بسم الله الرحمن الرحيم
من عادتي أن أتنقل بين المساجد فهذا أصلي فيه الفجر وذاك الظهر...
تارة لمشاغل وتارة للتنويع......
صليت إحدى الصلوات في مسجد مكتظ بالعمالة الوافدة....
كان صوت الإمام نديا خشوعا....
رأيت عجبا من أولئك العمال في تلك الصلاة.....
فهذا يبكي وهذا يحن حنينا وهذا مسهب في الدعاء....
وهذا يجأر بشكواه إلى ربه ومولاه.....
انشرح صدري وأنس فؤادي بذلك الجو الإيماني الرقيق.....
انصرفنا من الصلاة فمكثت في مصلاي....
أخذت بسرد الأذكار بعد الصلاة وأذكار المساء .....
قمت لأداء السنة....
ثم انصرفت للخروج من المسجد....
وقبل أن أخرج صادفني رجل يعلوه السمت الحسن والوقار ......
فسلم علي .....
رددت عليه السلام....
أجلت طرفي في وجهه ..... فإذا بالوجه يشع نورا ..... زينته لحية شقراء اللون....
أطرق قليلا وكأنه يريد أن يحدثني ولكنه متردد....
قلت تفضل يا أخي....
هل تريد شيئا....
فقال وقد علت وجهه الحمرة والله يا شيخ إنني مستحي ....
لكن أنا عمي في الرياض وعنده عملية أظنه قال في الظهر والحمد لله يا أخي لقيت متبرعا له والحمد لله تكفل بتكاليف العملية كلها وكذلك تكاليف الإقامة بالمستشفى له ولي لأني مرافقه...
قلت الحمد لله وأسأل الله تعالى أن يجزي هذا الرجل خير الجزاء...
قال يا أخي لكن أنا لي أخ في القرية الفلانية وسماها يعمل فيها أخي وأنا والله لي فترة لم أره...
وليس عندي من المال الشيء الذي يوصلني إليه....
وقد أخبرت إمام المسجد بذلك فاعتذر مني وأعطاني عشرة ريالات...
قلت يا أخي كم يكلفك الوصول لأخيك ..
قال مئة ريال ...
أجلت بفكري...لأتذكر ما الذي أملكه ذلك الشهر....
وجدت أني لا أملك إلا مئة ريال فقط في حسابي أ ستغفر الله مئة وعليها كسور ولكنها لاتصل إلى المئة الثانية....
والله لقد وقعت في حرج .... إن أعطيته بقيت بدون مال وإن اعتذرت أنبتني نفسي على فوات هذه الفرصة....
بدت هنا سهام الدنيا في الظهور أنسيت أن الشهر مازال في منتصفه....
ألم تتذكر أطفالك ألم .............
ومازال داعي الخير في قلبي... أنفق وسيعوضك الله ....
حزمت أمري وخيرا صنعت...فقلت هلم معي....
ركبنا السيارة واتجهت إلى الصراف .....
سحبت المائة الريال....ولم يبق في الحساب إلا ريالات معدودة لا ترقى للخروج بأمر البطاقة....
أعطيتها لهذا الرجل واعتذرت منه لعدم القدرة على الزيادة....
أوصلت الرجل لمحطة النقل و وادعته....
انطلقت بسيارتي.....
والله يا أحباب إني لا أملك في تلك الفترة غير هذه المائة ريال... ولكني كنت على ثقة أن الله سيعوضني خيرا منها .....
ولكن كيف ....... الله أعلم.....
رجعت إلى المنزل.....
بعد أن صليت العشاء....
دخلت وإذا بأبنائي يا أبي أين العصير والآخر أين لعبتي....
قلت قريبا إن شاء الله آتيكم بها,,,,,
تعشيت ونمت....
قمت لصلاة الفجر......
ذهبت وصليت الفجر في أحد المساجد....
جلست بعد الفجر قليلا لأكمل الأذكار.....
تذكرت .....
آه إن لدي حسابا في البنك الفلاني قد هجرته من فترة طويلة... قرابة السنة.....
ولكن.... الرقم السري للبطاقة لا أعرفه.....
قد ضاع مني...
لا أذكر مقدار المال الذي فيه....
لكني مررت على الصراف....
أدخلت البطاقة....
طلب الجهاز الرقم السري أدخلت رقما يغلب على ظني .....
فتح الحساب ....
استعلام....
لديك 3600 ريال في الرصيد...
أعدت النظر ..... فركت عيني.... المبلغ صحيح.....
قمت بسحب المبلغ كامل ... نعم إنها ثلاثة آلاف وستمائة ريال....
يا رب لك الحمد ..... اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا ......
والله أني خرجت لصلاة الفجر وأنا موقن أني لا أملك شيئا ....
فالحمد لله الذي عوضني....
100 ريال رجعت بعد أقل من عشر ساعات 3600 ريال .....
الله لك الحمد.....
تذكرت حينئذ .......
قول النبي صلى الله عليه وسلم( ما نقصت صدقة من مال) رواه مسلم
قد يقول بعض الإخوة المال كان في رصيدك....
أقول نعم.....
ولكن من ذكرني إياه بعد أن نسيته ..... ومن ذكرني بالرقم الخاص بالبطاقة.....
فلا شك أن للصدقة أثرا لا ينكر......
وأسأل الله تعالى أن يجعل ذلك سترا وظلا يوم القيامة....
تعليق