سقط في الأيام الأخيرة أكثر من 140 مسلمًا، وجُرح أكثر من 800 آخرين في تركستان، في مواجهات مع قوات الاحتلال الصينية، التي ألقت باللائمة على جهات خارجية؛ هروبًا من الاعتراف بوجود مشكلة، تتمثل في الاحتلال والاضطهاد والقمع، الذي تمارسه في تركستان، حيث تواصل ـ ومنذ عدة عقود ـ تغيير الخرائط "الجيوديموغرافية"، وكذلك إبعاد المسلمين عن دينهم المحرك الرئيسي لنضالاتهم وبطولاتهم التاريخية، وكذلك تطلعاتهم المستقبلية في الحرية والازدهار والتقدم.
وقد كشف حجم الجريمة الصينية عن مدى استخفاف الصين بأرواح المسلمين، بعد مشاريع تجفيف الينابيع التي اعتمدتها سلطات الاحتلال في الحقبة الماضية، ومشاريع توطين الصينيين في مناطق المسلمين، ومصادرة أراضيهم لصالح النازحين من مناطق الصين المختلفة، وتمكين الوافدين الجدد على تركستان من كل الإمكانات المادية والتكنولوجية والاقتصادية، في حين يعيش أصحاب الأرض بوسائل العصر الحجري؛ كنقل المياه على الأكتاف وعلى ظهور الحمير وغير ذلك، بينما يسيطر الصينيون على 95% من الوظائف في المؤسسات المقامة على أرض تركستان الشرقية.
وتعتبر الصين وروسيا من أكبر الأعداء الإقليميين للمسلمين في المنطقة، حيث احتلتا تركستان، فهي مقسمة حاليًا بين تركستان الغربية التي تحتلها روسيا، وتركستان الشرقية والتي تحتلها الصين، وتقع تركستان الشرقية في وسط آسيا، حيث تحدها روسيا من الشمال، وقزاخستان وغيرغيستان وطاجيكستان من الغرب، وباكستان والهند من الجنوب، والصين من الشرق، ومنغوليا من الشمال الشرقي، وتبلغ مساحتها 640 ألف ميل مربع، أي ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، فيما يبلغ عدد سكان تركستان الشرقية 25 مليون نسمة، منهم 10 ملايين من الإيغور، ومليونان من القزاق، ونحو مليون من التركمانيين، والبقية من التتار والطاجيك.
وكانت تركستان ولا تزال تتمتع بأهمية تجارية عالمية كبرى، حيث كان طريق الحرير يمر بها، ومن الناحية الاقتصادية تمتلك تركستان الشرقية احتياطيًّا كبيرًا من النفط، يصل إلى 8 مليار طن، ويجري استخراج 5 ملايين طن في العام من مناطق كراماي، وواقبولاغ، وقيزيل طاغ وغيرها.
ويتم نقل خيرات تركستان إلى الصين، إذ لا يتمتع أهلها بأي من ثرواتها المعدنية، كما تنتج تركستان نحو 600 مليون طن من الفحم الحجري، الذي يستخرج من مساحة تبلغ 900 ألف كيلومتر مربع، وبها 6 مناجم يستخرج منها أجود أنواع اليورانيوم، ويستخرج من أراضي تركستان الشرقية 118 نوعًا من المعادن؛ من بينها الذهب والكريستال والملح والحديد، إلى جانب أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الخصبة.
دخول الإسلام:
ترى بعض المصادر أن الإسلام دخل إلى تركستان في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، على يد الصحابي الجليل الحكم بن عمر الغفاري، بيد أن مرحلة الفتح الحقيقية كانت في عهد عبد الملك بن مروان، على يد أحد فرسان الإسلام عبر التاريخ، قتيبة بن مسلم الباهلي، في الفترة ما بين 83 و94 هجرية، الموافق لـ 702م و712 م.
