إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    كلمة ... لابد منها

    قرأت الموضوع الذى طرحه أخ لنا فى هذا القسم منذ قليل ودخلت الرابط وقرأت كل كلمة
    ولا أخفيكم سراً دخلت الظنون فى قلبى وقررت أن أبحث عن الأصل فى أمر المهدى
    من هو المهدى ؟؟ ... وكيف نعرفه ؟؟.. وما هى الشبهات المثارة فى هذه القضية ؟؟ ..
    هذ الموضوع ارد به على كلام هذا الرجل الذى لا ألوث أسماعكم بذكر أى شىء عنه
    هذا الموضوع أذكر به نفسى وإخوانى فى المنتدى الكريم وإخوانى فى الإسلام ككل
    أن الله سبحانه وتعالى جعل فينا بفضله ومنه وكرمه أهل علم .. نرجع إليهم ونستفتيهم
    ونتعلم منهم ما نجهله عن ربنا وعن نبينا وشريعتنا ...

    ----------------------------------------------------------------
    خبر النبي - صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة بظهور رجل في آخر الزمان من آل بيته يوافق اسمه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم- واسم أبيه اسم أبيه ، يتولى إمرة المسلمين ، يملك سبع سنين ، ويصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه ، ويؤيد الله به الدين ، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويكتب الله على يديه خيراً كثيراً ، وتنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، فتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها ويعطى المال بغير عدد . وهذه الأحاديث رواها الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد ، وأفردها بعضهم بالتأليف كأبي نعيم ، و السيوطي ، و ابن كثير ، و الشوكاني وغيرهم ، وعدها بعضهم من المتواتر تواتراً معنوياً ، ومن هذه الأحاديث :
    بعض الأحاديث الواردة في شأن المهدي
    - حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي ) رواه الترمذي و أبو داود ، وفي رواية لأبي داود ( يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) .
    - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين ) رواه أبو داود وغيره .
    - حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) . رواه أبوداود .
    - حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) رواه أحمد و ابن ماجه .
    - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : ( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً (يعني حججا) أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي .
    - حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بإسناد جيد كما قال ابن القيم في المنار المنيف .
    وقد ردَّ بعض المعاصرين هذه الأحاديث ، وشككوا في نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، واعتبرها البعض خرافة لا تتفق والعقل الصحيح ، متعللين ببعض الشبه التي سنناقش أهمها في هذه السطور .
    عدم إخراج صاحبي الصحيح أحاديث المهدي
    فمن الشبه التي أثيرت حول أحاديث المهدي أن صاحبي الصحيح لم يعتدا بهذه الروايات ، ولذلك لم يذكرا شيئاً منها في كتابيهما ، مع أنهما في المقابل أخرجا حديث القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه ، والذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ، مما يدل على ضعف هذه الأحاديث عندهما ، ولو كان شيء منها صحيحاً لذكروه كما ذكروا غيره .
    والجواب أن عدم إيراد الشيخين شيئاً من الأحاديث المتعلقة بالمهدي لا يدل على ضعفها ، لأنه كما هو معلوم أن السنة لم تدون كلها في الصحيحين فقط ، بل ورد في غيرهما أحاديث كثيرة صحيحة في السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها من دواوين الحديث .
    ولم يقل أحد - حتى صاحبا الصحيح أنفسهما - أنهما قصدا اسـتيعاب الصحيح كله في كتابيهما ، حتى يحكم بأن كل ما لم يخرجاه ضعيف عندهما ، بل جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك - كما نقل عنهما الأئمة - .
    قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله في كتابه " علوم الحديث " : "لم يستوعبا - يعني البخاري و مسلم - الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال : " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحيح لحال الطول " ، وروينا عن مسلم أنه قال : " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعنى في كتاب الصحيح - إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه " أهـ .
    وقال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم (1/24) - بعد أن ذكر إلزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطهما ولم يخرجاها في كتابيهما- : " وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جُمَل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جُمَل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله " أهـ .
    ولذلك نجد أنهما قد يصححان أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها .
    ومن المعلوم أيضاً أن المقبول عند المحدثين أعم من الصحيح فهو يشمل الصحيح لذاته ، والصحيح لغيره ، والحسن لذاته ، والحسن لغيره ، والصحيح موجود في الصحيحين وفي غيرهما ، أما الحسن فمظانه في غير الصحيح .
    والعلماء رحمهم الله قسموا الصحيح بحسب القوة إلى مراتب سبع :
    1. صحيح اتفق الشيخان على إخراجه .
    2. صحيح انفرد بإخراجه البخاري عن مسلم .
    3. صحيح انفرد بإخراجه مسلم عن البخاري .
    4. صحيح على شرطهما معاً ولم يخرجاه .
    5. صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه .
    6. صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه .
    7. صحيح لم يخرجاه وليس على شرطهما معاً ، ولا على شرط واحد منهما .
    وليس في الصحيحين من هذه المراتب إلا الثلاث الأولى ، أما الأربع الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين .
    ولم يزل دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة بل والحسنة الموجودة خارج الصحيحين ، والعمل بها مطلقاً ، واعتبار ما دلت عليه ، من غير حط من شأنها أو تقليل من قيمتها ، سواء أكان ذلك في أمور الاعتقاد أو في أمور الأحكام.
    على أننا نقول إن أحاديث الصحيح وإن لم يرد فيها التصريح بذكر المهدي على جهة التفصيل ، إلا أنه قد وردت أحاديث في الصحيح تدل إجمالاً على ظهور رجل صالح يؤم المسلمين عند نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، يصلي عيسى ابن مريم خلفه .
    ومن ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري رحمه الله في باب نزول عيسى بن مريم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) ، والحديث أخرجه مسلم عن جابر رضي اللّه عنه أنه سمع النبي - صلى اللّه عليه وسلم - يقول: ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ) .
    وجاء ما يفسر هذه الأحاديث في السنن والمسانيد وغيرها ، ويبين اسم هذا الأمير- الذي يصلى عيسى عليه الصلاة والسلام خلفه - وصفته وأنه هو المهدي ، والسنة يفسر بعضها بعضاً .
    ومنها حديث جابر الذي رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- : ( ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة ) قال ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " : وهذا إسناد جيد ، وصححه الألباني في السلسلة ، مما يدل على أن أصل هذه الأحاديث موجود في الصحيح .
    تعارض الأحاديث واختلافها
    ومن الشبه المثارة أن الروايات الواردة في شأن المهدي فيها من التعارض والتناقض والاختلاف ، ووقوع الإشكالات في معانيها ، ما يتعذر معه الجمع بينها ، ويجعلنا نجزم أنها ليست من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
    ومن ذلك الروايات التي تفيد بأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وهي تدل على خلو الأرض تماماً قبل زمنه من أهل الحق والخير ، وانتهاء الشر والفساد بظهوره .
    مما يعارض الأحاديث الثابتة التي تفيد بقاء طائفة من الأمة في كل زمان على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللّه ، ويعارض كذلك وجود الشر والصراع بين الحق والباطل في زمنه .
    أضف إلى ذلك أنه قد ورد ما يعارض ظهور أي مهدي غير عيسى عليه السلام وذلك في حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) .
    والجواب أن التعارض إنما نشأ عن الروايات غير الصحيحة ، ودعاوى المهدية التي ادعتها طوائف عبر التاريخ فحاولت كل طائفة أن تؤيد دعواها بهذه الأحاديث الباطلة ، والمثبتون لأحاديث المهدي من أهل السنة لم يقولوا بأن كل ما ورد في شأنه هو من قبيل الصحيح المحتج به ، بل إنهم متفقون على أن فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف ، وفيها الموضوع أيضاً ، فما كان منها موضوعاً أو ضعيفاً فلا حجة فيه ولا يلتفت إليه ولا يعارض به غيره .
    وأما ما صح منها فهو مؤتلف غير مختلف ، ومتفق غير مفترق ، وهو يتعلق بشخص واحد يأتي في آخر الزمان قبيل خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، وهو محمد بن عبد اللّه الموصوف بالمهدي .
    وأما ما دلت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الأرض ظلماً وجوراً قبل خروجه ، وامتلائها عدلاً في زمانه ، فليس فيها أي دلالة على خلو الأرض تماماً من أهل الحق ، واضمحلال الخير وتلاشيه قبل ظهوره ، وإنما المقصود منها كثرة الشر وظهور الغلبة لأهله ، ولا يعني ذلك بالضرورة عدم وجود طائفة على الحق قائمة بأمر الله .
    كما لا يعني انتشار العدل في زمن المهدي ألا يكون للشر والباطل أي وجود ، لأن المقصود كثرة الخير ، وقوة أهل الإسلام ، وحصول الغلبة والعاقبة هم ، وقهرهم لعدوهم ، وهذا لا ينفي وجود أشرار مغمورين في ذلك الزمان .
    وسنة اللّه في خلقه أن يستمر الصراع بين الحق والباطل ، وأن يقوى في بعض الأزمان جانب الخير على جانب الشر ، وفي أزمان أخرى يقوى جانب الشر على جانب الخير ، ولا تخلو الأرض من الأخيار إلا قبيل الساعة حين تقوم على شرار الخلق ، ولا يبقى فيها من يقول الله الله .
    وأحاديث المهدي نفسها تدل على أن الحق مستمر لا ينقطع فكيف يعارض بها غيرها ! فإن من الأحاديث التي أصلها في الصحيحين ووردت مفسرة في غيرهما – كما سبق – الحديث الذي رواه مسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة ) .
    وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره : ( لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدباراً ، ولا الناس إلا شحاً ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ) .
    فهو حديث ضعيف جداً لأن مداره على محمد بن خالد الجندي ، قال فيه الذهبي ( ميزان الاعتدال 3/535) : " قال الأزدي : منكر الحديث ، وقال أبو عبد الله الحاكم : مجهول ، قلت – القائل الذهبي – : حديثه ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وهو خبر منكر ، أخرجه ابن ماجه " أهـ .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (منهاج السنة النبوية 4/211) : " وهذه الأحاديث - يعني أحاديث المهدي - غلط فيها طوائف ، فطائفة أنكرتها واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) ، وهذا الحديث ضعيف ، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه ، وليس مما يعتمد عليه ، ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي و الشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد ابن خالد الجندي وهو ممن لا يحتج به ، وليس هذا في مسند الشافعي ، وقد قيل إن الشافعي لم يسمعه ، وأن يونس لم يسمعه من الشافعي " أهـ .
    وعلى فرض ثبوته فإنه لا يعارض الأحاديث الثابتة في المهدي ، لأنه يمكن الجمع بينها بأن المراد هو أنه لا مهدي كاملاً معصوماً إلا عيسى عليه السلام ، وذلك لا ينفي إثبات خروج مهدي غير معصوم كما قال بذلك بعض أهل العلم كالقرطبي و ابن القيم و ابن كثير وغيرهم ، وبهذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض .
    تضعيف ابن خلدون لأحاديث المهدي
    ومن الشبه التي تعلق بها المنكرون لأحاديث المهدي ما اشتهر عن ابن خلدون من تضعيفه لهذه الأحاديث حيث قال في المقدمة (1/322) - بعد أن استعرض كثيراً من أحاديث المهدي وطعن في كثير من أسانيدها- : " فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان . وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه " .
    ولو رجعنا لكلام ابن خلدون لوجدنا أنه صدَّر الفصل الذي عقده عن المهدي في مقدمته بقوله : " اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويسمى بالمهدي ، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدي في صلاته ، ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرّجها الائمة ، وتكلم فيها المنكرون لذلك ، وربما عارضوها ببعض الاخبار ....إلخ .
    وهي شهادة منه على أن اعتقاد خروج المهدي في آخر الزمان هو المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار ، فهل هؤلاء الكافة اتفقوا على الخطأ ؟ مع أن الأمر يتعلق بأمر غيبي لا مجال للاجتهاد فيه ، ولا يسوغ لأحد إثباته إلاّ بدليل من كتاب اللّه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم – ، هذا أمر .
    الأمر الثاني كيف يسوغ لنا أن نعتمد على كلام ابن خلدون في التصحيح والتضعيف مع أنه ليس من فرسان هذا الميدان ، ونطرح كلام أئمة الحديث قبل ابن خلدون وبعده الذين تكلموا على أحاديث المهدي ونقدوها وبينوا صحيحها من سقيمها ، واحتجوا بكثير منها ، بل حكى بعضهم تواترها تواتراً معنوياً .
    ومنهم على سبيل المثال : الحافظ أبو جعفر العقيلي تـ322هـ فقد قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة علي بن نفيل النهدي : " قلت ذكره العقيلي في كتابه وقال : لا يتابع على حديثه في المهدي ، ولا يعرف إلا به ، ثم قال : وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه " أهـ .
    والإمام ابن حبان تـ354 هـ ، قال الحافظ في الفتح (13/21) عند كلامه على حديث ( لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) : " واسـتدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي وأنه يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا " .
    والإمام البيهقي تـ 438 هـ فقد قال في كتاب " البعث والنشور" بعد كلامه على تضعيف حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) : " والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا " .
    والحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري صاحب كتاب " مناقب الشافعي " تـ363، نقل عنه الإمام ابن القيم في (المنار المنيف 1/142) ، والحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " ، و" فتح الباري " قوله : " وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بذكر المهدي وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه " .
    وممن صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي الإمام الترمذي في جامعه ، و الحاكم في مستدركه ووافقه الإمام الذهبي في تصحيح جملة منها ، ومنهم القرطبي صاحب التفسير فقال في كتابه " التذكرة " - بعد ذكر حديث : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وبيان ضعفه - : " والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التنصيص على خروج المهدى من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه" .
    ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله فقد صحـح بعض الأحاديث الواردة في المهدي في كتابه " منهاج السنة " والإمام ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " والإمام ابن كثير في تفسيره وفي كتابه " النهاية في الفتن والملاحم " وغيرهم كثير .
    بل حكى بعضهم تواتر هذه الأحاديث تواتراً معنوياً كما سبق عن الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري ، والإمام السخاوي حين مثل في كتابه " فتح المغيث " للأحاديث المتواترة اعتبر أحاديث المهدي من هذا القبيل ، و للشوكاني - رحمه الله - رسالة أسماها " التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح " ومما جاء فيها قوله : " فالأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي ، فهي كثيرة جداً ، لها حكم الرفع ; إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك " .
    وقال الشيخ الكتاني في كتابه : " نظم المتناثر في الحديث المتواتر " : " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة ، وكذا الواردة في الدجال ، وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام " .
    فهل نطرح كلام كل هؤلاء ونقبل كلام ابن خلدون على عواهنه .
    الأمر الثالث أن ابن خلدون لم يقل إن أحاديث المهدي كلها ضعيفة فضلا عن القول بأنها موضوعة ، فعبارته تدل على أن هناك عدداً قليلاً من هذه الروايات قد سلم من النقد ، ونحن نقول لو سلَّمْنا بكلام ابن خلدون فهذا القدر القليل كاف في الاحتجاج بهذه الأحاديث واعتقاد موجبها.
    وقد رد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على ابن خلدون في تعليقه على المسند فقال : " أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم ، واقتحم قحما لم يكن من رجالها.. " ، وقال : "إنه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتا عجيبا ، وغلط أغلاطا واضحة.." ، وقال : "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين الجرح مقدم على التعديل.. ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئا مما قال.." أهـ .
    ليست من عقائد أهل السنة
    ومن الشبه التي يرددها المنكرون أن فكرة المهدية ليست في أصلها من عقائد أهل السنة وإنما هي دخيلة علينا من عقائد الفرق الأخرى ، التي تؤمن بظهور إمام غائب منتظر يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً .
    ونحن نقول إن الأحاديث ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في خروج المهدي في آخر الزمان ، وقد رواها أئمة أهل السنة في كتبهم المعتمدة بأسانيد تنتهي إلى رسول الله - صلى اللّه عليه وسلم- من طريق صحابته الكرام رضي اللّه عنهم ، والثقات من الرواة ، واعتمد أهل الحديث في تصحيحها على قواعد دقيقة في الحكم على الرجال والأسانيد ، حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إلا وكشفوا أمره .
    فما صح من هذه الأحاديث الواردة لا علاقة له بعقيدة أي فرقة أو طائفة ، لأنه لم ينقل من طريقهم ، وإذا كان هناك روايات موضوعة في المهدي تعصباً ، فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح من الروايات فيه .
    فإذا عينت طائفة شخصاً وزعمت أنه هو المهدي دون أن تؤيد زعمه بما ثبت من أحاديث صحيحة ، فإن ذلك لا يؤدي إلى إنكار المهدي على ما جاء في أحاديث أخرى ، فالحكم العدل هو الكتاب والسنة الصحيحة ، وأما عقائد الفرق الأخرى فلا يجوز أن تكون عمدة يرد بها ما ثبت من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
    وقد نص أهل العلم الذي صنفوا في عقائد أهل السنة أنه متى ما صح النقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سواء كان في أمور ماضية أو مستقبلة ، وجب التصديق به واعتقاد موجبه ، وهو مقتضى الشهادة بأن محمدا رسوله الله ، ومن أولئك الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه " لمعة الاعتقاد " حيث قال : "ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ، ولم نطلع على حقيقة معناه ، مثل حديث الإسراء والمعراج ، ومن ذلك أشراط الساعة ، مثل خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل " أهـ . فكلام ابن قدامة هذا يدخل فيه التصديق بخروج المهدي لأنه مما صح به النقل .
    وقال السفارينى رحمه الله في عقيدته المسماة " لوامع الأنوار البهية " بعد أن ذكر طائفة من الأحاديث والآثار : " وقد روي عمن ذكر من الصحابة ، وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين ومن بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة " ا.هـ . وقال في موضع آخر : " وقد كثرت الأقوال في المهدي ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ... " .
    وذكر ذلك الشيخ الحسن بن علي البربهاري الحنبلي المتوفى سنة 329 هـ في عقيدته ، المثبتة ضمن ترجمته في كتاب " طبقات الحنابلة " لابن أبي يعلى الحنبلي .
    ثم إن هناك فرقاً كبيراً بين عقيدة أهل السنة وعقيدة الفرق الأخرى في هذا الباب ، فالمهدي عند أهل السنة لا يعدو كونه إماما من أئمة المسلمين ، يخرج في آخر الزمان خروجاً طبيعياً ، يولد كما يولد غيره ، ويعيش كما يعيش غيره ، وهو غير معصوم ، فقد يقع منه الخطأ ، ويحتاج إلى إصلاحٍ مثل غيره من الناس ، ثم يكتب الله على يديه خيراً كثيراً وبرًّا وصلاحاً للأمة ، وينشر العدل ، ويطبق شريعة الإسلام ، ويجمع الله به شمل المسلمين .
    وأما عند غيرهم فهو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد في منتصف القرن الثالث تقريباً ، ودخل سرداباً في سامراء وعمره تسع سنين ، وهم ينتظرون خروجه ، وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الذين يعتقدون فيهم العصمة ، فعقيدة أهل السنة مغايرة تماماً لعقيدة غيرهم في هذا الباب .
    أكبر مثارات الفساد والفتن عبر التاريخ
    ومما أثير حول أحاديث المهدي أن دعوى المهدية كانت سبباً في إثارة الكثير من الفتن والمفاسد عبر التاريخ ، كما أن هذه الأحاديث قد أسهمت بشكل أو بآخر في تخدير المسلمين وهروبهم من واقعهم إلى التعلق بالأوهام والخيالات وانتظار المخلص الذي يظهر فجأة ليخلصهم من الظلم والطغيان ، وينشر العدل في العالمين .
    والجواب أنه قد سبق أن خروج المهدي في آخر الزمان هو أمرٌ غيبي يتوقف التصديق به على ثبوت النص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقد ثبتت بذلك النصوص ، وحكم بثبوتها العلماء المحققون ، والجهابذة النقاد من أهل الحديث .
    ووجود مدعين للمهدية عبر التاريخ حصل بسببهم العديد من الفتن والفساد ، لا يؤثر في التصديق بمن عناه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة وهو المهدي الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه .
    والواجب قبول الحق ورد الباطل لا أن يُرَد الحق ، ويُكَذَّب بالنصوص الثابتة من أجل أن هذه الدعوى تدثر بها بعض الجهلة والمبطلين .
    والمتتبع لنصوص القرآن والسنة يجدها تأمر بالاجتهاد في العمل والأخذ بالأسباب في أمور الدنيا والآخرة ، وقيمة العمل من أعظم القيم التي جاء الإسلام لتقريرها وترسيخها في النفوس ، حتى مع يقين الإنسان بانتهاء الدنيا وقيام الساعة كما هو واضح من قوله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل ) .
    وفي بعض الروايات :( إذا سمعت بالدجال وأنت على ودية تغرسها فلا تعجل أن تصلحها ، فإن للناس بعد ذلك عيشا ) .
    ولا يوجد نص في القرآن والسنة يدل على أننا متعبدون بانتظار المهدي أو ترقبه ، أو توقف شيء من شعائر الإسلام على خروجه ، غاية ما في هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- بشَّر برجل من أهل بيته ، ووصفه بعدد من الصفات من أهمها أنه يحكم بالإسلام ، وينشر العدل بين الناس وليس أكثر من ذلك ، فليس في هذه الأحاديث أبداً ما يعفينا من تبعة التكاليف الشرعية والصبر والجهاد ، والعلم والعمل ، والسعي في الإصلاح والتغيير ، وعلى هذا درج الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وتتابع عليه أئمة العلم على تعاقب العصور ، ومر الدهور ، ولم يفهم أحد منهم هذا الفهم السلبي ، فإذا فهم البعض هذه الأحاديث فهماً خاطئاً يدعو إلى القعود والكسل وترك العمل ، فلماذا نحمل هذه النصوص مسؤولية هذا الفهم المنحرف ؟! .
    ثم إن أحاديث نزول عيسى نفسها قد يفهم منها البعض ما يدعوه إلى القعود والكسل، فهل نقول ببطلانها لأجل هذه الفئة أو تلك !!
    فالخلاصة أنه من المجازفة أن يقال إن كل هذه الأحاديث التي رواها الأئمة ، وصنف فيها المصنفون ، وحكى تواترها جماعة ، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة ، لا أساس لها من الصحة ، أو أنها خرافة لا يقبلها العقل الصحيح ، وهل العقل إلا تابع للشرع في قضايا الغيب والاعتقاد ؟! وما قيمة الإيمان بالغيب إذا كنا كلما جاءنا نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عرضناه على عقولنا ؟!. ، ورحم الله الإمام الزهري إذ يقول : " من الله الرسالة ، ومن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم " .


    -------------------------------------------





    لا تنسونى من صالح دعائكم .
    وإن مر الزمان ولم تجدوني
    فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة


  • #2
    رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

    حول المهدي
    للشيخ محمد ناصر الدين الألباني
    كتب بعض القراء الأفاضل إلى هذه المجلة يقول :
    " قرأت في الأجزاء (8، 9، 10) بحثاً قيماً عن المهدي كتبه الأستاذ ناصر الدين الألباني في باب " الأحاديث الضعيفة والموضوعة " وقد كنا قررنا واعتقدنا قبلاً ما كتبه الأستاذ الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره " المنار " (9-499-504) وكذلك ما كتبه الأستاذ محمد عبد الله السمان في كتابه " الإسلام المصفى " وإنني متيقن بأن الأستاذ ناصر الدين له علم بما كتباه ، فلذلك أرجو الأستاذ أن يطالع ما كتباه مرة ثانية ، ويكتب في المهدي مقالأ ضافياً فإن فيما كتباه ما يخالف ما كتبه الأستاذ ناصر الدين تمام المخالفة " .

    أقول في الجواب عن ذلك :

    نعم لقد كنت على علم بما كتبه الشيخ رشيد -رحمه الله- وكذا بما كتبه الأستاذ السمان في كتابه الذي أسماه " الإسلام المصفى " ! وأنا أجزم بخطأ ما كتباه في هذه المسألة لا سيما الأخير فإنه لا علم عنده ، ولذلك أنكر مسائل أخرى هي أقوى ثبوتاً من هذه المسألة ، مثل : خروج الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة ، فإن هذه المسائل الثلاث أدلة ثبوتها مقطوع بها لورود الأحاديث المتواترة بتأييدها ، ومع ذلك لم يتورع حضرة الأستاذ السمان من إنكارها ! وقد سبقه إلى شيء من ذلك السيد رشيد -رحمه الله- فإنه طعن في أحاديث الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، مع أنها أحاديث صحيحة متواترة ، كما صرح بذلك علماء هذا الشأن كالحافظ ابن حجر وغيره ، ولا مجال الآن لبيان ذلك فإلى مناسبة أخرى -إن شاء الله تعالى-.

