إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،

    أما بعد،

    فالواجب على الإنسان أن يكون عبدًالله في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته وفي كل شأن من شئون حياته، يتحرى صحة العمل وإخلاص العبودية لله-تعالى-.

    ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110].

    والطاعة بالنسبة إلى المؤمن كالماء للسمك والهواء للإنسان، فلا تتصور حياة حقيقة في غيبة معاني الإيمان والعمل الصالح.

    ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ [الأنعام: 122].

    ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الأيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[الشورى : 52] بل هو إذا ما حيل بينه وبين طاعة ربه يحزن ويشفق على نفسه، حتى وإن كان معذورًا كحالة السبعة الذين أرجعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، رجعوا يبكون فذكر ربنا جل وعلا حالتهم: ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾[التوبة: 92] وكما قالوا: إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر أين أقامك.

    وكان شداد بن أوس -رضي الله عنه- يقول: «إذا رأيت الرجل يعمل بطاعةاللهفاعلم أن لها عنده أخوات، وإذا رأيت الرجل يعمل بمعصية الله فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الطاعة تدل على أختها، وإن المعصية تدل على أختها، ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾[الليل: 5-10]، والمعصية مذلة ومهانة وضنك وشقاء ولذلك كان البعض يقول: «رأيت المعاصي نذالة فتركتها فاستحالت ديانة».

    وكان الحسن يقول: «إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذلَّ المعصية لا يفارق رقابهم، أبىاللهإلا أن يذل من عصاه»

    ولذلك فالمؤمن الكيس الفطن هو الذي ينتقل من طاعة إلى طاعة ومن عبادة إلى عبادة، ورائده في ذلك قولالله-تعالى-لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر: 99] واليقين هو الموت.

    أمره بعبادته إذا قصر عباده في خدمته، وأن ذلك يجب عليه ومعنى الآية: لا تنفك عن طاعة الله ولا تفارق هذا حتى تموت، وهذا كما قال العبد الصالح: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾[مريم: 31].

    والدليل على أن اليقين هو الموت، ما رواه البخاري من حديث أم العلاء الأنصارية وكانت من المبايعات وفيه: فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (أَمَّا عُثْمَانُ -أعني: عثمان بن مظعون-؛ فَقَدْ جَاءَهُ والله الْيَقِينُ، وَإِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْرَ، والله مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ الله مَا يُفْعَلُ بِهِ)[رواه البخاري]


    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 15-11-2014, 02:43 PM.
    رب اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
    قال صلوات ربي وسلامه عليه
    - : ( طوبى لمن وجد في كتابه استغفاراً كثيراً )
    MostaFa Mahmoud ELmasry‎‏

  • #2
    رد: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

    وكان عمر بن عبد العزيز يقول: «ما رأيت يقينًا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت، ثم لا يستعدون له -يعني كأنهم فيه شاكون-».

    وقد روى جبير بن نفير عن أبي مسلم الخولاني أنه سمعه يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ المَالَ، وَأَكُونُ مِنَ التاجرين، وَلَكِنْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنْ َسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [رواه أبو نعيم في الحلية، وأحمد في الزهد]

    والمسلم يعلم أن رب رمضان هو رب سائر العام واستعداده للقاء الله يدعوه دائمًا لاغتنام كل لحظة وصرفها في طاعة الله حتى وهو يأكل ويشرب وينام ويعمل ويتكسب ويأتي سائر شؤونه، فهو لا ينفك فيه عن طاعة ربه، وذلك لأنه يستن فيها بسنة رسولالله-صلى الله عليه وسلم- وينتوي فيها نية الطاعة.