حيث انتشر الإسلام بشكل شبه شامل في تركستان الشرقية عام 934م، عن طريق الإيجور "ستاتوك بورجرخان"، الذي اعتنق الإسلام قبل أن يتولى العرش، ويصبح حاكم ولاية إيجور، وبعد أن أصبح حاكمًا اتخذ لنفسه اسمًا مسلمًا، هو "عبد الكريم ستاتوك"، وبإسلامه أسلم معظم التركمان من السكان، وسكان وسط آسيا، لتصبح بعد ذلك تركستان مركزًا رئيسيًّا من مراكز الإسلام في آسيا، وقد استمرت تلك الحضارة زهاء ألف عام.
ومن خيرة علماء المسلمين عبر العصور، الأئمة: البخاري والترمذي والزمخشري وغيرهم، وفي الألفية الهجرية الثانية، لمعت أسماء علماء منهم، مثل الشيخ "وانج داي يو"، و"مافوتشو"، الفقيه المرموق، وغيره.
الاضطهاد الصيني:
كان الاحتلال الصيني لتركستان أكبر كارثة حلت بتركستان، وقد احتل الصينيون تركستان الشرقية في 1174 هجرية، 1760م، ويُقدر عدد المسلمين الذين قُتِلوا آنذاك بمليون مسلم، ويروي محمد إركن، في كتابه (اضطهاد المسلمين التركمان في تركستان الشرقية): "لقد ألغى الشيوعيون الكتابة بالعربية التي كان المسلمون يستخدمونها لمدة ألف عام، وأتلفوا 730 ألف كتاب بالعربية، بما في ذلك نسخ من القرآن الكريم، وذلك تحت شعارات لا يزال يروج لها البعض في ديار المسلمين حتى هذه الأيام، وهي محاربة مخلفات الماضي، أو القطع مع الماضي، أو تجفيف الينابيع، أو التقدمية، أو اللحاق بركب الدول المتقدمة، وغيرها من العناوين الخداعة التي لم تُخرج الأمة من التخلف، ولم تُفْضِ إلى أي تقدم تكنولوجي أو سياسي أو ثقافي أو اقتصادي، وإنما زيادة التبعية للغرب، وتحويل المجتمعات إلى سوق لخردته، وترديد مفاهيمه للحياة وتمثلها.، مما زاد مجتمعاتنا رهقًا على رهق.
وصادر الاحتلال الصيني أراضي المسلمين تحت شعار "الإصلاح الزراعي"، وها هو يوزعها منذ عقود على مراحل، على المستوطنين الصينيين الذين يدفع بهم كالقطعان إلى تركستان، وأغلق الاحتلال الصيني الكتاتيب الملحقة بالمساجد، وأغلق 29 ألف مسجد، وأجبر المسلمين على إدخال أبنائهم للمدارس التي تركز على الإلحاد وتكفير المسلمين، على الطريقة الإلحادية.
وقضوا على الأوقاف بمصادرتها، والتي كانت توفر أكثر من 20 في المائة من لوازم التعليم، وتم اعتقال 54 ألف إمام، تعرضوا داخل المعسكرات الصينية للتعذيب والأشغال الشاقة، وتنظيف المجاري وتربية الخنازير.
وقد ثار المسلمون في تركستان الشرقية ضد الاحتلال الصيني في عام 1241 هجرية 1825م لمدة عامين، حيث كان العالم الإسلامي غارقًا في مشاكله مع الاحتلال الغربي، كما نظم المسلمون ثورات أخرى، منها ثورة 1272 هجرية، 1855م، واستمرت 20 عامًا، بقيادة يعقوب بك، تمخضت عن نيل تركستان الاستقلال في 1282 هجرية 1865م.
ولم تعترف الدول الكبرى ولا أية دولة أخرى باستقلال تركستان؛ مما شجع الصين على غزوها واحتلالها مرة أخرى في 1292 هجرية، 1875م، وفي 1350 هجرية 1931م ثار المسلمون مجددًا ضد الاحتلال الصيني، واستعان الصينيون بالروس؛ لإخماد ثورة المسلمين، وفي 21 رجب 1352 هجرية، الموافق لـ12 نوفمبر 1933م أعلن المسلمون قيام "الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية"، وقد اختير "خوجا نياز" رئيسًا للدولة، لكن التحالف الصيني الروسي أجهض تلك الدولة الوليدة في 6 جمادى الآخرة 1356 هجرية الموافق لـ15 أغسطس 1937م.