    أما مسألة المهدي فليعلم أن في خروجه أحاديث كثيرة صحيحة ، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة ، وأنا مورد هنا أمثلة منها ثم معقب ذلك بدفع شبهة الذين طعنوا فيها فأقول :

    الحديث الأول : حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم ، حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً ".
    رواه أبو داود (2/207) ، والترمذي ، وأحمد ، والطبراني في الكبير والصغير ، وأبو نعيم في " الحلية " ، والخطيب في " تاريخ بغداد " من طرق عن زر بن حبيش عن ابن مسعود . وقال الترمذي : " حسن صحيح " والذهبي : " صحيح " وهو كما قالا .

    وله طريق آخر عند ابن ماجة (2/517) عن علقمة عن ابن مسعود به نحوه، وسنده حسن.

    الحديث الثاني : عن علي بن أبي طالب -رضى الله عنه- مرفوعاً نحوه وله عنه طريقان :
    أخرج الأول أبو داود وأحمد ، وإسناده صحيح ، وأخرج الآخر ابن ماجة وأحمد ، وإسناده حسن .

    الثالث : عن أبي سعيد الخدري ، وله طريقان أيضاً . الأول: أخرجه الترمذي، ، و ابن ماجه ، و الحاكم ، وأحمد ، و حسنه الترمذي ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا.
    وأخرج الطريق الثاني أبو داود ، والحاكم وصححه ، وسنده حسن.

    الرابع : عن أم سلمة ، وقد ذكرت لفظه وتخريجه عند الكلام على الحديث الثمانين من المقال العاشر من " الأحاديث الضعيفة " .
    وبقية الطرق قد ذكرها العلماء في كتب خاصة فليراجعها من أراد زيادة الاطلاع (1) وقد قال صديق حسن خان في " الإذاعة " :

    " الأحاديث الواردة في المهدي على اختلاف رواياته كثيرة جداً تبلغ حد التواتر وهي في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد ، وقد اضجع القول فيها ابن خلدون في كتابه " العبر وديوان المبتدأ والخبر " حيث قال : يحتجون في الباب بأحاديث خرجها الأئمة ، وتكلم فيها المنكرون لذلك ، وعارضوها ببعض الأخبار ، وللمنكرين فيها من المطاعن ، فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الإسناد بغفلة أو سوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث وأوهن منها . إلى آخر ما قال ، وليس كما ينبغي فإن الحق الأحق بالاتباع ، والقول المحقق عند المحدثين المميزين بين الدار والقاع ، أن المعتبر في الرواة ورجال الأحاديث أمران لا ثالث لهما الضبط والصدق ، دون ما اعتبره أهل الأصول من العدالة وغيرها فلا يتطرق الوهن إلى صحة الحديث بغير ذلك ".

    ثم قال صديق خان :
    " وأحاديث المهدي بعضها صحيح ، وبعضها ضعيف ، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار ، وأنه لا به في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويسمى بالمهدي ، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره . وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ، ويأتم بالمهدي في صلاته إلى غير ذلك ، وأحاديث الدجال وعيسى أيضاً بلغت مبلغ التواتر ولا مساغ لإنكارها كما بين ذلك القاضي العلامة الشوكاني -رحمه الله- في " التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح " ، قال ( يعني الشوكاني ) : " والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها : خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك . انتهى . وقد جمع السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير اليماني الأحاديث القاضية بخروج المهدي وأنه من آل محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه يظهر في آخر الزمان ثم قال : ولم يأت تعيين زمنه إلا أنه يخرج قبل خروج الدجال . انتهى " .
    شبهات حول أحاديث المهدي :

    هذا ثم إن السيد رشيد أو غيره لم يتتبعوا ما ورد في المهدي من الأحاديث حديثاً حديثاً ، ولا توسعوا في طلب ما لكل حديث منها من الأسانيد ، ولو فعلوا لوجدوا فيها ما تقوم به الحجة حتى في الأمور الغيبية التي يزعم البعض أنها لا تثبت إلا بحديث متواتر ! ومما يدلك على ذلك أن السيد رشيد -رحمه الله- ادعى أن أسانيدها لا تخلو عن شيعي ! مع أن الأمر ليس كذلك على إطلاقه ، فالأحاديث الأربعة التي أوردتها ليس فيها رجل معروف بالتشيع ، على أنه لو صحت هذه الدعوى لم يقدح ذلك في صحة الأحاديث لأن العبرة في الصحة إنما هو الصدق والضبط ، وأما الخلاف المذهبى فلا يشترط في ذلك كما هو مقرر في مصطلح علم الحديث ولهذا روى الشيخان في صحيحيهما لكثير من الشيعة وغيرهم من الفرق المخالفة واحتجا بأحاديث هذا النوع .

    وقد أعلها السيد بعلة أخرى وهي التعارض ! وهذه علة مدفوعة لأن التعارض شرطه التساوي في قوة الثبوت ، وأما نصب التعارض بين قوي وضعيف فمما لا يسوغه عاقل منصف ، والتعارض المزعوم من هذا القبيل ، وقد أوردت بعض الأمثلة على ذلك في المقال الذي سبقت الإشارة إليه فليراجعه من شاء .

    وقد يعل بعض الناس هذه الأحاديث وكذا أحاديث نزول عيسى عليه السلام بعلة أخرى ، وهي أنها كانت -بزعمهم- سبباً لحمل المسلمين على الاتكال عليها ، وانتظار خروج المهدي ، ونزول عيسى عليهما السلام ، وعلى ترك الأخذ بأسباب الحياة والقوة والمنعة ، ويظنون أن معالجة هذه المشكلة إنما هي بإنكار أحاديثهما ! وهذا خطأ يشبه معالجة المعتزلة للآيات المتشابهات ، والأحاديث التي في معناها ، فإنهم اشتهروا بتأويلهم للآيات وردهم للاحاديث الصحيحة التي من هذا القبيل حرصاً منهم -كما زعموا- على التنزيه ودفعاً للتشبيه ! وأما أهل السنة فكانوا يؤمنون بهذه الآيات والأحاديث على ظاهرها ، ولا يفهمون من ذلك تشبيهاً أو ما لا يليق بالله تعالى .

    وكذلك القول في أحاديث المهدي ، فإنه ليس فيها ما يدل بل ما يشير أدنى إشارة إلى أن المسلمين لا نهضة لهم ولا عز قبل خروج المهدي ، فإذا وجد في بعض جهلة المسلمين من يفهم ذلك منها ، فطريق معالجة جهله أن يعلم ويفهم أن فهمه خطأ ، لا أن نرد الأحاديث الصحيحة بسبب سوء فهمه إياها !

    ومن شبهات بعض الناس أن عقيدة المهدي قد استغلها بعض الدجالين ، فادعوا المهدوية لأنفسهم وشقوا بسبب ذلك صفوف المسلمين وفرقوا بينهم ، ويضربون على ذلك الأمثلة الكثيرة آخرها غلام أحمد القادياني دجال الهند ، ونحن نقول إن هذه الشبهة من أضعف الشبهات ، وفي رأيي أن حكايتها تغني عن ردها ، إذ أن من المسلم به أن كثيراً من الأمور الحقة يستغلها من ليس أهلاً لها ، فالعلم مثلاً يدعيه بعض الأدعياء وهو في الواقع مم الجهلاء ، فهل يليق بعاقل أن ينكر العلم بسبب هذا الاستغلال ؟! بل إن بعض الناس فيما مضى ادعى الألوهية فهل طريقة الرد عليه وبيان كذبه يكون بإنكار الألوهية الحقة ؟!

    ومثال آخر : يفهم بعض المسلمين اليوم من عقيدة " القضاء والقدر " الجبر وأن الإنسان الذي قدر عليه الشر مجبر على ارتكابه ، وأنه لا اختيار له فيه ، وقع في هذا الفهم الخاطيء غير قليل من أهل العلم ، ونحن مع جماهير العلماء الذين لا يشكون في صحة عقيدة القضاء والقدر وأنها لا تستلزم الجبر مطلقاً ، فإذا أردنا أن نصحح ذلك الفهم الخاطيء الملصق بهذه العقيدة الحقة ، أفيكون طريق ذلك بإنكارها مطلقاً كما فعل المعتزلة قديماً وبعض أذنابهم حديثاً ؟! أم السبيل الحق الاعتراف بها لأنها ثابتة في الشرع ودفع فهم الجبر منها ؟ لا شك أن هذا السبيل هو الصواب الذي لا يخالف فيه مسلم البتة ، فكذلك فلتعالج عقيدة المهدي، فنؤمن بها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة ، ونبعد عنها ما ألصق بها بسبب أحاديث ضعيفة واهية خبيثة ، وبذلك نكون قد جمعنا بين إثبات ما ورد به الشرع والإذعان لما يعترف به العقل السليم .

    وخلاصة القول : إن عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه -صلى الله عليه وسلم- يجب الإيمان بها لأنها من أمور الغيب ، والإيمان بها من صفات المتقين كما قال تعالى : ( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ) . وإن إنكارها لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر . أسأل الله تعالى أن يتوفانا على الإيمان بها وبكل ما صح في الكتاب والسنة .

    المصدر : مجلة التمدن الإسلامي (22 / 642 – 646).

    1) مثل " العرف الوردي في أخبار المهدي " للسيوطي ، و " الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة " لصديق خان ، ونحوها.


    لا تنسونى من صالح دعائكم .
    وإن مر الزمان ولم تجدوني
    فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

    تعليق


    • #3
      رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..



      لا تنسونى من صالح دعائكم .
      وإن مر الزمان ولم تجدوني
      فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