    وقد وسع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مدلول الصدقة فقال: (تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أخِيكَ صَدَقَةٌ) [رواه الترمذي، وصححه الألباني]، وفي حديث مسلم قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةً)[رواه مسلم]

    وإذا كان المسلم ينتقل من عبادة إلى أخرى في رمضان لتأكد الطاعة فيه، فهناك مجال واسع للعبادة بعد رمضان، فما نكاد نرى هلال شوال حتى نخرج من اعتكافنا، ونستعد لعيد فطرنا، والأعياد من أعظم شعائر الدين، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم رسولالله-صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: (مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد أَبْدَلَكُمْ الله بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ) [رواه أبو داود، وأحمد، وصححه الألباني]

    ويتأكد الإكثار من ذكرالله عقب الانتهاء من الفرائض؛ كالصلاة والصيام والحج، فدبر الصلاة يُعد من أوقات الإجابة، ويُشرع للإنسان فيه الاستغفار، والتسبيح، والتحميد، والتكبير، وتلاوة آية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، واللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، واللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وغيرها من الأذكار التي تشرع عقب الصلاة.

    ويقول -تعالى-: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾[البقرة: 200] وهذا في الحج.

    ويقول -سبحانه-: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾[البقرة: 185] وهذه الآية وردت بشأن الصيام، حيث يشرع للمسلمين أن يبدأوا التكبير في عيد الفطر من رؤية الهلال حتى يغدو الناس إلى المصلى وحتى يصعد الإمام على المنبر ويستأنف العباد شهر شوال بانقضاء رمضان حيث يكونون قد تزودوا بزاد التقوى وشعروا بحلاوة الإيمان ودفء اليقين وتربوا تربية إيمانية يستصحبونها في سيرهم إلى الله في شوال وفي سائر أشهر العام، قال -تعالى-: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾[التوبة:36] فبين -سبحانه- أنه وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السموات والأرض، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة، وحكمها باق على ما كانت عليه لم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها.

    والمقصود من ذلك اتباع أمراللهفيها ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها، وتعلق الأحكام على الأسماء التي رتبوها عليه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ الله السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ)[رواه البخاري ومسلم]، وهذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام من العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط -وإن لم تزد على اثني عشر شهرًا-؛ لأنها مختلفة الأعداد، منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص.

    وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص، والذي ينقص ليس يتعين له شهر، وإنما تفاوتها في النقصان والتمام على حسب اختلاف سير القمر في البروج.

    وشهر شوال الذي يعقب رمضان هو من جملة أشهر الحج ويعقب ذلك ذو القعدة وذو الحجة وكلاهما من أشهر الحج والأشهر الحرم.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 15-11-2014, 02:44 PM.
    رب اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
    قال صلوات ربي وسلامه عليه
    - : ( طوبى لمن وجد في كتابه استغفاراً كثيراً )
    MostaFa Mahmoud ELmasry‎‏

    تعليق


    • #3
      رد: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

      فهل يليق بنا أن نقلل من طاعاتنا وعبوديتنا في هذه الأشهر؟! يقول -تعالى-: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[البقرة: 197] فجميع السنة وقتٌ للإحرام بالعمرة، وأما الحج فيقع في السنة مرة، فلا يكون في غير هذه الأشهر.

      قال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهري: أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كله، وقال ابن عباس والسدي والشعبي والنخعي: هي شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة.

      فشمر عن ساعد الجد، واحذر -رضي الله عنه-لتسويف، واحذر طريقة قوم غرهم طول الأمل، قال -تعالى-: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾[البقرة: 148]، وقال -تعالى-: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾[آلعمران: 133].

      وعن جابر -رضي الله عنه- قال: (قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ. فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ)[رواه البخاري ومسلم]

      وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: (أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغْتِ الحُلقُومَ، قُلتَ لِفُلاَنٍ كَذَا، وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَد كَانَ لِفُلاَنٍ)[رواه البخاري ومسلم]

      وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: (بادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا: هَل تَنْتَظِرُونَ إلاَّ فَقرًا مُنسيًا، أَوْ غِنىً مُطغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفْندًا، أَوْ مَوتًا مُجْهزًا، أَوْ الدَّجَّالَ؛ فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوْ السَّاعَةَ؛ فالسَّاعَةُ أدهَى وَأَمَرّ؟)[رواه الترمذي وقال حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين]

      ونصيحتي لنفسي ولإخواني أن ننصبغ بصبغة الإسلام في يومنا وليلتنا فنحافظ على تأدية جميع الصلوات في وقتها: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾[النساء: 103].

