احذروا من هذه الست !
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد :
***
عن عوف بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أخاف عليكم ستا ، إمارة السفهاء وبيع الحكم وسفك الدم وقطيعة الرحم وكثرة الشرط ونشوءا ينشئون يتخذون القرآن مزامير) . صححه الألباني في صحيح الجامع .
وعن عابس الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ( بادروا بالأعمال ستا إمارة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم واستخفافا بالدم وقطيعة الرحم ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها )
تخريج السيوطي : (طب) عن عابس الغفاري.
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2812 في صحيح الجامع.
***
فأول هذه الأمور إمرة السفهاء :
والسفيه هو الأحمق الطائش وإمرة السفهاء من أعظم المصائب , لان السفيه إذا ولي لم يحسن التصرف في الأمور فتضيع حقوق الناس وتضطرب أمورهم .
وكذالك فان السفيه إذا ولي ضيع المال في شهواته وملذاته وصرفها في غير مصرفها من لهو ولعب وفسق وما إلى ذالك من المحرمات فتضيع الأموال التي بها قوام الناس ويفتح المجال للسفهاء والرويبضات وأهل الفسق والمجون والباطل فينشرون باطلهم ويروجون لمجونهم وفسقهم , ويتجرؤون على العلماء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمصلحين في الأمة فتغرق سفينة المجتمع بذالك وتحل نقمة الله وباسه بالناس .
وكذالك إذا ولي السفيه فانه يوقع الأمة فيما هو أعظم من ذالك فيوالي أعداء الله من يهود ونصارى ويحارب العلماء والمصلحين والمجاهدين في سبيل الله , ويقرب التافهين والمنافقين فيصبحون خاصته ومقربيه , فتميع بذالك عقيدة الأمة وتختلط أمورها ويتجرا عليها أعداؤها وينتشر الظلم والفساد في المجتمع فتذل الأمة وينزل بساحتها باس الله ونقمته ما لم يتوبوا ويراجعوا دينهم .
والواقع شاهد ولكم أن تنظروا إلى أمراء المسلمين اليوم الذين ضيعوا أماناتهم واهتموا بتوافه الأمور وضيعوا الأموال في شهواتهم وملذاتهم وقهروا شعوبهم , وأصبحوا دوابا صالحة للركوب يمتطيها أعداء الأمة من يهود ونصارى لتمرير مخططاتهم في ديار المسلمين وطمس عقيدتهم وتخريب أخلاقهم ونشر الرذيلة والفاحشة بين أبنائهم .
***
والواقع خير شاهد فعندما يباع الحكم ينتشر الظلم وتضيع حقوق الناس وتغرق سفينة المجتمع في بحر الفساد والكوارث والانحطاط والتخلف وضياع الحقوق ولا يعيش في لجج هذا البحر إلا الهوامير والحيتان والقروش وأما عامة الناس والمساكين فلا بواكي لهم .
واليوم نشهد صورا جديدة لبيع الحكم تتعدى الرشوة ليصبح البيع علنا بلا حياء ولاخوف من الصفقات السياسية ومنا صب الترضيات وتقاسم السلطات وما إلى ذالك مما يشيب له الرأس ويندى له الجبين استخفافا بالدين وجرأة على الله , والعياذ بالله .
***
وقوله صلى الله عليه وسلم ( واستخفافا بالدم ) :
فان هذا ينتج من إمرة السفهاء وتسلط الرويبضات وأهل الفسق والفجور فيريقون الدماء لأتفه الأسباب ويستخفون بأهل النصح والمجاهدين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والمصلحين من الناس فيذلونهم ويريقون دماءهم وفي ظنهم ألا تنطح في دمائهم عنزان ونسوا أن الله يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته .
إننا نعيش زمان الاستخفاف بالدماء بعينه وسجون الطواغيت خير شاهد وسجون أذناب الصليب وحكومات كرزاي في أفغانستان والعراق والصومال خير شاهد والقادم أدهى وأمر والله المستعان .
***
وقوله صلى الله عليه وسلم ( وقطيعة الرحم ) :
فقطيعة الرحم من أعظم البوائق والتي تنتج من الانهماك في الدنيا وترك الجهاد في سبيل الله قال المولى جل وعلى ( ويقول الذين امنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم , طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خير لهم , فهل عسيتم انم توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم , ألئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم ) .
فانظر رحمك الله كيف قرن الله بين ترك الجهاد في سبيله وبين الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم !
فإذا ترك الناس ترك الجهاد في سبيل الله وانشغلوا بالدنيا الفانية افسدوا فيها وقطعوا أرحامهم فهذه سنة لله ماضية لن تتخلف فتأمل بارك الله فيك !
وجاء الجزاء في آخر الآية ليقولها بوضوح ( ألئك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم ) .
فمن ترك الجهاد في سبيل الله وجعل الدنيا اكبر همه وقطع رحمه فلينتظر هذا الجزاء الأليم أعاذنا الله وإياكم من ترك الجهاد وقطيعة الأرحام .
***
وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( وكثرة الشرط ) , فكثرة الشرط تدل على تسلط الظلمة وانتشار القهر والجبرية في الحكم وتسلط أهل الظلم والجور على الناس وقهرهم !
وهذه العلامة أوضح من الشمس في رابعة النهار اليوم فالجيوش الإسلامية ناهيك عن الشرط وأجهزة الاستخبارات وغيرها إنما أعدت لإذلال الشعوب وقهرها والتسلط عليهم والتواطؤ مع أعداء الأمة من يهود ونصارى ليأخذوا ثروات الأمة وينهبوا خيراتها ويذلوها ويفسدوا دينها ويميعوا عقيدتها والواقع شاهد غير متهم والله المستعان .
ولا يظن هؤلاء الظلمة والمجرمين أنهم سيفلتون من عقاب الله مالم يتوبوا ويرجعوا إلى دينهم فقد اعد الله لهم من الخزي والنكال ما لم يعده لغيرهم من المجرمين .
فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما , قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس , ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها وان ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
فتأمل في هذه الوعيد الشديد للشرط أعوان الظلمة الذين يظلمون الناس ويقهرونهم ابتغاء مرضات أسيادهم من كل طاغوت جبار وحبا للدنيا يبيعون دينهم بثمن العنز والعياذ بالله .
***
وأما قوله صلى الله عليه وسلم ( ونشوءا يتخذون القران مزامير ) :
وفي رواية عابس الغفاري رضي الله عنه (ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلهم فقها ) .
فالنبي يحذر من هذا الصنف من الناس الذين يتخذون القران مزامير فقط ولا يهتمون بأحكامه ولا يقيمون حدوده ولا يفقهون معانيه ويستخفون بأمور الدين وعلامتهم أنهم يقدمون أجملهم صوتا بالقراءة وان كان اقلهم فقها وعلما !
أي أن همهم هو جمال الصوت لا طلب الحكمة ومعرفة المعنى وإقامة الحد .
وهذا الصنف من الناس خطرهم عظيم على الأمة وذالك لقلة فهمهم للقران وأحكامه همهم المظهر لا المخبر ويتبعون أهواءهم وشهواتهم وهذا بدوره سيؤدي إلى الفتن واضطراب أمور الناس والجرأة على الفقهاء والمصلحين في الأمة فلا يعرفوا لهم قدرهم ووزنهم ولا يعظمون فقههم ويظنون أنهم على شئ وليسوا على شئ والعياذ بالله فتقع الفتن ويكثر الهرج ويقتل المؤمنون والناصحون والآمرون بالقسط من الناس .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم (هرجا بين يدي الساعة حتى يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه) قالوا ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال تنزع عقول أكثر أهل الزمان ويخلف لها همياء من الناس يحسب أحدهم أنه على شئ وليسوا على شئ.
.
وفي الحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال سل الله صلى اله عليه سلم ( كيف انتم إذا طغى نساؤكم وفتق شبابكم ؟ ) قالوا يا رسول الله وان ذالك لكائن ؟! قال ( واشد من ذالك لا تأمرون بالمعروف ولاتنهون عن المنكر ! ) قالوا وان ذالك لكائن ! قال ( واشد من ذالك ترون المعروف منكراوالمنكر معروفا ! ) قالوا وان ذالك لكائن ! قال ( واشد من ذالك تأمرون بالمنكروتنهون عن المعروف ! ) قالوا وان ذالك لكائن ! قال ( واشد من ذالك ) ثم قال رسولالله صلى الله عليه وسلم (بئس ألئك القوم وبئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرونبالقسط من الناس وبئس القوم قوم يستحلون المحرمات والشهوات بالشبهات , وبئس القومقوم يمشي المؤمن بين أظهرهم بالتقية والكتمان !) .
فالحاصل أن قلة الفقه من أعظم البلاء والقران انزل للتدبر والتفقه والعمل وليس لان يتخذ مزامير فقط من دون فقه وفهم , أعاذنا الله وإياكم من الجهل والفتن ما ظهر منها وما بطن .
تعليق