إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القيم الإنسانية في سورة الحجرات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القيم الإنسانية في سورة الحجرات

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الفهرس:
    القيم الإنسانية في سورة الحجرات

    # 2.1
    التعديل الأخير تم بواسطة مهاجر إلى الله ورسوله; الساعة 29-07-2020, 09:52 AM.
    رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

  • #2
    القيم الإنسانية في سورة الحجرات
    ***************************************
    الحمد لله ربِّ العالمين، اختار لنا الإسلام ديناً، والقرآن كتاباً، والكعبة قبلةً، وسيِّدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم نبياً ورسولا.

    وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، أعزَّنا بهذا الدين، ورفع شأننا عنده في الدنيا وجعلنا في الآخرة من عباده المقربين - إن تمسكنا بما أوصانا به، وصرنا دائماً وأبداً نَعِي أننا عباد الله المسلمين.

    وأشهد أن سيِّدنا محمداً عَبْدُ الله ورسوله، اختاره الله عزَّ وجلّ على حين فترةٍ من الرسل، وقضى به على الجاهلية، وأزال به وبشريعته الشِّركَ والوثنية، وأحيا به هذه الأمة حياة تقيَّة نقيَّة، صاروا فيها في الحقِّ سواء، وجعلهم الله عزَّ وجلّ إخوةً متآلفين متكاتفين، يسعون إلى الخير وإلى العمل الصالح في الدنيا ليفوزوا بالسعادة الأبدية يوم الدين.

    اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيِّدنا محمدٍ، الذي جعلته ختام الأنبياء والمرسلين، وجعلت شريعته وكتابه مُهيمِنَيْن على ما جاء به النبيِّون والمرسلون، وجعلته إماماً للناس جميعاً يوم الدين وشفيعاً للخلق أجمعين.
    صلِّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وكلِّ من اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وعلينا معهم أجمعين، آمين .. آمين، يا ربَّ العالمين.


    إخواني جماعة المؤمنين:

    ذكر لنا الله تعالى آياتٍ من كتاب الله عزَّ وجلّ في سورة الحجرات، وهي سورة الآداب الإلهية التي أوصى الله بها عزَّ وجلّ المؤمنين، ليسعدوا في حياتهم الدنيوية، وتصير مجتمعاتهم مجتمعات تقيَّة نقيَّة، لا فيها غلٌّ ولا حقدٌ ولا حسدٌ، ولا شيء مما يُغضب الله، أو أمرٌ تُنتهك به شريعة الله. ووالله - يا إخواني - لو عملنا بهذه السورة لسعدنا في دنيانا أجمعين، وكنَّا في يوم القيامة إن شاء الله من الفائزين.

    وأكتفي بحقيقة واحدة في صدر آية قرَّرها الله عزَّ وجلّ في هذه السورة، وألزم بها المؤمنين – السابقين، والمعاصرين، واللاحقين - في أى بلدٍ أو أى مجتمعٍ من المجتمعات، عليهم أن يطبقوا هذه الحقيقة في كل أوضاعهم وفي كل حالاتهم، ماذا قال الله لنا؟
    "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (10الحجرات).

    كلُّ المؤمنين، كلُّ مَنْ قال: (لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله)، في أى موضعٍ في الدنيا، في أى مكانٍ في الأرض، فهو أخٌ لنا، له حقُّ الأخوة الإيمانية في أعماقنا، وإن لم نَقُمْ بهذا الحقِّ حاسبنا عليه يوم القيامة ربُّنا عزَّ وجلّ.

    ما هذا الحق الذي علينا لإخواننا المؤمنين؟

    يوضِّح النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم في سُنَّته بعض هذه الحقوق فيقول صلوات ربي وتسليماته عليه:
    (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يُسْلِمُه، ولا يحقره، بحسب أمرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه). (رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)
    صلوات ربي وتسليماته على هذا النبيِّ الذي لا ينطق عن الهوى،
    "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" (4النجم).