      تعليق


      • #4
        رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

        بعثت أنا والساعة كهاتين‏)‏‏.‏
        وأشار بإصبعيه الوسطى والسبابة
        - أورده في الأزهار وهو آخر حديث أورده فيها من حديث ‏(‏1‏)‏ أنس ‏(‏2‏)‏ وسهل بن سعد ‏(‏3‏)‏ وأبي هريرة ‏(‏4‏)‏ والمستورد بن شداد ‏(‏5‏)‏ وبريدة ‏(‏6‏)‏ وجابر بن سمرة ‏(‏7‏)‏ ووهب السواءى ‏(‏8‏)‏ وابن عمر ‏(‏9‏)‏ وأبي جبيرة بن الضحاك ‏(‏10‏)‏ وأشياخ من الأنصار عشرة أنفس‏.‏
        ‏(‏قلت‏)‏ ورد أيضاً من حديث ‏(‏11‏)‏ جابر بن عبد اللّه ونقل في فيض القدير أيضاً عن السيوطي أنه متواتر‏.‏
        288- ‏(‏ الهرج والفتن في آخر الزمان‏)‏‏.‏
        الهرج والفتن في آخر الزمان سبق أن الجلال السيوطي في إتمام الدراية عدها من المتواتر‏.‏
        289- ‏(‏ خروج المهدي‏)‏‏.‏
        خروج المهدي الموعود المنتظر الفاطمي
        - عن ‏(‏1‏)‏ ابن مسعود أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ‏(‏2‏)‏ وأم سلمة أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم في المستدرك ‏(‏3‏)‏ وعلي بن أبي طالب أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه ‏(‏4‏)‏ وأبي سعيد الخدري أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأبو يعلى والحاكم في المستدرك ‏(‏5‏)‏ وثوبان أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم في المستدرك ‏(‏6‏)‏ وقرة بن إياس المزني أخرجه البزار والطبراني في الكبير والأوسط ‏(‏7‏)‏ وعبد اللّه بن الحارث بن جزء أخرجه ابن ماجه والطبراني في الأوسط ‏(‏8‏)‏ وأبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلى والبزار في مسندهما والطبراني في الأوسط وغيرهم ‏(‏9‏)‏ وحذيفة بن اليمان أخرجه الروياني ‏(‏10‏)‏ وابن عباس أخرجه أبو نعيم في أخبار المهدي ‏(‏11‏)‏ وجابر بن عبد اللّه أخرجه أحمد ومسلم إلا أنه ليس فيه تصريح بذكر المهدي بل أحاديث مسلم كلها لم يقع فيها تصريح به ‏(‏12‏)‏ وعثمان أخرجه الدارقطني في الإفراد ‏(‏13‏)‏ وأبي أمامة أخرجه الطبراني في الكبير ‏(‏14‏)‏ وعمار بن ياسر أخرجه الدارقطني في الإفراد والخطيب وابن عساكر ‏(‏15‏)‏ وجابر ابن ماجد الصدفي أخرجه الطبراني في الكبير ‏(‏16‏)‏ وابن عمر ‏(‏17‏)‏ وطلحة بن عبيد اللّه أخرجهما الطبراني في الأوسط ‏(‏18‏)‏ وأنس بن مالك أخرجه ابن ماجه ‏(‏19‏)‏ وعبد الرحمان بن عوف أخرجه أبو نعيم ‏(‏20‏)‏ وعمران بن حصين أخرجه الإمام أبو عمرو الذاني في سننه وغيرهم وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ونقله عن أبي الحسين الإبري وقد تقدم نصه أول هذه الرسالة وفي تأليف لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسين العراقي في المهدي هذا أن أحاديثه متواترة أو كادت قال وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد اهـ‏.‏
        وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس ما نصه ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر اهـ‏.‏
        وفي شرح المواهب نقلاً عن أبي الحسين الإبري في مناقب الشافعي قال تواترت الأخبار أن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي حلفه ذكر ذلك رداً لحديث ابن ماجة عن أنس ولا مهدي إلا عيسى اهـ‏.‏
        وفي مغاني الوفا بمعاني الإكتفا قال الشيخ أبو الحسين الإبري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بمجيء المهدي وأنه سيملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً اهـ‏.‏
        وفي شرح عقيدة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ما نصه وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن جماعة من الصحابة وقال بعدها وقد روى عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم مما يفيد مجموعة العلم القطعي فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة اهـ‏.‏
        وتتبع ابن خلدون في مقدمته طرق أحاديث خروجه مستوعباً لها على حسب وسعة فلم تسلم له من علة لكن ردوا عليه بأن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر وهي عند أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم والطبراني وأبي يعلى الموصلي والبزار وغيرهم من دواوين الإسلام من السنن والمعاجم والمسانيد وأسندوها إلى جماعة من الصحابة فإنكارها مع ذلك مما لا ينبغي والأحاديث يشد بعضها بعضاً ويتقوى أمرها بالشواهد والمتابعات وأحاديث المهدي بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار وأنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في بعض صلواته إلى غير ذلك وللقاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني اليمني رحمه اللّه رسالة سماها التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح قال فيها والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً في الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك اهـ وانظره فقد ذكر أحاديثه وتكلم عليها وفي الصواعق لابن حجر الهيتمي ما نصه قال أبو الحسين الإبري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بخروج المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً وأنه يخرج مع عيسى صلى اللّه على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه اهـ‏.‏
        ومثله له في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر إلا أنه عبر عن أبي الحسين المذكور ببعض الأئمة ونصه قال بعض الأئمة قد تواترت الأخبار الخ ما مر عنه في الصواعق وقال قبله بيسير ما نصه قال بعض الأئمة الحفاظ أن كونه أي المهدي من ذريته صلى اللّه عليه وسلم قد تواتر عنه صلى اللّه عليه وسلم اهـ‏.‏
        ‏(‏قلت‏)‏ وأبو الحسين المذكور هو محمد بن الحسين بن إبراهيم الإبري السجستاني مصنف كتاب مناقب الشافعي وهو كتاب حافل رتبه على أربعة أو خمسة وسبعين باباً وآبر من قرى سجستان توفي في رجب سنة ثلاث وستين وثلاثمائة راجع ترجمته في الطبقات الكبرى للسبكي ولولا مخافة التطويل لأوردت هاهنا ما وقفت عليه من أحاديثه لأني رأيت الكثير من الناس في هذا الوقت يتشككون في أمره ويقولون يا ترى هل أحاديثه قطعية أم ولا وكثير منهم يقف مع كلام ابن خلدون ويعتمده مع أنه ليس من أهل هذا الميدان والحق الرجوع في كل فن لأربابه والعلم للّه تبارك وتعالى‏.‏

        -----
        منقول من موقع نداء الإيمان


        لا تنسونى من صالح دعائكم .
        وإن مر الزمان ولم تجدوني
        فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

        تعليق


        • #5
          رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

          سرد موجز لما ثبت بالبحث والتحقيق
          اشتمل هذا القسم على ثلاثين حديثاً وستة عشر أثراً موزعاً على بابين:
          (1) الأحاديث والآثار الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وهي ثمانية أحاديث مرفوعة وأحد عشر أثراً.
          (2) الأحاديث والآثار الثابتة غير الصريحة في ذكر المهدي. وهي اثنان وعشرون حديثاً وخمسة أثار.
          وهو مجموع ما ثبت عندي- بالصحة أو الحسن- من أحاديث المهدي التي اطلعت عليها.
          أما الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة فسأذكرها في القسم الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.
          وهكذا نرى أن من مجموع ما ثبت من الأحاديث ثمانية أحاديث وأحد عشر أثراً صريحاً في ذكر المهدي. والباقي لم يقع فيه التصريح بذكر المهدي ولكن ذكره العلماء في أبواب المهدي لأجل القرائن والأوصاف الدالة على ذلك.
          نتيجة البحث:
          وبعد النظر في الأحاديث الواردة في المهدي ودراستها سنداً ومتناً وصلت إلى ما يلي:
          (1) إن خلافة المهدي في آخر الزمان حق ولا يمكن إنكارها لثبوت هذه الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، ولورود أحاديث أخرى كثيرة وهي ضعيفة في تفاصيلها ولكنها تشارك الصحيحة في أصل الفكرة وهي (وجود خلافة المهدي) وهكذا يصبح هذا الأمر متواتراً تواتراً معنوياً.
          (2) إن الكثير أو الأكثر من الأحاديث والآثار الواردة في موضوع المهدي ضعيف أو موضوع لا يمكن الاعتماد عليه والأخذ به. ولذلك فلا يمكن أن تقبل هذه الفكرة على علاتها. بل لا بد من تمحيص القول وأخذ ما صفا وترك ما كدر.
          شخصية المهدي وأوصافه من خلال الأحاديث الثابتة المرفوعة:
          أما شخصية المهدي وملامحها وأوصافها التي تبينت لي من خلال الأحاديث المرفوعة الثابتة فهي كما يلي:
          (1) اسمه يواطئ اسم النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 21، 22، 23، 24، 25، 26.
          (2) اسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 25، 26.
          (3) يكون من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. الأحاديث: 1، 4، 9، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 28، 30، 31، 33، 34.
          (4) يكون من ولد فاطمة الحديث: 8.
          (5) يكون أجلى الجبهة، أقنى الأنف. الأحاديث: 4، 30.
          (6) يصلحه الله في ليلة. الحديث: 1.
          (7) تملأ الأرض قبل خلافته ظلماً وجوراً. الأحاديث: 4، 20، 26، 30، 31، 32، 33،.
          (8) فيملأها بعد خلافته قسطاً وعدلاً. الأحاديث: 4، 5، 8، 20، 26، 30، 31، 32، 33.
          (9) يرى الإمام ابن حبان وغيره أنه الرجل الذي يبايع له بين الركن والمقام. الحديث: 29.
          (10) يملك سبع سنين الأحاديث: 4، 6. وقد وقع في بعض الروايات بالشك (سبع أو ثماني أو تسع). والظاهر أن هذا الشك أتى من الرواة، فيحمل على اليقين. الأحاديث: 3، 5، 31.
          (11) يلي في آخر الزمان. ولا تقوم الساعة حتى يملك ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك. الأحاديث: 3، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 33.
          (12) يخرج في راياتٍ سودٍ من قبل خراسان. الأحاديث: 2، 7.
          (13) يسقيه الله الغيث (تمطر السماء قطرها). الأحاديث: 5، 8.
          14- تخرج الأرض نباتها. الأحاديث 3، 5، 8.
          15- تكثر الماشية. الحديث: 3.
          16- تعظم الأمة. الحديث: 3.
          17- تنعم الأمة في ولايته نعمة لم تنعمها قط. الحديث: 8.
          18- يعطي المال صحاحاً. الحديث: 3.
          19- يحثي المال حثياً. الأحاديث: 36، 38.
          20- يعطي المال بغير عدد (ولا يعده عداً). الحديث: 36.
          21- ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي ورائه. وهذا يقتضي أن الدجال يخرج في عصره، لأن عيسى ينزل فيقتل الدجال. والأحاديث: 27، 34، 39.
          22- يرى أبو داود وغيره أنه من الخلفاء الأثنى عشر الذين ورد فيهم الحديث: 40.
          23- يرى ابن حبان وغيره أن الجيش الذي يخسف به هو الجيش الذي يخرج لمحاربة المهدي. الحديث: 41.

          مع المنكرين لفكرة المهدوية
          لقد ذكرت في مقدمة هذا الكتاب قائمة بأسماء وآراء الذين وجدتهم من المنكرين لفكرة المهدوية إنكاراً مطلقاً. ولقد ثبت لنا الآن بعد البحث والتحقيق أن الفكرة لها أصل، ولا يمكن إنكارها على الإطلاق. إذن فما هي العوامل التي حملتهم على إنكار هذه الفكرة؟
          عوامل الإنكار:
          نستطيع أن نحدد تلك العوامل في أمرين أساسيين:
          (1) المحاولات المتكررة لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى المطامع الشخصية من الملك والسلطة وغيرهما. وقد بدأت هذه النزعة من قديم الزمان، فالمختار بن أبي عبيد الثقفي يدعي مهدية محمد بن الحنفية ويتستر ورائها للتمكن من السلطة والحصول على الرئاسة.
          ومحمد بن عبد الله النفس الزكية يدعي المهدوية ويطلب الحكم له والمنصور العباسي يحاربه بالسلاح نفسه فيلقب ابنه بالمهدي ويُظهر أنه هو المراد بالأحاديث الواردة. والفرق الشيعية المختلفة تختار لها مهديين. والحركة الباطنية الإلحادية تتقمص بهذه الفكرة وتثير الفتن والقلاقل وتعيث في الأرض فساداً. وتنتج أرض المغرب مهديين، وفي السودان مهدي، وفي الهند مهدي، وفي إيران مهدي وأبواب المهدي.
          وهكذا قامت حركات كثيرة عبر التاريخ الإسلامي، وقد تقدم ذكرها بشيء من التفصيل في مقدمة هذا الكتاب. وكل هذه الحركات استغلت هذه الفكرة للوصول إلى أهدافها ومطامعها ووراء كل حركة من الحروب والقتال والفساد ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
          (2) تصوير المهدي بصورة وهمية خيالية يستبعدها العقل ويأباها القلب. فكانت هناك نزعة أخرى تحارب استغلال فكرة المهدوية وهي تصدق بأصل الفكرة إلا أنها لما رأت كثرة أدعياء المهدوية في كل عصر ومصر وما يثير هؤلاء من القلاقل والفتن أصبحت تبحث عن أمور تبين أن هؤلاء الأدعياء ليسوا من المهدي الحقيقي في شيء. فوجدوا روايات ضعيفة وموضوعة مختلفة كثيرة تتعلق بالمهدي وتصفه بأوصاف بعيدة عن العقل والواقع فأوردوها ليثبتوا أن هؤلاء الأدعياء لا يتصفون بهذه الصفات ولا توجد فيهم تلك الأمارات، وعلى سبيل المثال ذكروا أن المهدي تخرج معه كف معلمة من السماء وينادى باسمه من السماء، وتخضر له الأغصان اليابسة في أرض يابسة وتهبط الطير على يديه بإشارته، وأنه يخرج التوراة والإنجيل من أنطاكية. وسمي المهدي لأنه يهدي إلى أسفار التوراة ويخرجها من جبال الشام وأن جبرائيل على مقدمته وميكائيل على ساقته. وأنه يفتح مدينة القاطع على البحر الأخضر المحدق بالدنيا طولها ألف ميل وعرضها خمسمائة ميل فيها مائة سوق وفي كل سوق مائة ألف سوقي. وأنه يخرج تابوت السكينة ومائدة بني إسرائيل ورضراض الألواح وعصى موسى وخاتم سليمان. وما إلى ذلك (1).
          ولكن هؤلاء قد أفرطوا في اعتمادهم على هذه الروايات الواهية وقد أساءوا إلى الحقيقة الصحيحة. فهم وإن كان قصدهم الوقوف في وجه الأدعياء قد نفروا الكثير أيضاً من الصواب (2).
          وكثير من الذين لم تكن لديهم قدرة كافية للبحث في الأحاديث الواردة وتمييز صحيحها من سقيمها أو كانت عندهم القدرة الكافية لكنهم لم يتجشموا مشقة البحث والتحقيق لما رأوا تلك الفتن والمشاكل من جهة وهذه الخرافات من جهة أخرى أعلنوا بدون تردد أن حديث المهدي حديث خرافة. ونظروا في الروايات الواردة في المهدي نظرة عابرة فتبدت لهم بعض الشبهات فزعموا أنها تقوي رأيهم.