وهو ما تكرر في مناسبة أخرى بقيادة علم الدين علي خان، وفي 1366 هجرية، 1946م حصلت تركستان الشرقية على الحكم الذاتي، لكن صعود الشيوعيين للحكم أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر، وفيما بين 1950م و1972م أعدمت سلطات الاحتلال الصينية 360 ألف مسلم، وعلى إثرها هاجر أكثر من 100 ألف مسلم إلى الدول المجاورة، وقد زادت حدة الاستيطان في تسعينات القرن الماضي، كما تقوم الصين بإجراء تجاربها النووية في تركستان الشرقية، وقد أجرت أكثر من 48 تجربة أدت إلى تلويث البيئة، وإصابة مئات الآلاف بأمراض وبائية.
الاستيطان الصيني:
يُعد الاستيطان أشد أنواع الاحتلال خطرًا ـ ليس على هوية وثقافة الأمة المنكوبة فقط ـ وإنما على بقائهم البيولوجي، والجيوسياسي بالدرجة الأولى، لاسيما في ظل سياسة تهجير واستيطان متواصلة.
وقد بدأت الصين سياسة نقل المستوطنين إلى تركستان الشرقية، بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة سنة 1949م، ويقدر عددهم حاليًا بأكثر من 7 ملايين مستوطن صيني، ولم يتحرك العالم لمساعدة المسلمين في تركستان، كما فعل وبحماسة شديدة مع تيمور الشرقية، ويسعى لذلك في أندونيسيا المسلمة آتشي، وفي السودان العربية المسلمة دارفور، والصحراء المغربية "الصحراء الغربية"، وهناك مخططات لتقسيم البلاد العربية والإسلامية أيضًا؛ مثل العراق وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر، والجزائر وباكستان وأفغانستان وغيرها.
ولا أحد داخل الأمم المتحدة أو الغرب يتحدث عن استفتاء في تركستان الشرقية، التي تحيط قضيتها جميع أنواع التعتيم، وتواجه صرخات أهلها بصمت مريب.
ويشعر الشعب التركستاني بالغبن والاضطهاد من قِبل السلطات الصينية والمستوطينين الصينيين، الذين يحصلون على الامتيازات والدعم المتواصل، بينما لا يلقى أهل الأرض سوى التجاهل والإمعان في إفقارهم، وقد ساهم المستوطنون الصينيون في قمع ثورة بارين، عام 1990م، وحادثة 7 يوليو 1995م، وثورة غولجا عام 1997م.
ويسعى المسلمون في تركستان الشرقية، لنقل قضيتهم للمحافل الدولية، والتعريف بمظلمتهم التاريخية، ولاسيما قضية المستوطنين، وتقرير المصير.
واجب المسلمين:
واجب المسلمين كبير اليوم حيال قضية إخوانهم في تركستان الشرقية، تجاه أرضها وجبالها ومياهها العذبة، وتجاه أجيالها ومساجدها، ومنها مسجد كاشغار، ذلك المسجد الكبير الذي كان مفخرة من مفاخر العمارة الإسلامية، وهو المسجد الذي خرَّج العلماء الأفذاذ، وهو اليوم مغلق في وجه المسلمين.
وتمثل هذا الواجب أيضًا في أهمية وضرورة مقاطعة البضائع الصينية، التي تغزو أسواقنا، فهي تفتقد للجودة، وتنطوي على أمراض كثيرة، كالتي عُثر عليها في دمى ولعب الأطفال، وفي الحليب المستورد من الصين، وغيرها من الصناعات الصينية البائسة.
ثانيًا: التعريف بقضية المسلمين في تركستان وآسيا الوسطى والقوقاز، بنفس قدر تغطية أحداث العالم الإسلامي.
ثالثًا: محاولة الضغط على الصين بالقدر المتاح لتخفيف ضغطها على المسلمين في تركستان الشرقية وغيرها، فمن غير اللائق أن تستمر الصين في اضطهادها للمسلمين، ونحن نساعدها بشراء سلعها التي تذهب أثمانها لتمويل العدوان على المسلمين، فالمسلمون هناك لا يريدون أكثر من أن يعيشوا بكرامة وحرية في أرضهم، فهم ليسوا صينيين، وتركستان ليست سينكيانغ.