    سمع أصحاب النبيِّ هذه الآيات وإلى تفسيرها من كلام خاتم الأنبياء والمرسلين، فألغوا العصبية الجاهلية، ولم يَعُدْ الواحد منهم يهتم - أول ما يهتم - بالعصبية إلى قبيلته، أو إلى أسرته، أو إلى بلدته، أو إلى دولته، وإنما كانت العصبية لله، ولدين االله، ولكتاب الله، ولكل المؤمنين بالله عزَّ وجلّ.

    تعالوا معي إلى واقعة من وقائع المسلمين وهي غزوة بدر: كان من جيش المسلمين في هذه الواقعة مصعب بن عُمير رضي الله عنه، وبعد انتهاء الواقعة مرَّ ليتفقَّد الجيش فوجد أخاه لأمه وأبيه - وكان مشركاً - أسيراً مع نفرٍ من المسلمين، فناداه: يا مصعب استوصي بي خيراً، فالتفت إلى المسلميْن اللذين أسراه وقال لهما: استوصوا بأسيركما خيراً ولا تُفرِّطا فيه، فإن أمَّهُ غنيّة وستفديه بمالٍ كثير. فقال له أخوه لأمه وأبيه معاتباً: أهذه وصيتك بأخيك؟ قال: لستَ أخي، وإنما هؤلاء أخوتى، والإسلام فرَّق بيننا. بعد أخوة الإسلام لا أخوُّة بينهم وخاصَّة بعدما سمعوا الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يقول:
    (أدخل الإسلام بلالاً - وهو الحبشي - في نَسَبِي، وأخرج الكُفرُ أبا لهبٍ - وهو عمُّه - مِنْ نَسَبِي).


    فنسب الإسلام هو الذي يحرص عليه المسلم على الدوام، لأنه النسب الذي ارتضاه لنا الواحد الملك العلام عزَّ وجلّ.

    والحقيقة الثانية في هذا الأمر: كيف نُبجِّل المسلمين؟ ومن الذي يستحق منهم التكريم؟ ومن الذي ينبغي له التبجيل؟ عملوا بقول الله: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ" (13الحجرات) .. التقوى!!
    ولما كانت التقوى في القلوب، ولا يطلع عليها إلا علام الغيوب، فأصبح هذا الأمر غير مطروحٍ بالمرَّة، لأنهم كانوا كلُّ رجُلٍ منهم يعتقد تمام الإعتقاد أن إخوته المؤمنين جميعا خيرٌ منه عند الله عزَّ وجلّ، وخاصَّة بعد قول الحبيب صلى الله عليه وسلَّم:
    (لا فرق بين أحمر ولا أسود ولا أبيض ولا أعجمي ولا عربي، إلا بتقوى الله والعمل الصالح). (رواه أحمد عن جابر بن عبدالله)

    "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ" (13الحجرات)،
    فوضعوا أخوة الإسلام هي الأخوة الدائمة لأنها هي الأخوة الباقية في الدنيا والآخرة، وقاموا لهذه الأخوة بحُرماتها وحقوقها وواجباتها لله طلباً لمرضاة الله.

    انظر يا أخي إلى ما نحن فيه وما كانوا عليه!!! نرى الأخ من الأب والأم يهجر أخاه، وربما يشكوه في المحاكم، ويقاطع أولاده من أجل ميراثٍ فاني، قطعة أرضٍ أو بضع جنيهاتٍ ورثاها سوياً عن الأبوين!!! بينما نجد الأخوة في الله، يأتي الرجل من بلدة بعيدة، ومن ديارٍ بعيدة، لا علاقة له به، ويدخل المدينة مُسْلِماً، فيذهب الأنصار إلى حضرة النبيِّ، كلُّهم يَوَدُّ أن يستضيف ضيفَ النَّبِيِّ ويُؤآخيه!! لا يُضيِّفه ليلة أو بضع ليالي ويتركه، وإنما يؤآخيه!! حتى قيل في الروايات: أنَّ الرجل كان يجتمع عليه خمسون رجلاً من الأنصار، كلُّ واحدٍ منهم يُريد أن يفوز به.