      ويجب على الرجل أن يصلي في جماعة في المسجد، كما ينبغي المحافظة على السنن القبلية والبعدية، والإكثار من تلاوة القرآن وذكرالله-تعالى-وخصوصًا الأذكار الموظفة كأذكار الشروق والغروب وأذكار النوم.

      وعلى العبد أن يتفكر في الموت والقبور والآخرة والوقوف بين يدي من لا يخفى عليه خافية، وتطاير الصحف إلى اليمين وإلى الشمال.

      واحرص على الإكثار من الدعاء، فالدعاء هو العبادة، ولن يهلك مع الدعاء أحد، وإذا ألهم العبد الدعاء فإن الإجابة معه، ولا تعارض بين ذلك كله وبين العمل والتكسب والقيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى.

      فاللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.

      وَآخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
      التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 15-11-2014, 02:44 PM.
      رب اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
      قال صلوات ربي وسلامه عليه
      - : ( طوبى لمن وجد في كتابه استغفاراً كثيراً )
      MostaFa Mahmoud ELmasry‎‏

      تعليق


      • #4
        رد: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

        بارك الله فيك اخى الحبيب

        تعليق


        • #5
          رد: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ

          أحسن الله اليك اخي الكريم ونفع الله بما كتبتم وجعله في موازين حسناتكم .
          عطفا على ذكرتم اخي الكريم فإن سمحتم لي بالمشاركة في هذا الموضوع فأنا اوصي كذلك بالمداومة ايضا على العمل الصالح وإن قل فكثرة التنقل بين العبادات كما ذكرتم هي لها فائدة عظيمة وجليلة ولكن هل يحسن كل منَا الاتقان في عمله والبلوغ به الى ذروة سنامة واعطائه حقه مما وجبه الله عليه فلا ينبغى المرور على اي عمل او طاعه فرضها الله تعالى أو أوصى بها نبيه الكريم هكذا مرور الكرام بل يجب الأحسان والإتقان والإتيان بالعمل أو الطاعة التي فرضها علينا الشارع على الوجه المطلوب كما يريد بذلك الله ورسوله .
          فوصيتي في هذا الامر هو المداومة على اي طاعة أوعبادة كانت مما شرعها الله ورسوله ،
          فقد قال الحسن البصري - رحمه الله - : يا قوم المداومة المداومة، فإن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت(2) ، فلم يجعل الله في الآية الكريمة {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }حداً زمانياً، أو مكانياً، أو كمية من العمل، إذا وصل إليها العبد توقف عن العبادة وإنما جعل ذلك حتى الموت.
          فالمداومة على العمل الصالح ،دون انقطاع حتى الموت، هي وصية الله - عز وجل - لعبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -.
          وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك. فقد وصفت عائشة - رضي الله عنها - عمله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: " كان عمله ديمة " (3) والديمة في كلام العرب تطلق على المطر إذا استمر نزوله فترة طويلة (4) أسبوع، أو عدة أيام، أو حتى عدة ساعات متصلة، ولا شك أن الديم من المطر أنفع للعباد، وللشجر، وللأرض وللمياه الجوفية، وأن نفعه أكثر من المطر الذي ينهمر بغزارة لدقائق، ثم ينقطع ، وكذلك العمل الدائم المستمر، نفعه للعبد، وفوائده أكثر من فوائد العمل الكثير، الذي ينقطع بسرعة،
          فإن بعض الناس قد ينشط لنوع من أنواع العبادة، فيتحمس، ويبدأ بعمل كثير، وربما أصيب بالفتور؛ بسبب عدم إلفه، أو لعارض، فترك العمل، وربما لم يعد إليه بعد ذلك ، وأما المداومة ولو على القليل، فإن الغالب أنها لا تتعرض للانقطاع.
          كما أنّ لها فوائد وثمرات كثيرة منها :
          1-أنها أحب العمل إلى الله:فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أحب العمل إلى الله تعالى فقال - صلى الله عليه وسلم - " أدومه وإن قل " (5)
          2- أنها أحب العمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:فقد أخبرت عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يحب من العمل ما داوم عليه صاحبه ولو كان قليلاً (6).
          3- أن الغالب أنّ العمل القليل مع المداومة والثبات عليه يزداد وينمو: بخلاف العمل الكثير في البداية، فإنه عرضة للانقطاع؛ لكونه قد يكون شاقاً في البداية، فيتركه العبد لأي عارض.
          ومن النماذج المؤثرة في هذا الشأن: أن رجلاً كان يعاني من عدم محافظته على صلاة الوتر، فمرة يصليها ومرة لا يصليها ، ومرة يصليها واحدة وأخرى يصليها ثلاثاً ، فعاهد نفسه أن يصليها ركعة واحدة في ليالي الصيف، وخمساً في ليالي الشتاء، فلم يمر عليه عام حتى صار يصليها إحدى عشرة ركعة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
          4-أن المداوم على العمل يكتب له أجر عمله إذا لم يتمكن من أدائه:فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً " (7)
          5-أنها تعين العبد على العمل في مواسم الطاعات كرمضان وغيره؛ وذلك لأن المداوم على الطاعة، ولو كانت قليلة إذا جاءت تلك المواسم، استطاع أن يزيد من العمل، وأن يصبر عليه ولو كان كثيراً، لأنه تربى عليه طيلة العام، بل أنه يجد لذة ومتعة لا يجدها الآخرون، وهذا بخلاف من ليس عنده مداومة، فإنه سرعان ما يصاب بالفتور في مثل تلك المواسم، وبالتالي يضعف، وينقطع، ويخسر مواسم الخير؛ بسبب عدم إلفه للطاعة، وتربية نفسه عليها.
          وينبغي أن يعلم أن المداومة ليست خاصة بالنوافل، بل هي مطلوبة في الفرائض أولاً، ففي الحديث القدسي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : قال الله تعالى " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه " (8)
          فهناك مرتبتان:
          الأولى: الفرائض، وفيها قوله تعالى " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه " وأحب صيغة تفضيل، وهي تفيد محبة زائدة.
          الثانية: النوافل،وفيها قوله تعالى " ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه "
          والنوافل مرتبة أدنى لكنها إذا اجتمعت مع الفرائض حققت للعبد شيئاً عظيماً " كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به " فيصير مسدداً في أقواله، وأفعاله، وسمعه، وبصره، مستجاب الدعاء (9) - نسأل الله الكريم من فضله- ولا يعني هذا أن النوافل أفضل، كما أنه لا يعني أن المحبة حصلت بسببها لقوله: " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه " ولذا قال ابن حجر - رحمه الله -: (المراد من النوافل: ما كانت حاوية للفرائض، ومشتملة عليها، ومكملة لها، ولذا قال بعض أهل العلم: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور). (10) أخي المسلم: هذا شيء من هدي نبيك - صلى الله عليه وسلم - في العبادة، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ( وقد أعطيت هذه الأمة ما لم تعطى بقية الأمم ببركة متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث كان أفضل الخلق وهديه أكمل الهدي - صلى الله عليه وسلم -) (11)