وعلى أحرار العالم كسر الحصار المفروض على تركستان، إعلاميًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، فهناك يتعرضون لإبادة ثقافية ولغوية واقتصادية وعلى كل الأصعدة.
وقد كشف حجم الجريمة الصينية عن مدى استخفاف الصين بأرواح المسلمين، بعد مشاريع تجفيف الينابيع التي اعتمدتها سلطات الاحتلال في الحقبة الماضية، ومشاريع توطين الصينيين في مناطق المسلمين، ومصادرة أراضيهم لصالح النازحين من مناطق الصين المختلفة، وتمكين الوافدين الجدد على تركستان من كل الإمكانات المادية والتكنولوجية والاقتصادية، في حين يعيش أصحاب الأرض بوسائل العصر الحجري؛ كنقل المياه على الأكتاف وعلى ظهور الحمير وغير ذلك، بينما يسيطر الصينيون على 95% من الوظائف في المؤسسات المقامة على أرض تركستان الشرقية.
وتعتبر الصين وروسيا من أكبر الأعداء الإقليميين للمسلمين في المنطقة، حيث احتلتا تركستان، فهي مقسمة حاليًا بين تركستان الغربية التي تحتلها روسيا، وتركستان الشرقية والتي تحتلها الصين، وتقع تركستان الشرقية في وسط آسيا، حيث تحدها روسيا من الشمال، وقزاخستان وغيرغيستان وطاجيكستان من الغرب، وباكستان والهند من الجنوب، والصين من الشرق، ومنغوليا من الشمال الشرقي، وتبلغ مساحتها 640 ألف ميل مربع، أي ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، فيما يبلغ عدد سكان تركستان الشرقية 25 مليون نسمة، منهم 10 ملايين من الإيغور، ومليونان من القزاق، ونحو مليون من التركمانيين، والبقية من التتار والطاجيك.
وكانت تركستان ولا تزال تتمتع بأهمية تجارية عالمية كبرى، حيث كان طريق الحرير يمر بها، ومن الناحية الاقتصادية تمتلك تركستان الشرقية احتياطيًّا كبيرًا من النفط، يصل إلى 8 مليار طن، ويجري استخراج 5 ملايين طن في العام من مناطق كراماي، وواقبولاغ، وقيزيل طاغ وغيرها.
ويتم نقل خيرات تركستان إلى الصين، إذ لا يتمتع أهلها بأي من ثرواتها المعدنية، كما تنتج تركستان نحو 600 مليون طن من الفحم الحجري، الذي يستخرج من مساحة تبلغ 900 ألف كيلومتر مربع، وبها 6 مناجم يستخرج منها أجود أنواع اليورانيوم، ويستخرج من أراضي تركستان الشرقية 118 نوعًا من المعادن؛ من بينها الذهب والكريستال والملح والحديد، إلى جانب أكثر من 50 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الخصبة.
دخول الإسلام:
ترى بعض المصادر أن الإسلام دخل إلى تركستان في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، على يد الصحابي الجليل الحكم بن عمر الغفاري، بيد أن مرحلة الفتح الحقيقية كانت في عهد عبد الملك بن مروان، على يد أحد فرسان الإسلام عبر التاريخ، قتيبة بن مسلم الباهلي، في الفترة ما بين 83 و94 هجرية، الموافق لـ 702م و712 م.
حيث انتشر الإسلام بشكل شبه شامل في تركستان الشرقية عام 934م، عن طريق الإيجور "ستاتوك بورجرخان"، الذي اعتنق الإسلام قبل أن يتولى العرش، ويصبح حاكم ولاية إيجور، وبعد أن أصبح حاكمًا اتخذ لنفسه اسمًا مسلمًا، هو "عبد الكريم ستاتوك"، وبإسلامه أسلم معظم التركمان من السكان، وسكان وسط آسيا، لتصبح بعد ذلك تركستان مركزًا رئيسيًّا من مراكز الإسلام في آسيا، وقد استمرت تلك الحضارة زهاء ألف عام.
