شِعَارُ الْمُوَحِّدِينَ: حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
أَوَّلاً: نصُّ الحديثِ:
عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُما -: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾[1].
ثَانياً: الفوائدُ المستنبطةُ مِنَ الحديثِ:
1- حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ: شِعارُ الموَحِّدينَ مِنْ خيارِ عِبادِ اللهِ الصَّالحينَ في الأَزماتِ الشَّديدةِ والمَضايقِ العظيمةِ؛ فقدْ قالَهَا خَلِيلُ الرَّحمنِ: (إبراهيمُ) عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ لَمَّا أَرادَ بهِ قَوْمُهُ كَيْداً بإلقائهِ في النَّارِ لإهلاكهِ؛ والقضاءِ عليهِ[2]؛ وقَالَهَا (مُحَمَّدٌ) صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَّلمَ يَوْمَ أُحُدٍ؛ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ بَعْدَ انْصرافهم مِنْ أُحُدٍ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخْشوهم[3].
2- الْحَسْبُ مَعْنَاهُ: (الْكِفايةُ)[4]؛ فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى هُوَ(الكَافي) وَحْدَهُ لعبادهِ المؤمنينَ في دَفْعِ المَضَارِّ عَنْهُمْ[5].
3- فِيهِ إِثْباتُ اسمٍ عَظيمٍ مِنْ أَسماءِ اللهِ الْحُسْنى؛ أَلا وهو (الوَكيلُ)[6]، وَيَعْنِي: القَائِمَ بِشُؤونِ عِبادِهِ؛ الْكَفِيلَ بِهَا؛ الْحَافِظَ لَهَا؛ الْمُتَوَلِّي لِتدبيرِ خَلْقِهِ بِسَعَةِ عِلْمهِ وَكَمَالِ قُدْرَتهِ وعَظِيمِ حِكْمَته[7].
وَدعاءُ اللهِ جَلَّ وعلا بِهَذا الاسمِ العظيمِ؛ كَغيرهِ مِنَ الأسماءِ الْحُسْنى: دُعاءُ مَسْأَلةٍ، وَدُعاءُ عِبادةٍ؛ فَأَمَّا دُعاءُ المَسألةِ فَهُوَ قَوْلُ العبدِ حَالَ الأزمةِ الشَّديدةِ والضَّائقةِ العظيمةِ: ﴿ حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ ﴾، وأَمَّا دُعاءُ العِبادةِ فَهُوَ اعتقادُ العَبْدِ الْجَازِمِ أَنَّ التَّدبيرَ كُلَّهُ بيدِ اللهَ عَزَّ وجلَّ، وَ الْيَقِينُ الرَّاسِخُ أَنَّ شَأْنَ العَبْدِ كُلَّهُ تَحتَ حُكْمِ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ؛ وَبِذَا يُفَوِّضُ الْعَبْدُ أَمْرَهُ كُلَّهُ للهِ سُبْحانَهُ وَتَعَالى.
4- الثِّمارُ العَظِيمةُ لِهَذا الذِّكْرِ الْكَبِيرِ والْعَوَاقِبُ الْحَمِيدةُ لَهُ[8] تَتَمَثَّلُ فِيما يلي:
أ- حُصُولُ العَافيةِ وَالأَمْنِ وَالسَّلامةِ.
ب- الفَوْزُ بِالأَجْرِ العَظِيمِ وَالثَّوابِ الْجَسيمِ.
جـ- حِفْظُ الْعَبْدِ مِنْ كَيْدِ الأعداءِ وَصَرْفُ سُوئهِمْ عَنْهُ.
5- التَّنبيهُ عَلَى بَعْضِ الأحَاديثِ الَّتي لَمْ تَثْبُتْ في هَذَا البابِ، والَّتي لا تَصِحُّ نِسْبَتُهَا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِحَالٍ مِنَ الأَحْوالِ؛ وَمِنْهَا:
أ- ((إِذَا وَقَعْتُمْ في الأَمْرِ العَظِيمِ؛ فَقُولُوا: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾؛ وَهُوَ (ضَعِيفٌ جِدًّا)[9].
ب- ((حَسْبِي مِنْ سُؤَالي عِلْمُهُ بِحَالِي))؛ وَهُوَ (مِنَ الإِسْرائِيلِيَّاتِ؛ وَلا أَصْلَ لَهُ في المَرْفُوعِ، وَهُوَ مَنْسوبٌ لإبراهيمَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ زُوراً وَبُهْتَاناً)[10].
[1] أخرجه البخاريُّ في: ((صحيحه)): (كتاب التفسير، باب تفسير سورة آل عمران، 4/1663/ح4287).
[2] كَمَا في قَولهِ تعالى: ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [الصافات: 98].
[3] انظر: ((زاد المعاد)): (2/325) لابن قَيِّم الجوزية.
[4] انظر: ((مفردات ألفاظ القرآن)): (1/233) للراغب الأصفهاني، و((معجم مقاييس اللغة)): (2/59-60)-مادة: (حسب) لابن فارسٍ.
[5] انظر: ((مجموع الفتاوى)): (3/107و8/165) لابن تيمية، و((فتح الباري)): (1/105) لابن حجر.
[6] انظر: ((التوحيد)): (1/51) لابن خزيمة، و((التوحيد)): (1/468) لابن منده، و((الأسماء والصفات)): (1/23و211-212) للبيهقي.
[7] انظر: ((جامع البيان)): (6/245و9/311) للطَّبري، و((الأسماء والصفات)): (1/213) للبيهقي، و((التوحيد)): (1/468) لابن منده، و((المجموع)): (1/78)للنَّووي، و((بدائع الصنائع)): (6/19) للكاساني، و((التحرير والتنوير)): (4/170-171) لابن عاشور.
[8] انظر: ((الجامع لأحكام القرآن)): (4/282) للقرطبي، و((أضواء البيان)): (6/388) للشِّنقيطي.
[9] انظر: ((السِّلسلة الضَّعيفة)): (14/1100/ح7002) للألباني.
[10] انظر: ((السِّلسلة الضَّعيفة)): (1/74/ح21) للألباني.
منقول من موقع الألوكة
تعليق