    فكان النبي صلى الله عليه وسلَّم لمَّا يجدُ ذلك يُجري القرعة بينهم، ومن تقع عليه القرعة يفرح كأنه فاز بجائزة عظيمة لأنه فاز بأخٍ في الله!! يأخذه ويصير له أخاً في الدنيا والآخرة، ويأخذه إلى بيته ويقول له:
    (هذا مالي ويقسِّمه ويقول له: اختر أيهما شئت، وهذا بيتي ويقسِّمه نصفين ويقول له: اختر ماشئت، وإن كان غير متزوجٍ - وله زوجتان - يقول: انظر إليهما، فأيهما أعجبتك أطلِّقها، وبعد انتهاء عدَّتها تتزوجها).

    ما هذا الذي حدث؟
    بحبوحة الإيمان!!
    انشراح الصدور للإسلام!!
    إمتلاء القلوب بنور حضرة الرحمن!!!
    الإيمان الذي يقول فيه ربُّ العزِّة عزَّ وجلّ:
    "مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا" (52الشورى).


    هذا النور الإيماني جعل هذه الوسعة في الصدور، فكانوا فيما بينهم لا غلَّ ولا حقد ولا حسد، ولا شُحَّ ولا طمع، ولا كلمة نابية، ولا عبارة جافية، ولا خصومة ولا مشاجرات ولا مشاحنات!!! انطبق عليهم قول الله - والذي نرجوا أن يعُمَّنا أيضاً في هذه الدنيا إن شاء الله - عن أهل الإيمان الذي ينبغي أن يكونوا عليه في كل زمان ومكان:
    "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" (47إبراهيم).

    تولَّى سيدنا أبو بكر - بعد انتقال الحبيب صلى الله عليه وسلَّم إلى الرفيق الأعلى - الخلافة، وعَيَّنَ قاضياً واحداً لدولة الإسلام، وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والمحكمة في المسجد، وليس معه حُجَّاب ولا سكرتارية، ولا هناك محامون يدافعون، والراتب كان يُصرف من بيت مال المسلمين كل سَنَة - وأنتم تعلمون جميعاً أننا كنَّا نصنع المثالية في العصور الماضية لمن يقومون بأعمال خيرية لنا في مساجدنا أو في مقابرنا أو غيره - ومرَّ عام، واستدعى الخليفة القاضي ليُعطيه أجره عن العام الذي عمل فيه، فقال القاضي رضي الله عنه:
    لا حقَّ لي في هذا المال. قال: ولِم؟ قال: لأنني في هذا العام لَمْ تُعرض علىَّ قضية واحدة. فأراد أن يُبيِّن السبب لمن حوله فقال: ولِم؟!! فقال: إن قوماً آمنوا بربِّهم، وتابعوا نبيَّهم، وجعلوا كلامَ الله وكتابَ الله حَكَمَاً بينهم، لا يحتاجون إلى قاضٍ يحكم بينهم.


    ألم يكن بينهم مزوُّرين؟ ألم يكن بينهم كذَّابين؟ ألم يكن بينهم أفَّاكين؟ ألم يكن بينهم مُدلِّسين؟ ألم يكن بينهم ظالمين؟
    لم يكن ذلك!! لأنه من كان فيه خصلة من هذه الخصال فقد خرج من دائرة المسلمين. يقول النبي صلى الله عليه وسلَّم في المسلم - لنعرف مَنْ هو المسلم:
    (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ). (البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما)
    لا يؤذي بلسانه مسلماً قطّ!! إن كان بسبٍّ أو شتمٍ أو لعن أو كذبٍ أو تشنيعٍ. ولا يؤذي بيده إن كان بسرقة أو ***ٍ بسلاح أبيض أو غيره. لا يؤذي مسلماً قطّ لأن المسلمين إخوة، فكيف يؤذي إخوته المؤمنين؟ إذا فعل ذلك فقد خرج من دائرة الإسلام عندما يفعل ذلك


    ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلَّم عندما كان في حجِّة الوداع، خطب حوالي عشر خُطب، مرَّةً بجوار الكعبة، ومرَّةً على عرفات، ومرات في منى، وفي كلِّ خطبة يُكرِّر قولاً واحداً في جميع هذه الخطب: (كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ).( رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه)
    إذن مَنْ يَسْتَحِلّ دمَ مسلمٍ ليس بمسلمٍ، مَنْ يَسْتَحِل عِرْضَ مسلمٍ ليس بمسلمٍ، مَنْ يَسْتَحِل مالَ مسلم بغير حقٍّ ليس بمسلم. هؤلاء خرجوا من دائرة الإسلام، وإن كانوا يؤدون العبادات، ويكثرون من الطاعات!! إلاَّ أنهم غُرِّر بهم وخرجوا من دائرة الدين الحنيف، لأن: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ).