          شبهات المنكرين
          (أ) أحاديث المهدي لم يخرجها البخاري ومسلم:
          وقد ردد هذه الشبهة كثير من الذين كتبوا في إنكار فكرة المهدي. فقال السيد محمد رشيد رضا:
          (لم يعتد الشيخان بشيء من رواياتها) (3).
          وقال الأستاذ أحمد أمين: (ولم يرو البخاري ومسلم شيئاً عن أحاديث المهدي مما يدل على عدم صحتها عندهما) (4).
          وكذلك سعد محمد حسن في كتابه المهدية في الإسلام (5).
          وغيرهم.
          وظن هؤلاء أن الشيخان لم يخرجا أحاديث المهدي لعلة فيها عندهما. ولكن هذا الظن ليس بصحيح. وذلك لأمور:
          (1) إن الشيخين لم يحيطا بجميع الأحاديث الصحيحة ولا ادعيا ذلك فقد قال البخاري: (ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول) (6). وقال مسلم: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا- يعني كتابه الصحيح- إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه) (7).
          (2) هناك أحاديث كثيرة جداً استدل بها العلماء وعملوا بها ولا توجد في الصحيحين، حتى في أمور العقائد ومنها الحديث المشتمل على العشرة المبشرين بالجنة. والحديث الدال على أن نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة. وحديث البراء بن عازب الطويل في أحوال القبر حتى البعث وحديث وزن الأعمال وغيرها (8). فمن الخطأ أن يظن أن عدم إخراج الشيخين أحاديث المهدي يدل على أنها لم تصح عندهما.
          (3) إن كلامهم هذا ليس بصحيح على إطلاقه. بل في الصحيحين أحاديث تتعلق بالمهدي وإن لم تكن صريحة في ذكره. إلا أن الأحاديث الأخرى تبين أن المراد بها هو المهدي المنتظر. فراجع الأحاديث: 27، 36، 38، 39 من هذا الكتاب.
          (ب) هل هناك أحاديث تنكر وجود المهدي؟
          لقد زعم بعض الناس أن أحاديث المهدي معارضة بحديث (لا مهدي إلا عيسى بن مريم) (9). إلا أن هذا الحديث ليس بصحيح كما سيأتي بتفصيل في القسم الثاني لهذا الكتاب إن شاء الله. ولذلك فلا يمكن الاستدلال به. وحتى ولو صح الحديث فلا يبطل تلك الأحاديث الكثيرة الواردة في ذكر المهدي غير عيسى. فيتعين الجمع بينهما. فيقال: (لا مهدي في الحقيقة سواه وإن كان غيره مهدياً كما يقال: لا علم إلا ما نفع ولا مال إلا ما وقي وجه صاحبه.
          كما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى بن مريم يعني المهدي الكامل المعصوم) (10).
          (ج) هل أحاديث المهدي كلها ضعيفة؟:
          ولقد حاول ابن خلدون تضعيف أحاديث المهدي كلها واستند في رأيه على هذا إلى كلام العلماء (إن الجرح مقدم على التعديل) ثم ذكر بعض ما ورد في الطعن في رواة أحاديث المهدي. والحقيقة أن المحدثين حينما يقولون: (إن الجرح مقدم على التعديل) لا يريدون منه الإطلاق. بل لابد أن يكون الجرح مفسراً حتى يتمكن الباحث من النظر فيه وهل هو جرح حقيقة أم لا؟ فقط يضعفه الجارح بسبب يراه قادحاً بينما هو ليس بقادح عند غيره (11).
          قال ابن حجر في شرح النخبة: (الجرح مقدم على التعديل وأطلق ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبيناً من عارف بأسبابه لأنه إن كان غير مفسراً لم يقدح في من ثبتت عدالته وإن صدر من غير عارف بأسباب لم يعتبر به أيضاً. فإن خلا المجروح عن التعديل قبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب إذا صدر عن عارف على المختار) (12).
          وكذلك نص عليه النووي والصخاوي والسيوطي والسندي غيرهم (13).
          وحتى لو ثبت الجرح في الراوي فليس كل جرح يسقط الرواية بل من الجرح ما هو شديد ويستلزم ترك الرواية، ومنه ما ليس كذلك بل يعتضد الراوي المتصف به بغيره من المعتبرين فيحتج بروايته.
          فأما الجرح الشديد هو الناشئ في الراوي من قبل كونه مهتماً في دينه وعدالته أو كونه سيئ الحفظ جداً فاحش الخطأ فحين ذاك تترك روايته بالمرة ولا يحتج به ولا يعتبر به.
          قال الترمذي: (فكل ما كان متهماً في الحديث بالكذب أو كان مغفلاً يخطئ الكثير فالذي اختار أكثر أهل الحديث من الأئمة أنه لا يشتغل بالرواية عنه) (14) وروى الخطيب بسنده عن ابن مهدي أنه قال: سمعت شعبة وسئل: من الذي يترك حديثه؟ قال: (الذي إذا روى عن معروفين ما يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه. وإذا روى حديثاً غلطاً مجمعاً عليه فلم يتهم نفسه في تركه طرح حديثه. وإذا كثر الغلط يترك حديثه. وما كان غير ذلك فارو عنه) (15).
          فإن لم يكن الجرح شديداً كأن يكون ناشئاً من ضعف الراوي بسبب سوء حفظ غير فاحش أو وهم يسير في بعض رواياته أو التدليس أو الاختلاط في آخر العمر وما إلى ذلك فمثل هذا يكتب حديثه ويعتبر به. فإن رواه غيره أو وجد ما يشهد لمعناه علم أنه لم يهم في روايته تلك.
          قال الحافظ ابن حجر: (ومتى توبع السيئ الحافظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله لا دونه كذا المختلط الذي لم يتميز والمستور والإسناد المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم حسناً لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع. لأن مع كل واحد منهم احتمال كون رواياته صواباً أو غير صواب على حد سواء. فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين. ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول) (16).
          فابن خلدون كما قال أحمد شاكر: (لم يحسن قول المحدثين: الجرح مقدم على التعديل ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئاً مما قال) (17).
          لذلك رد على ابن خلدون كثير من العلماء ومن بينهم العلامة صديق حسن خان في (الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة) والشيخ المحدث شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود. والشيخ العلامة عبد الرحمن المباركفوري في تحفة الأحوذي في باب المهدي من كتابيهما. والشيخ المحدث أحمد شاكر في تعليقاته على مسند الإمام أحمد (18). والشيخ المحدث أحمد ناصر الدين الألباني في تخريجه لأحاديث فضائل الشام ودمشق (19) والشيخ عبد الله بن محمد الصديق في كتابه إبراز الوهم المكنون.
          وابن خلدون لم يحصي الأحاديث الواردة في المهدي وإنما ذكر جزءاً قليلاً منها. ومع محاولته لتضعيفها لم يجد بداً من الاعتراف بصحة بعضها فقال: (فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه) (20).
          (د) هل روايات المهدي من وضع الشيعة؟:
          يزعم بعض الناس أن الأحاديث الواردة في المهدي كلها من وضع الشيعة أو أنها على الأقل يوجد في روايتها من رمي بالتشيع ولذلك فلا تقبل هذه الروايات. لأنها تأيد بدعتهم فوقعت التهمة فيها عليهم.
          ولكن هذه الشبهة ليست بصحيحة لما سيأتي.

          رواية أهل البدع:
          وللعلماء في قبولها أو عدمه أربعة أقوال:
          (1) لا تقبل مطلقاً. وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله (21) فقد قال: لقد تركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم من العلم شيئاً. وإن منهم لمن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافاً فمنهم من كان كذاباً في غير علمه تركته لكذبه. ومنهم من كان جاهلاً بما عنده فلم يكن عندي موضعاً للأخذ عنه لجهله ومنهم من كان يدين برأي سوء (22). وقال أشهب: سئل مالك عن الرافضة فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون (23). وهو قول أبي بكر الباقلاني وأتباعه ونقله الآدمي عن الأكثرين وجزم به ابن الحاجب (24).
          (2) تقبل مطلقاً. وإن كانوا كفاراً وفساقاً بالتأويل. وبه قال جماعة من أهل النقل والمتكلمين (25).
          (3) تقبل إن لم يعرف باستحلال الكذب. وهذا قول الشافعي رحمه الله فقد قال: تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم (26).
          وحكي هذا عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، وأبي يوسف القاضي (27).
          (4) لا تقبل من الداعية وتقبل من غير الداعية. وهذا قول الإمام أحمد رحمه الله وهو مروي عن عبدالرحمن بن مهدي ويحي بن سعيد القطان وغيرهم. قال أبو داود: قلت لأحمد: يكتب عن القدري؟ قال: إذا لم يكن داعياً (28). وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي لما رويت عن أبي معاوية الضرير وكان مرجئاً ولم ترو عن شبابة بن سوار وكان قدرياً؟ قال: لأن أبي معاوية لم يكن يدعوا إلى الإرجاء وشبابة كان يدعو إلى القدر (29). وقال عبد الرحمن بن مهدي: من رأى رأياً ولم يدعو إليه احتمل ومن رأى رأياً ودعا إليه فقد استحق الترك (30).
          فالمبتدع إذا لم تتوفر فيه صفات القبول فلا شك أن روايته ترد، كالمبتدع الذي كفر ببدعته وتأكد خـروجه عن الإسـلام. قال ابن الصلاح: (اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر ببدعته) (31) وهذا يعني أن الذي كفر ببدعته فليس في محل خلاف. وقال ابن كثير: المبتدع إن كفر ببدعته فلا إشكال في رد روايته (32). وقال ابن حجر: لا يقبل صاحبها الجمهور (33). وقال المعلمي: لا شبه أن المبتدع إن خرج ببدعته عن الإسلام لم تقبل روايته لأن من شرط قبول الرواية الإسلام (34). حتى حكى النووي الإجماع على أن روايته لا تقبل. وتعقبه السيوطي فقال: قيل دعوى الاتفاق ممنوعة فقد قيل أنه يقبل مطلقاً وقيل إن اعتقد حرمة الكذب@ (35).
          وقال ابن حجر بعد ذكر القولين: (والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه. فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه من روعه وتقواه فلا مانع من قبوله (36).
          وكذلك المبتدع الذي يستحل الكذب ولا تقبل روايته أبداً. قال أحمد شاكر: (وهذا القيد -أعني عدم استحلال- الكذب- لا أرى داعياً له، لأنه قيد معروف بالضرورة في كل راوٍ، فإنا لا نقبل رواية الراوي الذي يعرف عنه الكذب مرة واحدة فأولى أن نرد رواية من يستحل الكذب أو شهادة الزور) (37).
          فأما إذا توفرت فيه صفات القبول فما الحكم؟ الذي يظهر لي من خلال الأقوال المذكورة أن الجمهور قد اتفقوا على أن رواية المبتدع -إن لم يكن داعياً إلى بدعته- تقبل (38).
          وانفرد الجوزجاني وابن قتيبة فاشترط شرطاً آخر، وهو أن لا يكون في روايته- أي المبتدع حتى غير الداعية- ما يؤيد بدعته. قال الجوزجاني: (ومنهم زائغ عن الحق -أي عن السنة- صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكراً إذا لم تقو به بدعته) (39).
          وقال ابن قتيبة: (إنما يمنع من قبول قول الصادق فيما وافق نحلته وشاكل هواه أن نفسه تريه أن الحق فيما اعتقده وأن القربة إلى الله عز وجل في تثبيته بكل وجه. ولا يؤمن مع ذلك التحريف والزيادة والنقص).
          ويناقش كلٍّ منهما بما يلي:
          (1) إن جمهور الأئمة لم يشترطوا هذا الشرط.
          (2) إن وقع الكذب لصالح العقيدة أو التحريف أو الزيادة أو النقص من قبل بعض أهل الأهواء، فهذا لا يكفي لاتهام الجميع بذلك فقد وجد مثل ذلك بين أهل السنة أيضاً حتى في أهل المذاهب لتأييد مذاهبهم فهل هذا يستلزم أن يرد كل ما يرويه الحنفي أو الشافعي مثلاً وفيه تأييد لمذهبه. ومن ثبت عنه تعمد ذلك لما ثبت له العدالة أصلاً فترد جميع مروياته.
          (3) إن أئمة الحديث يشترطون في قبول رواية أي رجل أن يكون عدلاً ضابطاً. والعدالة هي الملكة في النفس تمنع الناس من اقتراف الكبائر ومنها الكذب مع السلامة من خوارم المروءة فإذا ثبتت هذه الملكة في رجل ما بشهادة أئمة الحديث والنقد الذين هم عليهم مدار الجرح والتعديل فوجب قبول روايته ولا وجه للفرق بين ما يقوي بدعته وما لا يقويها فإن العدل عدل في كل. فإن هناك شك في عدالته وجب أن ترد جميع مروياته بدون تفريق بين بعضها دون بعض. ولو كان الأمر كما قالا لما صح أن يروي أحد ما يؤيد رأيه ومذهبه سواء كان من أهل السنة أو المبتدعة.
          فالخلاصة أن المدار في قبول الراوي هو العدالة والضبط بغض النظر عن عقيدته أو مبدئه -إلا إذا خرج عن الإسلام- وعلى هذا جرى عمل كثير من العلماء قديماً وحديثاً. ولعل الأئمة الذين نهوا عن الأخذ عن المبتدعة إنما نهوا للمصلحة لأن في الرواية عنهم رفعاً لشأنهم وتقديراً لهم ولا شك أن له ضرراً كبيراً على العامة لا سيما إذا كان الرجل من الدعاة.
          وقد احتج البخاري بعمران بن حطان الداعية الخارجي. واحتج الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء (40).
          وقال الخطيب البغدادي: (والذي يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج بأخبارهم (أي أهل البدع والأهواء) ما اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهاداتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك. لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب وحفظهم أنفسهم من المحظورات من الأفعال وإنكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ورواياتهم للأحاديث التي تخالف آرائهم ويتعلق بها مخالفوهم في الاحتجاج عليهم. فاحتجوا برواية عمران بن حطان وهو من الخوارج وعمرو بن الدينار وكان ممن يذهب إلى القدر والتشيع وكان عكرمة إباضياً وابن أبي نجيح وكان معتزلياً... في خلق كثير يتسع ذكرهم دون أهل العلم قديماً وحديثاً رواياتهم. واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالإجماع منهم. وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقاربة الصواب (41).
          وقد ذكر الخطيب عدة أقوال لأئمة الحديث في هذا الباب منها:
          قال علي بن المديني: قلت ليحيى بن سعيد القطان إن عبد الرحمن بن مهدي قال: أنا أترك من أهل الحديث كل ما كان رأساً في البدعة. فضحك يحيى بن سعيد فقال: كيف يصنع بقتادة، كيف يصنع بعمر بن ذر الهمذاني، كيف يصنع بابن أبي رواد، وعدّ يحيى قوماً أمسكت من ذكرهم. ثم قال يحيى: إن ترك عبد الرحمن هذا الضرب ترك كثيراً (42).
          وقال علي بن المديني: لو تركت أهل البصرة لحال القدر ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي -يعني التشيع- خربت الكتب. يعني مذهب الحديث (43).
          وقال البغوي: اختلفوا في رواية المبتدعة وأهل الأهواء فقبلها أكثر أهل الحديث إذا كانوا فيها صادقين فقد حدث محمد بن إسماعيل عن عباد بن يعقوب الرواجني. وكان محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: حدثنا الصدوق في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب (44).
          وقال ابن دقيق العيد: الذي تقرر عندنا أن لا نعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي في الشريعة فإذا اعتبرنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل معتمد الرواية (45).
          وقال الذهبي في ترجمة أبان بن تغلب الكوفي: شيعي جلد لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته. ونقل توثيقه عن أحمد وغيره ثم قال: فلقائل أن يقول: كيف صاغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والإتقان فكيف يكون عدلاً وهو صاحب بدعة. وجوابه أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى كغلو التشيع أو التشيع بلا غلو ولا تحرق. فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة.
          ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة أيضاً فما استحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموماً، بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل نقل من هذا حاله حاشا وكلا.
          فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً رضي الله عنه وتعرض لسبهم والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ويتبرأ من الشيخين فهذا ضال مفتر (46).
          وابن حجر وإن قال في رأي الجوزجاني أنه (متجه) ولكنه قد سبق من قوله بأنه قال: فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً... فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه من روعه وتقواه فلا مانع من قبوله (47).
          وقال ابن حجر في التهذيب: فالتشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل عليّ على عثمان وأن علياً كان مصيباً في حروبه وأن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن علياً أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان معتقد ذلك ورعاً وديناً صادقاً مجتهداً فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافض الغالي ولا كرامة (48).
          وقال أحمد شاكر بعد ذكر الأقوال الأربعة في المسألة: وهذه الأقوال كلها نظرية والعبرة في الرواية بصدق الراوي وأمانته والثقة بدينه وخلقه والمتتبع لأحوال الرواة يرى كثيراً من أهل البدع موضعاً للثقة والاطمئنان وإن رووا ما يوافق رأيهم. ويرى كثيراً منهم لا يوثق بأي شيء يرويه.
          وقد ذكر كلام ابن حجر السالف قريباً كلام الذهبي فقال: والذي قال الذهبي من ضميمة ما قاله ابن حجر فيما مضى هو التحقيق المنطبق على أصول الرواية (49).

          أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي لا يوجد في روايتها من رمي بالتشيع:
          لقد علمنا من المبحث السابق أن الراوي الذي رمي بالبدعة إذا تبين أنه ثقة ضابط بشهادة أئمة الجرح والتعديل تقبل روايته على الأرجح. ولكن مع ذلك فليس المدار في روايات أحاديث المهدي على من رمي بالتشيع. فالروايات الثابتة عددها ستة وأربعون رواية، منها أحد عشر رواية فقط في رجالها من رمي بالتشيع ومنها أربعة آثار. أما الروايات السبعة المرفوعة فيها روايتان فقط في قسم الأحاديث الصريحة، وهذا يعني أن الأحاديث المرفوعة الثابتة الصريحة في ذكر المهدي وعددها ثمانية أحاديث فيها حديثان فقط يوجد في رواتها من رمي بالتشيع. وإليك تفاصيل هذه الروايات:
          1- الحديث: 2. إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدي. وفيه حنان بن سدير. وقال فيه الدارقطني: أنه من شيوخ الشيعة، ولكن لروايته هذه طرق أخرى.
          2- الحديث: 7. وفي بعض طرقه عبد الرزاق بن همام الصنعاني. وقد رمي بالتشيع، وعبد الرزاق ذلك الإمام الجليل لا يتهم في روايته أبداً. وقد سمع محمد بن إسماعيل الفزاري أن أحمد ويحيى تركا حديث عبد الرزاق فوجدا ابن معين في الموسم فسأله. فقال له ابن معين: (يا أبا صالح لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه). ومع ذلك فعبد الرزاق لم يكن غالياً ولا داعية فقال: ما انشرح صدري قط أن أفضل علياً على أبي بكر وعمر. رحم الله أبا بكر وعمر وعثمان. من لم يحبهم فما هو مؤمن. وقال: أوثق أعمالي حبي إياهم. ثم إن عبدالرزاق لم ينفرد بهذه الرواية. بل لقد رويت من طرق أخرى كما تقدم في موضعها.
          3- الحديث: 20. فيه أبو نعيم الفضل بن دكين، قال فيه الذهبي: حافظ حجة من غير غلو ولا سبة. وفيه أيضاً فطر بن خليفة المخزومي وقد رمي بالتشيع لكنه ثقة أيضاً. وقد ورد هذا المعنى من غير طريقهما أيضاً بطرق كثيرة عن ابن مسعود (حديث 26) وابن سعيد الخدري (4، 5، 31، 32 وغيرهما).
          4- الحديث: 25. وفيه عبيد الله بن موسى ثقة من رجال الشيخين وقد رمي بالتشيع ولكن الطريق الآخر عند أبي نعيم وابن أبي شيبة ليس فيهما عبيد الله بن موسى. ولكن فيهما فطر بن خليفة وقد رمى بالتشيع. إلا أنه لم ينفرد به فقد تابعه زائدة بن قدامة وكان متشدداً في السنة حتى أنه ما كان يحدث رجلاً إلا بعد ما يعرفه أنه من أهل السنة.
          5- الحديث: 26. وفيه أيضاً عبيد الله بن موسى وفطر بن خليفة. وهما في إسناد أبي داود ولكن إسناد ابن حبان ليس فيه أحد منهما ولا غيرهما ممن يرمى بالتشيع.
          6- الحديث: 32. وفيه عوف الأعرابي وهو ثقة من رجال الشيخين وقد رمي بالتشيع ومع كونه ثقة يحتج به لم ينفرد بهذا المعنى. فقد ورد من طرق كثيرة عن أبي سعيد (4، 5، 31 وغيرها).
          7- الحديث: 33. وفيه أيضاً عوف الأعرابي ولكن معناه قد ورد أيضاً من طرق أخرى.

          وأما الآثار فهي أربعة، وهي:
          رقم 10: وهو أثر علي بن أبي طالب وفيه عمار الدهني. وقال سفيان: قطع بشر بن مروان عرقوبه في التشيع. ولكنه ثقة وقد نص على توثيقه أحمد وابن معين وآخرون. ولم أعرف من تكلم فيه أحد منهم.
          رقم 11: وهو أثر ابن عباس والظاهر أنه في المهدي العباسي وفيه فضيل بن مرزوق رمي بالتشيع وفيه لين من جهة حفظه أيضاً ولكن الرواية قد وردت من طريق آخر.
          رقم 13: وهو أثر عبدالله بن عمرو وفيه الأجلح الكندي وعمار الدهني وقد رميا بالتشيع.
          رقم 45: وهو أول أثر ابن سيرين وفيه أيضاً عوف الأعرابي وقد وثقه الأئمة كما سبق.
          وهكذا عرفنا أن أغلب الأحاديث الثابتة في المهدي ليس في أسانيدها من رمي بالتشيع والروايات التي فيها من رمي بالتشيع فأكثرها لها شواهد من طرق أخرى. فزالت هذه الشبهة أيضاً. ولله الحمد.

          (هـ) هل روايات المهدي من وضع كعب الأحبار ووهب بن منبه؟:
          جرت عادة بعض الناس أنهم إذا سئلوا عن هذه المسائل التي تتعلق بأشراط الساعة والفتن والملاحم أجابوا بدون دراسة وتحقيق أنها من وضع كعب الأحبار وأمثاله من مسلمي اليهود (50).
          ولكن الحقيقة أن الأمر خلاف ذلك في مسألة المهدي. فكل ما صح عندي من الأحاديث والآثار ليست فيها رواية واحدة لكعب الأحبار، ولا رواية عن طريقه. وأما الآثار التي رويت عنه فلم تصح أسانيدها إليه. ورواية واحدة فقد رويت عن طريق وهب بن منبه (الحديث: 6) وهو وإن كان من علماء التوراة والكتب السابقة لكنه ثقة في روايته ولم يتهم فيها وثقه العجلي والنسائي وأبو زرعة وابن حبان ولم يرد تضعيفه إلا من الفلاس وحده. ولم يذكر سبباً فهو جرح غير مفسر فلا يقبل بمقابل توثيق جمهور الأئمة ولذلك لم يلتفت العلماء إلى قوله. فقال ابن حجر: (ثقة) وقال الذهبي: (كان ثقة صادقاً كثير النقل من كتب الإسرائليات) فلا شك أنه حجة في روايته وأخباره. أما إذا نقل عن الإسرائليات فحكمه كحكم غيره.
          (و) هل فكرة خلافة المهدي تخالف العقل السليم؟:
          قال الأستاذ أحمد أمين: (حديث المهدي هذا حديث خرافة. وقد ترتبت عليه نتائج خطيرة في حياة المسلمين نسوق لك أهمها: ثم أضاف قائلاً (أحيط المهدي بجو غريب من التنبؤات والأخبار المغيبات والأنباء بحوادث الزمان. فعند آل البيت علم توارثوه عن أخبار الزمان إلى يوم القيامة وهناك الجفر وهو جلد ثور صغير مكتوب فيه علم ما سيقع لأهل البيت مروي عن جعفر الصادق في زعمهم. وهناك أخبار زعم مسلمة اليهود أنهم رأوها في كتبهم الدينية مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه في أحداث الدول وأعمارها إلى أن قال: (وكان لكل ذلك أثر سيئ في تضليل عقول الناس وخضوعهم للأوهام) (51). وقال أيضاً: نظرية المهدي وهي نظرية لا تتفق وسنة الله في خلقه ولا تتفق والعقل الصحيح. ولعل تقدم الناس في عقلهم ومعارفهم وتقدمهم في الحكم ونظامه وما ينبغي أن يكون، يقضي على البقية الباقية من هذه الخرافة (52).
          ولكن قد تبين لنا من خلال دراستنا أن هذه الخرافات والتنبؤات التي يستبعدها العقل ويأباها القلب كلها مما لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا إلى الصحابة ولا إلى غيرهم من التابعين وأئمة المسلمين وهم برآء منها. فمنها ما هو ضعيف ومنها ما هو موضوع مختلق اختلقه القصاص أو المغرضون أو المتزلفون أو فئة دون فئة.
          وأما ما صح عندنا نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى أصحابه فليس فيه شيء واحد يستبعده العقل والقلب ولا يحتاج التقدم العلمي والاجتماعي والسياسي إلى إنكار ذلك. بل التقدم في حاجة ماسة إلى مثل هذه القيم والأخلاق في الساسة والحاكم. وهذه الأمور ليست محصورة في المهدي بل يجب أن يكون كل حاكم مسلم متصفاً بهذه الصفات النبيلة عملاً بقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وليس المهدي إلا أحد أولئك الذين يتأسون بأسوة النبي صلى الله عليه وسلم. إذاً فليس المهدي عجيبة من عجائب الدهر. وأي غرابة في أن أقول: (سيتولى أمر المسلمين في أواخر الأيام رجل من عترة النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله فيحكم بالعدل فيبارك له الله تعالى في حكمه وتعيش الأمة الإسلامية في عصره في نعمة ورخاء). ولا أرى فيه شيئاً يخالف سنة الله في خلقه. أما ما ثبت من نزول عيسى وقتله الدجال فهو من الحوادث الزمنية المختصة بذلك العصر وقد ثبت نزول عيسى وقتل الدجال بأدلة متواترة قطعية بحيث لا يبقى فيه مجال للشك أبداً.