          والحمد لله رب العالمين

          -------------------------------------------
          (1) البخاري. الجنائز باب الدخول على الميت بعد الموت إذا ادرج في أكفانه عن أم العلاء - رضي الله عنها -

          (2) المحجة في سير الدلجة ص 71 ابن رجب، دار البشائر الاسلامية ط3 – 1409هـ
          (3) البخاري. الرقاق باب القصد والمداومة على العمل.
          (4) فتح الباري 11/305
          (5) البخاري السابق.
          (6) البخاري السابق .
          (7) البخاري الجهاد والسير باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة
          (8) البخاري الرقاق باب التواضع
          (9) شرح الأربعين النووية ابن عثيمين 412
          (10) فتح الباري 11/351
          (11) اقتباس من كلام لابن رجب الحنبلي في المحجة في سير الدلجة 57



          التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 15-11-2014, 02:45 PM.
          "إذا وجدت الأيام تمر عليك ، و ليس لكتاب الله حظ من أيامك و ساعات ليلك و نهارك ، فابك على نفسك ، و اسأل الله العافية، و انطرح بين يدي الله منيبا مستغفرا ، فما ذلك إلا لذنب بينك و بين الله ، فوالله ما حرم عبد الطاعة إلا دل ذلك على بعده من الله عز وجل"

          تعليق

          يعمل...
          X