    منقول
    يتبع


    رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

    تعليق


    • راجعلك يارب بجد 2
      راجعلك يارب بجد 2 تم التعليق
      تعديل التعليق
      "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" (10الحجرات).
      أَمَرَ الله كلَّ مؤمنٍ أن يسعى - من نفسه بدون طلب ولا استدعاء - للصُلح بين أىِّ مُسْلِمَيْنِ اختلفا قريباً منه، أو علم أمرهما ويستطيع أن يَفْصِلَ بينهما، وإن قصَّر في ذلك يحاسبه الله عزَّ وجل عزَّ وجلّ على ذلك. لِمَ رأيت أخويك فلاناً وفلانا - وأخويك في الإسلام، ولا أقصد في العائلة فقط - يختصمان ولَمْ تتدخَّل لإزالة ما بينهما من شحناء، ألا تعلم أنك لو أصلحت بين مُسْلِمَيْنِ كان خيراً لك من كل العبادات النفلية التي تُوجب محبَّة ربِّ البرية؟!!
      كان خيراً لك من قيام الليل، ومن صيام النهار، ومن تلاوة القرآن، ومن أعمال الخير والبرِّ، لأنك أصلحتَ بين نَفْسَين مسلميْن كما طلب الرحمن عزَّ وجلّ في القرآن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلَّم مُقرِّراً هذه الحقيقة: (ألا أدلُكم على ما هو خيرٌ لكم من الصلاة – أى: النافلة – والصيام – أى: النوافل - والصدقة والحج؟ – أى: النوافل، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: إصلاح ذات البين). (الترمذي وأبو داود من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه)

      لأن تقضي بضع ساعة في إصلاح رجلين خيرٌ لك من قيام هذه الليلة من العشاء إلى الفجر في ركوعٍ وسجودٍ لله عزَّ وجلّ، لأن الركوع والسجود لك - وربما لا تحضر فيهما النفس، وربما لا يخشع فيهما القلب، وربما يُصاب بهما الإنسان بداء الغرور، وربما يظُن أنه خيرٌ من غيره فيُحبط عمله - لكن هذا عملٌ إجتباه الله ورضاه.


      لأن تقضي بضع دقائق في إصلاح مُسْلِمَيْنِ في النهار خيرٌ من صيام النهار أبد الدهر، لنسارع في هذه القضية التي قلَّ ونَدُرَ في عصرنا من يقوم بها الآن، منهم من يقول: لمْ يستدعِني أحدٌ لها، نقول له: ألا تعلم؟ يقول: أعلم، ولكن لم يَدْعُني أحدٌ للصُلح، ومنهم من يقول: حتى يضع كل واحدٌ شيكاً بمبلغ كذا وكذا من الجنيهات على المنضدة، ويتمُّ الحكم بينهما، ومنهم من يقول كذا وكذا. لكن النبوة لم تشترط ذلك!! وأصحاب النبيِّ لم يفعلوا ذلك!! بل كان كل واحد منهم يسارع مِنْ قِبَلِ نفسه في الإصلاح بين المؤمنين.

      قد يقول قائل: إنِّي رجل في نظري وفي نظر غيري ضعيف، وماذا يصنع الضعيف والفتنة بين طائفتين أقوياء؟ أقول له: خُذْ قول الله عزَّ وجلّ: "إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا" (35النساء). لو أردت الإصلاح - بصدقٍ ويقين - فإن الله سيمدُّك بمدده، ويُعينك بعونه، وتستطيع أن تقضي على هذه الفتنة مع أنك في نظر الناس ضعيف!! تأييداً لقول الله الذي أنزله في كتاب الله عزَّ وجلّ.

