سئل فضيلة الشيخ : محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله تعالى -:
يختلف الكثير من طلبة العلم في معاملة أهل المعاصي، فما التوجيه الصحيح جزاكم الله خيراً ؟
فأجاب – رحمه الله تعالى -: نقول: هذه المسألة وهي:
أن بعض طلبة العلم إذا رأوا المنحرف خٌلقياً أو فكرياً أو عملياً . يكرهونه ويتخذون من هذه الكراهة نفوراً منه وبعداً عنه، ولا يحاولون أبداً أن يصلحوا إلا من شاء الله من طلبة العلم الذين أنار الله قلوبهم ويرون أن هجره وكراهته والبعد عنه والتنفير منه يرون ذلك قربة. وهذا لا شك أنه خطأ وأن الواجب على طلبة العلم أن ينصحوا وينظروا كم من إنسان في غفلة فإذا نُصح استجاب.
وما أشد تأثير جماعة أهل الدعوة الذين يسمون أنفسهم أهل الدعوة والتبليغ. ما أشد تأثيرهم على الناس . وكم من فاسق اهتدى فأطاع، وكم من كافر اهتدى فأسلم على أيديهم؛ لأنهم وسعوا الناس بحسن الأخلاق، فلذلك نحن نسأل الله أن يجعل إخواننا الذين أعطاهم العلم أن يطعمهم من أخلاق هؤلاء حتى ينفعوا الناس أكثر وإن كان يؤخذ على جماعة الدعوة والتبليغ ما يؤخذ لكنهم في حُسن الخلق والتأثير بسبب أخلاقهم لا أحد ينكر فضلهم
وقد رأيت كتاباً للشيخ عبد العزيز ابن باز – حفظه الله – وجهه إلى شخص كتب إليه ينتقد هؤلاء الجماعة، فقال في جملة رده:
أقلــوا عليهــم لا أبــــا لأبيكــــمُ
من اللــوم أو ســدّوا المكــان الــذي سّـدوا
وحسن الخلق لا شك أنه له تأثيراً عظيما ًفي استجابة الناس للداعي.
أما إذا رأوا الإنسان خشناً فإنهم يسبونه ويذمونه على ما فيه من الأخلاق الشرعية، تجدهم مثلاً يسبونه على لحيته، واللحية أخلاق شرعية، ويسبونه على تقصير الثوب، يسبونه على المشي حافياً . لماذا؟ لأنه ليس حَسَنَ الأخلاق مع الناس. لا يدعو بالأخلاق إنما يدعو بالجفاء والغلظة، ويريد أن يصلح الناس كلهم في ساعة واحدة، هذا خطأ لا يمكن أن يصلح الناس في ساعة واحدة أبداً .
أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس؟ وفي النهاية أخرج من مكة حين تآمروا عليه { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوك} (الأنفال الآية: 30).يثبتوك يعني يحبسوك أو يقتلوك أو يخرجوك { وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } .
فلا يمكن أن تصلح الخلق بمجرد دعوة أو دعوتين لاسيما إذا لم تكن ذا قيمة بينهم لكن اصبر وأطل النفس وادع بالحكمة وأحسن الخلق وسيتبين لك الأمر فيما بعد .
ولا شك أن حُسن المنطق له تأثير عظيم بالغ. ويُحكى أن رجلاً من أهل الحسبة مر على فلاح يسني إبله وكان في أذان المغرب. وكان هذا الفلاح يغني لأن الإبل إذا سمعت الغناء تمشي كأنها مجنونة؛ لأنها تطرب فكان يغني غافلاً ولا يسمع الأذان فتكلم عليه رجل الحسبة بكلام شديد. قال له – أي صاحب الإبل -: سوف أغني وأستمر في الغناء وإذا ما ذهبت فالعصا لمن عصا، - يقول هذا الكلام بسبب أنه جاءه بعنف – فذهب صاحب الحسبة إلى الشيخ القاضي وقال له: أنا ذهبت لفلان وسمعته يغني على إبله والمؤذن يؤذن المغرب ونصحته فلم يستجب. فلما كان من الغد ذهب الشيخ القاضي إلى مكان صاحب الإبل في الوقت نفسه فلما أذّن جاء إلى الفلاح وقال له: يا أخي أذن المؤذن فعليك أن تذهب وتصلي فإن الله يقول:{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طـه الآية:132) . فقال صاحب الإبل: جزاك الله خيراً، ووضع العصا التي يسوق بها الإبل وتوضأ ومشى معه، وماذا حصل؟ حصل المقصود، أما الأول لو تمادى معه لحصل الشر وترك الخير، ولكن الثاني أتاه بالتي هي أحسن فانقاد تماماً، فلذلك أقول: إن بعض طلبة العلم يكون عندهم غيرة لكن لا يحسنون التصرف، والواجب أن الإنسان يكون في تصرفاته على علم وبصيرة وعلى قدر كبير من الحكمة نسأل الله للجميع التوفيق، والحمد الله رب العالمين.