          (ز) هل روايات المهدي متعارضة؟:
          قال السيد محمد رشيد رضا: (وأما التعارض في أحاديث المهدي فهو أقوى وأظهر والجمع بين الروايات فيه أعسر...) ثم ذكر بعض ما يرى من التعارض في الأخبار والآثار الواردة فيه. فمنها ما تدل على أنه محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله ومنهم من يرى أنه محمد بن الحسن العسكري ومنهم من يرى أنه محمد بن الحنفية وكذلك منهم من يزعم أنه علوي حسني ومنهم من يزعم أنه علوي حسيني ومنهم من يظن أنه عباسي. والكل يتشبث بآثار وأخبار (53). وذكر بعض الأمور التي اضطربت واختلفت فيه الروايات الواهية والموضوعة.
          ولا غرابة في ذلك فإن علامات الخطأ أو الكذب أن يكون متعارضاً مختلفاً ونحن لا ننكر أن كثيراً من الأحاديث والآثار الواردة في هذا الموضوع ضعيف أو موضوع وإن تعارضت هذه الأخبار فلا تضر شيئاً تلك الروايات الثابتة فإنها ولله الحمد لا نجد فيها أي تعارض.
          وليس من التحقيق والإنصاف أن ننكر كل ما ورد بدون تمييز. بل الحق أن ننزل كل شيء منزلته فننكر الخطأ ونقبل الصواب.

          (ح) هل نظرية المهدي أنتجت الفتن والقلاقل؟:
          قال الأستاذ أحمد أمين: (وكان من أثر ذلك الثورات المتتابعة في تاريخ المسلمين. ففي كل عصر يخرج داع أو دعاة كلهم يزعم أنه المهدي المنتظر ويلتف حوله طائفة من الناس.. ولو أحصينا عدد من خرجوا في التاريخ الإسلامي وادعوا المهدوية وشرحنا ما قاموا به من ثورات وما سببوا من تشتيت للدولة الإسلامية وانقسامها وضياع وقتها لطال بنا القول. ولم يكفنا كتاب مستقل) (54).
          ولا شك أن كثيراً من الفتن قامت من جراء أدعياء المهدوية في عصور مختلفة وقد ذكرت كثيراً منهم في مقدمة هذا الكتاب، ولكن ليس الذنب فيه ذنب هذه الفكرة السليمة. بل العهدة فيه على أولئك الذين حاولوا استغلال هذه الفكرة من الطامعين في السلطة والحكم وعلى أولئك الغوغاء المتبعين لهم لجهالتهم وبعدهم عن التعاليم الإسلامية الصحيحة. فالعلاج ليس هو في إنكار هذه الفكرة من أساسها مع ثبوتها علمياً كما أن وجود أمثلة من الذين ادعوا النبوة كذباً وزوراً لا يحملنا على إنكار النبوة من أساسها. فالعلاج الحقيقي هو تثقيف الناس وتبيين الحقائق لهم كما هي في الواقع منزهة عن الشوائب العالقة والأكاذيب المدرجة والافتراءات الدخيلة وذلك لكي يكونوا على علم بالحقائق فلا يغتروا بمثل أولئك الأدعياء الذين يريدون أن يظهروا للناس كرامتهم وخوارقهم المزعومة لكي يثبتوا أن لهم عند الله تعالى منزلة عليا، وأن الملائكة والجن والرسل كلهم تحت أمرهم أو معهم. فلا شك أن معرفة الرجل المسلم بحقائق دينه وعقيدته كفيلة بأن تنقذه من كل هذه التضليلات والأكاذيب.

          (ط) هل فكرة المهدوية تحمل الناس على التواكل وترك العمل؟:
          يرى بعض المؤلفين أن من الآثار السيئة التي وجدت في المجتمع الإسلامي من جراء نظرية المهدي أن المسلمين مالوا إلى التواكل وترك العمل والتذمر والبكاء والعويل بدلاً من أن ينهضوا ويجتهدوا لإنشاء مجتمع إسلامي يسود فيه العدل والحق ولا يظلم فيه الضعيف ولا يطغى فيه القوي (55).
          ولكن الواقع أن التاريخ الإسلامي الزاهر مليء بالحركات الإسلامية الصحيحة التي بذلت جهوداً عظيمةً لإعلاء كلمة الله في المجتمع وهذا باب واسع ولا أريد أن أدخل في تفاصيله ولا يخفى على من له إلمام بالتاريخ الإسلامي، وأرى أن فكرة المهدوية يمكن أن تكون من الحوافز والمشجعات لمثل هذه الحركات التي تريد رفع راية الحق والعدالة فإن كانت الشريعة الغراء يمكن أن تنفذ في عصر المهدي المنتظر فكذلك يمكن أن تنفذ قبل ذلك. فيجب على المسلمين أن يحاولوا ويبذلوا جهودهم في سبيله. ولئن وجد في المسلمين أناس أساءوا فهم هذه الفكرة فخطؤهم راجع إليهم وليس إلى الفكرة ذاتها.

          (ي) هل خرافات المتصوفة صادرة عن فكرة المهدوية؟:
          يرى الأستاذ أحمد أمين أن الصوفية إنما أخذوا خرافاتهم وأساطير مملكتهم الوهمية من الأقطاب والأوتاد والأبدال من نظرية المهدي (56).
          ولا شك أن كثيراً من هذه الخرافات وغيرها يوجد لدى الصوفية، ولكننا لا نستطيع أن نقول إنهم تعلموها من فكرة المهدوية. فمصادر المعرفة في زعمهم كثيرة فمنهم من يزعم أنه يأخذ من الخضر عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يأخذ من اللوح والكرسي مباشرة. وتخيلاتهم في هذا الباب عجيبة ولا نستطيع أن نتهم فكرة المهدوية بهذه الأشياء. نعم إن بعضهم قد حاول استغلال هذه الفكرة وادعاء المهدية له لفرض سيطرته على عقول وقلوب الأتباع تحت شعار من القدسية والولاية. وسيأتي كلامنا معهم ومع غيرهم من المستغلين.

          مع المستغلين لفكرة المهدوية:
          لقد علمنا من خلال دراستنا لمقدمة هذا الكتاب أن محاولات كثيرة جرت في التاريخ لاستغلال هذه الفكرة للوصول إلى أغراض مختلفة وقد قامت على إثرها فتن واضطرابات كثيرة، حتى مال بعض الناس إلى إنكار هذه الفكرة من أساسها، وقام آخرون فحاولوا تعقيدها وإبعادها عن واقع الناس حتى أصبحت وكأنها قضية خيالية. وكلا الفريقين في تفريط أو إفراط.

          كيف نقاوم هذا الاستغلال؟:
          ولكن الصواب في نظري أن الطريقة الوحيدة للتخلص من هذه المشاكل هو إيجاد الوعي الشامل في صفوف العامة والخاصة وعرض الحقائق في حلتها القشيبة بعيداً عن أي إفراط أو تفريط، فلو قدمت للجماهير الإسلامية الأصول الصحيحة الثابتة لما استطاع أدعياء المهدوية وطلاب النفوذ والسلطة التوغل في نفوس الناس وأدمغتهم حتى يجروهم إلى هذه الفتن. ويمكن أن تلاحظ في سبيل ذلك أمور تبينت لي من خلال دراستي هذه الفكرة وهي كما يلي:
          (1) لم أجد أي دليل في السنة الثابتة على أن المهدي يدعو الناس إلى الإيمان بمهديته.
          (2) لم أجد أي دليل صحيح على أنه يجب على المسلمين أن يؤمنوا بمهدية رجل معين كما يجب عليهم الإيمان بنبوة الأنبياء المعينين.
          ومثال ذلك أننا نعرف من السنة الصحيحة أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للمسلمين أمر دينهم. ولكن مع ذلك لا أعرف أحداً من العلماء يرى أنه يجب على الناس الإيمان بمجددية أشخاص معينين. والأمر لا يعدو أن يكون المهدي واحداً من أولئك الذين يحيون شريعة الإسلام.
          (3) لا حاجة لمن يريد أن يخدم الإسلام ويرفع رايته إيماناً واحتساباً أن يورط نفسه في مثل هذه الدعاوي، فإنه يستطيع أن يخدم دين الله بجهوده المخلصة إذا وفقه الله بدون هذه الدعاوي وأجره على الله وإن الله لا يضيع أجر المحسنين.
          (4) كما أن المسلمين ليسوا في حاجة إلى معرفة المهدي بالذات، بل يجب عليهم أن ينصروا الحق والعدل أياً كان مصدره وليس هذا الأمر خاصاً بالمهدي دون غيره.
          (5) إن الأحاديث الثابتة في الباب لا تثبت أن المبشر به يلقب نفسه بالمهدي أو أنه يخاطب بالمهدي. ولذلك فمن الممكن جداً أن تكون الكلمة أُريد بها معناها اللغوي أي أنه يكون رجلاً صالحاً هداه الله إلى الحق كما ورد في بعض الروايات (وإمامهم رجل صالح).
          وعلى هذا فلا يمكن الجزم بالمراد الحقيقي من هذه الأحاديث إلا بعد ظهور بعض العلامات التي لا يمكن أن تتكرر كخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام. فكل من يدعي لنفسه المهدوية أو يوافق على ذلك فإن دعواه خير دليل على كذبه وتنم عن نواياه السيئة. فمن سولت له نفسه أو سول له الشيطان أن يدعي هذه الدعوى فعليه أن يُخرج الدجال ويُنزل عيسى بن مريم من السماء وإلا فهو كذاب أفاك.
          وينبغي للمسلم الواعي الملتزم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يخدع بالشعارات الجوفاء والهتافات البراقة، لأن أعداء الإسلام لا يتركون باباً ولا حيلةً لتضليل المسلمين وإثارة الفتن والمشاكل بينهم لتفريق كلمتهم وتمزيق وحدتهم ليضرب بعضهم بعضاً وتذهب ريحهم وتنتهي قوتهم وشوكتهم. وإن وسائل الإعلام العالمية المرئية والمسموعة والمقروءة والتي يسيطر على أكثرها من يُكن للمسلمين كل حقد وعداء، والتي تصل إلى كل بيت بل إلى كل أذن وكل عين، تسعى جاهدة لقلب الحقائق وتضليل المسلمين فتجعل الصادق كاذباً والكاذب صادقاً، فلا عجب إن حاول الأعداء استغلال فكرة المهدوية وحمل بعض المفسدين على ادعاء ذلك كما فعلت في الماضي مع القاديانية والبهائية. فلا ينبغي للمسلم أن يكون إمعة يتبع كل ناعق ويجري وراء كل كاذب.