ومن خيرة علماء المسلمين عبر العصور، الأئمة: البخاري والترمذي والزمخشري وغيرهم، وفي الألفية الهجرية الثانية، لمعت أسماء علماء منهم، مثل الشيخ "وانج داي يو"، و"مافوتشو"، الفقيه المرموق، وغيره.
الاضطهاد الصيني:
كان الاحتلال الصيني لتركستان أكبر كارثة حلت بتركستان، وقد احتل الصينيون تركستان الشرقية في 1174 هجرية، 1760م، ويُقدر عدد المسلمين الذين قُتِلوا آنذاك بمليون مسلم، ويروي محمد إركن، في كتابه (اضطهاد المسلمين التركمان في تركستان الشرقية): "لقد ألغى الشيوعيون الكتابة بالعربية التي كان المسلمون يستخدمونها لمدة ألف عام، وأتلفوا 730 ألف كتاب بالعربية، بما في ذلك نسخ من القرآن الكريم، وذلك تحت شعارات لا يزال يروج لها البعض في ديار المسلمين حتى هذه الأيام، وهي محاربة مخلفات الماضي، أو القطع مع الماضي، أو تجفيف الينابيع، أو التقدمية، أو اللحاق بركب الدول المتقدمة، وغيرها من العناوين الخداعة التي لم تُخرج الأمة من التخلف، ولم تُفْضِ إلى أي تقدم تكنولوجي أو سياسي أو ثقافي أو اقتصادي، وإنما زيادة التبعية للغرب، وتحويل المجتمعات إلى سوق لخردته، وترديد مفاهيمه للحياة وتمثلها.، مما زاد مجتمعاتنا رهقًا على رهق.
وصادر الاحتلال الصيني أراضي المسلمين تحت شعار "الإصلاح الزراعي"، وها هو يوزعها منذ عقود على مراحل، على المستوطنين الصينيين الذين يدفع بهم كالقطعان إلى تركستان، وأغلق الاحتلال الصيني الكتاتيب الملحقة بالمساجد، وأغلق 29 ألف مسجد، وأجبر المسلمين على إدخال أبنائهم للمدارس التي تركز على الإلحاد وتكفير المسلمين، على الطريقة الإلحادية.
وقضوا على الأوقاف بمصادرتها، والتي كانت توفر أكثر من 20 في المائة من لوازم التعليم، وتم اعتقال 54 ألف إمام، تعرضوا داخل المعسكرات الصينية للتعذيب والأشغال الشاقة، وتنظيف المجاري وتربية الخنازير.
وقد ثار المسلمون في تركستان الشرقية ضد الاحتلال الصيني في عام 1241 هجرية 1825م لمدة عامين، حيث كان العالم الإسلامي غارقًا في مشاكله مع الاحتلال الغربي، كما نظم المسلمون ثورات أخرى، منها ثورة 1272 هجرية، 1855م، واستمرت 20 عامًا، بقيادة يعقوب بك، تمخضت عن نيل تركستان الاستقلال في 1282 هجرية 1865م.
ولم تعترف الدول الكبرى ولا أية دولة أخرى باستقلال تركستان؛ مما شجع الصين على غزوها واحتلالها مرة أخرى في 1292 هجرية، 1875م، وفي 1350 هجرية 1931م ثار المسلمون مجددًا ضد الاحتلال الصيني، واستعان الصينيون بالروس؛ لإخماد ثورة المسلمين، وفي 21 رجب 1352 هجرية، الموافق لـ12 نوفمبر 1933م أعلن المسلمون قيام "الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية"، وقد اختير "خوجا نياز" رئيسًا للدولة، لكن التحالف الصيني الروسي أجهض تلك الدولة الوليدة في 6 جمادى الآخرة 1356 هجرية الموافق لـ15 أغسطس 1937م.
وهو ما تكرر في مناسبة أخرى بقيادة علم الدين علي خان، وفي 1366 هجرية، 1946م حصلت تركستان الشرقية على الحكم الذاتي، لكن صعود الشيوعيين للحكم أعاد الأوضاع إلى نقطة الصفر، وفيما بين 1950م و1972م أعدمت سلطات الاحتلال الصينية 360 ألف مسلم، وعلى إثرها هاجر أكثر من 100 ألف مسلم إلى الدول المجاورة، وقد زادت حدة الاستيطان في تسعينات القرن الماضي، كما تقوم الصين بإجراء تجاربها النووية في تركستان الشرقية، وقد أجرت أكثر من 48 تجربة أدت إلى تلويث البيئة، وإصابة مئات الآلاف بأمراض وبائية.
