خطأ نصر أبو زيد
محمود سلطان | 18-12-2009 21:25
منذ عام 1995، انقطعت الأخبار عن د. نصر حامد أبو زيد، اختار الرجل بمحض ارادته الهجرة والإقامة في الخارج، بعد أن احتكم معارضوه إلى منصة القضاء للفصل فيما نسب إلى دراساته وأبحاثة المثيرة للجدل.
لا ندري منذ خروجه من مصر، ما إذا كان قد طرأ تغيير على كتاباته، إذ التزم الصمت واكتفى بمقالات سياسية قليلة ينشرها في صحف مصرية محدودة الانتشار.. وفي تقديري أن د. أبو زيد كان رجلا عاقلا، حين تجنب الصخب والمشاغبة وتصرف بما يليق بأستاذ جامعي، سيما وأن "محنته" في مصر، لم تكن فقط ماسة بأسرته وإنما بـ"شرعيته العلمية" بعد أن وقع في أخطاء لا يقع فيها دارس مبتدئ للتاريخ، ثم صدمته فيما كشفه الراحل الكبير الأستاذ محمد جلال كشك، حين أكد أن إحدى أبحاث أبو زيد "مسروقة" من دراسة وضعها العلامة الراحل الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله تعالى، وأورد كشك كل الأدلة التي عززت من مصداقية ادعائه على أبو زيد.
لعل صمت أبو زيد بعد محنته يرجع إلى رغبته في "غلق الملف" و"مراجعة الذات" علميا وعقديا، إذ لا يمكن بحال أن يقتنع أحد في الدنيا بأن مدرسا بالجامعة يطالب بترقيته إلى درجة أستاذ على بحث اعتبر فيه الإمام الشافعي رحمه الله "عميلا" للدولة الأموية ! .. وأن الأخيرة كافأته بـ"تعيينه واليا على اليمن"! رغم أن طلبة المدارس الاعدادية يعلمون أن الشافعي ولد بعد سقوط الدولة الأموية بـ"18 عاما".. إنها "سقطة" لا يمكن ان تصدر من أكاديمي سُلم إليه عقول وقلوب الطلاب بالجامعة يفعل بها ما يريده، لا يمكن ان تغتفر له أو أن يكافأ عليها بالترقية وإلا كنا في "مقلب زبالة" وليست "جامعة محترمة".. ثم إن الرجل نوقش في مصر واشتبك في جدل فكري وعلمي أشهرها ما كتبه جلال كشك فلم يرد عليه أبو زيد إلا بمعايرة الأول بـ"المرض" وكان رحمه الله مريضا بسرطان البروستاتا!
صمت أبو زيد كل هذه المدة، وعزوفه عن أي جدال فكري، أعاد للرجل وقاره بعض الشيئ، غير أنه مسح ذلك بـ"الأستيكة" بعد تعقيبه على قرار الكويت عدم دخوله لأراضيها، حين هدد بأنه سيعقد مؤتمرا صحفيا لفضح الكويتيين!.. وهو الموقف الذي ذكرنا بـ"المزور" سيد القمني، الذي هدد الدولة بأنه "سيخلع لها بلبوصا" حال قررت سحب جائزتها منه بعد ضبطه وفضيحته وتجريسه بكل لغات العالم!
مشكلة الكويتيين لم تكن مع أبو زيد ولكن مع المتطرفيين والإرهابيين العلمانيين الذين دعوا أبو زيد لحضور ندوة كان من المنتظر أن تنصب فيها أعواد المشانق للقرآن والسنة، سيما وأن على رأس من دعوا ابو زيد علماني كويتي متطرف سبق له أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم مرة بـ"الفاشل" ومرة أخرى بـ"الإرهابي".. واعتقد ان الدكتور نصر حامد أبو زيد قد أخطأ حين قبل الدعوة لأنها أعادته مرة أخرى كـ"هدف" في ميدان الرماية مجددا، رغم أن غيابه كل هذه المدة عن المشهد الثقافي الفكري المصري، كان قد ساهم في إمكانية "تطبيع" علاقته بالمصريين من جديد.
تعليق