          وخاتمة القول:
          إن خلافة المهدي حق. وإنه لابد أن يملك قبل قيام الساعة ولكن كثيراً من الأساطير والحكايات التي تحكى عنه باطلة ولا نصيب لها من الصحة فيجب على المسلم أن يكون على حذر من دينه وعقيدته ولا يترك للخرافات منفذاً للوصول والسيطرة على أفكاره ومبادئه.
          كما يجب عليه أن لا يبادر بإنكار شيء بسبب بعض حوادث الاستغلال وسوء الفهم إلا بعد البحث والتحقيق. وإنما يقاوم الاستغلال بالتوعية الصحيحة الشاملة وعرض الحقائق كما هي والوقوف أمام الأطماع والأغراض السيئة.
          والله أعلم وعلمه أتم وهو ولي التوفيق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
          ــــــــــ
          @ (1) انظر القول المختصر (124 ب) وكذلك مختصر تذكرة القرطبي والبرهان لعلي المتقي. في ذكرهم لعلامات المهدي المنتظر.
          (2) انظر ما تقدم من كلام محمد فريد وجدي وغيره من المنكرين في مقدمة هذا الكتاب.
          (3) تفسير المنار (9/499).
          (4) ضحى الإسلام (3/277).
          (5) المهدية في الإسلام (ص70).
          (6) مقدمة ابن الصلاح مع التقييد والإيضاح (ص26).
          (7) المصدر السابق (ص26).
          (8) انظر تفصيل هذا المبحث في رسالة الشيخ عبد المحسن العباد (عقيدة أهل السنة والأثر) (ص156/157).
          (9) انظر الإحسان (294 ب)، منهاج السنة (4/211)، تاريخ ابن خلدون (1/575).
          (10) المنار المنيف (ص148).
          (11) انظر الكفاية للخطيب البغدادي (ص178-186) لتفصيل هذه المسألة.
          (12) نزهة النظر (ص75).
          (13) الرفع والتكميل (ص58) وقد ذكرته بشيء من التفصيل في مقدمتي لكتاب الشجرة في أحوال الرجال، للإمام الجوزجاني.
          (14) العلل للترمذي مع السنن (10/483).
          (15) مسألة الاحتجاج بالشافعي (ص 388) من مجلة البحوث العلمية.
          (16) نزهة النظر (ص 26).
          (17) مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر (5/197).
          (18) المصدر السابق (5/197- 1998).
          (19) فضائل الشام ودمشق للربعي (ص 100).
          (20) تاريخ ابن خلدون (المقدمة) (1/574).
          (21) التمهيد (1/33)، معرفة علوم الحديث للحاكم (ص 135)، المخل في أصول الحديث للحاكم (ص 16).
          (22) التمهيد (1/66)، معرفة علوم الحديث (ص 135).
          (23) ميزان الاعتدال (1/27- 28).
          (24) التقييد والإيضاح (ص 149)، فتح المغيث (1/304)، توضيح الأفكار (2/233).
          (25) الكفاية (ص 195)، فتح المغيث (1/306).
          (26) الكفاية (ص 194، 195).
          (27) المصدر السابق (ص 195).
          (28) الكفاية (ص 205).
          (29) فتح المغيث (1/306).
          (30) كتاب المجروحين (1/68)، الكفاية (ص 203).
          (31) علوم الحديث (ص 103).
          (32) اختصار علوم الحديث لابن كثير (ص 99).
          (33) نزهة النظر (ص 52).
          (34) التنكيل (1/42).
          (35) تدريب الراوي (1/324).
          (36) نزهة النظر (ص 52).
          (37) الباعث الحثيث (ص 100).
          (38) أما قولهم برد رواية المبتدع الداعية فقد اعترض عليه. قال ابن كثير: (وقد قال الشافعي أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. فلم يفرق الشافعي في هذا النص بين الداعية وغيره. ثم ما الفرق في المعنى بينهما. وهذا البخاري قد خرج لعمران بن حطان الخارجي مادح عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي. وهذا من أكبر الدعاة إلى البدعة. والله أعلم. اختصار علوم الحديث (ص 100).
          قال الخطيب: (إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة خوفاً أن تحملهم الدعوة إلى البدعة والترغيب فيها على وضع ما يحسنها). الكفاية (ص 205) وذكر نحوه ابن حجر (نزهة النظر ص 52) والسيوطي تدريب الراوي (1/325) ومثل هذا لم تثبت له العدالة أصلاً فلا داعي لهذا القيد أيضاً.
          (39) نزهة النظر (ص 53).
          وعلق عليه ابن حجر فقال: (وما قاله متجه لأن العلة التي لها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية. والله أعلم).
          وقد سبق عن ابن حجر ما يخالف هذا كما سيأتي.
          وقد ناقش الجوزجاني الشيخ عبد الرحمن المعلمي بما ملخصه: إن الجوزجاني نفسه مبتدع منحرف عن علي وأصحابه ولهذا فهو شديد النقد في أهل الكوفة وهو مولع بالطعن في المتشيعين ويظهر أنه إنما يرمي بكلامه هذا إليهم. فإن في الكوفيين جماعة من جلة من الذين اتفق أئمة السنة على توثيقهم. فـأراد الجوزجاني أن يتخلص من مروياتهم فيما يتعلق بفضائل أهل البيت. التنكيل (1/45، 46، 47).
          ثم وفقني الله لدراسة (حياة الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل) بتفصيل وتبين لي أن ما يتهم به هذا الإمام من النصب لم يثبت عنه وأنه لا يرى ترك رواية المبتدع إذا وافقت بدعته مطلقاً بل بشروط لا يختلف فيها عن بقية الأئمة: وقد ذكرت كل ذلك في كتابي (الإمام الجوزجاني ومنهجه في الجرح والتعديل مع تحقيق كتابيه الشجرة في أحوال الرجال، وأمارات النبوة) وقد طبع في عام 1411هـ فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
          (40) وقد أجاب العراقي عن هذا فقال: قال أبو داود ليس من أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج مسلم بعبد الحميد الحماني إنما أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين. التقييد والإيضاح (ص 150). وهذا يقوي ما قلنا أن المدار على الثقة والعدالة لا على كونه داعية أو غير داعية.
          (41) الكفاية (ص 201).
          (42) الكفاية (ص 205/206).
          (43) الكفاية (ص 206).
          (44) شرح السنة (1/250).
          (45) فتح المغيث (1/310).
          (46) ميزان الاعتدال (1/5).
          (47) نزهة النظر (ص 52).
          (48) تهذيب التهذيب (1/94).
          (49) الباعث الحثيث (ص 101).
          (50) انظر ما قاله السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9/53، 54).
          (51) ضحى الإسلام (3/244).
          (52) المصدر السابق (3/245).
          (53) تفسير المنار (9/501) وانظر أيضاً ما قاله الأستاذ أبو الأعلى المودودي في كتابه (ما هي القاديانية) (ص 159، 160).
          (54) ضحى الإسلام (3/244).
          (55) تفسير المنار (9/499) وما بعده، ضحى الإسلام (3/245).
          (56) ضحى الإسلام (3/245). #
          --------------------
          منقول من موقع الدرر السنية


          لا تنسونى من صالح دعائكم .
          وإن مر الزمان ولم تجدوني
          فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

          تعليق


          • #6
            رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

            عنوان الفتوى الحديث عن المهدي .. وصية لعموم المسلمين المفتي د . رياض بن محمد المسيميري رقم الفتوى 20374 تاريخ الفتوى 3/5/1428 هـ -- 2007-05-20 تصنيف الفتوى العقيدة-> الإيمان-> كتاب أشرطة الساعة-> باب المهدي والمذهب الحق فيه السؤال كثر الحديث في وقتنا الحالي عن المهدي المنتظر فهل لك برسالة توجهها إلى المسلمين بهذا الخصوص وعن ظهور الشخص المقصود به الكلام وإظهار أدلته أمام الملأ . وشكراً.
            الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
            فقد جاءت الأحاديث بخروج المهدي في آخر الزمان . وأنه من أشراط الساعة ومن هذه الأحاديث ما يلي :
            1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً يعني حجاجاً ( أي سنين ) " . رواه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .
            2) وعن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة " . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير
            قال ابن كثير : {أي يتوب عليه ويوفقه ، ويلهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك } .
            3) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَقُولُ الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي ( أي من نسبي وأهل بيتي ) مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ " . رواه أبو داود وابن ماجة ، وقال الألباني في صحيح الجامع : صحيح .
            4) وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " . والحديث في صحيح مسلم بلفظ : " .. فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ . " رواه مسلم .
            5) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا تَذْهَبُ أَوْ لا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي " مسند أحمد. وفي رواية : " يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " . سنن أبي داود
            وقد تواترت الأحاديث بظهور المهدي تواتراً معنوياً ، كما نصَّ على ذلك بعض الأئمة والعلماء وفيما يلي ذكر طائفة من أقوالهم :
            1. قال الحافظ أبو الحسن الآبري : { قد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه } .
            2. وقال محمد البرزنجي في كتابه الإشاعة لأشراط الساعة : { الباب الثالث في الأشراط العظام والأمارات القريبة التي تعقبها الساعة وهي كثيرة منها المهدي وهو أولها ، وأعلم أن الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر } .
            3. وقال العلامة محمد السفاريني : { وقد كثرت بخروجه - أي المهدي - الروايات حتى بلغت التواتر المعنوي ، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم } . ثم ذكر طائفة من الأحاديث والآثار في خروج المهدي وأسماء بعض الصحابة ممن رواها ثم قال : { وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة ، وعن التابعين من بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومُدوَّن في عقائد أهل السنة والجماعة } .
            وهناك من الكذابين الذين وضعوا أحاديث في المهدي وتحديد أسمائهم . ولا يضر ذلك في صحة الأحاديث الواردة . كما حاول على مر التاريخ الإسلامي كثير من الدجالين الظهور بصورة المهدي وقاموا بكثير من الثورات لكن الله فضحهم
            وفي عصور الانحطاط وتراجع قوة المسلمين يبدأ كثير من المسلمين في انتظار المهدي ليخلصهم مما هم فيه من انحطاط وضعف ويتركون الاخذ بالاسباب والعمل الجاد
            قال الشيخ الألباني رحمه الله : " لا يجوز للمسلمين أن يتركوا العمل للإسلام ، وإقامة دولته على وجه الأرض انتظاراً منهم لخروج المهدي، ونزول عيسى ـ عليهما السلام ، يأساً منهم أو توهماً أن ذلك غير ممكن قبلهما ، فإن هذا توهّم باطل ، ويأس عاطل، فإن الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم لم يخبرنا أن لا عودة للإسلام ولا سلطان له على وجه الأرض إلا في زمانهما ، فمن الجائز أن يتحقق ذلك قبلهما إذا أخذ المسلمون بالأسباب الموجبة لذلك ، لقوله تعالى : ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد/7 . وقوله : ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ) الحج/40 . . . . إن أحاديث نزول عيسى عليه السلام وغيرها ، الواجب فيها الإيمان بها ، وردّ ما توهّمه المتوهّمون منها من ترك العمل ، والاستعداد الذي يجب القيام به في كل زمان ومكان .." اهـ .

            منقول من موقع ... نور الإسلام ...

            إنتهى ..



            لا تنسونى من صالح دعائكم .
            وإن مر الزمان ولم تجدوني
            فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

            تعليق


            • #7
              رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

              جزاك الله خيرا اخى وحبيبى فى الله ابو حمزة

              زادك الله من علمه وفضله وزادك حرصا على الاسلام واهله

              اللهم امين
              اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

              تعليق


              • #8
                رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..


                جزاك الله خيرا اخي
                شرح مستفيض جدا...

                تعليق


                • #9
                  رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

                  جزاكم الله خيرا أخي الحبيب أبو حمزة زادك الله حرصا على درء هذه الشبهات
                  أما هذا الرجل الذي ادعى أنه المهدي فما هو إلا جاهل مدعي
                  نسأل الله السداد في الأمر كله
                  إن كـان تـابـع أحمـدٍ متـوهِّباً * * * فـأنـا المقـرُّ بـأننـي وهَّـابـي
                  أنفي الشـريك عـن الإله فليس لي * * * ربٌّ سـوى المتفـرِّد الـوهَّـابِ
                  لا قبـةٌ تُــرجـى ولا وثنٌ ولا * * * قبـرٌ لـه سبـب مـن الأسبـابِ
                  كـلا ولا شجـرٌ ولا حجـرٌ ولا * * * عيـنٌ ولا نصـبٌ من الأنصابِ

                  تعليق


                  • #10
                    رد: تعرّف على المهدي على المذهب السلفى ..

                    جزاكم الله خيراً على المرور .... نسأل الله أن يجنينا الشبهات ما ظهر منها وما بطن


                    لا تنسونى من صالح دعائكم .
                    وإن مر الزمان ولم تجدوني
                    فاعلموا أنني في حاجة للدعاء بالرحمة

                    تعليق

                    يعمل...
                    X