الاستيطان الصيني:
يُعد الاستيطان أشد أنواع الاحتلال خطرًا ـ ليس على هوية وثقافة الأمة المنكوبة فقط ـ وإنما على بقائهم البيولوجي، والجيوسياسي بالدرجة الأولى، لاسيما في ظل سياسة تهجير واستيطان متواصلة.
وقد بدأت الصين سياسة نقل المستوطنين إلى تركستان الشرقية، بعد وصول الشيوعيين إلى السلطة سنة 1949م، ويقدر عددهم حاليًا بأكثر من 7 ملايين مستوطن صيني، ولم يتحرك العالم لمساعدة المسلمين في تركستان، كما فعل وبحماسة شديدة مع تيمور الشرقية، ويسعى لذلك في أندونيسيا المسلمة آتشي، وفي السودان العربية المسلمة دارفور، والصحراء المغربية "الصحراء الغربية"، وهناك مخططات لتقسيم البلاد العربية والإسلامية أيضًا؛ مثل العراق وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر، والجزائر وباكستان وأفغانستان وغيرها.
ولا أحد داخل الأمم المتحدة أو الغرب يتحدث عن استفتاء في تركستان الشرقية، التي تحيط قضيتها جميع أنواع التعتيم، وتواجه صرخات أهلها بصمت مريب.
ويشعر الشعب التركستاني بالغبن والاضطهاد من قِبل السلطات الصينية والمستوطينين الصينيين، الذين يحصلون على الامتيازات والدعم المتواصل، بينما لا يلقى أهل الأرض سوى التجاهل والإمعان في إفقارهم، وقد ساهم المستوطنون الصينيون في قمع ثورة بارين، عام 1990م، وحادثة 7 يوليو 1995م، وثورة غولجا عام 1997م.
ويسعى المسلمون في تركستان الشرقية، لنقل قضيتهم للمحافل الدولية، والتعريف بمظلمتهم التاريخية، ولاسيما قضية المستوطنين، وتقرير المصير.
واجب المسلمين:
واجب المسلمين كبير اليوم حيال قضية إخوانهم في تركستان الشرقية، تجاه أرضها وجبالها ومياهها العذبة، وتجاه أجيالها ومساجدها، ومنها مسجد كاشغار، ذلك المسجد الكبير الذي كان مفخرة من مفاخر العمارة الإسلامية، وهو المسجد الذي خرَّج العلماء الأفذاذ، وهو اليوم مغلق في وجه المسلمين.
وتمثل هذا الواجب أيضًا في أهمية وضرورة مقاطعة البضائع الصينية، التي تغزو أسواقنا، فهي تفتقد للجودة، وتنطوي على أمراض كثيرة، كالتي عُثر عليها في دمى ولعب الأطفال، وفي الحليب المستورد من الصين، وغيرها من الصناعات الصينية البائسة.
ثانيًا: التعريف بقضية المسلمين في تركستان وآسيا الوسطى والقوقاز، بنفس قدر تغطية أحداث العالم الإسلامي.
ثالثًا: محاولة الضغط على الصين بالقدر المتاح لتخفيف ضغطها على المسلمين في تركستان الشرقية وغيرها، فمن غير اللائق أن تستمر الصين في اضطهادها للمسلمين، ونحن نساعدها بشراء سلعها التي تذهب أثمانها لتمويل العدوان على المسلمين، فالمسلمون هناك لا يريدون أكثر من أن يعيشوا بكرامة وحرية في أرضهم، فهم ليسوا صينيين، وتركستان ليست سينكيانغ.
وعلى أحرار العالم كسر الحصار المفروض على تركستان، إعلاميًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، فهناك يتعرضون لإبادة ثقافية ولغوية واقتصادية وعلى كل الأصعدة.
تعليق