بجد كفاية كده
قبل أن تستبدلوا
سنن الله لا تتغير مهما تغيرت الأحوال و الأزمان كما أنها لا تحابي أحدا مهما بلغ درجته فما أهون الخلق على الله إن هم عصوه ، ومن هذه السنن الجارية سنة الاستبدال و التشتت في حال التنازع قال تعالى " وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ " .
و أمتنا لا يُخشى عليها من الفقر و لا تسلط الأعداء عليها في حال اجتماع القلوب و تقديم الأخوة الإيمانية و حفظ ذات البين و قبل كل شيء مراقبة الله في كل الأعمال لكن في حال غياب هذه المعاني الإيمانية فإن الوهن يدب في القلوب مباشرة فيصيب مكمن الإستعلاء و مجمع التميز لدى أبناء أمتنا فتجري علينا سنة الاستبدال كما جرت على الذين من قبلنا .
و نحن قد جنينا على أمتنا شئنا أم أبينا فحظ النفس و الانتصار للذات قد صار سمة غالبة عند كثير من المنتسبين للعمل الإسلامي و عز في دنيا الناس أن تجد من يقدم مصلحة كبرى على مصلحة ذاتية فكان الصراع الموجود حاليا بين مختلف الجماعات الإسلامية و هذا الخلاف ينحصر في عدد من الأشياء منها
عدم فهم طبيعة الاختلاف الموجود بين هذه الجماعات فهل هذا الخلاف في أصول أم فروع فهناك فارق ضخم بين هذا و ذاك ، كما أننا يجب أن نحدد و بدقة موقع المخالف من دائرة أهل السنة و الجماعة فهي المظلة الكبرى التي يذوب تحتها كثير من المسميات الأخرى التي تفرق و لا توحد .
و من أساب الخلاف ما يسمى " بشرك التعميم " فكثير منا يسقط في هذا الفخ الماكر فلا يفرق بين الجماعة و الأفراد فإذا اخطئت جماعة صار كل أعضائها مذنبون و إن اجتهد فرد أو أساء طُعن على الجماعة بأسرها و هذا من الظلم البواح فكل شخص مسئول عن نفسه و نحن مطالبون بالعدل و القسط بين الناس و ألا نخلط الأوراق فننتقل من مشكلة لأخرى و بدلا من وصم جماعة بعينها فإننا دون قصد قد نشارك في إسقاط تيار بأكمله .
فعدم التفريق بين مختلف الجماعات العاملة قد صار مذهبا لدى البعض فالتيارات الجهادية ليست واحدة بل هي مختلفة في مشاربها و أجندتها و كذلك التيارات الحركية و العلمية و السياسية . فنجد أسفل كل عنوان رئيسي عشرات العنواين الفرعية ما بين إفراط و تفريط و غلو و تمييع و وسطية حقة و أخرى مزعومة فكيف نحكم على تيار بأكمله دون تفصيل دقيق ؟!.
و الموقف من المخالف و تحديد شكل التعامل مع الجاهلية و مدى الخلطة و حدود المفاصلة و هي أمور تدخل في باب الاجتهاد و تختلف باختلاف الزمان و المكان فتسقط بها جماعات و ترتفع بها أخرى و تختلط فيها الأراء و تتعدد فيها وجهات النظر فالحكم فيها يحتاج لمزيد مراجعة حتى لا نظلم إخواننا و لا نفرط و نميع فنضيع قضية البراء .
و كذلك المعيار التاريخي و هو مفقود لدى قطاع ضخم من العاملين و هو خطير للغاية فبه تتحدد كافة جوانب الصراع و تتضح أسباب السقوط و الارتفاع .
و غياب الأسس التربوية و المعاني الإيمانية الربانية و هي أهم نقطة في النقاط السابقة فمنها تنبع معاني الأخوة و الوحدة و الحرص على جمع الصف. للآسف قد غابت هذه المعاني و ضاعت في حس كثير من الجماعات إلا ما كان من باب تنمية الإنتماء للجماعة ذاتها و أفرادها بعيدا عن الأمة و هذه آفة جد خطيرة .
الخلاف الحادث خطيئة كبرى وسبة في جبين جيل من العاملين لدين الله إلا من وفقه الله لرأب الصدع و جمع الصف.
فأنا ادعوا المخلصين لتبني مشروع ضخم يدعم الالتفاف حول مفهوم الجماعة الكبرى " أهل السنة و الجماعة " كبديل أرقى و أقوى لفكرة الجماعات المتناحرة مع بقاء هذه الجماعات لظروف الواقع لكن بعد إرساء مفهوم الولاء للجماعة الكبرى إبتداء .
تعليق