الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام الأولين والآخرين صلى الله عليه وأله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن ربنا الغني عنا يدعونا للتوبة من معصيته، ويحثنا على الرجوع إليه، وهو الغني عنا ونحن الفقراء إليه، وينكر علينا عدم الإقبال عليه فيقول: أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:74]. ويُظهر لنا أنه يريد منا التوبة والرجوع إليه، فليس له حاجة في تعذيبنا، ولكن ثمةَ موانع تمنعنا عن التوبة إليه.
إنهم شياطين الإنس والجن الذين يزينون للناس المعصية ويدعونهم إليها، ما تركوا طريقا يقربهم من الله إلا قعدوا عليه يذودون الناس عنه، وما تركوا سبيلا يبعدهم عن الله إلا زينوه وبهرجوه، يغيرون الأسماء لتختفي الحقائق، يجلبون بخيلهم ورجلهم للصد عن سبيل الله، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا [النساء:27].
نشروا الخمور والمخدرات ليضلوا الناس ويبعدوهم عن ربهم ومرضاته، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
أنشؤوا القنوات، وعرضوا فيها كل غانية وفاتنة، فأشعلوا كوامن الشهوات في نفوس المسلمين، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
أخرجوا المرأة من خدرها وعفافها، وكرهوا إليها الحجاب والستر، وعرضوها سلعة بأيدي أرباب الشهوات وتجار الرذيلة، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
أكلوا الربا ويسروا سبله، وأوقعوا فيه المسلمين، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
ابتدعوا شعائر وبدعا ما أنزل الله بها من سلطان، وزخرفوها وزينوها في عيون المسلمين، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
سخروا من الدين، وذموا الحجاب، واستهزؤوا بأهل الصلاح والتقوى، لا لشيء إلا للقدح في دينهم، وأظهروا التدين على أنه تخلف ورجعية، وترك التدين والاعتراض على أحكام الله ثقافة وتقدم، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
عرضوا المسلسلات الكوميدية والمسرحيات الموسمية، فأظهروا الفضيلة فيها رذيلة، وصوروا الحق فيها باطلا، فاستمالوا فئاما من المسلمين، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
صوروا العيد على أنه حفلات مختلطة وغناء ومعصية ومشاهدة للألعاب السحرية والمسرحيات الترفيهية، فغدت الأعياد الشرعية أياما للمنكرات والمخالفات، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا.
أخوتي في الله أشهد أن لا اله الا الله وان محمد رسول الله
إنها دعوة من ربنا عز وجل لعباده أن يتوبوا إليه ويستقيموا على أمره، فلنحذر جميعا سخط الجبار ونقمته، فإنه ليس بيننا وبين الله نسب، إنما صلتنا بربنا هي التقوى، فوالله لنتقين الله أو ليعذبنا الله.
كم من النذر تتوالى علينا في هذا البلد وفي غيره من بلاد المسلمين فلا نتّعظ، فما زعزعة الأمن وانتشار القتل واستحلال الدماء إلا فتنة من الله، وما خسوف القمر وكسوف الشمس إلا تخويف من الله، وما حصول الزلازل والهزات الأرضية إلا نذير من الله، أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ [التوبة:126].
فالتوبة التوبة، والاستقامة الاستقامة على أمر الله، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96].
فأين تطهير قلوبنا والرجوع الى الملك انها توبه بعدها توبه بعدها جنه باذن الله ؟؟
اللهم تب على كل عاصي مسلم ونحن معهم بفضلك ياحي ياقيوم ياذا الجلال والاكرام
ونسألكم الدعاء
تعليق