يختلف الكثير من طلبة العلم في معاملة أهل المعاصي، فما التوجيه الصحيح جزاكم الله خيراً ؟
فأجاب – رحمه الله تعالى -: نقول: هذه المسألة وهي:
أن بعض طلبة العلم إذا رأوا المنحرف خٌلقياً أو فكرياً أو عملياً . يكرهونه ويتخذون من هذه الكراهة نفوراً منه وبعداً عنه، ولا يحاولون أبداً أن يصلحوا إلا من شاء الله من طلبة العلم الذين أنار الله قلوبهم ويرون أن هجره وكراهته والبعد عنه والتنفير منه يرون ذلك قربة. وهذا لا شك أنه خطأ وأن الواجب على طلبة العلم أن ينصحوا وينظروا كم من إنسان في غفلة فإذا نُصح استجاب.
أقلــوا عليهــم لا أبــــا لأبيكــــمُ
من اللــوم أو ســدّوا المكــان الــذي سّـدوا
وحسن الخلق لا شك أنه له تأثيراً عظيما ًفي استجابة الناس للداعي.
أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس؟ وفي النهاية أخرج من مكة حين تآمروا عليه { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوك} (الأنفال الآية: 30).يثبتوك يعني يحبسوك أو يقتلوك أو يخرجوك { وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } .
فلا يمكن أن تصلح الخلق بمجرد دعوة أو دعوتين لاسيما إذا لم تكن ذا قيمة بينهم لكن اصبر وأطل النفس وادع بالحكمة وأحسن الخلق وسيتبين لك الأمر فيما بعد .
ولا شك أن حُسن المنطق له تأثير عظيم بالغ. ويُحكى أن رجلاً من أهل الحسبة مر على فلاح يسني إبله وكان في أذان المغرب. وكان هذا الفلاح يغني لأن الإبل إذا سمعت الغناء تمشي كأنها مجنونة؛ لأنها تطرب فكان يغني غافلاً ولا يسمع الأذان فتكلم عليه رجل الحسبة بكلام شديد. قال له – أي صاحب الإبل -: سوف أغني وأستمر في الغناء وإذا ما ذهبت فالعصا لمن عصا، - يقول هذا الكلام بسبب أنه جاءه بعنف – فذهب صاحب الحسبة إلى الشيخ القاضي وقال له: أنا ذهبت لفلان وسمعته يغني على إبله والمؤذن يؤذن المغرب ونصحته فلم يستجب. فلما كان من الغد ذهب الشيخ القاضي إلى مكان صاحب الإبل في الوقت نفسه فلما أذّن جاء إلى الفلاح وقال له: يا أخي أذن المؤذن فعليك أن تذهب وتصلي فإن الله يقول:{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} (طـه الآية:132) . فقال صاحب الإبل: جزاك الله خيراً، ووضع العصا التي يسوق بها الإبل وتوضأ ومشى معه، وماذا حصل؟ حصل المقصود، أما الأول لو تمادى معه لحصل الشر وترك الخير، ولكن الثاني أتاه بالتي هي أحسن فانقاد تماماً، فلذلك أقول: إن بعض طلبة العلم يكون عندهم غيرة لكن لا يحسنون التصرف، والواجب أن الإنسان يكون في تصرفاته على علم وبصيرة وعلى قدر كبير من الحكمة نسأل الله للجميع التوفيق، والحمد الله رب العالمين.
تعليق