      علىَّ أن أسعى، وإذا رفض أحد الطرفين أحذِّره بقول النَّبِيِّ الأمين، قال صلى الله عليه وسلَّم: (مَنْ جاءه أخوه متنصِّلاً - أي معتذراً - فَلْيَقْبَلْ منه مُحقًّا كان أو مُبطلاً، فإن لم يقبلْ لا يَرد علىَّ الحوض). (الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه) الذي يأتيه أخوه أو يُرسل إليه يريد صلحه ويرفض، لا يرد الحوض على رسول الله.


      إذا كان الله جلَّ في عُلاه مهما يرتكب المرء من خطايا على ظهر الأرض إذا قال: تُبتُ يا ربِّ، يقول: وأنا قبلت، ويقول للسماوات وللملائكة عُمَّار السماوات فيم معناه: (بُشرى يا ملائكتي، فقد اصطلح عبدي معي، افتحوا أبواب السماوات لقبول توبته، ولدخول أنفاس حضرته، فَلَنَفَسُ العبد التائب عندي يا ملائكتي أعزُّ من السماوات والأراضين ومن فيهن). ربُّ العزِّة عزَّ وجلّ يأتيه الظالم - الذي لا حدَّ لما ارتكب من المظالم - ويقول: تُبتُ، فيقول الله: وأنا قبلت، فلِمَ لا تكون أنت يا أخي على أخلاق الله؟!!!

      إن الله كريم عفُوٌّ يُحب العفو، فلماذا لا تعفو لتنال عَفْوَ الله في الآخرة إن شاء الله؟ لماذا لا تغفر لتنال غُفران الله جلَّ في عُلاه؟ لماذا لا تكون على أخلاق حبيب الله ومصطفاه؟ وقد أمرك الله أن تتأسى به وتمشي على هُداه، وقال له في كتاب الله: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (199الأعراف).

      قد تكبِّر النفس والشيطان والناس من حولي الأمر في نفسي ويقولون: أنت لو تنازلت وتصالحت مع فلانٍ ستسقط مكانتك، وستنزل درجتك، وستكون ذلِّة لك. أقول لهم: لا، لقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (مازاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزِّاً) (رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.) لا يعفو الإنسان إلا وزاده الله من عَزِّه، لأنه تخلَّق بأخلاق الله وقد قال صلى الله عليه وسلَّم: (إن الله يحب من خلقه من كان على خلقه).


      ولذلك يا إخواني اعلموا علم اليقين أن الأرزاق والبركات تنزل من السماء على المؤمنين إذا سارعوا فيما قلناه، وفي تحقيق ما أمرنا به ربُّ العالمين. إذا نسي المسلمون هذا وتركوا المسلمين - هذا يحُطُّ على ذاك، وهذا يخاصم ذاك، وهذا يرفع الشكايات الكيدية على ذاك، وهذا يُهدِّد بأعمالٍ عُدوانية ذاك - كما نرى الآن - ارتفعت عنا عناية السماء، وحُرِمْنَا البركات في الأرزاق، وكنا - كما نرى جميعاً - في همٍّ وغمٍّ ونكدٍ على الدوام، بسبب حالنا الذي أصبح لا يُرضي الملك العلام عزَّ وجلّ.

      فعلينا جماعة المؤمنين أن نصلح أحوالنا حتى تكون بلادنا طيبة، "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ" (58الأعراف). ولو أنا أصلحنا أحوالنا لانطبق علينا قرآن ربِّنا: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" (96الأعراف)

    • مهاجر إلى الله ورسوله
      مهاجر إلى الله ورسوله تم التعليق
      تعديل التعليق
      جزاك الله خيراً أخي الكريم
      وبارك فيك

  • #3
    وخير جزاكم الله ،
    اللهم آمين
    التعديل الأخير تم بواسطة مهاجر إلى الله ورسوله; الساعة 29-07-2020, 09:42 AM.
    رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

    تعليق

    يعمل...
    X