلاة والسلام_(((ربِ إنى لما أنزلت إلىَ من خيرٍ فقير)))....
_قال الإمام "ابن القيم"_نور الله قبره_::::
((حقيقة الفقر :::أن لا تكون لنفسك ، ولا يكون لها منك شىء ، بحيث تكون كلك لله .))).....
ثم قال _أى "ابن القيم"::::
((الفقر الحقيقى::: دوام الإفتقار إلى الله فى كل حال ، وأن يشهد العبد فى كل ذرةٍ من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه)))...انتهى كلامه.
_إذن ::فالإفتقار إلى الله هو ::أن يُجرد العبدُ قلبه من كل حظوظها وأهوائها ، ويُقبل بكليته إلى ربه تعالى متذللاً بين يديه ، مستسلماً لأمره ونهيه ، متعلقاً قلبه بمحبته وطاعته.....
أى أن يحقق قول الملك عزوجل (((قل إن صلاتى ونُسُكى ومحياىَ ومماتى لله رب العالمين *لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين)))
_والمتأمل فى جميع أنواع العبادة القلبية والعملية يرى أن الإفتقار إلى الله هى الصفة الجامعة لها ....فبقدر إفتقار العبد فيها إلى الله يكون أثرها فى قلبه ونفعها له فى الدنيا والأخرة ،....
_إن هذه المنزلة الجليلة العظيمة التى يصل القلب إليها هى سرُ حياته وأساس إقباله على ربه ....فالإفتقار يدعو ويدفع العبد إلى ملازمة التقوى ومداومة الطاعة....
**ويتحقق ذلك بأمرين متلازمين هما:::
_الأول :::إدراك العبد عظمة الخالق وجبروته:::
_فكلما كان العبد أعلم بالله تعالى وصفاته وأسمائه كان أعظم إفتقاراً إلى الله وتذللاً بين يديه ....
قال الله (((إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)))...
قال "الفضيل بن عياض"_رحمه الله_::((أعلم الناس بالله أخوفهم منه ...ورهبة العبد من الله على قدر علمه بالله)))....
وقال الحافظ "ابن رجب"_رحمه الله_::((أصل الخشوع الحاصل فى القلب إنما هو من معرفة الله ، ومعرفة عظمته ، وجلاله وكماله ، فمن كان بالله أعرف فهو له أخشع ))...
__وقال الإمام "ابن القيم"_رحمه الله_::
((القرأن كلام الله وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته ....فتارة يتجلى بالهيبة والعظمة والجلال فتخضع له الأعناق وتنكسر النفوس وتخشع الأصوات ويذوب الكبر كما يذوب الملح فى الماء ......وتارة يتجلى بصفات الجمال والكمال ::فيستنفد حبه من قلب العبد قوة الحب كلها بحسب ما عرفه من صفات جماله ونعوت كماله ، فيصبح قلب العبد فارغاً إلا من محبته )))...
_ويقول أيضاً_أى "ابن القيم":::
((الخشوع هو :: خشوع القلب لله بالتعظيم والإجلال والوقار والمهابة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والخجل والحب والحياء وشهود نعم الله وجنايات العبد فيخشع القلب لا محالة ويتبعه خشوع الجوارح)).....
_الثانى :::إدراك ضعف المخلوق وعجزه:..
_فمن عرف قدر نفسه وأنه مهما بلغ فى الجاه والسلطان والمال فهو "عاجز فقير ضعيف" لا يملك لنفسه صرفاً ولا عدلاً ولا حياة ولا نشوراً ، تصاغرت نفسه ، وذهب كبرياؤه وذلَت جوارحه وعظم إفتقاره لمولاه وسيده وزاد إلتجاؤه له وتضرعه وخضوعه بين يديه ....
اسمع بقلبك قول الله تعالى (((فلينظر الإنسان مما خُلق *خُلقَ من ماءٍ دافق *يخرجُ من بين الصلبِ والترائب* إنه على رجعه لقادر* يوم تُبلى السرائر* فما له من قوةٍ ولا ناصر)))
_وأختم بقول فارس هذا الميدان الإمام "ابن القيم "_رحمه الله :::
((من كملت عظمة الحق _سبحانه وتعالى_ فى قلبه ، عظمت عنده مخالفته لأن مُخالفة العظيم ليست كمخالفة من دونه ....ومن عرف قدر نفسه وحقيقتها وفقرها ""الذاتى"" إلى مولاها الحق فى كل لحظة ونفس وشدة حاجتها إليه ، عظمت عنده جناية المخالفة لمن هو شديد الضرورة إليه فى كل لحظة ونفس...
وأيضاً ::فإذا عرف حقارتها_أى نفس العبد_ مع عظمة من خالفه _أى ربه سبحانه_ عظمت الجناية عنده )))....انتهى كلامه..
هذه هى مقدمة هذه السلسلة التى أسأل الله أن يعيننى على إكمالها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن ينفعنا والجميع بها ...
وإن شاء الله نكمل مع ((علامات الإفتقار إلى الله)))....
والحمد لله رب العالمين....
يتبع إن شاء الله وقدر...
التكملة :
(((علامات الإفتقار إلى الله عزوجل ))).
تعليق